من تاريخ النشاط الآثاري..كيف تم إحياء الآثار الأسلامية في بغداد ؟

من تاريخ النشاط الآثاري..كيف تم إحياء الآثار الأسلامية في بغداد ؟

وائل جبار النداوي

بدأت مديرية الاثار العامة عملها بترمیم المدرسة المستنصریة منذ عام ١٩٥٢ فقد تمت صیانة الواجهة الشرقیة للأستفادة من غرفها ،ونظفت الواجهة الشمالیة من خلال عملیة حفر أساساتها،وشكل مواد البناء تحت اشراف الدكتور طه باقر .وقدم تقریا ر حول أنفاق الأموال اللازمة من أجل القیام بعملیة صیانة تلك المدرسة.

وفي الخامس والعشرین من تموز عام ١٩٥٣ خصص مبلغ خمسة آلاف دینار لإكمال الجناح الغربي بطابقیه، وٕاعادة الواجهة الشمالیة على الشكل المناظر لها في الواجهة الجنوبیة، وستارة المسجد غیر داخلة ضمن أعمال الكشف لضعف المعالم المتبقیة من ذلك المسجد، وفي السادس والعشرین من تموز عام ١٩٥٣ تمت الموافقة على أنفاق المال المرصد كما بینت لجنة الكشف . طلب طه باقر من وزارة المالیة في الثلاثین من أیلول عام ١٩٥٣ عدم أمكان إرساء أعمال صیانة تلك المدرسة بطریقة المناقصة. و من واجب مدیریة الآثار القیام بتلك الأعمال وتعذر علیها تنظیم خرائط ومواصفات العمل المذكوربغیة وضعه في المناقصة، بالنظر لطبیعة ذلك العمل بأعتبار أن ماهیة أعمال الصیانة بالذات لا یمكن تقریرها إلا بعد أجراء التحریات الفنیة كالحفریات في البنایة وٕ ا زالة الأقسام المستحدثة منها لأظهار معالمها القدیمة والرجوع إلى المراجع الآثاریة والتاریخیة والاسترشاد بتاریخ العمارة الإسلامیة وعلى غرار ذلك تم بناء

ذلك الأثر المهم ، ولابد من الأشارة إلى أن عمل مدیریة الآثار كان بطریقة الأمانة) أي أن مدیریة الآثار مخولة من وزارةالمالیة من أجل سحب الأموال اللازمة لغرض أعمال الصیانة بصورة أمانة ومدیریة الآثار یكون دورها منجزة لتلك المشاریع ) ،وذلك دلیل قاطع على نزاهته وٕاخلاصه في العمل وحرصه على إبراز ا المعالم الأصلیة للآثار العراقية. وبقي العمل مستمرا في صیانة تلك المدرسة، وتم أفتتاحها في التاسع من تموز عام1960.

وبالرغم من ذلك بقیت أعمال الصیانة في تلك المدرسة ولاسیما جدرانها وأعید جزء من دار القرآن الذي كان جزء من المدرسة المستنصریة وحاولت مدیریة الآثار منذ عام ١٩٦٢ صیانة جامع الآصفي ولاشك أنه فوق دار القرآن المذكورة وهدفت المدیریة إلى أعادة تلك الدار إلى حالتها الأصلیة.

قامت مدیریة الآثار بالترمیم في القصر العباسي، منذ عام ١٩٣٤، وفي عام عام ١٩٤٢ وضعت مدیریة الآثار خطة واسعة لأعادة بناء ذلك القصر، فأخذت التحف العائدة للقصر ونقبت عن بعض التحف المفقودة، وفي حالة عدم العثور علیها فإنها اضطرت إلى شراء بعض التحف على غرار تلك التحف المفقودة، ووضعت في مخزن المتحف تحت أشراف طه باقر في السابع من نیسان عام ١٩٥٦،والهدف من تخزینها هو أعادتها إلى القصر بعد أنتهاء أعمال الصیانة .

