رواية سولجنيتسين  يوم واحد من حياة إيفان دينسوفيتش

رواية سولجنيتسين يوم واحد من حياة إيفان دينسوفيتش

تحسين رزاق عزيز

يروي لنا سولجنتسين في هذه القصة الطويلة يوماً من حياة شوخوف إيفان دنيسوفيتش المعتقل في المعسكر من جرس النهوض حتى جرس الانصراف، أمور كثيرة عرضها علينا الكاتب في هذا اليوم الطويل من الساعة الخامسة صباحاً حين ينهض المعتقلون. هذا اليوم الذي لا يختلف كثيراً عن تلك الأيام الطويلة الثلاثة ألاف وستمائة وثلاثة وخمسين يوماً التي قضاها شوخوف إيفان دنيسوفيتش في المعسكر بلا ذنب. ويتذكر دائماً كيف خرج أخر مرة من بيته في الثالث والعشرين من حزيران سنة 1941. وكم يتمنى العودة إلى الكلخوز (المزرعة التعاونية) وإلى منزله.

وصف سولجنتسين حياة المعسكر بكل تفصيلاتها وعلاقة شوخوف بالمعتقلين الآخرين وخروجهم للعمل في معسكر الأشغال الشاقة وعلاقة المعتقلين بقسم التوجيه السياسي وبالمشرفين وعرفاء المجموعات وكيف كان يعمل المعتقلون بجدية طيلة سنوات الاعتقال رغم البرد القارس وقلة الطعام والاهانات التي كانوا يتعرضون لها.

"... كُتِبَ في إضبارة شوخوف أنه أعتُقِلَ على خيانته للوطن، وانه إعترف، فعلاً، بتعمده الوقوع في الأسر، لكي يخون الوطن، وأنه عاد من الأسر لتنفيذ المهمة التي كلفته بها الأستخبارات الألمانية. ولكن لا شوخوف يعرف ما هي المهمة ولا المحقق..." . أسباب أعتقال الآخرين شبيهة بأسباب إعتقال شوخوف يبدو لنا إيفان دنيسوفيتش لوهلة الأولى سجيناً إعتيادياً. لكن فيما بعد نعرف كم هي قوية شخصيته، وانه محب للمعرفة وحصيف العقل، يراقب كل شيء بحذر، وذومباديء أخلاقية عالية.

قضى إيفان دنيسوفيتش ثمان سنوات كاملة في السجن وبقي له القليل لكنه لا يعرف هل سيطلق سراحه أم يُبعَد الى المنفى. وهولا يعرف أين الأفضل له في المعسكر ام في المنفى.

أمنياته بسيطة فهو يَحسَبُ المساء سعيداً، إذا عادوا من الشغل، ولم تكن فرشاتهم مقلّبة، منكوشة، ... فهذا يعني أن العسس لم يفتشوا القاعات في غيابهم. أما أذا أستطاع أن يحصل على وجبة أحد المعتقلين الذين يحصلون على رزم أكل من أهاليهم عن طريق البريد فهذا يعني له غاية السعادة.

يصف لنا سولجنتسين في نهاية القصة كيف " ...إستسلم شوخوف إيفان دنيسوفيتش للنوم برضى تام، قد حقق نجاحات كثيرة اليوم: لم يرموا به في الزنزانة الأنفرادية، ولم يسوقوا مجموعته للعمل في المدينة الأشتراكية، وفي الغداء سد رمقه ببعض العصيدة، وحقق عريف مجموعتهم معدل العمل المطلوب منها، وقد رَصَّ الجدار بمزاج طيب، ولم يعثروا على شفرة المنشار معه أثناء التفتيش، وفي المساء كسب من عند سيزر، وأشترى روايتبغاً، وغالبَ نفسه، ولم يمرض. مضى يوم لم يعكر صفوه شيء، ويكاد يكون سعيداً..."