الدكتور سعدون العبيدي: أشعر بالارتياح للامكانات المتطورة للجيل الحالي في مجالات الفن عامة

الدكتور سعدون العبيدي: أشعر بالارتياح للامكانات المتطورة للجيل الحالي في مجالات الفن عامة

شدوان مهدي يوسف

فنان رائد ومتألق مارس التمثيل باحترافيةعالية واستثمر اشتغاله الطويل في المسرح نظريا وعمليا في تقديم كل ما بوسعه لخدمة الدراما العراقية... وبرغم وضعه الصحي الذي يحتاج الى رعاية خاصة الا انه مازال يواصل عطاءه.. التقيناه فكان هذا الحوار القصير:

*بعد خبرتكم الطويلة ،ماهو وصفكم للجيل الصاعد من الممثلين؟

- طبيعة الحياة هي التطوروالانسان جزء مهم من هذه الحياة ،فهو ذاته وبفعل وجوده واستمراريته محكوم بالتطور ،والحياة التي نعيشها اليوم تختلف عما كانت عليه قبل اجيال وقرون .ان الافكار التي يمتلكها الفرد في المجالات الثقافية والعلمية قطعت اشواطا مذهلة ،وستختلف حتما في المستقبل ،فهي ايضا محكومة بتطور التكنولوجيا التي هي من صنع الانسان ذاته،لذا فمن الطبيعي ان تأخذ الاشياء صورا جديدة وترتقي سلم الصعود الى مساحات اوسع،ولعل الفنون بانواعها هي احدى تلك الفردات التى تقع ضمن تلك المساحات ،فالمسرح ،الموسيقى والتشكيل مثلا ،وحتى الادب جميعها مرت بنفس الاتجاهات والمدارس وتوسعت بسبب التطور الحاصل والعطاءات المبتكرة المتجددة الخلاقة ،فالادب من شعر وقصة ورواية ومسرحية،وغير ذلك اتخذت مسارات مختلفة ومتعددة وخرجت من حدود القالب ا لذي كانت تعيشه سابقا ،لذا فان الجيل القادم والجيل الذي سيليه يكون لبنات جديدة مبدعة تضاف الى اللبنات وضعها اباؤهم واجدادهم في مختلف الاتجاهات .اني اشعر بالارتياح لما المسه واراه من امكانيات متطورة وخلاقة بالنسبة للجيل الحالي في مجال الفن عموما والمسرح خصوصا .ولا اقصد بكلامي هذا الاتجاهات التهريجية الهزيلة التي اساءت كثيرا الى مسيرة مسرحنا الملتزم ،فالممثل يجب ان يعرف ويحترم ما يقوم به امام المشاهد.

*يقال ان المخرج المسرحي نرجسي،ماذا يقول العبيدي؟

- ويقال عني ايضا ،اني على العكس من ذلك ..ان الانسان منذ الخليقة وحتى يومنا هذا يحاول ان يتفوق في اعماله على الاخرين،ويسعى لان يضيف نقاطا جديدة مضيئة لعمله .. لكن النرجسية اذا ماطغت على الفرد فانها تدمر جميع مساعيه الخيرة وطموحاته ،اما الدفاع عن الحق والاصرار على تنفيذ اي شي يفيد المجتمع،فهذه حالة يجب ان تتوسع لدى الانسان ..انني أؤمن عندما اقوم باخراج أي عمل مسرحي بالاجواء الطبيعية الديمقراطية البعيدة عن الافتعال،واجتهد في مشاركة الاخرين في تعميق الصورة وتفسير بواطنها التي هي اساسا مهما في البناء الفني .

*لم يتم التذكير بالمسرح الاوربي؟

- لعل المسرح الاوربي ،وفي مقدمته المسرح الانكليزي ، وبالذات مسارح العاصمة البريطانية لندن تحتل المقدمة بين مسارح العالم.فمدينة لندن لوحدها تضم اكثر من خمسين مسرحا ،وهذا يعني بان الرقعة الواسعة في هذا المجال تجذب اليها آلاف المشاهدين يوميا.هناك مسرحيات يستمر عرضها اكثر من خمسين عاما ..ان المسافة في هذا المجال ستبقى واسعة بيننا وبينهم لعشرات السنين .فمنذ ان كنت طالبا ادرس المسرح في لندن قبل اكثر من نصف قرن وبالتحديد عام 1958كنت اتمنى ان ارى مسرحنا وهو يخطو حتى خطوة واحدة الى امام كي يطرق حدود وتنظيم مسارح انكلترا.

