مجلة (قرندل) وحاكم سوريا حسني الزعيم سنة 1949

مجلة (قرندل) وحاكم سوريا حسني الزعيم سنة 1949

عبد الرزاق الهلالي

من ذكرياتي في الاربعينيات ، اسهامي في تحرير مجلة (قرندل) التي كان يصدرها صديقي الاستاذ صادق محمد الازدي الذي عرفته منذ بدأت بكتابة سلسلة مقالات على صفحات جريدة (الاخبار) التي كانت يرأس تحريرها، تحت عنوان “صور واحاديث اجتماعية” وكان ذلك في الاربعينيات. فلما اصدر مجلة (قرندل) الهزلية، كنت واحداً من المشاركين في كتابة المقالات والتعليقات والطرائف فيها، لكنني كنت انشر دون ان اضع اسمي على المقال.

وبعد تعييني في دائرة التشريفات الملكية لم انقطع عن الكتابة في “قرندل”، ولم انقطع عن التعاون مع صاحبها، بل ان نشاطي الصحفي ازداد في عهد وزارة مزاحم الباجه جي، وبعده حيث حفلت صفحات المجلة بالكثير مما كنت اكتبه من شعر ونثر.

وقد يكون من الطريف ان اذكر، انني كنت احرر بشكل ثابت باب (خفايا القصور واسرار القبولات) الذي كان ينشر بتوقيع (ليلى) اعتباراً من 4 / 3/1948.

مجلة “قرندل” وحسني الزعيم

تولى حسين الزعيم ادارة الحكم في سوريا بعد انقلابه العسكري يوم 30 اذار 1949.. وبعد ان افاد من مساعدات العراق لسوريا، قلب للعراق ظهر المجن، فتأزم الوضع بين القطرين وشنت الصحف السورية حملات شعواء ضد العراق.

وكانت مجلة “قرندل” تتصدى لتلك الحملات، بجملة مواضيع ومقالات يكتبها عدد من الكتاب السياسيين، ومنهم الاستاذ علي حيدر الركابي الذي نشر سلسلة مقالات اسبوعية بتوقيع تقي الدين البصري، وكنت ايضا من بين الكتاب الذين ينشرون باسم مستعار في المجلة.

ومن الطريف ان اذكر ان البعض تصور انني كاتب المقالات التي نشرت بتوقيع تقي الدين البصري وليس علي حيدر الركابي ، وتعرضت بنتيجة ذلك لاطراء واستحسان البعض، وللهجوم من البعض الاخر ومن بينهم احد الصحفيين الضالعين في ركاب جهة معينة.

وكان حسني الزعيم مشهورا بكثرة القابه التي يتفاخر بحملها، فاضاف اليه الاستاذ علي حيدر الركابي في مقالاته تلك لقب (قشمريس) فشاع اللقب وانتشر بين الاوساط الصحفية والشعبية.

سفير العراق.. وقشمريس!.

كان الدكتور ابراهيم عاكف الالوسي، يشغل منصب سفير العراق في سوريا. وقد روى لي يوماً ما دار بينه وبين حسني الزعيم من حوار حول لقب “قشمريس” فقال:

«الواقع انني لم اكن اقرأ مجلة “قرندل” وما كانت تنشره عن حسني الزعيم، لكنني استدعيت ذات يوم على عجل الى القصر الجمهوري في دمشق، فاسرعت وانا اضرب اخماسا باسداس عما يكون البب وراء استدعائي.. فلما دخلت على حسني الزعيم وجدته في حالة شديدة من العصبية والهياج، وقد بادرني بان رمى بعدد من مجلة “قرندل” على المنضدة التي امامه وهو يصيح:

- هل انا “قشمريس”؟

ولما لم اكن افهم ما يقول قلت:

- حاشا لله، ما هو الأمر؟

قال:

- الم تقرأ مجلة “قرندل” التي تصدر في بغداد؟

قلت:

- لا، ماذا تضمنت يافخامة الرئيس؟

فناولني العدد قائلا:

- خذ.. اقرأ ما تقوله عني.. هل انا “قشمريس” هل انا “قشمريس”؟

ولما قرأت المجلة، وعرفت المقصود، حاولت ان اداري حراجة الموقف، فقلت:

ان هذه المجلة وان كانت تصدر في بغداد، الا انها ليست واسعة الانتشار، وهي لا تمثل الحكومة لا من قريب ولا من بعيد. ان الصحافة في بلدنا لا تخضع للقيود. ثم ان موقفها هذا لا يختلف كثيرا عن موقف بعض الصحف التي تصدر في دمشق، والتي تهاجم الشخصيات السياسية في العراق.

بعد ان اكملت كلامي رأيت ما يدل على انه هدا قليلا وطلب الي ان انقل رأيه في المجلة الى حكومتي لتقوم بوضع حد للموضوع.. فوعدته ان افعل..

وقد خرجت من مكتبه وبي شوق شديد للحصول على الاعداد الصادرة من المجلة والاطلاع عليها.»

كان ذلك ما رواه لي الدكتور ابراهيم عاكف الالوسي عند حضوره الى بغداد لمقابلة الامير عبد الاله.

من ( ذكريات الراحل عبد الرزاق الهلالي)