التظاهرات فـــي  زمــن الكــورونــا

التظاهرات فـــي زمــن الكــورونــا

 متابعة الاحتجاج
يواصل المحتجون في بغداد وعدة مدن تظاهراتهم المنتفضة ضد الفساد والطبقة السياسية والبطالة ونقص الخدمات والمحاصصة السياسية، منذ الأول من تشرين الأول، برغم إعلان وزارة الصحة تسجيل عدة حالات إصابة بفيروس كورونا في عدة محافظات.

منذ بدء التظاهرات، يواجه المحتجون العنف المفرط من قبل السلطات العراقية والميليشيات الموالية لإيران، واستخدمت لكبحهم كافة الطرق بدءاً من حجب الإنترنت وإضعاف شبكات الاتصال، وصولاً إلى قتل واختطاف الناشطين وتعذيبهم. ولكن كل ذلك زاد من زخم التظاهرات المطلبية. والآن، مع ظهور فيروس كورونا، الذي ظهر لأول مرة في 12 كانون الأول الماضي في مدينة ووهان الصينية، يحاول كثيرون استخدام مخاطر تفشيه، ووصوله إلى العراق نتيجة دخول زائرين قادمين من إيران إليه، للتأثير على عزيمة المتظاهرين.
في 25 شباط، نشر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغريدة على تويتر يدعو فيها المتظاهرين إلى التوقف عن التظاهر قائلاً: "دعوت لمظاهرات مليونية واعتصامات ضد المحاصصة واليوم أنهاكم عنها من أجل صحتكم وحياتكم فهي عندي أهم من أي شيء".
بعض من المتظاهرين أبدى تخوفه من انتشار الفيروس بينهم وآخرون اعتبروا أنه ليس أخطر من الموت الذي يلاحقهم بشكل يومي في ساحات التظاهر في عموم العراق.
طبيبة تعالج متظاهراً مصاباً في بغداد
التخويف من الكورونا لم يحدث تأثيرات كبيرة في أوساط المتظاهرين، إذ تعهّدوا بمواصلة حراكهم المطلبي، مؤكدين عدم تأثر ثورتهم بالفيروس المستجد، واستمرار مطالبتهم بإصلاحات سياسية شاملة أهمها انتخاب شخصيات سياسية كفوءة، تغيير الدستور، والمضي نحو انتخابات مبكرة.
رغم ذلك، سارع المتظاهرون في المحافظات العراقية، ومنها محافظة البصرة، إلى اتّباع تعليمات السلامة لحماية أنفسهم من خطر الفيروس، فلبسوا الكمامات الواقية وحثوا على التقيّد بالتعليمات الصحية التي نشرتها كل من منظمة الصحة العالمية، وعممتها وزارة الصحة العراقية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
رغم الهلع الذي أحدثه كورونا بين العراقيين، إلا أن المتظاهر علي ليث عبد الأمير من محافظة البصرة، جنوبي العراق، لم يتردد في استمراره بالتظاهر. يقول: "أنا أعرف بشكل جيد أن فيروس كورونا خطر على حياتنا، ولقد رأينا الرصاص ومختلف أساليب القتل ولم نتراجع. هو ليس أخطر من الحكومة وميليشياتها، ولهذا لم أفكر بالعودة إلى المنزل. تركي لساحة الاحتجاج سيضعف من زخم الثورة التي أمضيت شهوراً في ساحاتها وأنا أطالب بحقي".
"لن يوقفنا كورونا، فما مرَّ علينا خلال الأشهر الأربعة الماضية أسوأ بكثير منه. حقاً لا أعتبر هذا الفيروس تهديداً جدياً مثل تهديد الأحزاب التي سرقتنا وقتلتنا منذ عام 2003 على حياتنا".
ومنذ اندلاع التظاهرات، قُتل ما لا يقل عن 600 شخص وجُرح أكثر من 25 ألفاً آخرين، على أيدي قوات مكافحة الشغب العراقية وحملات منظمة من قبل جماعات مسلحة مرتبطة بإيران.
يتساءل علي: "أنا أتظاهر منذ انطلاق التظاهرات ولم أقضِ يوماً واحداً في المنزل، فكيف بهم يريدوننا البقاء في بيوتنا؟"، ويضيف: "لو كانت صحتنا تهم الحكومة فعلياً، لما قتلونا في ساحات التظاهر. أنا أعتقد أن الحكومة فرحت بدخول الفيروس. كانت تظن أنه سيضعف الحراك الشعبي، ولكنهم مخطئون تماماً".

متظاهرون في بغداد
"الوعي ساعدنا في أن نستمر في التظاهرات، ونحمي أنفسنا من كورونا. أنا ألبس الكمامة قبل أن يدخل كورونا العراق. لبستها للوقاية من الغاز المسيل للدموع الذي اعتادت السلطات إطلاقه علينا"، يقول علي ويتابع: "ألف نوع مثل فيروس كورونا لا يمكنها أن تكبح تظاهراتنا طالما لدينا حق، وسنأخذه آجلاً أم عاجلاً".

التظاهر في زمن الكورونا
"لا أشجع على استمرار التظاهرات، وخاصة في المناطق التي سجلت فيها إصابات بالكورونا، ولكن هناك إصرار كبير على ديمومة روح الحراك، ولهذا أجد من الضرورة ارتداء الأقنعة والقفازات أثناء التجمع في ساحات الاحتجاج"، يقول القاسم أحمد (24 عاماً)، ناشط مدني من بغداد.
ويضيف: "دائماً نقوم بالتحشيد الجماهيري على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل دعوة الناس إلى الساحة، وبرغم تسجيل حالات إصابة بالفيروس، لا نزال نخرج بأعداد مهولة كسرت كل توقعات انحسار موجة التظاهر". وعن علاقة كورونا بالتظاهرات، يقول القاسم: "تحاول الحكومة دائماً استغلال الأزمات المستجدة لإطفاء نار الثورة ولكنها لم تنجح بذلك أبداً"، لافتاً إلى أن "الحكومة العراقية أصدرت عدة قرارات للوقاية من المرض كان من بينها عدم التجمع في الساحات العامة والمقاهي ودور السينما ودور العبادة".
فيما قالت زهراء أحمد "القناص والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والطائفية بحد ذاتها كانت أخطر علينا من الفيروس، ومع ذلك لم تقلل من همتنا وعزيمتنا"، تقول زهراء وتضيف: "كورونا لن يرجعني إلى المنزل، فقط زاد ضغط أهالينا علينا لأخذ الحذر أكثر".