في ذكرى رحيله 14 شباط 1977.. لنتذكر الفنان الموسيقي خزعل فاضل ( ملحن الأعراس )

في ذكرى رحيله 14 شباط 1977.. لنتذكر الفنان الموسيقي خزعل فاضل ( ملحن الأعراس )

إعداد : إسلام خزعل فاضل

من أجواء "محلة الفضل"كان الفنان الموسيقي الراحل خزعل فاضل، عرف نعومة الظلال في صيف بغداد اللاهب، وألفة البيوت المتجاورة والايقاع المتداخل لأصوات النسوة من داخل تلك البيوت وصولا الى أصوات الرجال في مشاغلهم وورشهم الصغيرة، مرورا بالأطفال اللاهين في الأزقة.

أجواء تلك البيئة الشعبيةالجميلة من بغداد القديمة وان بدت " ضيقة" و"خانقة"، الا انها حرّكت الخلق الفني عند الفنان خزعل فاضل وأسماء فنية عراقية بارزة اخرى، فهم نقلوا أسس المعرفة العلمية والفنية الحديثة كما تلقوها في مراحل الدراسةمثالا الفنان صلاح وجدي الى شكل من الانسجام مع بيئتهم وان كانت شديدة المحلية، فالراحل خزعل فاضل كان عازفا على " التشيللو"، يحمل آلته الضخمة عصرا كأنها كنز فريد ويتجه بها ماشيا بلا كلل الى "دار الاذاعة" في الصالحية مشاركا في حفلة او عازفا مع فرقة، ودون ان ينسى الحفاظ العناية بمظهر قائم على أناقة مفرطة رغم انه خارج من محلة شعبية لم تعتد " المظهر الغربي" حينذاك، اناقة كانت تنسجم مع غلاف نسيجي نظيف ضم فيه آلته. وكان الناس ينظرون اليه بحب وابتسامة وعطره يسبقه .

ولد الفنان الملحن وعازف الجلو خزعل فاضل في محافظة الكوت في العام 1921 وقدم الى بغداد مع والديه وهو بعمر ستة أشهر فقط , فسجلت مواليده في بغداد / محلة الفضل من العام1921. .

كان خزعل فاضل يعمل صبي حلاقة لدى صاحب المحل الأسطة( ياس )الذي كان مهتما بالعزف على آلة العود لذا أنخرط بدورة لتعلم العزف على يد أحد أمهر العازفين اليهود الذي كان يعطي للأسطة دروسه في محل الحلاقة , وكان الصبي خزعل ذي التسعة أعوام يسترق السمع الى النغمات والى توجيهات المعلم بصمت وشغف .التمارين والسماعيات , كانت دروس يومية ، على الأسطة (ياس) أن يتدرب عليها ليقدمها أمام معلم الموسيقى ، كان خزعل فاضل طفلاً صغيراً يستمع الى تلك الدروس ، وحين يغادر صاحب المحل دكانه تبقى الة العود في المحل ليتناولها الطفل الصغير ويطبق عليها الدروس التي سمعها من معلم ألموسيقى ليتمرن بشغف وأصرار في عزف تلك الموسيقى التي سمعها من معلم الموسيقى.

وبعد ستة اشهر أنتهت دورة التعليم وطلب معلم الموسيقى أن يختبر الأسطة (ياس) فوجده لا يملك أي معلومة موسيقية ولم يستطيع العزف على الآلة ، وعندما هم المعلم للمغادرة قال له خزعل فاضل "عمو أكدر اسمعك شوية عزف على العود" فأنبهر معلم الموسيقى لطلب ذلك الطفل الصغير ، فقال له " وهل تعرف العزف" أجابه "قليلا" فعزف له كل ما كان قد أعطاه من دروس لأستاذه صاحب المحل ، فضحك وتعجب ثم قال له "ستصبح موسيقي بارع. "

بقى خزعل فاضل يتدرب على الة العود سماعاً دون قراءة النوته وحين أصبح شاباً فتح محل حلاقة خاص به ، أتخذه مكاناً مناسباً ليتدرب العزف على آلة العود وبشكل يومي ، وقبل هجرة اليهود الى فلسطين كان الهواة والعازفين يبحثون عن بعضهم لكي يتعلموا ويتمرنوا سويةً ، يقول الفنان الكبير سالم حسين الأمير "أتيت الى بغداد أسأل أن كان هناك موسيقيون قالوا لي هنالك حلاق في منطقة الفضل يلتقي عندة جميع هواة وعازفي المحلة مصطحبين معهم آلآتهم الموسيقية" وكان ذلك الحلاق خزعل فاضل ، فذهبت وتعرفت عليه وأصبحت لا أنقطع عنه ، نتمرن لساعات طوال في دكانه الصغير ومعي الفنان خضر الياس عازف الناي الشهير وعزت نعيم وخضير الشبلي عازف القانون والمطرب رضا علي وأسماء كبيرة في عالم الموسيقى والتلحين وكنا نشارك في الحفلات الخيرية بدون مقابل لكي نُعرفُ ونشتهر في الوسط الفني والمجتمع البغدادي