فاتح طه باقر بتاریخ 30/7/ 1956 وزارة الدفاع بشأن عدم أنشاء أي بناء جديد على الرصيف الا بترك مساحة ٣٥ــ 40 امام واجهة المدخل الاصلي لبنایة القصر العباسي، ولاسیما أن تلك البنایة في ذلك الحین ملاصقة لبنایة مجلس الأمة وأشرف بنفسه على ذلك البناء، وكان هدفه أعادة المظهر اللأئق للبنایة التاریخیة كما كانت من قبل .وأهتم بإعادة بناء العقدات المزخرفة في جانبي الإیوان الكبیر ورممت وأصلحت الأسس المهدمة والمداخل الكائنة حول الباب الأصلي، وأعیدت زخارفها وتم أصلاح المشوه منها وبنیت الأجزاء المفقودة في الإیوان الكبیر ثم أخذت تلك البنایة متحفا للآثار الإسلامیة بعد أن ضاقت بها دار الآثار العربیة ( خان مرجان). بسبب المیاه التي نبعت من أرضیة القسم الأسفل من البنایة وكادت تتلف الآثار المعروضة فیها .

أما خان مرجان) فقد عمل بصیانته منذ عام 1942 وكذلك الحال مع الجامع الكبیرفي الموصل ، ثم تخلیص الزخارف العائدة لذلك الجامع من الأملاح، وكذلك الحال مع الزخارف العائدة للخان، وصیانة أبواب القصر والزخارف الموجودة علیها. وسعت المدیریة العامة للآثار للمحافظة على البناء القدیم وقد أنشأت ثلاثة سلالم في ذلك الخان وغرفتین تؤدیان إلى القاعة الكبرى ، ودفن وتسویة الغرفتین والقاعة الكبرى، وتبلیط الطرق المؤدیة إلیها. وكذلك الحوض الكبیر عند بدایة مدخل الخان، وٕاعادة صیانة المدخل ومعالجة تسرب میاه الأمطار، وتم تنصیب الزخارف بعد عملیة معالجتها ودفنت الغرف الباقیة التابعة للخان و البالغ عددها تسع غرف بالتراب المنقول من جامع مرجان ورممت الغرف والسلالم المؤدیة إلیها.

كشفت الحفریات القائمة في القلعة القدیمة (وزارة الدفاع) عن مخزن للعتاد الحربي واحتوى على كرات المدافع من جمیع الأحجام ومنها الك ا رت المتصلة بالسلاسل ، ومنها الكرات ذات الطلقة الواحدة ومنها الطلقات الاعتیادیة المصنوعة من الحدید المسبوك على قدر الكرة وفیه قذائف حجریة كبیرة الحجم بلغت الواحد منها ثلاثة أضعاف حجم القذائف التي تستعمل في المدافع الأخرى وتبین أنها مصنوعة في القرن السادس عشر، وتحدیدا في عهد سلیمان القانوني.

تسلم ذلك المخزن طه باقر من أجل تهیئته وعرضه في المتحف العراقي ،وسعى لانجاز كافة الترمیمات الضروریة لمنارة سوق الغزل والمسمى سابقا ( جامع الخلفاء)، وتضمن ذلك عمل سلما حدیدیا مع أنشاء رصیف من الكونكریت حول المنارة ، وتهیئة حدیقة الشمس ونظمت الطرق المؤدیة لها ،وكان الهدف من ذلك الترمیم المحافظة على أصالة البناء القدیم مهما كانت التكلفة .ا شرف على صیانة مرقد الشیخ عبد القادر الكیلاني وعندما أقامت مدیریة المتحف بعملیة الكشف على المرقد المذكور، فتأكد لها وجود قنادیل ذهب وفضة كثیرة في تلك البنایة غیر مصورة ورفعت لجنة الكشف أقتراح تصویرها ووافق على ذلك الأمر، ووافق نقیب الأشراف في بغداد من أجل اجراءعملیة تصویر ذلك المرقد بما فیه من نفائس ،وبالإضافة إلى ذلك أشرف على صیانة قبة مرقد الشیخ عمر شهاب الدین السهروردي وبینت لجنة الكشف من خلالها تقریرها الذي رفعته إلیه التصدعات الموجودة في تلك القبة وأسبابها وألیة معالجتها في الثامن من كانون الأول عام ١٩٦٢.

عن رسالة ( طه باقر وجهوده في الاثار والتاريخ