طارق إبراهيم  ..  جماليات الإضافة والتكوين في الخزف العراقي المعاصر

طارق إبراهيم .. جماليات الإضافة والتكوين في الخزف العراقي المعاصر

د. محمد العبيدي

في عموم أعماله الفنية ثمة أشياء تستوقفنا مثيرة أمامنا تساؤلات عدة تدور حول التقنية التكوينية التي جاءت على أثرها الأشكال البيضوية التي تبينت لنا تمكن الفنان طارق إبراهيم من تحديد

قيمة استقرائه للأشياء ومعاني ارتباطه بها...

ففي أعماله عموما تتولد انطباعات تؤسسها دوافع فنية غنية بمدلولات افتراض الشكل وتكوينه... فأشكاله البيضوية تتنوع إلى درجة التأكيد على تلك القدرة التي يمتلكها الفنان طارق إبراهيم وهو يصف الظاهرة عبر تكوينه المعروض... هذا الكرات والأشكال المضافة فضلا عن ملحقاتها الجمالية من خط ولون أشياء متلازمة في إنتاج العمل الفني.

ولكن هل جاءت الإضافة في أعمال الفنان طارق إبراهيم كاستكمال جمالي يحقق من خلاله الفنان معنى ما.. أم هي فعل مباشر لتأكيد خصوصية العمل الذي يقدمه.. ولكنني لا أعتقد أن هناك تغييرا قد أحدثه الفنان في شكل الإضافة... ولكن ما يحدث هو تحول في حقيقة خضوع المفردة المضافة لآليات العمل بمجمله، فالكرة مثلا في العمل الفني الذي قدمه طارق إبراهيم جاء تظاهرة جمالية على اعتبار أن الشكل البيضوي أكثر الأشكال قدرة لتحقيق نوع من التوازن، لذا نراه قد تكرر في أغلب أعمال الخزافين العراقيين.

كما بدت الاستجابة للشكل البيضوي عبر تكور الشكل العام للعمل وتحديدا بكوره في حركة الحرف (U) والذي ركب تركيبا جماليا شديد الاختزال... بدت هذا الاستجابة لتحرير الشكل الخارجي في هيئة شكل هندسي يصف ظاهرة طبيعية أو موضوعية اختارها الفنان من المشاهدة للمحيط والبيئة. إنها اعتبارات تكون قصدية ومسبقة، تحكم نوعية الجسد الموظف ونوعية الإيماءة المراد التعبير عنها. وفي هذا الصدد نرى أن الأهمية التي تكتسيها مورفولوجية الشكل ونبرة اللون الشذري وبلاغة الإيماءة وإبلاغيتها ، وتقنيات الحرق والاكاسيد اللونية المتوأمة مع اللون الاصفر الذهبي، عززت من اضاءة العمل الخزف بالوصول الى مثالية البلاغ الكلامي وبعد ذلك، لابد من التأكيد على أن لغة العمل ترتكز على تقنيات وقواعد خاصة لفهم دواخل الذات. فهذه التقنيات هي “الطريقة التي يستخدم بها الفنان الخزاف فضاءات العمل بطريقة الاضافة المدروسة لجسد الكلمة من أجل خلق حالات تعبيرية موغلة في التفرد والخصوصية، كأشكال الوضعة والاستخدام الإستعاري للحروف العربية ، جعلت من نبرة اللون، وشكل الجلوس للكلمة، يعود إلى هذه التقنيات لها موقع داخل السجل الثقافي / الاجتماعي الذي يؤوله ويمنحه للفن التشكيلي والفن الخزفي المعاصر.

وعبر فهم الفنان طارق إبراهيم إلى أن فن الخزف له القدرة على الإجادة في تجريد الفكرة واختزالها نراه يظهر من خلال إسلوبه الفني النمو الطبيعي للإحساس بما يدور حوله وبما ينتقيه كفكرة أفرزتها مساحة التكوين المنجز... وهو بعد نمو طبيعي لدراية الفنان بوحدات عمله وثقافته الفنية.

فالصورة خطاب ذكي تخاطب العقل كما تخاطب الإحساس و الوجدان . فخلال تلقينا خطابا بصريا ما، نتمثله وفق ما تقتضيه ثقافتنا، لأن كل صورة هي تعبير أو إحالة بشكل ضمني_ أنتجتها وتلقتها احالة الصورة بصفة مباشرة أوغير مباشرة على المتلقي…. فالصورة تخلق بينها وبين المتلقي شعورا عاطفيا معينا كالإحساس بالشفقة أو البكاء أو الضحك أو الألم … كما تتحدد دلالتها انطلاقا من مجموعة مكثفة من الرموز الصورة خطاب رامز بامتياز، من خلالها نقرأ حياة الجماعة المنتجة لها ونصل إلى الخلفيات الحضارية والإيديولوجية والمستوى التقني الذي بلغته في زمان ومكان محددين. وكل صورة لشيء ما أو مكان ما أو حيوان ما أو شخص ما، هي امتداد له عبر الزمان والمكان، وبالتالي هذه التحديدات بالاضافة والتكوين ماهي الا تعامل منطوق مع العامل الصوري الذي ينشده في التكوين،إذن، يمكن القول إن الشكل الخزفي عنده لغة من اللغات أو هو لغات -حسب أشكال الإيماءات التي يؤديها- لها قواعدها ومنهجيتها الخاصة في إنتاج الدلالات، هذه الأخيرة هي كل ما يقدمه الشكل من طاقات تعبيرية، وهو موضوع اشتغالنا في هذه الفقرات، بحيث نتجاوز هنا الجانب النفعي في فن الخزف إلى ما هو قصدي، ليتبع الخزاف هنا نوع من الاداء الفني التقني تحديدا واعطاء لغة تتوفر فيها كل المعاني في اداء الخطاب بعد ان يوافر للشكل الخزفي عددا من الإمكانات الإيمائية والحركات التي تنشئ لنا دلالات وإيحاءات، لكنه ينشئ هذه الدلالات في سياق ثقافي وحضاري، يتم إدراكها من خلال الحديث عن لغة الشكل د باعتبارها لغة قصدية، فإننا نستبعد كل الحركات والإيماءات التي تكون بمحض الصدفة أوغير مدروسة و الناشئة عن جسدالعمل. ويشكل النظر إلى الجسد من زاوية أنطولوجية مبدأ أساسا في البعد التواصلي، فـ “يمكن أن نبدأ الكلام عن الجسد من الإشكالية الفلسفية التي وضعها (سارتر) أثناء تحديده لمفهوم الآخر، بحيث أصبح الوجود لا يكتمل إلا من خلاله وبالتالي من خلال رؤيته وحكمه وإذن، يعتبر الآخر مكملا لكينونة هذا الجسد وحاملا لإدراك تفاصيله بايجابياته ونقائصه والآخر أساس أيضا لتكتمل عملية التواصل و التلقي.

وبعد ذلك، لابد من التأكيد على أن لغة الجسد ترتكز على تقنيات وقواعد خاصة لفهم دواخل الذات. فهذه التقنيات هي “الطريقة التي يستخدم بها الفنان شكل جسد العمل الخزفي من أجل خلق حالات تعبيرية موغلة في التفرد والخصوصية، كأشكال الوضعة والاستخدام الإستعاري للاشكال الهندسية ..