وثيقة نادرة..تقرير ملاحظ الديوان الملكي عن حادثة الأميرة  (عزه) سنة 1936

وثيقة نادرة..تقرير ملاحظ الديوان الملكي عن حادثة الأميرة (عزه) سنة 1936

إعداد : ذاكرة عراقية

كانت الاميرة عزة شقيقة الملك غازي عام 1935 طلبت ان تعالج في اوروبا (النمسا) وفي الطريق الى هناك تعرفت على خادم ايطالي الجنسية يعمل في احد الفنادق في رودس ويدعى انستاس هار الافكي ومن الواضح ان علاقة حب عميقة جرب بينهما:

انستاس من جانبه كانت تستهويه فكرة الزواج من اميرة عراقية والاميرة العراقية – وقد كانت غير جميلة – استهواها جمال هذا الشاب الذي كان اصغر منها سنا فقد كانت في الثلاثين من عمرها وكان انستاس اصغر منها سنا كما تروي الوثائق البريطانية انهما تواعدا على ان يطلق لها تدبير هذا الزواج في العام التالي.

وبالفعل في عام 1936 طلبت ان تذهب الى اوروبا المعلاج مع اختها راجحة (والاخيرة زوجها بكر صدقي بعد الانقلاب لأحد اصدقائه من ضباط الجيش العراقي) . كتب فيكتور بحوش ملاحظ الديوان الملكي الذي كان مرافقا للوفد الذي يضم الاميرتين والوصيفات ذلك الوفد الذي كان قد وصل حتى وقوع احادثة الى رودس وقد رفع فيكتور باحوش تقريره هذا الى رستم حيدر رئيس الديوان الملكي آنذاك.

يقول التقرير بتاريخ 14 حزيران 1936:

حضرة صاحب المعالي رئيس الديوان الملكي المحترم – شخصي وسري للغاية.

تحية واحتراما

امتثالا لأمر معاليكم اعرض فيما يلي بصورة موجزة تفاصيل سفري برفقة صاحبتي السمو الملكي الاميرتين شقيقتي حضرة صاحب الجلالة الى اوروبا والحادثة المؤلمة التي اكتنفت قضية هرب الاميرة عزة وزواجها من الرجل المدعو انستاس خر الامبوس كما تعلمون معاليكم سافرنا من بغداد صباح الاثنين الموافق 4 آيار 1936 ووصلنا دمشق 5 منه. بناء على طلب الاميرة عزة حضر السيد موفق الالوسي قنصل العراق في بيروت وهو الذي اقترح سفرنا الى حيفا عن طريق بيروت بالنظر الى القلاقل الراهنة. بتنا الليلة في بيروت وتوجهنا الى حيفا ظهر اليوم التالي في 7 منه يرافقنا السيد موفق وقد استقبلنا الشيخ كاظم الدجيلي في الحدود. غادرنا ثغر حيفا عصراً ووصلنا الاسكندرية في اليوم التالي نحو الساعة السادسة بعد الظهر. تناولنا طعام العشاء في بيت شيخه هاشم قرطاس باشا وعدنا الى الباخرة – بارحنا الاسكندرية صبح 8 منه وصلنا البيرت (بيرة) ظهر يوم الاحد.

وفي يوم آخر تطرقت في حديثها الى شؤون العائلة الهاشمية والشرفاء وقضية زواج الاميرة سارة وهرب اختها وامور عائلية تخص سمو الامير عبد الله ثم نزلت تقريعا عليه وعلى بقية الشرفاء متمنية تفسخ تلك العائلة.

وفي يوم آخر اردنا النزهة بزورق بخاري الى محل يبعد (10) دقائق عن اثينا ولم فلم تذهب (ربما لم نذهب) فقالت اذهبوا لوحدكم عساكم تغرقون فاسترح منكم. هذا وعندما كنت الفت نظرها الى بعض النواقص على سفرة الأكل او عندما كانت تتكلم بصوت عال او غير ذلك كانت تقول لي (لايهمني ذلك ولا يهمني لقب اميرة).

وفي اليوم الثاني من وصولنا الى كيفيا اصرت الاميرة عزة على قبض مبلغ لها من المصرف مقداره (150) ديناراً تقريبا بالرغم من ممانعتي أياها ذلك اذ كان لديها صكوك شركة كوك تبلغ نحوا من (1000) دينار وهي بمناسبة اوراق نقدية ولوجود الاضراب في ذلك اليوم رفض المصرف دفع المبلغ ولكن الاميرة قبضته في اليوم التالي.

وما عدا ما ذكرته آنفا فان عيشتنا في اثينا كانت منتظمة كل الانتظام. لم تترك الاميرتان وحدهما يوما ما حتى واننا لم تتعرف على اي شكل اذ كنا مكتفين برفقتنا غير ان القدر شاء خلاف منتظر اذ في صبيحة الاربعاء الموافق 27 آيار جاءت الآنسة طليعة عمر واخبرتنا بان الاميرة عزة ليست في غرفتها فاخذنا نتحرى عليها في الفندق فلم نجدها وعندما بادرنا بالخروج سلم للاميرة راجحة غلاف معنون اليها ففضته حالا فكان فيه كتاب مخطوط باللغة الانكليزية بتوقيع الاميرة عزة تخبرها فيه بانها بالنظر لفقدانها والدها وانها لم يكن لها بد من ان تلتحق بالرجل الذي تحبه وقد تزوجت منه وتنصرت. وبما ان الكتاب كان مخطوطا على ورق فندق (اطلانطيك) توجهنا حالا اليه ولكن بالرغم من الحاحنا فان الاميرة عزة ابت مواجهة اختها وبعد الانتظار طويلا ارسلت بورقة مكتوبة باللغة الانكليزية ايضا تقول لاختها (عبثا الانتظار لاني تزوجت وانتهى الامر).

