من تاريخ الحركة الوطنية في الاربعينيات..عصبة مكافحة الصهيونية .. كيسف تأسست وكيف أغلقت ؟

من تاريخ الحركة الوطنية في الاربعينيات..عصبة مكافحة الصهيونية .. كيسف تأسست وكيف أغلقت ؟

هاجر مهدي النداوي

وفي أثر تقديم طلب تأسيس العصبة ومنهاجها إلى وزارة الداخلية ، بدأت الهيئة المؤسسة تمارس نشاطها ، فقد قابلت مسؤولي الدولة على مختلف مستوياتها السياسية ، وسجلت لهم أحداث تساند فكرة تأسيس العصبة وتندد بالصهيونية ومن يساندها ،

وفي هذه الأثناء قدمَ المؤسسون بعد أيام من اجازة العصبة طلباً لمنحهم إجازه إصدار جريدة يومية بــاسم (العصبة ) تكون لسان حال العصبـة ، وقـــــد أحرج هذا النشاط الحكومة وجعلها في موقفين لا ثالث لها فإما أن تجيز العصبة ، وهي تعرف أن أغلب مؤسسيها من الشيوعيين فتقع في ورطة نشاطهم وحركتهم التي ستكون وبالاً على السلطة وأسيادها ، وأما أن ترفض الطلب وبالتالي ستكون متواطئــة مــــع الصهيونيـــة أمام الشعب .

أبدت الجهات الرسمية تحقيقات حول الطلب ، ولكن العصبة تصرفت وكأنها مجازة فعلياً فأصدرت في الثاني من تشرين الثاني عام 1945 بياناً بمناسبة (يوم وعد بلفور)الذي تضمن إقامة وطن لليهود في فلسطين أكدت فيه أن الإمبريالية تهدف من وراء وعودها إلى تثبيت نفوذها وزيادة امتيازاتها على حساب الشعوب، وأشارت العصبة إلى اتفاقية (سايكس بيكو) المعقودة بين فرنسا وبريطانيا والتي قسمت البـــلاد العربيـــة فيمـــا بينهـــــا ، الأمـــر الذي لفــت أنظــار السلطــــات فسـارعت لاعتقال أعضائها إلا أن محكمة الجزاء العليا ببغداد أفرجت عنهم لأنهم لم يتجاوزوا القانون.

أدت هــذه التطورات إلــى تقديم فهد مــذكرة فــي 21 تشرين الثاني عــام 1945إلى رئيس الوزراء حمدي الباجه جي احتجاجاً على عرقلة الحياة الديمقراطية في البلاد ، وقد تزامن مع طلب ممثلية العراق في لندن في وزارة الخارجية لإيجــاد جمعيـة يهوديــة لمكــافحـة الصهيونية في فــلسطين تعرف بـاسم( لجنة التحقيق الإنجــلو- أمــريكيــة ) .

وبعد اتصال الخارجيــة العراقيـــة بـــوزارة الداخليــــة واعلامهـــا بالأمر، أضطرت الحكومة إلى إجازتهــا في 16 آذار 1946 قبيل قيام لجنـــة التحقيق الدوليـة(الإنجلو- أمريكيـــة) بزيــارة العــراق ومنحت امتيـــاز إصدار جــريــدة ( العصبــــة ) فـــي 7 نيســــــان 1946، وكتب فهد فيها سلسلــــة مقــــالات ضد الصهيونيــة نشرت فيمـا بـعد بعنوان (نحن نكافح من اجـــل من ؟ وضد من نكـــافح )تناول فيهـــا جذور الصهيونيـــة وطابعها العنصري والعلاقة العضوية بين الصهيونية والامبريالية ، ومؤامرتها على شعب فلسطين وحركة التحرر الوطني العربية وتواطؤ السلطات الحاكمة مع المؤامـــرة ومستلزمــات التصدي لــهــا .

