حوار / علي الكاتب
تمثل أزمة الطاقة الكهربائية الملمح الأبرز ليس على مستوى الاستهلاك المنزلي فحسب، بل على مستوى القطاعات الاقتصادية والخدمية والاعمارية كافة، في وقت تزحف مشاريع الكهرباء المعلن عنها زحف السلحفاة مع تزايد الحاجة والطلب على الطاقة الكهربائية.
(المدى الاقتصادي) حاورت مدير عام الاستثمارات والعقود في وزارة الكهرباء المهندس ليث حميد حسن حول مشاريع وزارته وإجراءاتها في تحسين إنتاج الطاقة وتوزيعها والعقود الموقعة مؤخرا في هذا المجال وخططها الاستثمارية لتحسين هذا القطاع الحيوي والمهم، عبر الحوار التالي:
* ما أسباب توجه وزارة الكهرباء الحالي نحو بناء محطات غازية على الرغم من انها تمتاز بقلة انتاجها من الكهرباء مقارنة بغيرها من المحطات؟
التوجه الحالي للوزارة نحو بناء محطات غازية هدفه الرئيسي هو انشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية باسرع وقت ممكن وخلال فترة زمنية قصيرة نسبية وهو ما يتحقق خلال بناء محطات غازية لتوليد الطاقة الكهربائية التي نحن بأمس الحاجة لها حيث نعيش في صراع مع الزمن من اجل تحقيق ذلك.
- ولقد سبق لنا ان تعاقدنا في سنة 2008 مع شركة GE الاميركية لتوفير 7000ميكا واط،وكذلك عقد مع شركة SIEMENS لتجهيز 3200 ميكا واط،حيث كان من المتوقع وصول جميع الوحدات في سنة 2009 ليكون التجهيز خلال مدة من 14- 24 شهرا للحصول على طاقة كهربائية ليست بالقليلة، ولو قمنا بفتح اعتمادات لتلك الشركات في تلك السنة لأوفت بالتزاماتها وقامت بتشغيل الوحدات في سنة 2010،ولتصبح معظمها في طور اعمال النصب او تعمل بالفعل، الا ان عدم توفر التخصيصات المالية في سنة 2009 حال دون ذلك،اذ لم نحصل على التخصيصات المالية المطلوبة لتلك المشاريع من خلال الحصول على المكائن والشروع في التنفيذ خلال سنتين، الامر الذي اعاق عملنا بشكل كبير وأخر انجاز تلك المشاريع الى السنوات 2012و2013.
* ماهي المعايير المعتمدة في إبرام العقود؟
- بداية الأمر يجب توضيح حقيقة ان العقود الموقعة مع 60 شركة بمثابة دعوة للشركات المتخصصة في مجالات نصب محطات الطاقة الكهربائية، حيث تم تشكيل لجان متخصصة في المديرية العامة للمشاريع الغازية التي قامت بدراسة عروض تلك الشركات وسيرها الذاتية وخبراتها في هذه المجالات وقابلياتها وامكاناتها المالية والفنية والمشاريع المنفذة في هذا المجال والارباح السنوية المتحققة ورأس مال الشركة اعداد منتسبيها وغيرها، وهي معايير من الواجب توفرها في الشركة لبيان كونها متخصصة في هذا المجال مع معرفة جنسيتها وطبيعة عملها وأسبقيات العمل لها في المنطقة المحيطة وحجم المشاريع التي نفذتها من قبل والأرباح السنوية المتحققة،وهي معلومات تمكننا من معرفة مدى أحقية الشركة في العمل مع الوزارة او خلاف ذلك.
- والشركات التي تقدمت في بداية الامر كانت اعدادها بحدود 60 - 70 شركة تم اختيار 30 شركة مؤهلة منها تم تبليغها بتقديم عروضها التجارية والفنية، وعند الاطلاع على تلك العروض توضحت للوزارة ان بعض تلك الشركات أداؤها ضعيف، حيث استبعدت وتم الابقاء على الشركات ذات الاداء الرصين فقط لاختيار الافضل في ما بينها عبر مرحلتين الاولى اختيار العروض الفنية لها والثانية اختيار العروض التجارية لها ليتم وفق ذلك اختيار الشركة المؤهلة فنيا وتجاريا مع ضمان تقديمها للأسعار المناسبة.
