بين ناجي الأصيل والشيخ الشبيبي وزقورة عقرقوف

بين ناجي الأصيل والشيخ الشبيبي وزقورة عقرقوف

من اوراق الراحل سالم الالوسي

يعد الشيخ محمد رضا الشبيبي (1889-1965) من المع الشخصيات الوطنية في ميادين الادب والشعر والسياسة، تجاوزت شهرته العراق فشاع ذكره الطيب في ارجاء الوطن العربي تسنم منصب وزارة المعارف مرات عديدة. ومنها وزارة السيد محمد الصدر التي تم تأليفها بعد ثورة الشعب العراقي وتظاهره ضد معاهدة (بورتسموث) سيئة الذكر،التي ابرمها صالح جبر مع الدوائر الاستعمارية البريطانية في 15/1/1984،

مما اضطرت وزارة السيد الصدر الى الغائها استرضاء وتهدئة للشعب العراقي الرافض لهذه المعاهدة الجائرة. كانت العادة الجارية عند تشكيل اية وزارة من الوزارات قيام الموظفين الكبار فيها بالحضور الى ديوان الوزارة لتقديم التهائي والتعرف على الوزير الجديد ان كان استيزاره يحدث أول مرة. وفي 29/1/1984 شكل السيد محمد الصدر الوزارة وقد شغل الشيخ محمد رضا الشبيبي وزارة المعارف فيها. وبالنظر لارتباط دائرة الآثار العامة بوزارة المعارف بادر الدكتور ناجي الاصيل مدير الآثار العام يومذاك الى الذهاب مع عدد من كبار موظفي دائرته لتقديم التهاني للشيخ الشبيبي وكانت فرصة طيبة انتهزها الدكتور الاصيل لعرض الاعمال والمشروعات التي تقوم بها دائرة الآثار في مختلف المجالات وفي مقدمتها التنقيبات الآثارية التي تضطلع بها في موقع عقرقوف، وهي مدينة (دور ـ كوريكالزو) القديمة، ورأى من المناسب توجيه الدعوة الى السيد الوزير لزيارة الموقع لغرض الاطلاع على النتائج والمكتشفات التي توصل اليها الآثاريون العراقيون فوعد الوزير خيرا. وعقرقوف هي عاصمة الكيشيين المسماة (دور ـ كوريكالزو) اي مدينة كوريكالزو. وتقع اطلال هذه المدينة على بعد (30) كيلومترا غربي بغداد وقد جلب منظر بقايا البرج المدرج (الزقورة) فيها انتباه عشرات السياح والرحالة والآثاريين في منتصف القرن السادس عشر، حتى ان بعضهم ظن خطأ ان بقايا البرج (الزقورة) هي برج بابل المذكور في الكتاب المقدس. والكيشيون الذين اسسوا المدينة، ينسبون الى (كشو) وهو الاسم الذي اطلق على بعض القبال اليافيثية (الهندية ـ الاوربية) التي نزحت الى العراق من الشرق من مناطق جبال (زاكروس)، وذلك على اثر غزو الحيثيين العراق، ذلك الغزو الذي قضى على حكم سلالة بابل الاولى التي اشتهرت بملكها السادس (حمورابي). حكم الكيشيون في بداية عهدهم في العاصمة القديمة (بابل) وفي اواسط حكمهم ـ اي في حدود بداية القرن الخامس عشر قبل الميلاد ـ اسسوا عاصمة جديدة سميت باسم احد ملوكهم (كوريكالزو الاول)، فسميت دور ـ كوريكالزو وهو اسم عقرقوف القديم، كما هو مدون بالكتابات والنصوص المسمارية التي كشف عنها في عدد من مواطن الآثار. اما كلمة عقرقوف، وهو الاسم الحديث للموقع فانه مركب من كلمتين آراميتين هما: عقرا ـ ومعناها الخربة او الاطلال قوفا ـ بمعنى الاعمدة وقضبان الخشب لان بطن الزقورة المبني من اللبن تتخلله صفوف (سافات) من البواري ـ جمع بارية ـ وهي حصران القصب وقياس قاعدة الزقورة 69×67مترا. كانت مديرية الآثار العامة قد باشرت التنقيب في خرائب هذه المدينة منذ عام 1942، وعقرقوف من مواطن الآثار التي لم تمسها معاول البعثات الاجنبية رغم قربها من بغداد. وقد بر الشيخ محمد رضا الشبيبي بوعده فزار موقع عقرقوف يوم 19/3/1948 فاستقبل استقبالا يليق بمقامه من قبل موظفي دائرة الآثار يتقدمهم الدكتور ناجي الاصيل، والاساتذة: حسين عوني عطا ـ معاون مدير الآثار العام وطه باقر ـ امين المتحف العراقي ورئيس هيئة التنقيب في عقرقوف واكرم شكري ـ مدير المختبر الفني لمعالجة الآثار والدكتور حسين محمود الامين ـ مدير الاشوريات، وبشير فرنسيس مدير التحريات الآثارية، وكوركيس عواد ـ مدير مكتبة المتحف العراقي، ومحمد علي مصطفى ـ المسؤول عن التخطيط والرسم الهندسي وصادق الحسني وكاتب المقال وعدد آخر من الموظفين. وممن حضر الحفل عدد من العلماء الاجانب نذكر منهم البروفيسور ماكس ملوان وزوجته كاتبة القصص البوليسية ذات الشهرة العالمية (اغاتا كريستي)، والدكتور البرخت كوتزه استاذ الدراسات المسمارية في جامعة (بيل) الامريكية الذي قام بقراءة واستنساخ قانون مملكة اشنونا الذي تم اكتشافه في تل حرمان قرب بغداد الجديدة، والدكتور/ اوليفر جورني ـ الاستاذ المختص بالدراسات الحيثية الذي قام بدراسة بعض الرقم الطينية المكتشفة في عقرقوف والمدام لويد زوجة المستر سيتون لويد المستشار الفتي في دائرة الآثار العامة لاذي كان يشغل مدير المدرسة الاركيولوجية البريطانية ببغداد، ومما تجدر الاشارة هنا الى ان الدكتور ناجي الاصيل توفق في انهاء عقد عمل هذا المستشار البريطاني وعدم تجديده بمساعدة الشيخ الشبيبي نفسه ومما يحسن ذكره ايضا ان البروفيسور ملوان خلال هذه الزيارة الى العراق قد حصل على موافقة دائرة الآثار العامة للسماح للبعثة البريطانية التي يرأسها باستئناف التنقيبات الاثارية في موقع نمرود (كالخ القديمة) وذلك احتفاءً بالذكرى المئوية لقيام المنقب البريطاني (اوستن لايارد) بالتنقيب في نمرود عام 1849. وخلال تجوال الشيخ الشبيبي في اطلال عقرقوف، تولى الدكتور الاصيل شرح المعلومات والتفصيلات الخاصة بقيام دائرة الآثار بالتنقيب الآثاري في الموقع لاول مرة، ثم تولى الاستاذ طه باقر توضي