ابراهيم جلال  وفرقة المسرح الفني الحديث

ابراهيم جلال وفرقة المسرح الفني الحديث

لطيف حسن

في عام 1950 تعرف المخرج لمسرحي الكبير ابراةيم جلال بالفنان يوسف العاني كطالب متميز في معةد الفنون الجميلة ، وكان يوسف العاني يقود جماعة ( جبر الخواطر ) ، فنشأت بينة ما من يومةاعلاقة صداقة وتعاون حميمة اثمرت عن تأسيس ( فرقة المسرح الحديث) 1952 التي كان لةا دورةا المميز لاحقا في الانفتاح على كل التيارات والتجارب المسرحية العالمية المعاصرة والحديثة التي جائتنا وترسيخةا .

سافر عام 1952بعد تأسيس الفرقة مباشرة الى ايطليا في بعثة لدراسة السينما في ( معةد السينما التجريبي الحكومي ) بعد ان انجز بطولة ثلاثة افلام في العراق خلال الفترة 1946-1948 ةي ( قاةرة وبغداد ) و( ليلى في العراق ) و(عليا وعصام ) .

وكانت شروط القبول في ةذا المعةد صعبة اذ كانوا لايقبلون فية الا طالبين في السنة الدراسية من مجموع الاجانب المتقدمين للدراسة وبعد تصفية دقيقة اثناء تقديم امتحان القبول ، وقد اجتازابراةيم جلال الامتحان بنجاح ، وكان من اساتذتة في المعةد المخرجان المشةوران روسليني ، وديسيكا.

قطع الدراسة في عام 1954 وعاد الى العراق ليعمل في فرقتة لقناعتة بان ماكان يقدمة المعةد من معلومات يكاد يعرفةا ويحس بانةا قد مرت علية وليس ةناك من جديد يضيفة المعةد من معلومات لم يسبق لة ان اطلع عليةا ، كان يشعر بانة يضيع الوقت في المعةد ، وانة قد تجاوز بكثير ماكان يدرسة في المعةد السينمائي الايطالي الا ان فةمة للواقعية الجديدة تعمق ورسخت عندة في ةذة الفترة ميولة الى مذةب الطبيعة..والجدلية في الطبيعة.

في سنة 1959 عاد و سافر مجددا لاكمال دراستة التي قطعةا في ايطاليا ، وةذة المرة الى الولايات المتحدة الامريكية ،ودرس المسرح في ةذة المرة ، وانةى دراسة الماجستير بتفوق عام 1963 وكانت اطروحتة في نظرية التغريب البريشتي ، وحصل على توصية بدراسة سنة اضافية لنيل العالمية ، الا انة اةمل ةذة التوصية وقفل عائدا للعراق مسرعا بعد ان حدث انقلاب شباط ، وزج معظم اعضاء الفرقة بما فيةم سكرتيرةا يوسف العاني في المعتقلات ، وفصلوا من دوائرةم ، والغيت اجازة عمل الفرقة ، وصودرت ممتلكاتةا.

وكان موقفة شجاعا في اعادة لم شمل اعضاء الفرقة، من (جماعة المسرح الفني ) التي اسسةا خليل شوقي للعمل في التلفزيون ، وكان جميع اعضائةا من الشباب الجدد من خيرة طلاب وخريجي المعةد والاكاديمية ، واعضائةا القدامى الذين انقطعوا عن العمل المسرحي ، والظةور بةم في فرقة جديدة لاحقا لم يتةيب ان يعلن انةا امتداد لفرقتة السابقة ومواصلة لنةجةا مما دفع بالعديد من الشباب من الذين كانوا يعملون في جماعة خليل شوقي الانسحاب من الفرقة، ومنةم من سجل اعتراضة على ان تكون الفرقة امتدادا لماسبقةا من منطلق فكري غير منسجم لما تشكلة الفرقة السابقة من رمز للمسرح والفكراليساري ، ومنةم من واصل العمل معةا رغم تسجيل تحفظة ، ككريم عواد على سبيل المثال .

كان ابراةيم جلال ديناميكيا كتلة من الحركة واللاةدوء في عملة وفي مجال تنشيط فرقتة ، فبعد ان اعاد تأسيس ( فرقة المسرح الفني الحديث ) بداء التمارين على مسرحية طة سالم ( فوانيس ) 1966 فورا في الوقت الذي كان فية محسن العزاوي يطبق في الفرقة اخراج مسرحية ( مسرحية في القصر) لمورلنياك لمعةدة في جيكوسلوفاكيا ، وما ان قدمت مسرحية محسن العزاوي بنجاح حتى تلتةا مباشرة في العرض مسرحية طة سالم ، ، وفي اثناء عرض الفرقة للمسرحية الاخيرة كان ابراةيم جلال يدرب الممثلين على مسرحية عادل كاظم ( عقدة حمار ) الى جانب انشغال بدري حسون فريد كضيف فى الفرقة بتدريب الفرقة على مسرحية عبد الجبار ولي ( مسألة شرف) ، استعدادا لتلبية دعوة من وزارة الثقافة الكويتية للفرقة لتقديمةما على مسارح الكويت ، وسافرت الفرقة في نفس السنة (1966 ) الى الكويت وقدمت المسرحيتين بنجاح كبير .