* هل أسهمت تلك العقود في تحسين مستوى إنتاج الطاقة الكهربائية وتوفيرها للمستهلك؟
- إن الطاقة الكهربائية المتوفرة حاليا في العراق بحدود الاكثر من 7000ميكا واط، في حين الحاجة الفعلية بحدود 11000-12000 ميكا واط اي ان هناك عجزا بنحو 5000ميكا واط،كما ان الوحدات الجديدة التي تنصب في (الخيرات) في محافظة كربلاء و(الموصل) في محافظة نينوى و(عكاز)في محافظة الانبار و(الحيدرية) في محافظة النجف و(النجيبية) في محافظة البصرة من شأنها تحسين مستوى إنتاج الطاقة الكهربائية لتصل الى مستوى الحاجة الفعلية والتي تم التعاقد بصددها لتنجز في نهاية العام المقبل 2012 لسد العجز وزيادة الانتاج، والوزارة تأخذ في الحسبان زيادة النمو السكاني المتوقعة بنسبة 10% في السنوات 2014-2015 ضمن خططها المستقبلية لسد العجز في انتاج الطاقة الكهربائية.
*الاستثمار..ماذا عنه! وماهي الأهداف التي تسعون إلى تحقيقها من خلاله وتطلعاتكم المستقبلية بهذا الشأن؟
- ان احد اقسام الدائرة هو الاستثمار، ولقد شرعنا بخطوات اولية فيه بسبب عدم توفر التخصيص المالي المطلوب للوحدات التي تم شراؤها من الشركات (GE الاميركية , شركة SIEMENS)،وكان التوجه لعرض اربعة مشاريع لاعلانها للاستثمار وهي محطة شط البصرة بحدود 10 وحدات 200-1500 ميكا واط وموقع السماوة ب500 ميكا واط وموقع العمارة ب500ميكا واط وموقع الديوانية ب500ميكا واط،حيث قدمت عدة عروض للاستثمار فيها من قبل عدة شركات في عمل متواصل للدائرة خلال سنة كاملة مع المستثمرين والاستشاريين،حيث تم تقديم عروض شراء عالية من المستثمرين،وتم احتساب تكلفة ذلك على الوزارة بنحو 550 مليون دولار تدفع سنويا للمستثمرين من الموازنة التشغيلية.
- صحيح ان المستثمرين سيسترجعون تلك المحطات بعد 7سنوات نص عليها العقد،لكن رأينا من الضرورة ومن اجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا احالة المشاريع لتنفذها الشركات لصالح الوزارة، وتمت مناقشة ذلك مع لجنة العقود المركزية في الوزارة ومع لجنة الطاقة في مجلس الوزراء،ليتم اتخاذ القرار بشأن المواقع الأربعة التي كانت مخصصة للاستثمار لإحالتها لشركات تنفذها لصالح الوزارة،ولتصبح محطات تابعة للوزارة وليس للمستثمرين،الأمر الذي يحتم على الوزارة تعيين اكثر من 250 موظفا في كل محطة اي تعيين الف وخمسمائة موظف جديد او تثبيت العقود او تحويل موظفي الأجور اليومية الى العقد المؤقت او التعيين الدائم ولمختلف الاختصاصات،وهي أفضل من التوجه للاستثمار وصرف مبالغ طائلة تصل الى نحو 550مليون دولار سنويا.
- من جانب آخر لنا خطط مستقبلية مع المستثمرين لشراء معدات ونصب محطات وتوقيع عقود معهم لشراء الطاقة على وفق ماهو معمول به في معظم دول العالم،اي ان المستثمر من خلال إمكاناته المالية الذاتية يقوم بدعم وتمويل البنوك له ببناء محطات وجلب معدات لنصبها وتشغيلها،فيما تقع على الوزارة مهام تهيئة الموقع (المكان المناسب) وتهيئة الوقود والموافقات الأصولية من هيئة الاستثمار والجهات الأخرى ومساعدته في بناء المحطة وتوقيع العقد لشراء الطاقة من الوزارة على مدى عشر سنوات او عشرين سنة حسب العقد الموقع بين الطرفين،وهذه الخطوات هي الأفضل من وجهة نظر الوزارة والتي بدأنا فيها للعمل المقبل مع المستثمرين خلال المرحلة المقبلة.
- وبخصوص القرار في تنفيذ تلك المشاريع في المواقع الربعة المذكورة سابقا،حصلت الوزارة على التخصيص المطلوب لنصب تلك المحطات ب900مليون دولار مؤخرا،ومن المؤمل انجاز العمل فيها خلال 18-24 شهرا، الى جانب رغبتنا بالعمل مع مستثمرين محليين كانوا ام اجانب في اعمال نصب محطات انتاج الطاقة الكهربائية،والاستغناء عن نقل الطاقة عبر الحدود من ايران والاستغناء عن البوارج الناقلة للطاقة الكهربائية،من خلال زيادة بناء المحطات داخل العراق.
