مو يان : أنا شاهد .. ولست بطلاً

مو يان : أنا شاهد .. ولست بطلاً

علي حسين

عندما منحت الأكاديمية السويدية، جائزة نوبل للأداب عام 2012 للروائي الصيني " مو يان " ، تساءل القراء العرب وانا منهم من يكون هذا الرجل البدين الذي انتشرت صورته فجأة في مواقع التواصل الاجتماعي ، واحتلت مكانا بارزا في وسائل الاعلام ؟ ،

في الوقت نفسه اثار فوزه بالجائزة الجدل ، فالكاتب القريب من الحزب الشيوعي ، وجد سلمان رشدي في قرار منحه الجائزة خطأ لا يغتفر ، ساخرا من منح نوبل لكاتب اسمه " لا تقل شيئاً " ، وقد رد مو يان وهو يبتسم أن اسمه جاء بسبب تحذير من والده وولادته بان لا يتحدث عما يراه خارج البيت ..فيما وصفت الحائزة على نوبل الرومانية هيرتا مولر فوز مو يان بالكارثة، واتهمت مولر الكاتب الصيني بانه يحتفي بالرقابة ويوافق عليها . الامر الذي دفع مو يان للقول إن تجنب الرقابة كان مسألة دهاء ، وهو يرى ان الرقابة تساعد الكاتب على أن يضخ خياله لعزله عن العالم الحقيقي وانها ستتحول في النهاية الى اداة لخلق الأدب الجيد .

كان " مو يان " اول اديب صيني يعيش في الصين يحصل على جائزة نوبل ، يوم نال الجازة كان في السابعة والخمسين من عمره ، وصفته الاكاديمية السويدية بانه يملك أسلوبا مميزا وأنه استلهم أفكاره من الخلفية الخاصة به. وان الجائزة منحت له لقدرته على المزج بين الحكي الشعبي والتاريخ والمعاصرة بشكل واقعي. وقال رئيس اللجنة أن مو يان يكتب بلغة مدهشة للغاية : " بإمكانك الاطلاع على نصف صفحة من كتاباته لكي تعلم، أنه يكتب بوحي من خلفيته الخاصة ..إننا أمام تأليف فريد من نوعه يمنحنا نظرة فريدة على محيط فريد". . قال مو يان انه لم يفكر مجرد تفكير بجائزة نوبل ، وان ما حدث اشبه بالمعجزة ، لكنه في النهاية اثبت ان الادب الحقيقي يحظى بالاهتمام : "أعتقد أن الكُتاب يكتبون بوازع من ضمائرهم، يكتبون لقرائهم الحقيقيين...لأرواحهم."

لم أكن قد قرأت من قبل رواية من روايات "مو يان " ، فعلاقتي بالادب الصيني تنحصر في قراءات بسيطة من هنا وهناك ، البعض منها يتعلق بالفلسفة الصينية ، وكان اشهرها كتاب " حكمة الصين " الذي كتبه المصري فؤاد محمد شبل وصدر ضمن سلسلة المكتبة الفلسفية ، وكتاب عن كونفوشيوس للدكتور حسن شحاته ، وكتاب آخر اتذكرة بعنوان " الفكر الصيني من كونفوشيوس الى ماوتسي تونغ " وترجمه عبد الغفار مكاوي للفيلسوف الصيني لاو تسي بعنوان " طريق الفضيلة " بعد ذلك سأقرأ ترجمة جديدة لفكر لاو تسي قام بها هادي العلوي .... طبعا مع الاعجاب بالثورة الصينية والتمتع بكتاب البرتو مورافيا " ثورة ماو الثقافية " – ترجمه الى العربية وحيد النقاش - ، وكان كتاب " النجم الاحمر فوق الصين " للصحفي الامريكي " ادغار سنو " – ترجمه للعربية كمال أبو الحسن - اشبه ببيان ثوري تلاقفته الايدي المتحمسة آنذاك للثورة الصينية ، اضف إلى كل ذلك مختارات ماوتسي تونغ التي كانت باجزاء متفرقة وديوان شعر من تاليف ماو نفسه .. وقد غاب عن اهتمامي الادب الصيني الى ان حصل الروائي غاو شينغجيان على نوبل للاداب عام 2000 ، وقد قيل آنذاك ان الجائزة منحت له بسبب معارضته للنظام الصيني ، لكن ما ان قرأت عمله الكبير " جبل الروح " – ترجمه الى العربية بسام حجار - ايقنت ان الجائزة اقل استحقاق لهذا الروائي العظيم .

