هل تذكرون الفنان الكوميدي فاضل جاسم؟

هل تذكرون الفنان الكوميدي فاضل جاسم؟

إعداد: ذاكرة عراقية

في تاريخ الفن العراقي الكثير من الاسماء التي لفها النسيان وشابها العقوق والنكران، وقد ذكرنا في ملحقنا هذا العديد من هؤلاء المنسيين الذين كانوا ملء العين والسمع، وتركوا من الذكريات الشيء العزيز، ومن هؤلاء الفنان الراحل فاضل جاسم الذي يعد من الفنانين العراقيين الذين قدموا و تركوا بصمة على الساحة الفنية العراقية لادواره الشعبية والكوميدية وبطريقته الالقائية المحببة..

ولد الفنان القدير «فاضل جاسم» عام 1941 في جانب الكرخ ببغداد باسرة معروفة بمهنها الشعبية، وترعرع في محالها الفحامة والفلاحات والمشاهدة وتدرج في الدراسة في مدارس الكرخ وتخرج فيها حتى اصبح من خريجي معهد الفنون الجميلة في ستينات القرن الماضي.

كان الفقيد عضوا في فرقة 14 تموز و أحد مؤسسيها وقدم الكثير من الاعمال المسرحية فيها منها:

- الدبخانه

- جفجير البلد

- اللي يعوفه الحرامي

- جزة وخروف

- أمشي ورا ممشاك

- العين بصيرة و اليد قصيرة

- الطاسة و الحمام

- نداء الليل

- العب بكيفك

عرف عند الجمهور العراقي باسم “ابو جوقي” قدم العديد من الاعمال مسرحية التي مازالت عالقة في ذاكرة الناس سواء مع الفرقة القومية للتمثيل او مع فرقة 14 تموز، و شارك في العديد من الأعمال أعمال الفرقة خصوصًا برنامج “مع الخالدين” الذي كان يعده الراحل عزيز شلال عزيز و قدمت اكثر حلقات البرنامج على الهواء مباشرة

يعد واحدًا من مؤسسي الفرقة القومية للتمثيل، كما برع في ادوار كثيرة اهمها (مجالس التراث / حرم صاحب المعالي / ابو الطيب المتنبي / نديمكم هذا المساء / الشريعة و غيرها،وقد شكل ثنائيًا جميلًا مع الفنان قاسم صبحي في اكثر اعمال فرقة 14 تموز، ويؤكد زملاؤه الفنانون أنه فنان انساني بكل معنى الكلمة، وهو ممثل مبدع وكبير ويتميز بمواقفه الكوميدية التي قربته من الناس في الازمان المختلفة

كما شارك في العديد من الاعمال السينمائية منها (الرأس / ستة علي ستة / الفارس و الجبل / عمارة 13 / المسألة الكبري / التجربة / الملك غازي).

فاضل جاسم شارك في عدة مسلسلات تلفزيونية و اذاعية منها (وراء الأبواب / صفر زايد صفر ناقص / نفوس مهمشة / ظرفاء ولكن / الهاجس / ذئاب الليل ج1 / الحواسم / سايق الستوتة / زمن حيران / رياح الماضي / المسافر / ايام التحدي / بشاير / حباري / حصاد البساتين / رجل فوق الشبهات / طرقات الليل / عشاق / قيس و ليلي / ناس من طرفنا / الصفعة / اعالي الفردوس / أشهي الموائد في مدينة القواعد / رحلة مسعود العمارتلي / ايام الاجازة / أحلي الكلام / ناظم الغزالي / حكايات المدن الثلاثة / مناوي باشا ج 1و2 / عالم الست وهيبة / شموع خضر الياس / غاوي مشاكل / المقتفي لأمرالله / بيتنا و البيوت الجيران / حكايات المزرعة / السرداب / باشوات اخر زمن / سبع صنايع و البخت ضايع / خطوط ساخنة / لاوقت للشفقة / من يطرق باب الليل / وجهة نظر / الصفقة و غيرها من اعمال. ومن آخر أعماله الفنية مسرحية السوق وإطراف المدينة ومقامات أبو سمرة وكانت مسرحية عوافي هي آخر أعماله عام 2002.