* هل يعني ذلك ان توجهكم للاستثمار مشروط..؟
- التوجه للدولة في الوقت الحاضر نحو الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص المحلي والاجنبي لتحسين مستوى انتاج الطاقة الكهربائية في العراق،وايجاد نوع من التنافس بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال،لحاجة البلاد من الطاقة الكهربائية لغاية سنة 2017 والزيادة المتوقعة في النمو السكاني والذي يرافقه النمو الاقتصادي والتوسع في القطاع الصناعي،مما يوجد شحة في الطاقة الكهربائية برغم بناء محطات جديدة،وهي مؤشرات لاهمية مساهمة الاستثمار في اعمال سد النقص في الطاقة الكهربائية.
- ولحد الان لم نلمس وجود حقيقي لشركات القطاع الخاص المحلي للقيام بدورها المطلوب،برغم توجه الوزارة لمساعدة الشركات المحلية واحالة نصب محطات مشروع عكاز في الانبار لاحدى تلك الشركات،وكذا الحال في مشروع الحيدرية في النجف اذ تمت احالته لشركة عراقية لتوليد 500ميكا واط في كل منها،وكذلك تم احالة مشروع الناصرية لشركة البلال وهي مسجلة في دولة مصر لمستثمر عراقي بقيمة 700مليون دولار لتجهيز 120ميكا واط، وهي ضمن خطط الوزارة لتشجيع القطاع الخاص المحلي للعمل في هذه المجالات بجد وتفان،لاسيما انه يمتلك خبرات كبيرة في هذا الصدد ينافس به الشركات الاجنبية.
* وماذا عن نشاطات دائرتكم الاخرى؟
- الدائرة التي شكلت بقرار من مجلس الوزراء في سنة 2007 والتي كانت قبل ذلك التاريخ ضمن الدائرة الاقتصادية للوزارة،حيث جاء تشكيلها نظرا للتوسع في اعمال الوزارة ونشاطاتها ومهامها الحالية لاجراء التعاقدات ضمن مقر الوزارة واعلان المناقصات في مقر الوزارة والمديريات التابعة لها،ومتابعة فتح الاعتمادات للعقود في عموم المحافظات عدا اقليم كردستان،اضافة الى نشاطات ومهام الاستثمار مع القطاع الخاص.
- كما تقوم الدائرة باجراء التعاقدات مع الشركات لنصب المحطات بالتعاون مع مديريات الوزارة الاخرى وهي مديرية مشاريع انتاج الطاقة الكهربائية المسؤولية عن مشاريع المحطات البخارية ومشاريع محطات الديزلات والمديرية العام لمشاريع الانتاج الغازية المسؤولة عن ابرام عقود نصب المحطات الغازية ومديرية مشاريع النقل ومسؤولياتها ابرام العقود لمشاريع نقل الطاقة الكهربائية ومحطات نقل الطاقة الكهربائية.
- وبعد اعلان المناقصات سواء من قبل الوزارة او من خلال المديريات المعنية والمخولة باعلان المناقصة تفتح العروض من قبل المديرية والدراسة لترفع لدائرتنا،ونحن بدورنا نرفعها الى سكرتارية لجنة العقود المركزية في الوزارة التي تنظر في العقود المبرمة من قبل المديريات المتكونة من اعضاء قانونيين وفنيين واداريين وتجاريين ومن مكتب المفتش العام،وبعد دراستها تصدر التوصيات النهائية الى لجنة العقود المركزية التي يترأسها وزير الكهرباء وعضوية الوكلاء الثلاثة في الوزارة والمستشار والمفتش العام ومدير الدائرة القانونية والاقتصادية ومدير الاستثمارات والعقود ومدير الرقابة الداخلية في الوزارة،وبعدها ترفع سكرتارية العقود التقرير عن المشروع المعني مع الخلاصة النهائية،لتتم دراستها في لجنة العقود المركزية ولقراءة الخلاصة وبيان الملاحظات بصددها والثغرات التجارية والقانونية،وملاحظة وجود مشكلة في التخصيص المالي او خلافه مع دراسة وجود اية مشكلات في الشركة المحال اليها المشروع وموقفها بشكل عام للبت في الموضوع.
- وفي حالة كون العقد بقيمة 100مليون دولار يرفع بذلك الى مجلس الوزراء للمصادقة عليه اما اذا كان اقل من 100مليون دولار فمن صلاحيات وزير الكهرباء المصادقة عليه،والعقود التي قيمتها دون الخمسة ملايين دولار فمن صلاحيات وكلاء الوزير،ونحن في طور توريد 56 ماكنة لتوليد الطاقة الكهربائية قيمة الواحدة منها 125 مليون دولار، ولنا عقود مبرمة مع شركات عالمية بهذا الصدد،الا ان قلة التخصيصات المالية جعلت الوزارة تقوم بتجزئة تسديد النفقات المالية التي بذمتها لتلك الشركات على مراحل تمتد لثلاث سنوات مقبلة من اجل انجاز مشاريعها في الوقت المحدد وتوفير الطاقة الكهربائية بمستوى الحاجة المطلوبة.