عندما منح " غاو شينغجيان " جائزة نوبل اشادت الاكاديمية السويدية بروايته الملحمية " جبل الروح " والتي كتبها بعدما اخطأ الاطباء بتشخيص مرضه فاخبروه انه مصاب بسرطان الرئة ، في ذلك الوقت كان يتلقى تحذيرات من السلطات الصينية بسبب ارائه المضادة للنظام ، فاضطر ان يترك الصين . في " جبل الروح " يتناول اقترابه من الموت وتمسكه بالفردية. ترك بلاده الى فرنسا بعد مجزرة ساحة تياننمين ، وأصدر رواية " الهرب" التي تدور خلال المجزرة التي داست فيها الدبابات المتظاهرين. رفض سياسة بلاده لكنه رفض اعتبار ضحايا الساحة ابطال كما روج الاعلام الغربي . قال أن على الادب ان يتجنب الخوض في السياسة ويسعى لتقديم المشاعر الانسانية.

يرى شينغجيان إن العلاقة بين المؤلف والقارئ دائماً هي علاقة تواصل روحي، ولا لزوم للقائهما أو تفاعلهما اجتماعياً:" إنه مجرد تواصل من خلال العمل، ويبقى الأدب شكلاً لا غنى عنه من النشاط الإنساني يخوض فيه كل من القارئ والكاتب بإرادتهما، وهكذا فليس للأدب أي واجب تجاه الجماهير " .

عام 1938 عندما فازت الامريكية " بيرل باك " بجائزة نوبل للاداب قالت الاكاديمية السويدية في بيانها انها منحت بيرل بارك الجائزة : " لأوصافها الثرية والملحمية لحياة الفلاحين في الصين " ، وكانت بيرل تعتبر نفسها صينية اكثر مما هي امريكية ، فقد عاشت طفولتها وشبابها في الصين التي دفن فيها والداها وهي تقول : " عندما اكتب عن الصين ، فان القصة تدور في راسي بالصينية ثم اترجمها الى الانكليزية " .

نهاية عام 2002 ساحصل على نسخة مصورة من رواية " بجعات برية " للكاتبة الصينية " يونغ تشانغ " وقد ترجمها الراحل عبد الاله النعيمي ، والرواية سيرة لثلاثة اجيال من عائلة تشانغ تقدم من خلالها صورة للحياة في الصين منذ بدايات القرن الماضي، وحتى عام 1978 ، وهو العام الذي غادرت فيه تشانغ بلادها لتستقر في لندن ، كانت تشانغ المولودة عام 1952 عضوا في الحرس الاحمر في شبابها ، ثم عملت في احدى المزارع الجماعية ، بعدها تنقلت في عدة مهن ، ممرضة وعاملة كهرباء، ومنظفة في مصنع للفولاذ. التحقت بالجامعة لدراسة اللغة الانكليزية ، وفي عام 1978 حصلت على منحة لدراسة اللغة في بريطانيا، بعدها قررت ان تتحدث عن السجن الذي عاشت فيه طفولتها وشبابها ، حصلت على دكتوراه في الالسنيات . عام 1991 تصدر بالانكليزية روايتها " بجعات برية " التي ترجمت الى اكثر من 30 لغة ، لكنها منعت في الصين .

