ناجي السويدي وحزب التقدم بين الرئاسة والانسحاب

ناجي السويدي وحزب التقدم بين الرئاسة والانسحاب

إعداد : رفعة عبد الرزاق محمد

للتعريف بشخصية ناجي السويدي وهو احد اركان الدولة العراقية منذ تأسيسها سنة 1921 اذكر :

ولد ناجي يوسف السويدي في بغداد سنة 1882 م ويأتي لقبه السويدي نسبة إلى جده الأكبر عبد الله السويدي والذين تعود أصولهم إلى آل مدلل من القاطنين في قضاء الدور شمال سامراء وينتسبون إلى جدهم الأكبر العباس بن عبد المطلب عم الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) .

وآل السويدي اشتهر رجالها بالعلم والأدب والإفتاء والتدريس فهو الابن الأول للشيخ يوسف السويدي أحد رجال ثورة العشرين وأحد قضاة العراق وعند قيام الحياة النيابية في العراق عين عضوا بمجلس الأعيان واختير اول رئيس لمجلس الأعيان في العراق في 16/ تموز /1925 وجدد انتخابه حتى 16 / تموز /1929

و ناجي السويدي شقيق توفيق السويدي رئيس وزراء العراق و عارف السويدي القاضي العراقي و الدكتور الطبيب شاكر السويدي

وقد تلقى السويدي تعليمه في المدارس العثمانية ومن ثم في المدارس الفقهية .بعدها غادر إلى إسطنبول ليدرس الحقوق هناك حيث أتم دراسته فيها سنة 1905 م.

شغل السويدي منصب القضاء في ظل الإدارة العثمانية في كل من البصرة, بغداد و اليمن ثم تولى الادارة المركزية في بلدة الكاظمية 1911 و النجف 1913،وعمل في الداخلية العثمانية، لكن العثمانيين حاولوا ايقافه عن الإصلاح فاستقال من وظائفه سنة 1918 والتحق بحكومة دمشق واليا على حلب ومستشارا للملك فيصل أبان حكمه لسوريا.

شغل السويدي مناصب عديدة بعد تأسيس المملكة العراقية حيث شغل منصب عضوية البرلمان ثلاث مرات مابين عامي 1925 - 1932

كما شغل كذلك منصب رئيس الوزراء في الفترة الممتدة مابين 18 تشرين الثاني 1929 إلى 23 أذار ،1930وشغل كذلك منصب وزير العدل مرتين الأولى في سنة 1923 و الثانية في سنة 1925 . وتوفي في معتقله في جنوب افريقيا في الثامن عشر من اب 1924 .

كان ناجي السويدي كغيره من مؤسسي الدولة العراقية وعلى رأسهم الملك فيصل الاول ، مؤمناً بدور الأحزاب السياسية في البلاد، حيث قام برئاسة حزب سمي بـ”حزب الأمة “ في 20 آب1924، الا انه ترك هذا الحزب، بسبب انشقاقه إثر فشله في الانتخابات النيابية سنة 1925، ولذلك قرر الانضمام الى “ حزب التقدم”، فأصبح بذلك الرجل الثاني في “حزب التقدم” بعد رئيسه عبد المحسن السعدون، واطلق عليه لقب “ خطيب حزب الاكثرية في المجلس النيابي” او “دماغ حزب التقدم» «

وقد أشيد به من قبل جريدة”العالم العربي” وعدّت وجوده في “حزب التقدم” قوة للحزب، واذا كان اعضاء الحزب بنفس شاكلة” السويدي” فأن الحزب سيكون من اقوى الأحزاب.