ويضيف الأستاذ الفنان سالم حسين الامير "بعد هجرة اليهود من العراق أقترحت على خزعل فاضل أن يترك الة العود ويتعلم العزف على آلة الجلو ، حيث في تلك السنة كان قد وصلا للتو من الموصل كلاً من جميل بشير ومنير بشير وكانا بارعين في العزف على آلة العود ويتفوقان عليه عزفاً وتكنيكاً فأخذ بنصيحتي وبدأ التعلم على آلة الجلو والتمّرن عليها ، بعد ذلك أصطحبته الى السفارة الراعية لمصالح اليهود بغية تهجيرهم الى فلسطين فأشترى لنفسه آله الجلو من أحد الموسيقيين من الطائفة اليهودية ويدعى (طقو) ، حيث كان طقو عازفاً لآلة الجلو في التخت الموسيقي التابع لدار الأذاعة ، وأنا أشتريت آلة القانون من عازف القانون (حسقيل).

كذلك يضيف الفنان سالم حسين ويقول " في بداية العام 1948 بدأت بتأسيس فرقة من الهواة العازفين الجيدين وهم في وظائف للدولة فمنهم المحامي ومنهم الضابط وكان مقر الفرقة في صالون حلاقة الفنان والملحن خزعل فاضل في منطقة الفضل وسميت هذه الفرقة (فرقة الرافدين الموسيقية) وقد شاركت في تقديم العديد من الحفلات للجمعيات الخيرية مثل جمعية حماية الاطفال وجمعية الهلال الاحمر وجمعيات خيرية أخرى دون مقابل ،أنضم جميع أفراد فرقة الرافدين الى الفرقة الموسيقية التابعة لدار الاذاعة العراقية ، وعند وصول الفنان الكبير روحي الخماش من فلسطين سنة 1948 الى بغداد وكان فناناً خلوقاً جداً ومتعاوناً ، أخذ يعلم خزعل فاضل وغيره من العازفين قراءة وكتابة النوتة الموسيقية فأصبح خزعل فاضل قادراً على كتابة النوتة الموسيقية مما ساعده في تدوين جميع الحانه بيده" .

وهكذا أستمر خزعل فاضل عازفاً لآلة الجلو وموظفاً ضمن فرقة الأذاعة والتلفزيون العراقية بقيادة منير بشير وعلى الملاك الدائم طوال حياته ومنذ العام 1949 حين أنتمى الى الاذاعة والتلفزيون وحتى وفاته في العام (1977) وكان يبلغ من العمر 56 عاماً ، حيث وافته المنية في ١٤ /٢/ ١٩٧٧ في مستشفى مدينة الطب عندما كان يجري فحصوصات طبية لأحالته على التقاعد كونه كان مريضاً بمرض السكري والقلب.

لحن خزعل فاضل العديد من الأغنيات لبعض المطربين والمطربات ولفرقة الموشحات الأندلسية ، وقد لقب بملحن الاعراس كون أغلب ألحانه كانت للأعراس ،ومن أبرز الحانه للفرقة أغنية(حنه حنه بيدها) كما لحن أغنية وطنية للمطرب ناظم الغزالي (يامرحبه بالزارنه نورت أرض ديارنه) لحنها بمناسبة قدوم الرئيس الجزائري احمد بن بله الى العراق ولحن أغنية (شمعتها شعلوها) التي غناها الفنان داود العاني.وللمطربا ت فقد لحن أغنية (تجونه لو نجيكم) التي غنتها المطربة الكبيرة مائدة نزهت. وكذلك أغنية (ياكريم الشعب غنه) وهي أغنية وطنية عنتها مائدة نزهت في زمن عبد الكريم قاسم ولحن للمطربة لميعة توفيق أغنية (مساء الخير يا اهل المحلة)وللمطربة هيفاء حسين لحن لها أغنية (رسالة للولف) ولاحلام وهبي ( هلهلي بالله يا سمرة) .

اشترك الفنان خزعل فاضل في فلمين عراقيين فلم أرحموني وفلم ندم .