رحيل المترجم والكاتب الدكتور “جليل كمال الدين”

رحيل المترجم والكاتب الدكتور “جليل كمال الدين”

عبدالجبار العتابي

بهدوء تام، رحل عن الدنيا الكاتب العراقي والمترجم الدكتور جليل كمال الدين، استاذ الادب الروسي في كلية اللغات بجامعة بغداد، وم الاثنين الماضي عن عمر ناهز الـ 84 عاما بسبب امراض الشيخوخة التي اقعدته في البيت. يعد الراحل الدكتور جليل كمال الدين من ابرز الذين ترجموا الادب الروسي وله فيه الكثير من المؤلفات والمقالات مثلما له الكثير من المقالات في مواضيع ادبية مختلفة

وقد قضى ردحا كبيرا من سنوات عمره في البحث والتأليف والترجمة،لا سيما في التعريف بالادباء الروس الذين ذاع صيتهم، فكان اسما مميزا بين زملائه وقدوة جيدة لطلبته الذين وجدوا انفسهم مشغوفين بالترجمة بتشجيع منه، وللاسف مر خبر رحيله هادئا جدا فيما لم نجد صورة له غير صورة قديمة جدا.

المعلومات القليلة المتوفرة عنه تشير الى ان الراحل ولد في مدينة الحلة عام١٩٣٠، وتخرج في ثانوية الحلة عام 1947، في عام 1948، حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات لقيادته الجماهير المعارضة لمعاهدة بورتيسموت مع بريطانيا، اكمل دراسته الجامعية عام ١٩٥٧ – ١٩٥٨، ثم عيّن مدرسا للغة الانكليزية في الحلة، اسهم في تأسيس اتحاد الأدباء العراقيين بعد ثورة تموز/ يوليو عام ١٩٥٨، حكم عليه بالسجن عام١٩٦٠ بعد كتابته لمقال في جريدة الرأي العام التي كان يرأس تحريرها الشاعر الكبير الجواهري يتهم فيه المسؤولين الأمنيين المحيطين بالزعيم عبد الكريم قاسم بتسهيل محاولة اغتياله في شارع الرشيد، غادر الى موسكو لتكملة دراسته العليا وحصل على الدكتوراه في نظرية الأدب، عاد الى العراق عام ١٩٧٢ وعين أستاذا في قسم اللغات الأوربية (كلية اللغات)، حكم عليه بالسجن المؤبد عام ١٩٨٦ بتهمة الانتماء لتيار يساري معارض لسلطة البعث.

يقول عنه محمد السعدي في كتابه (سجين الشعبة الخامسة): الدكتور جليل كمال الدين، أستاذ الادب المقارن في كلية الاداب – جامعة بغداد واحد ممن قدم حياته وقلمه لخدمة العراق وأبنائه. كانت علاقتي وثيقة به اذ بلغت حد التشاور معه حول آلية العمل السياسي وأفاق النهوض به في ظل الدكتاتورية وسياستها التدميرية تجاه أبناء شعبنا. كنت أزوره دائما في بيته الواقع في شارع 14 رمضان في المنصور ببغداد. أتذكر كيف كان بيته مراقبا من أجهزة المخابرات. كان تحت بيته صباغ احذية يعمل ضمن هذه الاجهزة , استمر لفترة قليلة من العمل تحت البناية. في آخر زيارة لي صيف 1982 , نبهني الاستاذ جليل منه وعدم ارتياحه من وجوده. بعد أن انتهت زيارتي للاستاذ جليل سلمته مجموعة من الادبيات الحزبية بما فيها طريق الشعب , وكنت سابقا أقوم بهذه النشاطات داخل الحرم الجامعي وتحديدا أيام الدوام الرسمي داخل قاعة مكتبة المطالعة في الجامعة، في العطلة الصيفية كثيرا ما كنت أذهب الى بيته، ومرات مع صديقنا المشترك محمد عبد الكريم الزبيدي, نحتسي البيرة العراقية اللذيذة (فريدة) في صيف بغداد الساخن، في المرة الاخيرة وأثناء خروجي من البيت , دفعني فضولي الى أن أصبغ حذائي عند ذلك الشاب العشريني من العمر, فسألني: هل كنت في بيت الاستاذ جليل ؟ أجبته: نعم أنه عمي جئت لزيارته من النجف. بعد هذا اللقاء لم ألتق الاستاذ جليل (أبو فرقد) نتيجة ما تعرضت له من محاولة اعتقال نجوت منها بأعجوبة.

مارس الراحل الدكتور الكتابة والترجمة منذ النصف الثاني من مرحلة الخمسينات وأصدر اكثر من ثمانين كتابا مترجما وموضوعا،عرفه الوسط الثقافي العالمي والعربي عبر مؤلفاته المتعددة بالأدب الروسي والعربي، ومع نشاطاته هذه يذكر له انه كان يدير برنامج يحمل عنوان (العرب في التراث الأدبي) وهو واحد من عدة برامج قدمها من الاذاعات العراقية. والراحل الدكتور جليل كمال الدين هو شقيق الدكتور عبد الإله كمال الدين الأستاذ الجامعي في كلية الفنون الجميلة وشقيق الشاعر اديب كمال الدين.

من مؤلفاته الشعر العربي الحديث وروح العصر 1964، الأدب العربي في القفقاس الشمالي / بقلم اي. يو. كراجكوفسكي ؛ ترجمة وتقديم وتعليق عام 1980، الحالة الاقتصادية في عهد الخلافة العباسية / بقلم ي. أ. بيليايف ؛ ترجمة جليل كمال الدين 1974، حول طابع الكلمات المترادفة في اللغة العربية الفصحى / بقلم ف. م. بيلكين عام 1979، داغستان واليمن / بقلم أي. يو. كراجكوفسكي ؛ ترجمة وتقديم وتعليق عام 1980،دراسة في عالم الغزالي وفكره (1058-1111) / بقلم ن. ف. رمضانوف ؛ ترجمة وتقديم وتعليق عام 1980، الفارابي بين مناطقة عصره / بقلم آ. أو. ماكوفيلسكي ؛ ترجمة وشرح وتعليقعام 1975، في تاريخ تطور اللغة العربية الفصحى / بقلم ف. م. بيلكين ؛ ترجمه عن الروسية، كتاب “الأغاني” / بقلم أنس خالدوف ؛ ترجمة وتقديم، النظرات الفلسفية والاجتماعية السياسية للفارابي / بقلم س. ن. غريغوريان ؛ ترجمة وشرح .

نشر في موقع ايلاف 2014