إثر انتحار رئيس”حزب التقدم” عبد المحسن السعدون، تم انتخاب ناجي السويدي من قبل أعضاء الحزب رئيساً للحزب خلفاً لـ” السعدون”، إلا انه ترك “حزب التقدم” واسهم في تأسيس حزب معارض لـ”وزارة نوري السعيد الأولى سنة 1930، سمي بـ” حزب الاخاء الوطني”.فضلاً عن انه كان عضواً في لجنة وضع الدستور العراقي، حيث طبعه بأفكاره فسمي” فقيه الدستور العراقي”، كما اختير عضواً في الأكاديمية السياسية الدولية في باريس، التي تضم كبار رجال السياسية والرجال الدبلوماسيين في العالم، فضلاً عن دوره في عقد معاهدة مع (الولايات المتحدة الامريكية)، حيث سمح للأمريكان بأن يمتد نفوذهم عن طريق فتحهم المعاهد العلمية والتبشيرية. فضلاً عن ذلك، فقد كان عضواً في المجلس التأسيسي، كما مثل مجلس النواب العراقي

لـ(ثلاث مرات)، ومثل مجلس الاعيان لـ(مرتين).

وفي سنة 1941، شارك في حكومة الدفاع الوطني، كما شارك في «حركة مايس» العسكرية ضد القوات البريطانية فألقي القبض عليه ونفي قسراً الى جنوب أفريقيا في (سالسبوري) حيث توفي هناك في 17اب 1942، بسبب اعتلال صحته، وبعد سبع سنوات تقريباً نقل جثمانه الى بغداد ودفن فيها بتاريخ 23كانون الثاني1949.

من الجدير بالذكر، أن بعض الصحف روجت خبر استقالة ناجي السويدي من “حزب التقدم”، إثر المناقشات الحامية الوطيس مع وزير الداخلية ناجي شوكت، إلا أن “جريدة التقدم”، فندت هذه الأخبار عندما أكدت قائلة :” أنه لا صحة بتاتاً لأستقالة ناجي السويدي وناجي شوكت، بل أنهما سوف يستخدمان مواهبهما السامية للتعاون مع أعضاء حزب التقدم ليسيروا بالبلاد على طريق العز والحكمة».

وعلى أية حال، فبعد انتحار عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء ورئيس” حزب التقدم”، قرر أعضاء الحزب الاجتماع في 26 تشرين الثاني 1929، وانتخبوا بالاجماع ناجي السويدي “رئيس الوزراء” رئيساً للحزب خلفاً للسعدون.

إلا أن بعض أعضاء “حزب التقدم”، كانوا لا يعدّون ناجي السويدي زعيماً لهم ، ما عدا المحامي مصطفى عاصم عضو الهيئة الإدارية لـ”حزب التقدم”، الذي يُعد أخلص صديق للسويدي ولا غرابة في هذا الموقف، إذ أن العديد من أعضاء “حزب التقدم”، كانوا يمثلون الركائز الأساسية ليس في “حزب التقدم”، حسب، بل في الحكومة العراقية أيضاً، ولذلك فأن البعض منهم استكثر رئاسة الحزب على ناجي السويدي.

وعلى الرغم من ذلك، فعندما قدم ناجي السويدي استقالته من الوزارة، وتشكلت وزارة جديدة برئاسة نوري سعيد في 24 آذار 1930، دعا السويدي، رئيس “حزب التقدم”، أعضاء الحزب، إلى مأدبة شاي في (26 آذار 1930)، في بناية الحزب حضرها معظم أعضاء الحزب، وحضرها من الوزراء نوري السعيد وجمال بابان وزير العدلية وجميل الراوي وزير المواصلات والاشتغال وعبد الحسين الجلبي وزير المعارف، وقد خطب نوري السعيد في هذه (المأدبة الوداعية)، خطبة استعرض من خلالها منهاجه، وأظهر تصميمه على تنفيذه، ثم غادر بناية الحزب إثر إلقائه خطابه، ثم ألقى ناجي السويدي خطبة قال فيها :” كلنا أخوان ولا يجوز أن يحصل خلاف في الأفكار بين الأخوان، ولكن رابطة الأخوة لا تنفصم بينهم. وهكذا التقدميون أخوة».

وعلى ما يبدو، أن هذه الأجواء السياسية قد حفزت “حزب التقدم”، للتفكير بالمصير والعمل فأتخذ طريقه بعقد (اجتماع اسبوعي) في بناية الحزب للمحادثة والمداولة في الموضوعات الحاضرة. وطلب، ناجي السويدي من أعضاء الحزب الالتزام بحضور الاجتماع الاسبوعي لـ”حزب التقدم».

