السويدي واشهر دوواين بغداد

السويدي واشهر دوواين بغداد

طارق حرب

في زمان لم تكن هنالك صحافة منتشرة ولابث اذاعي وتلفزيوني ونشر للاخبار والمعلومات لذلك كانت الدواوين البغدادية الموجودة في بيوت الوجهاء من اهل بغداد موضعا للحصول على هذه المعلومات والديوان البغدادي بمثابة ندوة صغيرة وكان من هذه الدواوين الادبية والتجارية والقانونية والسياسية والترفيهية وسواها ومن الطبيعي ان يملك صاحب الديوان بيتا كبيرا يخصص جزءا منه لجلوس رواد هذا الديوان ليكون بعيدا عن العائلة

كما لا بد ان يتحقق في صاحب الديوان البحبوحة المالية وحسن الاستقبال وحلاوة الحديث في الثقافة والمعرفة والعلم والادب وفي جانب كرخ بغداد كان بيت السويدي في محلة خضر الياس حاليا والتي كانت جزءا من المحلة البكداشية التي تقع شمال بغداد والمقابلة لمدينة الطب الحالية وقبل محلة العطيفية وكان مقر هذا الديوان يطل على نهر دجلة مباشرة ويرسو على شاطئ النهر امام قصر ال السويدي الزورق البخاري (اليخت) الفخم للعائلة واستمر هذا الديوان سنوات طويلة ولكن قلت اهميته بشكل اعتيادي بمرور الايام لكثرة طلبات رواد المجلس غير المشروعة التي لا يمكن تحقيقها والتي كانت وراء اغلاقه وكان يتم افتتاحه في يومين من الاسبوع وكان يختلف الى هذا المجلس رواد الادب والسياسة واعيان الامة كونه مجلسا علميا ادبيا وصاحبه من فقهاء القانون واعلام الخطابة والبيان والبلاغة صاحب اطلاع واسع في الفقه والشريعة والقانون والادارة والسياسة والادب واسرة ال السويدي من اسر العلم والافتاء والتدريس والتاليف وعميد هذه الاسرة هو العلامة الفقيه المحدث اللغوي والمفسر الاديب ابو البركات الشيخ عبد الله السويدي الذي ترأس اهم المؤتمرات في تاريخ العلاقة بين السنة والشيعة وهو مؤتمر النجف سنة 1734 الذي عقده الشاه نادر شاه للتقريب بين المذهبين وكان هذا العلامة المؤسس الاول لهذا الديوان ومن بعده انجاله واحفاده منهم المؤرخ عبد الرحمن السويدي والشيخ علي السويدي وانتهت رياسة هذا المجلس في بداية القرن العشرين الى يوسف السويدي المتوفي سنة 1929 والذي كانت ساحة الشهداء في كرخ بغداد تسمى باسمه اي ساحة يوسف السويدي لانه كان واحدا من ستة عراقيين رافقوا الملك فيصل الاول عندما قدم من مدينة جدة الى البصرة على ظهر الباخرة (نورثبروك) وهم السيد محمد الصدر (صدر الدين) ومحسن ابو طبيخ وعلوان الياسري ورايح العطية ورستم حيدر والشيخ يوسف ابن الشيخ نعمان ابن الشيخ سعيد تولى القضاء في عدة مدن وتولى عضوية مجلس بغداد في العهد العثماني وبعد قيام الحرب العالمية الاولى نفي الى بلاد الاناضول ومن هنالك ذهب الى الشام ثم الحجاز حيث رافق الملك فيصل سنة 1921 وكان عضوا في مجلس الاعيان الملكي لعدة سنوات ومن ابنائه توفيق السويدي الذي عمل قاضيا وعميدا لكلية الحقوق ومستشار حقوقي في الدولة ومدير العدلية العام ومراقبا للحسابات ورئيس اول لجنة اقتصادية في الجامعة العربية وانتخب نائبا لاكثر من مرة وتراس مجلس النواب وكان من اعيان مجلس الاعيان وتراس هذا المجلس وكان اول محافظ للبنك المركزي عندما كان يسمى حاكم عام المصرف الوطني واشغل منصب وزير عدة مرات كان اخرها وزارة الاتحاد العراقي الاردني وتراس الوزارة عدة مرات وكان عضو الهيئة النيابية التي تقوم بواجبات الملك عند سفره وبعد الاطاحة بالنظام الملكي حكم عليه بالسجن المؤبد والابن الاخر لصاحب هذا الديوان هو ناجي السويدي خريج مدرسة حقوق الاستانة العثمانية وعين مدعيا في اليمن وعضو محكمة استئناف بغداد ورئيس محكمة البصرة ومقتش ولاية ديار بكر ووالي حلب ونائب الحاكم العسكري وتولى منصب وزير عدة وزارات وكان عضوا في المجلس التاسيسي الذي تولى كتابة الدستور الملكي سنة 1924 واشغل عضوا في مجلس النواب وتولى رئاسة الوزراء وكانت وفاته في دولة جنوب افريقيا سنة 1942 والابن الثالث لصاحب هذا الديوان عارف السويدي الذي اشغل مناصب قضائية كثيرة وكان اول نقيب للمحامين في العراق سنة 1933.

اما الابن الرابع فهو شاكر من الاطباء البارزين في بغداد ولنا ان نتصور سمو ورفعة هذا الديوان البغدادي وعائلة السويدي هي العائلة البغدادية التي حصلت على (فرمان) اي مرسوم عثماني لدفن موتاها في جامع الشيخ معروف الكرخي ومما يلاحظ ان ديوان السويدي في البيت الكبير على شاطئ دجلة اما دار توفيق السويدي فهي الدار التراثية الموجودة في شرق بغداد مقابل السفارة البريطانية والتي ما زالت تحتفظ بجمالها ورونقها ويلاحظ حتى الان كتابة الحرفين في اللغة الانكليزية (T.S) اي توفيق السويدي.