وعلى الشاشة الصغيرة فقد شارك في مسلسل سائق الستوتة (كضيف شرف) من بطولة الفنان قاسم الملاك وإخراج جمال عبد جاسم وهذا ايضا آخر عمل تلفازي قدمه الى الجمهور عام في رمضان 2011

توفي رحمه الله يوم الاثنين 27 اب 2012 اثر أزمة قلبية بعد ان عانى من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم المزمن ما جعله يعيش بعزله عن الوسط الفني خلال السنوات الأخيرة من حياته بعد أن أصابه العمى.

قال عنه الفنان الراحل قاسم صبحي: “في فاضل جاسم صفات مشتركة اسهمت في نجاحنا معًا من خلال اقبال المخرجين على اسناد ادوار قريبة من بعضنا في اطار كوميدي دغدغ قلوب المشاهدين منذ اكثر من عشرين عاماً، فضلاً عن حماسة الراحل خليل الرفاعي في كتابة قصص قريبة من الواقع العراقي الشعبي، ووجد في كلينا رسالة مهمة بسيطة تمثل مجتمع الطيبة والوفاء والغيرة حولها الى اعمال ناجحة بعدما وصل انسجام الراحل معي نفسيًا وروحيًا وفكريًا الى درجة الكمال بحيث صار يفهمني بالاشارة والايماءة من دون ان نتفوه بكلمة واحدة”.

واضاف: “خسرنا فاضل جاسم الإنسان الطيب والفنان العفوي والعراقي الشريف الذي هضم كل صعوبات الحياة وذرف الدموع قهرًا لما وصل إليه المستوى المعيشي للرواد من بؤس وشقاء، وما تسببت به ظروف البلاد طوال العقود الثلاثة الاخيرة من تباين لمستوى العروض المسرحية والدراما التلفزيونية اثر رحيل عمالقة الفن النظيف والبرئ، لذا سابقى وفيًا لأخي الراحل وكل رموز الفن الاصيل من خلال استرجاع ابهى الذكريات والمواقف الشجية ولن ننساهم مهما حيينا، الف رحمة على روحهم الطاهرة”.

أشاد به الفنان الكبير يوسف العاني فقال: “دعيت إلى حفل مهرجان بغداد الدولي الخامس للمبدعين الذي اقيم في قاعة المسرح الوطني، وقف بين المكرمين الفنان المسرحي والتلفزيوني فاضل جاسم سمعت بمرضه ولم أكن ادري عن حالته الا القليل، هرعت إليه لأحتضنه واستمع إليه وكان هو مع من يقوده يتجه إليّ حين علم إنني حاضر، كان لا يرى شيئاً ويمد يده يمسك بمن أمامه كي لا يسقط على الأرض، فقد بصره ولم يبق منه إلا بصيص أمل يعيد إليه قدرة جديدة كي يرى النور ويسير في ممرات المسرح بلا رفيق ليصعد إلى خشبة مسرحه او ينزل منها كما كان بالأمس، علامة من إبداع حقيقي يملأ الفضاء حيوية ليقنعك بما يقول او يتحرك وقدماه راسخة ليقودها برؤيته المضيئة إلى أي جهة يريد يميل ذات الشمال وذات اليمين ينتزع البسمة والبهجة ويغادر المسرح بذات الحيوية ليلتمس صدى ما قدم من إبداع وما خلق من فرح، فاضل في ذلك اليوم كان يمد يده ليمسك بي ويتأكد إني أمامه احتضنته، فاحتضنني وبكى مردداً كلمات دعوة الى المسؤولين ليأخذوا بيده الى أماكن علاجه التي تتطلب المال والجهد وهو اليوم عاجز عن توفيرها بالقدر المطلوب، قال لي كلمات أبكتني ونقلتني إلى حال فنانين آخرين مروا بعين المأساة وما زال آخرون أو أخريات في عين الحالة أو أسوأ منها”.