*ماالذي يمثل اسلوبكم في الأخراج عن سواه؟

- جمالية التكوين ،هذه الصفة في المسرح تدخل ومن دون شك فكر وقلب المشاهد ،لذا فاني اعتمدها في المسرح والفنون الاخرى.

*هل حقق العبيدي ذاته الابداعية في المسرح،الرسم وفي التمثيل ؟واي مجال هو الاقرب لكم ؟

- لا اعتقد ،فالمسافة تبقى طويلة لبلوغ هذا الهدف ،فمهما اجتهد الفنان وقدم من إبداع في العطاء ،فهو لابد ان ينشد المزيد . اما اقرب المجالات الفنية لي فهو المسرح لانه يضم تحت عباءته جميع الفنون.

*كيف تنظر للانسان؟

- الانسان مخلوق مفكر مبتكر مبدع ،مزيج بين الخير والشر ،يحمل بيده غصن زيتون ، وباليد الاخرى يحمل قنبلة.

*وكيف تنظر للممثل؟

- يتصدر مع المبدعين الصف الاول في مسيرة الحياة ،انه الفاهم المتميز،الكبير الذي لايتوقف عن العطاء .وهبه الله قدرة التفسير والتوصيل والعطاء.

*اجمل ذكريات الطفولة؟

- تلك الذكرى التي لا تمحى من خاطري .. عندما كنت طفلا في السابعة من العمر كنت معجبا برجال المظلات الشجعان وهم يقفزون بمظلاتهم من الطائرات ،كنت اشاهدهم في الافلام الحربية .فكرت ان اقوم بتقليدهم لاصبح بطلا مثلهم.تسللت الى الغرفة التي توجد فيها مظلة ابي ،اذ كان يستعملها اثناء المطر في فصل الشتاء.. تناولتها من مكانها وخرجت بها الى صحن الدار.كان الوقت ظهرا والجميع نيام في قيلولة الصيف ،عدا اختي التي تكبرني بثلاثة اعوام ،طلبت منها ان لا تبوح بالسر لاحد وتقوم بمساعدتي وبعد موافقتها ومعرفتها بما ساقوم به .قمنا بجلب منضدة اخرى اصغر حجما واخيرا وضعنا فوقها كرسيا ليكون الارتفاع مناسبا للعملية ،بعد ذلك تسلقت المرتفع بحذر ،ثم امسكت بالمظلة وفتحتها وقفزت بها عاليا بالهواء بعد ان اخذت نفسا عميقا .. بعد لحظات وجدت نفسي ساقطا رأسا على عقب ، لقد تساقط كل شيء فوق جسمي وتمزقت المظلة بشكل غريب .. وهكذا فشلت في تحقيق الامنية المتعلقة برجال المظلات . لكنها مع ذلك تبقى محاولة جريئة رغم فشلها.

*اجمل هدية حصلتم عليها ،وايهما تفضلون المادية ام المعنوية؟

-أجمل هدية حصلت عليها ،هي عندما كنت طفلا في الثانية عشرة من العمر اذ اشترى لي والدي دراجة هوائية بعجلتين . كنت اتباهى بها امام اصدقائي وانا أجول بها في زقاق الحارة .. وقبل تخرجي من معهد الفنون الجميلة أهدى لي استاذي الراحل حقي الشبلي كتاب(الادب الفرنسي في عصره الذهبي)كما اهدى لي استاذي الراحل صفاء مصطفى كتاب (كاترين) وهو يضم مسرحية طويلة بخمسة فصول وذلك بمناسبة اصداري كتاب (مجموعة مسرحيات) الذي يضم ست مسرحيات ،عام 1957اما من ناحية الهدايا المعنوية والمادية ،فكل هدية لها نكهتها الخاصة واثرها في النفس.