محاولة لأغتيال رئيس الوزراء سنة 1926

محاولة لأغتيال رئيس الوزراء سنة 1926

اعداد : ذاكرة عراقية

لا شك ان ظاهرة الاغتيال السياسي كانت من ظواهر التاريخ السياسي في الشرق ومنه العراق ، وقد كتب عن الكثير من تلك الحوادث الشهيرة الا ان عدداً من حوادث الاغتيالات بقيت منسية بسبب بعدها عن السبب السياسي ومنها الحادثة التي نتحدث عنها في هذه النبذة القصيرة ..فبعد تشكيل عبد المحسن السعدون وزارته الثانية التي تشكلت يوم26 حزيران 1925, تعرض لمحاولة اغتيال من قبل شخص يدعى عبد الله افندي حلمي في العاشر من شهر اب 1926م.

اذ قام الأخير بطعن رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون ( بموس ) في صدغه في اثناء ما كان رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون يهم بصعود السلم الى ديوان رئاسة الوزراء , ونقل على اثرها الى المستشفى لمعالجته , والقي القبض على الجاني عبد الله أفندي حلمي .

اعترف عبد الله أفندي حلمي حين إجراء التحقيق معه اعترافاً صريحاً حول قيامه بتلك العملية لكونه قد مل المراجعة من اجل التعيين مما دفعه إلى الإقدام على ذلك العمل ، وان هناك سياسة تتحكم فيها المحسوبية والمنسوبية تتبع في التعينات والترفيعات ، وحكم على عبد الله أفندي حلمي بالسجن ثلاثين شهراً رغم تنازل عبد المحسن السعدون عن حقه الشخصي . وقد ذكر العديد من معاصري تلك الفترة ان السعدون حاول التخفيف من العقوبة التي حكم بها الجاني ، بل انه ارسل الى اسرته ما يعينها بفقده ..!

وتبين أن استهداف شخصية سياسية بمستوى رئيس الوزراء هي جريمة سياسية ، ويمكن عدها اغتيالاً سياسياً ، رغم الادعاءات الشخصية للمتهم عبد الله أفندي حلمي التي افادت ان عملية استهداف رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون كانت نتيجة أسباب شخصية تخص المتهم ، وتتعلق به كونه قد ارتكب ذلك العمل نتيجة عدم حصوله على فرصة التعيين ، ولكون العملية لم تؤدِ بحياة رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون فقد حكم على عبد الله أفندي حلمي بالسجن ثلاثين شهراً ،وذلك وفقاً للمادة (8) من قانون العقوبات البغدادية( ق.ع.ب) . تزامنت تلك الحالة مع الظروف العامة للعراق ، وبخاصة بعد إن زادت حكومة عبد المحسن السعدون الثانية من فرض ضرائب عدة في بداية آذار 1926م ، محاولة منها لإنقاذ العراق من حالة الركود الاقتصادي نتيجة الأزمة التي كان يتخبط بها في تلك المدة ..

كانت لتلك المحاولة تداعياتها على شخص رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون ، فقد أسهمت تلك الحالة في ازدياد معاناة عبد المحسن السعدون من مرض السكر نتيجة الجرح الذي أصابه من جراء تلك المحاولة ، لتزيد من أسباب افتقاده للراحة النفسية ، وبخاصة ان المصابين بمرض السكر يعانون من حالة عدم الاستقرار النفسي نتيجة المضاعفات التي تترتب على أصابتهم بأية جروح في أجسادهم (2) والتي اقترنت بالأسباب الأخرى, ومنها خلافه الدائم مع زوجته التركية وشكلت مجمل تلك المعاناة ظروفاً شخصية صعبة زادت من معاناة رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون التي انتهت بانتحاره يوم 13 تشرين الثاني 1929م .