حكاية شهيد..ريمون ريان سالم، صغير العمر كبير الفكر والروح والمسؤولية الوطنية!

حكاية شهيد..ريمون ريان سالم، صغير العمر كبير الفكر والروح والمسؤولية الوطنية!

ماس القيسي
لم يكن في عمق تصوراته الطفولية البريئة، ان يكون يوما كبش فداء لوطن يحتاج الكثير من التضحيات ليتعافى وينهض من جديد على قدميه، فراح ريمون الجميل في طلته، النقي في روحه ليسطر لنا درسا تاريخيا في توحيد الشعوب!

ريمون ريان سالم، ولد في 22/11/2004، أكمل دراسته الابتدائية وترك تعليمه لظروف معيشية، عاش ريمون في كنف عائلة تتكون من والديه اللذين ينتمي كل منهما لطائفة مختلفة، الام كاثوليكية من كلدان بابل والاب ارمني من إسطنبول، واخوته الثلاثة، اسرته فقيرة من ذوي الدخل المحدود، تهجرت وسكنت في عدة قرى حتى استقرت في بغداد بمنزل اهل والدته لفترة مؤقتة ثم انتقلوا للعيش في شقة بحي الكرادة، عمل مع والده عاملا في أحد مطاعم الكرادة بأجار يومي، من هواياته ممارسة السباحة والألعاب الإلكترونية، محب للوطن والنشاطات الشعبية الثورية. عمل ريمون مع والده من اجل كسب الرزق الحلال بعد معاناة طويلة من التهجير وقسوة ظروف الحياة، وبهذا الصدد تقول جدته: "رغم كون والد ريمون مهندس ديكور لكنه لم يحصل على عمل لسبب صحي اذ كان مصابا بجلطة في القلب"، الامر الذي منعه من مزاولة المهنة في مجال تخصصه والعمل في مطعم بمساعدة ريمون بأجور يومية لم تسعفهم لدفع ايجار شقتهم، وتعقب جدته قائلة: "ريمون لم يحصل على معيشة جيدة واهله لم يستطيعوا ان ينفذوا اي طلب من طلباته فقد عاشوا بمساعدة بعض الأصدقاء والجيران".
خرج ريمون مع انطلاقة ثورة أكتوبر ليطالب بحقوقه البسيطة في العيش بكرامة، وبهذا تضيف الجدة بقولها: "تظاهر حفيدي ليطالب ويحصل على معيشة لائقة وسكن جيد"، لكنه غُدر في النهاية، اذ تقول جدته: "خلص نفسه ثلاث مرات من يد قوات الشغب، وقد أصيب بأحد المرات في يده، وأنكر حقيقة الامر وتعذر بكون يده جرحت بسبب الباب"، مؤكدة على مشاركته وتواجده في خضم المناورات عند الساتر الأول حتى "أصيب بإطلاق رصاصة في الرأس و(صجمات) في منطقة الصدر والقلب تحديدا، في ساحة الخلاني ليرتقي شهيدا بتاريخ 24 شباط، 2020". "قضى ريمون حياته مظلوما ومات مظلوما بعمر الورد"، هكذا اختتمت حديثها بقولها، "لم يحقق ريمون ما تمنى من مستقبل رغيد له ولأهله وأخواته" وتستنكر قائلة: "هل يستحق ريمون الموت ام العيش بحرية وكرامة في وطنه؟".
يؤكد والد ريمون على موقف ابنه الذي قدم نفسه قربانا لتوحيد العراق بكل طوائفه كرسالة رد على من يحاول تشويه الثورة، في كلمة القاها امام جمهور من المتظاهرين في ساحة التحرير بقوله: "اول مسيحي يستشهد في التحرير هو ابني، وهذه تعد انطلاقة لتوحيد العراق، على نهج الإصلاح الذي قاده الحسين في ثورته، قدمنا الشهيد جون والآن ريمون، ليس هناك مندسين او خونة"، ويعقب "أكد ولدي على ان الشباب العراقي الثائر واحد، نحن العراقيون يد واحدة نعيش أسفل سماء واحدة تسمى العراق".