تواصلت العصبة وجريدتها بالسعي لتحقيق التضامن مع الشعب الفلسطيني وتواصلت مقالات فهد الصادرة من جريدة العصبة لضرورة دعم الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبذلك كان نشاط العصبة دؤوبا وصعباً ، فقد تناولت في بياناتها الصهيونية والسياسة الاستعمارية تجاه فلسطين والهجرة اليهودية و كشفت عن زيــف لـجنة التحقيق الإنجلو-أمريكية التي كــانت تــهدف إلــى المماطلــة والتسويف واشغال العرب عن قضيتهم بقصد دعم الصهيونية وتثبيتأقـــدام المستعمـرين فــــي فــلسطين والبـــلاد العربيـــــة.

ومن هذا المنطلق دعا فهد ومن خلال العصبة إلى مقاطعة لجنة التحقيق موضحاً سبب المقاطعة أن مشكلة فلسطين من صنع الاستعمار ، وأن من يمثل هذه اللجنة هم أقطاب الاستعمار وبسبب تكثيف جهودها لجعل يوم 10 آيار 1946 يوم تظاهرات عامة ضد قرار لجنة التحقيق بشأن تقسيم فلسطين ، فــأيقنت الــحكــومــة أن عصبــة مــكافحــة الصهيونيــة بــعد مــقـاطعتهـــا للجنــة التحقيــق تسير غير الطريق الذي أجيزت من أجله .

وبعد اتصال الخارجيــة العراقيـــة بـــوزارة الداخليــــة واعلامهـــا بالأمر، أضطرت الحكومة إلى إجازتهــا في 16 آذار 1946 قبيل قيام لجنـــة التحقيق الدوليـة(الإنجلو- أمريكيـــة) بزيــارة العــراق ومنحت امتيـــاز إصدار جــريــدة ( العصبــــة ) فـــي 7 نيســــــان 1946.

ازداد غضب الســلطة مــن نشــاط عصــبة مــكافحــة الــصهيونية كـونهـا أصبحت مــقراً رسمياً للهيئة المؤسسة لحزب التحرير الوطني الذي رفضت إجازته بوصفه واجهة علنية للحزب الشيوعي العراقي ، لذا وجدت السلطة فرصتها وخصوصاً بعد إضراب 10 آيار 1946 الذي عدته فرصة لضرب العصبة والتحرر الوطني فبدأت تراقب تحركاتهم وعند محاولتهم القيام بمظاهرة بمناسبة اجتمــــــاع بلـــودان فـــي حـــــزيـــــران عـــام 1946 للبحــث فـــي القضيــــــة الفــــلسطينيـــــة أصدرت أمراً بغلق العصبة في 6حزيران 1946 ، وقد تعرضت العصبة في تلك المدة التي أعقبت غلق صحيفتها إلى حملة عنيفة من التشهير والافتراء واتهمت بأنها تخدم الصهيونية وتثير الشغب ، و صادف قيام العصبة بتنظيم مظاهرة في 28 حزيران 1946 خطط لها وأشرف عليها فهد وكانت نتيجتها مقتل ( شاؤول طويق ) أحد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وجرح أربعة شيوعيين بعد إطلاق النار عليهم من قبل الشرطة .

وبحسب بيان العصبة في 30 حزيران عام 1946 أوضحت أن الشرطة فاجأتهم صباح يوم السبت المصادف 29 حزيران عام 1946 محاولة إرغامهم على سحب إجازة العصبة ، وأعلمتهم الشرطة أن قرار سحب الإجازة قد صدر يوم 27 حـزيران عام 1946 فكان جـواب العصبة الـرفـض التام ، موضحين أن الـعصبةليست ملكاً لجهة انما هي ملك الجماهير تحت لواء العصبة وأهدافها ، إلا أن وزارة الــداخليــــة أصدرت فــــي 29 حزيران عام1946اصدرت قراراً نصَ على إغلاق العصبـــة واعتقال قادتها وذلك عقب تظاهرة 28 حزيران عام 1946 عندما قامت الشرطة بغلق العصبــة ووضــع الحرس في بابها ومنع الدخول اليها واعتقال قادتها واحالتهم للمحاكمة ، فحكم على يوسف هارون زلخــة ونسيم حسقيــل ومحمد حسين أبو الــعيس بالــحبس أربــع سنـــوات .

عن رسالة (يوسف سلمان يوسف «فهد» ودوره السياسي والفكري في العراق)