في السنوات الاخيرة ترجمت الكثير من الاعمال الادبية الصينية ، وكان من ابرزها رواية الكاتبة" وي هوي " شنغهاي بيبي او " طفلة شنغهاي " - ترجمتها الى العربية ظبية خميس - وهي الرواية التي اثارت حفيظنة السلطات الصينية فاحرقت 40 ألف نسخة منها ، بعد ان اتهمتها الرقابة بأنها رواية وضيعة ، تسعى لتلطيخ سمعة الصين .. وفي سيرة حياة الروائية " وي هوي " نعرف انها من مواليد 1973 ابنة ضابط بالجيش ، درست الأدب في شنغهاي ، تعد روايتها " طفولة شنغهاي " سيرة ذاتية لتحولاتها النفسية والاجتماعية ، قالت انها نشأت في عائلة محافظة للغاية. وقضت دراستها الجامعبة في التريب العسكري .. وما حدث معها بعد ذلك تقول انه طبيعي ، لاي فتاة تعيش في مجتمع مغلق فتقرر ان تتمرد "هذا التمرد هو ما كتبت عنه " . تؤمن ان هناك هوة شاسعة بين جيلها والاجيال التي سبقته :" كنت أبحث عن صوت يمثل جيلي " .

وترجمت ايضا رواية" وانغ شياوبو" ، الذي يطلق عليه لقب كافكا الصين "العصر الذهبي" – ترجمها الى العربية - أحمد السعيد- ، وشياوبو الذي رحل عن عالمنا عام 1997، يعد الروائي الأكثر قراءة في الصين .. ومثل رواية " البجعات البرية " يتناول شياوبو حياة بطله من خلال ربطها بتاريخ الصين الحديث . ولد " وانغ شياوبو" في بكين عام 1952، وهو العام نفسه الذي اتّهم فيه والده االشيوعي بتهمة "الطبقية ومعاداة الاشتراكية"، فتغيرت أحوال الاسرة ، لكن بعد خمس سنوات سيلتقي الوالد بالزعيم الصيني ماوتسي تونغ ، الذي يصدر امرا بالعفو عنه ، عندما كان شياوبو في المرحلة الثانوية، اندلعت "الثورة الثقافية "، وكلف بالعمل في فيلق الجيش الصيني في مقاطعة يونان الحدودية، وهو مسرح أحداث معظم أعماله الأدبية، ومنها "العصر الذهبي"، "في عام 1971، انتقل للعمل مدرساً في مدارس محو الأمية ، وبانتهاء الثورة الثقافية التحق بجامعة "الشعب الصينية" وهو في السادسة والعشرين. درس الإدارة حتى عام 1984، ثم التحق بمركز الدراسات والبحوث الآسيوية، وحصل على درجة الماجستير، سافر الى امريكا ثم عاد ، إلى الصين، ليعمل مدرساً في جامعة "الشعب"، ثم في جامعة بكين، استقال من العمل الأكاديمي في عيد ميلاده الأربعين، وتفرغ للكتابة. لكن المرض لم يمهله طويلا حيث تعرض الى انتكاسة صحية ليفارق الحياة في الحادي عشر من نيسان عام 1997.

بعد ذلك سيحصل تحسن في ترجمة الادب الصيني حيث بدأنا نقرأ اعمال " سوتونغ " وروايات " يوهوا " الذي ترجمت له العديد من الاعمال ابرزها " اليوم السابع " و " مذكرات بائع الدماء " و" على قيد الحياة " وروايته الشهيرة " نهر الزمن " ويعد "يوهوا " من الوجوه البارزة في الادب الصيني الحديث ، عمل طبيبا للاسنان ، لكن هواية الادب جعلته يتخلى عن مهنة الطب ليعمل موظفا في هيئة قصور الثقافة . قال انه لم يجد نفسه في مهنة الطب ، ولكونه يمتلك موهبة ادبية قرر ان يتفرغ لكتابة القصة القصيرة ، قرأ تولستوي وبلزاك وديكنز وفكتور هيغو وكافكا ، يعترف بان عمله كطبيب ومعايشته لوالديه الطبيبن تبرز بوضوح في اعماله الادبية فـ "هناك الموت الذي رأيته في الكثير من المواقف، والدم الذي كان يطاردني في مختلف غرف المستشفي خاصة في غرف العمليات الجراحية، والألم الذي كان يخيم على المرضى وكذلك حزن الأهالي على موت أو مرض أقاربهم، كل هذا العالم المسكون بالأوجاع تراه في أعمالي".