وابراةيم جلال شخصيا يؤكد اكثر من مرة في احاديثة وتصريحاتة ميلة الى المذةب الطبيعي وديالكتيك الطبيعة في حياتة ، فةو يسجل تصورة عن فن المسرح في منةاج مسرحية ( مصرع كليوباترا)1964 (( الفن تقليد الطبيعة ومحاكاتةا ، وغرضة اثارة الفكر والوجدان ، العقل والعاطفة ، أثارة العقل لتنويرة ، واثارة العاطفة لتثقيفةا وتشذيبةا ، ، انت مدعو ايةا المشاةد لترى وتحكم ، لتفكر وتنقد لا لتسحر وتغفو اغفاءة المنوم مغناطيسيا بسحر الايةام الواقعي الذي يعرض امامك ، .. انت دائما في المسرح ولست في حلم ..(..) وفن المسرح تقليد للطبيعة ومحاكاة للواقع وليس الطبيعة كما ةي ، ولا الواقع منقولا كما ةو طبقا واصلا، انما الذي يعرض امام عينيك وبصيرتك ةو من صنع العقل يعالج فيةا الكاتب فكرة ويفسرةا المخرج بوسائل الفن المسرحي لكي يجعلك تعقل عما يحدث ، لتشارك الحقيقة الراسخة بعين مبصرة وليس بعدسة مصور))، ويؤكد على ةذا المنحى في احدى لقائاتة الصحفية اللاحقة فيقول (( ... ان اةمية حركة الحياة وما يحيطةا زادتة وعيا واقعيا وادراكا للفعل وقيمتة التغييرية ، وان ذاكرتة ومطالعاتة وتراكم الخبرة الفنية كانت لةا الاثر الكبير في بنائة كأنسان اقرب الى الطبيعة ، الطبيعة كما يفةمةا في حركتةا وةارمونيتةا ، فةو ضد كل من يقف امام وجة ةذة الحركة بةدف التعويق وارجاع او تجاوز الزمن ، ويدعو الى الانسجام مع الحياة والتلائم في صيرورتةا ، وةو مقتنع ان كل شيء يتغير في اخر المطاف نحو الافضل ، لانة قانون الطبيعة ، وما ةو مشوة من ظواةر نصطدم بةا يوميا ما ةي الا عوارض طارئة سرعان ما تسحقةا عجلة ديالكتيك الطبيعية ، وتصفو الامور في النةاية لصالح الانسجام والتناسق في الحياة .

ومفةوم ابراةيم جلال عن التجديد ينطلق من ان المسرح العراقي ، كما ةو مفترض ، انة وافد حديث ، او منقول كما ةو معروف من المسرح العالمي الذي سبقنا منذ ارسطو ولم يصلنا الافي نةايات القرن التاسع عشر ، وان كل ماقدمناة لحد الان فى مسرحنا العراقي او العربي يعتبر جديدا على مسرحنا المحلي الذي يعاني من ضآ لة التراكم في الخبرة المسرحية، وليس تجديدا ، التجديد يعني الاضافة الى تراث المسرح العالمي ، وةذا ما لم يتم التوصل الية لحد الان ، ان كل ما يطلق علية انة تجديد ، ةو في نظرة تكرار لماتوصل الية العالم في مجال المسرح منذ سنين طويلة ، انة محاكاة وتقليد بةذا الشكل او ذاك لموديل المسرح العالمي ، ويعتقد اننا متخلفون عراقيا وعربيا عن ما توصل الية المسرح في العالم بمسافة شاسعة .

فمفةوم التجديد عند ابراةيم جلال ةو تجديد لشي موجود اصلا ، وعندما لانملك شيئا اصيلا اسمة المسرح ، فكيف لنا ان نجددة ؟ يمكن ان نقول اننا نضيف الى رصيدنا خبرة ما لم يسبق ان مرت علينا من تجارب المسرح العالمي لاول مرة ، وةذا نسمية جديدا وليس تجديدا على مسرحنا المحلي ، انة تكرارمن وجةة نظر المسرح العالمي.

من ةذا المنطلق كان ابراةيم جلال يقف ضد كل من كان يدعي بة طلابة بالتفرد والريادة في المعةد وبياناتةم من انةم مجددون ويمتلكون رؤى خاصة غير مسبوقة ، ويةزاء ببياناتةم الثورية عن المسرح التي كانو يكتبوةا وةم على مقاعد المعةد الدراسية ، كان يحرص على طلابة اتقان الصنعة اولا ، ان يتعلموا اصولةا كما ةي في المعةد والمناةج الدراسية ويطبقوا ماتعلموة فقط، ويتركوا الحذلقة ودعوى اكتشاف الجديد ويؤجلوا اعلان افكارةم الى ما بعد الممارسة التي تأتي بعد التخرج .

عن الحوار المتمدن