الصبي  حميد ..  يواجه الواقع الأليم بحب الوطن

الصبي حميد .. يواجه الواقع الأليم بحب الوطن

 متابعة الاحتجاج
يعتز فتى الناصرية حميد صالح بكونه أصبح كبيراً، وأنه يشارك بفاعلية في التظاهرات التي تشهدها محافظة ذي قار منذ انطلاقها حتى الآن، ويعتقد العديد من أصدقائه أنه يرتدي الغترة «الشّماغ» والعقال، كأي رجل كبير، بدلاً من الملابس المدرسية لإثبات شخصيته، فيما ينفي حميد ذلك، ويعلّل ارتداءه الزي التقليدي للرجال بأن هذا الزيّ له رمزيته لدى أبناء الناصرية،

وأنه لم يكن يحب التعامل معه كطالب في مرحلة الدراسة المتوسطة بمدينة الناصرية، وإنما كمتظاهر ومعتصم في ساحة الحبوبي. يقول حميد إنه ليس أصغر متظاهر ومعتصم في انتفاضة أكتوبر، فهناك من هم أصغر منه سنّاً في ساحة التحرير ببغداد، وساحات المحافظات المنتفضة الأخرى، إلا أنه لا يعير للعمر اهتماماً، وفي رأيه أن الصغار والشباب وحتى الكبار "يكبرون بحبهم للعراق"، وبخلاف ذلك يكونون صغاراً مهما بلغت أعمارهم.
في الحديث مع فتى الناصرية، ينزل الكمامة التي يضعها على أنفه للوقاية من الغازات المسيلة للدموع والدخانيات، إلى رقبته، ليكون كلامه واضحاً، فيما تتدلى من الرقبة عبوة المحلول الذي يستخدم لغسل العيون عند التعرّض للغازات، والتي استعملها مرات عدة، لإسعاف المتظاهرين في حالات الاشتباك مع قوات الشغب والميليشيات.
الوطن هو الأهم
يقول حميد إنه متفوق في الدراسة، ويطمح إلى أن يكون طبيباً في المستقبل، لكنه حالياً يفضّل ساحة التظاهر، حتى لو تسبب ذلك في فقدانه سنة دراسية، فخسارة هذه السنة لا أهمية لها لو قُورنت بفقدان وطن، ثم إنه لا يضمن التعيين في ظل حكومات كالتي استحوذت على البلاد منذ 17 سنة.
يضيف: نحن عائلة بسيطة، وحتى لو تخرجت في الدراسة الإعدادية، وبمعدلات عالية، لا أضمن قبولي في الكلية التي أرغب بها، فليست لديّ وساطة، ولا المال المطلوب لإكمال الدراسة، إضافة إلى انخفاض مستوى التدريس، وأرجو ألا يزعل مني طلبة وخريجو كليات الطب لو قلت إن الطبيب الجديد حالياً، ليس كالأطباء الذين عرفهم العراق والعالم سابقاً، وهذا القول يشمل الدراسات الأخرى، بلا استثناء، نتيجة ضعف المستوى التعليمي، والفساد المستشري في معظم دوائر ومؤسسات الدولة. ويشير حميد إلى أن حديثه عن خسارة سنة دراسية "مجازي"؛ لأنه يواصل دراسته في ساحة الاعتصام، التي تضم أساتذة أكفاء، ودورات تدريسية، تمكنه من النجاح بتفوق في حالة دخوله الامتحان.
الحبوبي الثائر
وعما تعنيه ساحة «الحبوبي» بالنسبة له، يشير إلى تمثال الشخصية البارزة محمد سعيد الحبوبي، أشهر مشاهير عصره، والذي قاد القوات العربية في جنوبي العراق، بعد الاحتلال الإنجليزي، لحين وفاته في مدينة الناصرية في 18 يونيو 1914.