وبالعودة الى " مو يان " تخبرنا سيرته الذاتية انه ولد في قرية" غاومي" في مقاطعة شاندونغ والتي تقع شمال شرق الصين في السابع عشر من شباط عام 1955 واسمه الحقيقي " غوان موييه" ، عندما أنهى دراسته الابتدائية كانت الثورة الثقافية قد بدأت في الصين، فتوقف عن الدراسة، واتجه إلى العمل في الزراعة ورعي الاغنام ، وبعدها في معمل للقطن ، ثم استكمل دراسته الثانوية بالتزامن مع عمله، التحق بجيش التحرير الشعبي عام 1976، وخلال خدمته العسكرية بدأ الكتابة، بعدها درس بالأكاديمية الثقافية لجيش التحرير الشعبي عام 1984، وبعد تخرجه عام 1986 عمل في الدائرة السياسية العامة في الجيش، وفي عام 1991 حصل على درجة الماجستير من جامعة بكين للمعلمين.

قال ان والده تلقى تعليماً ضئيلاً ومع هذا كانوا يعتبرونه مثقف القرية. انجبت عائلته الكثير من الابناء :" هذا النوع من العائلة ، جعلني أشعر بالكآبة تجاه هذا العالم، وكان السبب الأهم لشعوري بهذه الكآبة، هو الفقر المدقع الذي كنا نعيش فيه. " .عندما ترك الدراسة عمل راعيا :" كنت أرافق الغنم والبقر وأتحدث معها، وقد جعلتني هذه التجربة منعزلاً، إنطوائياً، أخاف من مقابلة الناس، ولا أستطيع التعبير عن نفسي، وإذا صادفت مشكلة أو أي أمر فإنني أكون هياباً شديد الحذر. بالطبع إذا أصبحت كاتباً، فيمكنك تخفيف هذا النوع من الألم بالكتابة، والتعويض على نفسك، لكنك إذا لم تكن كاتباً، فسيصبح الألم الذي عانيته أشد ممّا سبق " . قال ان الكتابة لم تساعده على نسيان الماضي القاسي الذي عاشه في طفولته وحين سأل : إذا عاد به الزمن الى الوراء ، هل ستختار أن تصبح كاتباً، أو ان يعيش طفولة سعيدة ؟ فأجب بلا تردد:" بالطبع سأختار أن أعيش طفولة سعيدة " . ، يسخر من الذين لم يجربوا الجوع ، يتذكر إن أحد ابناء قريته الذي تعلم في بكين، قال له مرة بعد أن عاد للقرية، إنه عرف كاتبا في بيكين يأكل ثلاث مرات في اليوم، فقررأن يكون كاتبا، إذا كانت الكتابة تنتشل الإنسان من براثن الفقر والجوع.

اصدر روايته الاولى " مطر في ليلة ربيعية" عام 1981، لكنها لم تلفت الانتباه اليه وفشلت دار النشر في بيع الف نسخة منها ، العام 1985 ينشر روايته القصيرة " الصبي السارق الفجل" – ترجمها الى العربية حسانين فهمي حسن - والتي يصفها بانها روايته الاولى . كان في الثلاثين من عمره عندما بدأت الصحافة تكتب عنه ، قال مويان عن روايته هذه انها تشير إلى بعض الجوانب في حياته الشخصية ، ويتذكر انه خرج ذات يوم من احد المطاعم وهو يفكر في كتابة رواية قصيرة وقرر ان يكتبها بطريقة مغايرة للكتابة الكلاسيكية :" كنت عملت في طفولتي عاملا أجيرا في مسقط رأسي بريف شاندونغ، وحدث معي الكثير من الأحداث التي سجلتها القصة حول البطل، وهكذا فقد أشارت القصة إلى الحلم الذي حلمه البطل، ويعتقد الكثير من النقاد والقراء أن هذه القصة هي أفضل أعمالي على الإطلاق حيث كنت قد كتبتها آنذاك قبل الإلمام بالنظريات الأدبية والكثير مما يتعلق بأساليب الإبداع الأدبي، فهي تتمتع ببراءة الطفولة والصدق في تصوير العالم المحيط بالكاتب " ..