هناك تشبثات قمت بها انا وحسن بك والمحامي مافريدي بمساعدة المفوضية البريطانية تجدون التفاصيل عنها في تقرير المحامي اما السيد تحسين قادري ومع (ذلك) نرى ضرورة ذكر ملخص مواجهتنا. انا الاميرة راجحة والانسة راسمة ابراهيم والمحامي مع الاميرة عزة في فندق اطلانطيك كانت الاميرة عزة في غرفتها الخاصة يحيط بها زوجها ومحاميهما وبعض المناصرين لهما وقد فهمت بعدئذ بان احد موظفي المفوضية الايطالية كان بين هؤلاء. لم تتأثر الاميرة عزة قط من رؤيتها وخاصة من حالة اختها الكئيبة بل اخذت تجيب على اسئلة الشرطة والمحامي بكل جرأة ومنطق وكانت بين أونة واخرى تتكلم مع زوجها باللغة الانكليزية اما الاميرة راجحة فلم تتمالك نفسه من رواية اختها بل اغرورقت غيناها بالدموع واخذت ترتجف ولما هدأت قليلا شجعتها على التكلم مع اختها وصارت تحدثها بكل لطف وحنان ذاكرة لها اعمال المرحوم والدها ومجده وشرف سيدنا الملك والوطن والعائلة ونصحتها لاعادة النظر فيما عملته والعودة الى العراق وعدم اعطاء مجال لهذه الاهانة العظمى. ولكن الاميرة عزة لم تتأثر من كل ذلك وكانت عنيدة وبعيدة عن استماع نصيحة اي كان اذ قالت لاختها (ليس عندي لا اخ ولا اخت ولا اقارب ولا وطن اعتبروني ميتة – هذا هو نصيبي فهو لي الكل في الكل – لقد تنصرت وتزوجت من هذا الرجل الذي احبه وليس بمقدور احد ان يفصلني عنه واذا كان عندكم حق ما فعليكم جلبي بواسطة المحاكم ولن اعود الى العراق بعد الآن. واذا ما جبرت على ذلك انتحرت اولا.) ولم تتمالك الاميرة راجحة نفسها عند سماعها هذا الكلام وخشية من ان يغمى عليها تركت الغرفة وانا والانسة راسمة معها وعدنا الى فندقنا. نوهت الاميرة عزة عند استجوابها من قبل الشرطة عن المجوهرات بان عندها المالس كانت اودعته الى خر الامبوس السنة الماضية في جزيرة رودس.

اما المفوضية البريطانية فانها عملت كل جهدها لمساعدتنا ولكن بصورة غير رسمية. رافقني المستر نيكولس سكرتير المفوضية الايطالية صباح الخميس الموافق 28 أيار وقابلنا سكرتيرها المدعو سيتور سيرامتين طالبين منه تأجيل منح سمة الخروج الى الاميرة عزة (وذلك ريثما تصلني تعليمات من بغداد) إلا ان السنيور لم يقبل اخذ تلك المسؤولية على عاتقه فوعد بمفاتحة وزيره حالا عند قدومه الى المفوضية واقناعه (لاجابة مطلبنا. اجل التأشير بالفعل 24 ساعة فقط. قيل لنا بان المفوضية الايطالية درست خلالها اوراق زواج الاميرة عزة فوجدتها قانونية وبالنظر لذلك رفضت الاستمرار على تأجيل التأشيرة متعذرة بشتى الاعتذارات غير ملتفتة الى رجاءات المفوضية البريطانية لاتخاذ تدابير ادارية لخطورة القضية وصرف النظر من الوجهة القانونية. وهكذا سافرت الاميرة عزة وزوجها الى رودس بعد ظهر الجمعة الماوفق 29 ايار على متن طائرة ايطالية وقد اخذها من الفندق مدير شركة الطيران الايطالية بباقة زهور بيد احد موظفيها. ومع ان في البيرة مطارا يبعد عن اثينا بضعة دقائق فان طائرة الاميرة عزة حلقت من مطار يبعد عن العاصمة نحوا من ثلاثة ارباع الساعة ومن هذا كله يستدل بان المفوضية الايطالية في اثينا اسدت كل التسهيلات لسفر الزوجين بالسرعة الممكنة وكذا اعتقاد المفوضية البريطانية.

اما السلطات اليونانية فانها ابت ابداء اية مساعدة لقضيتنا ولو منع خروج الاميرة عزة ريثما يصل السيد تحسين قدري وبالرغم من (اقتراحات التي ابدتها المفوضية البريطانية لها لاتخاذ تدابير ادارية فان السلطات المذكورة تمسكت بالوجهة القانونية هذا وان المفوضية عبثا استشارت مشاهير محامي اثينا قصد ايجاد حل او عذر ترتكز عليه بهذا الصدد.

اما الجرائد فقد اخذت تقص روايات غرامية يقشعر لها البدن وقد فهمت بان الاميرة عزة وزوجها والمناصرين لهما هم الذين ادلوا لارباب الجرائد تلك الاخبار تشويها للوضع الراهن من جهة ومن جهة اخرى استقطاب الرأي العم. اكد لي مصدر بان الاميرة عزة صرفت من خالص ما لها مالا يقل عن (500* دينار خلال تلك المدة القصيرة.

هناك امور اخرى اترك البحث عنها الى السيد تحسين قدري الذي وصل اثينا على ظهر الباخرة (ايونيا) صباح يوم الاثنين الموافق 1 حزيران 1936.

اربط طيه صورة من البرقيات التي تبودلت بيني وبين معاليكم وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

فيكتور بحوش

ملاحظ الديوان الملكي

التقرير نشر في العدد الاول من مجلة المؤرخ العربي .