الناصرية تنتفض.. إحراق مقار حكومية وإغلاق عدد من الطرق

الناصرية تنتفض.. إحراق مقار حكومية وإغلاق عدد من الطرق

 متابعة الاحتجاج
اقدم متظاهرون غاضبون في محافظة ذي قار، الاثنين، على حرق مقرين حكوميين وإغلاق عدد من الطرق في مدينة الناصرية، بسبب خلافات تتعلق بمنصب المحافظ. وافاد مراسل لـ(الاحتجاج) في ذي قار ان "متظاهرين اضرموا النيران في مبنى ديوان محافظة ذي قار ومنزل مخصص كسكن للمحافظ، بالاضافة الى إغلاق تقاطع البهو في مركز مدينة الناصرية بالاطارات المحترقة ".

واضاف ان "التصعيد جاء على خلفية قرارات وخلافات تتعلق بمنصب محافظ ذي قار".
ومع الفوضى التي تضرب العالم بسبب كورونا، الا ان توقيت مجيء هذا الفيروس كان مناسباً لثنائي "النفوذ" في محافظة ذي قار، فتحت الرماد صراع خفي بدأ دخانه يظهر إلى العلن، بين المحافظ السابق عادل الدخيلي، ونائبه الذي يدير المحافظة حالياً أبا ذر العمر.
الدخيلي قدّم استقالته نهاية تشرين الثاني 2019، إثر الاحتجاجات الشعبية، التي شهدتها المدينة، وكانت تلك الاستقالة مطلباً للمتظاهرين، بعد سلسلة أحداث، راح ضحيتها العشرات من المتظاهرين بين قتيل وجريح، كواقعة جسر الزيتون الشهيرة.
تلك الاستقالة، كانت فرصة مؤاتية لنائبه الأول أبا ذر العمر، لتصدر الواجهة السياسية في المحافظة، وإدارة المدينة، مستغلاً بذلك، غياب مجلس المحافظة، واستقالة الدخيلي، الذي يبدو أن فكرة العودة إلى المنصب ستراوده لاحقاً، لكن ذلك سيكون محكوماً بلائحة متغيرات تتعلق بالجانب السياسي وطبيعة التحالفات والتوازنات، فضلاً عن مسألة الحراك الشعبي.
ساهم تفشي فيروس كورونا بتهدئة حماس ساحات الاحتجاج نسبياً، مع دعوات العودة إلى المنازل بسبب الظرف الحالي، وإمكانية انتشار الفيروس بشكل كبير، وبينما لم يتعرض الدخيلي، لأية محاسبة من السلطات المحلية، أو القضائية، فإن فكرة استعادة منصبه لم تعد مستحيلة.
يستند الدخيلي في حراكه إلى تياره "الحكمة"، لكن مصادر تحدثت بأن التيار غير راغب بدعم الدخيلي، مرة أخرى، بسبب الأوضاع التي رافقت ولايته في ذي قار، والاتهامات التي واجهها، على رغم أن مسألة ثبوتها تحتاج إلى أدلة وجهات قضائية تحقق بشكل مستقل.
"على أية حال، الدخيلي خيار غير مثالي بالنسبة للحكمة" يقول مصدر في التيار، ويضيف "وليس هناك سبب واحد يدعو التيار لدعمه والمغامرة بسمعته، في منصب لا يمكنه تقديم شيء خلال الفترة المقبلة، في ظل التعقيد الحاصل بالعملية السياسية برمّتها فضلاً عن ذي قار التي تمثل معقل الاحتجاجات الأبرز بعد العاصمة بغداد".
لكن الدخيلي، لم يستسلم حيال برود الحكمة تجاهه، واختط لنفسه مساراً آخر، نحو تحالف سائرون، الذي أبدى تفهماً أولياً لموقفه، خاصة وأن قانونيين تحدثوا عن أن الدخيلي هو المحافظ الفعلي في الوقت الراهن، وفق تفسير مقبول في أوساط الخبراء.
مقرب من الدخيلي، تحدث قائلاً: "في البدء إن موقف المحافظ من الناحية القانونية ما زال سليماً، فهو منذ أن قدم استقالته في 29 تشرين الثاني 2019 إلى مجلس الوزراء لم يوافق عليها، لأنها ليست من اختصاصه، وظلت ورقة الاستقالة عائمة بين الدخيلي والحكومة المركزية، كون قبول تلك الاستقالة من عدمه ينحصر بمجلس المحافظة المنحل".
ويضيف، أن "الأحداث الطاحنة التي في المحافظة، وحصول مجزرة الزيتون، ومطالبات الناس بالاستقالة والخوف من الغضب الشعبي، دفع الدخيلي إلى تقديم تلك الاستقالة، بل والاختفاء عن الأضواء، وتكليف العمر بمهمة منصب المحافظ، لكن السؤال الأهم، ماذا فعل العمر تجاه عمليات الاغتيال والخروقات التي حصلت في فترته.. لا شيء"، وهو ما ينفيه داعمو العمر، الذين يؤكدون أنه فعل ما بوسعه، ولم يكن راضياً عن الخروقات التي حصلت.

حان وقت العودة
مصدر مطلع على طبيعة الصراع، أفاد بأن الدخيلي كان يروم المباشرة الأحد الماضي والعودة لمنصب المحافظ، لكن قرار العمر بإعلان العطلة لثلاثة أيام بدءاً من يوم أمس الأحد، أربك القضية.
العطلة لم تكن العائق الوحيد الذي واجه الدخيلي في طريقه إلى استعادة مكتبه، فالعشرات تجمعوا في تقاطع البهو وأحرقوا الإطارات وأغلقوا الطريق ورفعوا شعار "رفض عودة الدخيلي للمنصب، واتهامه بالمسؤولية عن تدمير الناصرية وقتل شبابها في التظاهرات"، يتهم مصدر مقرب من الدخيلي، دوائر محيطة بالعُمر بتغذية هذه التظاهرة.
ويخشى متابعون للشأن المحلي، من تأثير الصراع بشأن منصب المحافظ على جهود المؤسسات الصحية والدفاع المدني في إجراءاتهم الوقائية ضد فيروس كورونا، وسط مطالبات بتحييد الصراع في الوقت الراهن، وتنحية السجالات، والاستعداد بحزم لمواجهة الوباء.
ويقول موظفون في دوائر المحافظة، إن الدخيلي، باشر مهامه بالفعل من خلال الاجتماع ببعض مدراء الدوائر، رغم إعلان العطلة.
وكانت ذي قار قد سجلت على مدى الأيام الماضية إصابتين بفايروس كورونا؛ إحداهما لشخص قدم من إيران، والحالة الثانية لممرض كان قد لامس المصاب الأول، فيما أكد مدير قسم الصحة العامة، حيدر حنتوش، أن ما يقارب 80 حالة مشتبه بها قد جرى فحصها وأظهرت النتائج انها سليمة.
ومنذ انطلاق تظاهرات 1 تشرين الأول 2019 سقط نحو 110 قتلى وأصيب نحو ألفي محتج في المدينة التي شكّلت "عاصمة ضحايا التظاهرات".