وفي ضوء ذلك، تواصلت اجتماعات الحزب، إذ اجتمع في 10 حزيران 1930، بعض أعضاء “حزب التقدم”، في مركز الحزب وكانوا بقدر عدد الأصابع أو يزيدون قليلاً، وفي مقدمتهم ناجي السويدي رئيس الحزب، وتوفيق السويدي رئيس مجلس النواب، وحكمت سليمان وعبد العزيز القصاب والشيخ أحمد الداود ومصطفى عاصم وغيرهم، وقد تداولوا في أمر جمع الحزب للنظر في بعض المسائل ومنها “هل من المشروع قانوناً حل المجلس أم لا؟”. وأقترح بعضهم ارسال دعوة إلى اعضاء الحزب الذين هم خارج العاصمة، لكي يجتمعوا في العاصمة.

وفي سياق ذلك، أبدى ناجي السويدي رئيس مجلس الوزراء السابق ورئيس “حزب التقدم”، في حديث له أمام أعضاء الحزب استنكاره الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات النيابية في العراق لسنة 1930، وقال” أن المقاطعة بشكلها الحاضر مضرة للبلاد».

وتنبغي الإشارة إلى ،أن ناجي السويدي تذمر كثيراً من المعارضة القوية التي تعرض لها من قبل قيادات “حزب التقدم” وأعضائه، لذا قرر ترك رئاسة الحزب،كما انقسمت الهيئة العامة للحزب ما بين مؤيد لإبقاء الحزب والاستمرار في العمل السياسي، وبين محبذ لإنهاء أعمال الحزب وتوقفها، غير أن توفيق السويدي كان من مؤيدي استمرار الحزب بالعمل، ولهذا أعلم وزارة الداخلية في 24 كانون الأول 1930، بالهيئة الجديدة(الرابعة) التي انتخبتها الهيئة العامة للحزب وجاءت كالتالي”: توفيق السويدي رئيساً، عبد العزيز القصاب نائب للرئيس، أما الهيئة الإدارية للحزب فضمت: محمد أمين زكي، عبد المجيد علاوي، مصطفى عاصم،الشيخ احمد الداود، خالد سليمان، احمد الراوي”.وكانت هذه الهيئة من العناصر التي لا تود التعاون مع نوري السعيد، الذي حاول أن يجذب إليه “حزب التقدم».

وعلى أية حال، فقد استقال توفيق السويدي من رئاسة الحزب إثر قبوله وظيفة وزير مفوض في طهران كبداية للعلاقات السياسية الجديدة مع إيران. وقد كان للملك فيصل الأول، دور كبير في التأثير على توفيق السويدي، وإقناعه بقبــــــــول لوظيفة وتركه للحزب .

وفي سياق ذلك، تم انتخاب هيئة إدارية جديدة لـ”حزب التقدم”(الخامسة والأخيرة)،حيث انتخب عبد العزيز القصاب، رئيساً لـلحزب ومحمد أمين زكي، نائباً للرئيس.

بعد انحلال الوزارة السعدونية الرابعة، وذلك بانتحار السعدون في 13 تشرين الثاني 1929، أصدر الملك فيصل الأول إرادته الملكية إلى ناجي السويدي، وزير الداخلية في الوزارة المنحلة بإسناد منصب رئاسة الوزارة بالوكالة اليه وفي 18 تشرين الثاني 1929، صدرت إرادة ملكية أخرى تقضي بتأليف ناجي السويدي للوزارة، فأصبح رئيساً للوزراء إلى جانب احتفاظه بمنصب وزير الخارجية.وقد خلف ناجي السويدي، السعدون في الوزارة كونه الشخص الذي يليه في زعامة “حزب التقدم” فألف الوزارة، كما احتفظ بجميع زملاء السعدون (الوزراء) مضيفاً إليهم خالد سليمان، وزيراً للزراعة والري، لإكمال النقص.

مراجع المقال :اعلام السياسة في العراق الحديث ـ حزب التقدم ودوره السياسي ــ شخصيات عراقية ــ مذكرات توفيق السويدي .