يوتوبيا  توماس مور..  يبدو  وكأنه كُتب اليوم

يوتوبيا توماس مور.. يبدو وكأنه كُتب اليوم

عبد الاله مجيد

“أي عدالة هناك في هذا ، ان يعيش نبيل أو تاجر ذهب أو مصرفي أو أي شخص لا يفعل شيئاً أو في أحسن الأحوال يفعل اشياء لا فائدة منها للمجتمع، في ترف ورخاء عظيمين مما كسبه بصورة غير مشروعة!” هذا ما كتبه توماس مور قبل 500 سنة، وما زالت كلماته محتفظة براهنيتها وصوابها الى حد مدهش .

يتحدث مور في كتابه “يوتوبيا” عن ضرورة التسامح في مجتمع متعدد الأديان، ومخاطر تركيز السلطة والمال بأيدي الحكام، وآفة الحرب، ويبني عالماً تسوده المساواة بين الرجل والمرأة. بل ان مور دعا الى انخراط المرأة في الجيش قبل 500 عام على رفع الحظر عن عملها في القوات المسلحة البريطانية مثلا. يوصف “يوتوبيا” توماس مور الذي نُشر عام 1516 بأنه عمل استثنائي في الخيال والفلسفة السياسية يروي على لسان شخصيته الرئيسية الفيلسوف والراحالة رفائيل هايثلوداي تاريخ يوتوبيا وجغرافيتها. ويستعرض كيف ان مؤسس يوتوبيا الجنرال يوتوباس قهر البرزخ الذي أُنشأت عليه يوتوبيا وبمجهود عظيم من الأشغال العامة شق الأرض لفصل جزيرة يوتوبيا عنها.

وينتقل هاثيلوداي الى الحديث عن مجتمع يوتوبيا القائم على الفكر العقلاني النير والملكية الجماعية والانتاجية العالية ، حيث لا طمع في المال ولا فوارق طبقية حقيقية، افراده يعيشون في سلام ووئام، رجاله ونساؤه متعلمون، يتعاملون مع بعضهم البعض على قدم المساواة. ويقول هايثلوداي ان مجتمع يوتوبيا متفوق على أي مجتمع آخر في اوروبا. وفي نص يتنقل بين الفنظازيا والسخرية واللعب والمشروع الجاد لبناء مجتمع جديد، يستكشف مور النظريات والحقائق التي تقف وراء الحروب والنزاعات السياسية والاحتقانات الاجتماعية واعادة توزيع الثروة ويتخيل الحياة اليومية لمواطنين يعيشون احراراً من الخوف والظلم والعنف والمعاناة. ويشير مور الى ان يوتوبيا لا يمكن ان تُبنى دون وجود نقيضها في مكان آخر لدراسته وتفادي نواقصه وعلاته.

ويلاحظ استاذ الادارة الحكومية في جامعة هارفرد البروفيسور دانيل كاربنتر ان “يوتوبيا” توماس مور “عمل حديث كأي عمل قرأناه طيلة العام الحالي ، وهو بلا قصة أو حبكة ، بل افكار عن دين المجتمع أو أديانه ، ونظرته الى الزواج وطريقة افراده في الحرب وما الى ذلك. لكنه ما زال يحتفظ بجاذبية القراءة المتأصلة في مادته”. ويضيف البروفيسور كاربنتر ان “يوتوبيا” توماس مور “من أهم ما سُطر من كُتب ، وهذه الطبعة تستمر في إبقاء النص مزدهراً.

عن موقع إيلاف الإلكتروني