يصف نفسه انه كاتب يحفر التراب و‮ ‬يمهد الطرق بيده العارية،‮ قال في حوار معه انه ‮منذ فوزه بالجائزة ومنتقديه‮:" ‬يستخدمون النظارات المكبرة للبحث عن عيوبي،‮ ‬لدرجة أنهم حرفوا بعض أشعاري " ..توصف " الصبي سارق الفجل " بانها مشهد بانورامي يسلط الضوء على الريف الصيني إبان فترة الثورة الثقافية الصينية . بعد عام تصدر روايته الثالثة :" الذرة الرفيعة الحمراء " – ترجمها الى العربية حسانين فهمي حسين – قصة عائلة صينية ريفية تمتلك مخبزاً لصناعة نبيذ الذرة في احدى القرى، وتتكون هذه العائلة من الجد الذي كان يعمل حمالاً في شركة لنقل توابيت الموتى وهوادج الأفراح، ثم أصبح بعد ذلك زعيماً لعصابة من قطاع الطرق، انضمت فيما بعد إلى قوات الجيش لمقاومة الاعتداء الياباني ..وقام الجد في شبابه بقتل صاحب المخبز واستولى عليه، وكانت النهاية المفجعة حين قتلت القوات اليابانية زوجته الثانية وابنته الطفلة صاحبة الأعوام الخمسة .

كتبت صحيفة نيويورك تايمز عن " الذرة الرفيعة الحمراء " بان مو يان استطاع من خلالها أن يعرف القارئ الغربي بثقافة المناطق الصينية المختلفة . .ويشير النقاد إلى أن " الذرة الرفيعة الحمراء" تعد واحدة من أهم الروايات الصينية الحديثة التي تؤرخ للمقاومة الصينية ضد المعتدي الياباني، حتى إن نقاد الأدب الصيني اعتبروها واحدة من الروايات التي كان لها تأثير كبير في تاريخ تطور رواية الحرب في الصين .

في روايته الضفادع الصادرة عام 2009 – ترجمتها الى العربية ميراي يونس - يوجه مو يان سهامه الى موضوع سياسة تنظيم الأسرة في الصين، أي سياسة الطفل الواحد التي ظلت سارية حتى العام 2015، لتستبدل في العام 2016، وتعوّضها سياسة الطفلين، ويغوص في بنية المجتمع الصيني ملتقطا التغيّرات التي أثرت فيه وبلورته طوال العقود الماضية .

استطاع "مو يان" ان يكشف للعالم عن الريف الصيني المغلق من خلال رواياته، وقد كان لولادته في أسرة تعمل في الزراعة وظروف طفولته القاسية الدور الكبير في التأثير على كتاباته، وعبر رواياته لم يصوّر الوجه الخفي من الريف فحسب، بل تمكن كذلك من تقديم ما يشبه النقد للمجتمع والسلطة والعادات البالية ، وهو اذ يقدم الحكايات التي تظهر مختلف الجوانب من التاريخ الاجتماعي والسياسي للصين في القرن العشرين، فانه يحاول من خلالها ان يبين كيف رسمت هذه الحكايات ملامح البشر وشكلت هوياتهم المستقبلية، وحددت لهم دروبهم الحياتية، ومصائرهم .

ولعل اهم عناصر نجاح روايات مو يان وتحقيقها الشهرة العالمية انها قدمت نموذجا للرواية بعيدا عن مفهوم الواقعية الاشتراكية التي سادت في زمن ماوتسي تونغ. واستطاعت اعمال مو يان الروائية ، بفنية عالية ان تكشف عن البنية التحتية للمرحلة الماوية من تاريخ الصين الحديثة، وتعري كل تناقضاتها بشكل مراوغ على طريقة مو يان في الاستفادة من الرقابة ،واستطاعت هذه الروايات ان تقدم الحاضر ، لكنها في المقابل تحتفي بالماضي ويجد القائ ظلال المفهوم الفلسفي الكونفشيوسي يهيمن على اجزاء من رواياته ، من خلال محاولة طرح بديل أخلاقي لحاضر الصين المتوتر الممزق بين نزعات السوق اللاأخلاقية والنزعة الفردية والكسب السريع .ومثل معلمه " غاو شينغجيان " يقدم اعماله بعيدا عن البطولات الزائفة التي كان صاحب جبل الروح يسخر منها .