ماذا يقول لنا إيمانويل كانط اليوم ؟

ماذا يقول لنا إيمانويل كانط اليوم ؟

علي حسين

على رقعة صغيرة من الارض في ريف شرق المانيا ، وفي مدينة صغيرة تقع على ضفاف نهر البريغل ، عاش مواطن الماني حياة رتيبة ، حيث ظل لأكثر من نصف قرن يستيقظ كل يوم في الخامسة صباحا ، كان ينام كل ليلة لمدة سبع ساعات بالتمام والكمال ، وعند الساعة الخامسة إلا خمس دقائق ، كان “ لامب “ الرجل الذي يقوم على خدمته يسير الى غرفة الفيلسوف وقد تملكه شعور بانه يؤدي واجباً ، ثم يصيح بنبرة عسكرية :

« السيد الاستاذ لقد حان الوقت « .

ومن الطريف انه طلب ذات يوم من “ لامب “ أن يتركه ينام نصف ساعة زيادة ، فرفض الرجل رفضا قاطعا وهو يقول :” تريد مني ان اخالف التعاليم “ . بعد ان يستيقظ يجلس على منضدة في زاوية من المطبخ ليكتب لمدة ثلاث ساعات لا تزيد دقيقة ولا تنقص دقيقة واحدة ، يتناول خلالها قدحا من الشاي . في الثامنة صباحا يرتدي ملابسه التي كان ينسقها حسب فصول السنة ، فقد كان يهتم كثيرا باناقته ، ويصر على أن تتناغم سترته الطويلة مع جواربه ، ويزين رأسه بباروكة بيضاء، وكان يقول لكل من يمتدح أناقته : “ من الأفضل ان تكون مجنوناً بالموضة ، على ان تكون الموضة خارج حساباتك”. كان صاحبنا متوسط الطول ، قامته معتدلة ، غير انه يعاني من ارتفاع طفيف في كتفه الايمن .. عيناه زرقاوين إلا ان اليسرى كانت تعاني من الضعف بسبب القراءة المتواصلة . يكتب عن نفسه :” إنني ضئيل قليل الاهمية إلى حد ان الرياح تمر فوق رأسي فلا تقتلعني كما تفعل بالنباتات التي تعلوني طولا “ . يفلسف اهمية الرياضة في حياة الانسان ، ويرى أن المشي لمسافات طويله يجب ان يتحول إلى قانون يومي يرافق الانسان ، بشرط أن تسير لوحدك دون ان يجهدك صديق او تلميذ في حديث غير مجدي ، ولهذا كان يقول أن اولى شروط المشي أن يبقى الفم مغلقا ،

في مدينة كونيغسبرغ التي ولد فيها في الثاني والعشرين من نيسان 1724 وعاش فيها اقل من ثمانين عاما بأسابيع – توفي في الثاني عشر من شباط عام 1804 ، لم يغادرها ، لكنه تنقل في عدد من البيوت وكان السبب ضوضاء الجيران ، حتى انه اشتكى يوما من ديك كان يربيه جاره ، واضطر ان ينتقل الى مسكن جديد ، الامر الذي دفع الجار ان يقول :” هل يعقل ان ديكا بسيطا ، يمكن ان يزعج فيلسوفا عظيما “ . لم تربك حياته علاقات نسائية ، في شبابه كان يصربعد الانتهاء من القاء محاضراته، على الذهاب الى المقهى للعب البليارد ، لأنه كان يعتقد ان في ذلك تنشيطاً للذهن . يحب الهدوء ، ويكره السفر ، يجد ان حياته مرتبطة ببلدته التي كتب عنها :” ان مدينة مثل كونيغسبرغ ، يمكن ان تجد فيها مكانا مناسبا لتوسيع المعرفة بالانسان والمعرفة بالعالم سواء بسواء ، ويمكن ان تكتسب هذه المعرفة دون سفر “- إيمانويل كانط (الانثربولوجيا ) ترجمة فتحي إنقزو - .

يقدم لنا الشاعر الألماني “هايريش هاينه” وصفاً طريفاً لحياة فيلسوفنا إيمانويل كانط ، فهو يقول : من العسير كتابة تاريخ حياة إمانؤيل كانط ، لم تكن له حياة ولا تاريخ ، وانما كانت حياته حياة أعزب عجوز ، مجردة آلية التنظيم ، في شارع هادئ منعزل ، ولست اعتقد ان الساعة الضخمة للكاتدرائية القائمة هناك كانت تؤدي عملها اليومي على نحو اكثر دأبا وانتظاماً مما كان يؤديه مواطنها إيمانويل كانط ، فقد كان يلتزم وقتاً محدداً في استيقاظه ، وشربه القهوة ، وفي كتاباته وقراءاته ، وأكله ومشيه ، وكان جيرانه يدركون ان الساعة قد بلغت الواحدة والنصف بالضبط عندما يعود كانط من الجامعة مرتدياً معطفه الرمادي ، وفي يده عصاه الخيزرانية ، ويسير في شارع شجرة الليمون الذي اطلق عليه فيما بعد طريق الفيلسوف ، تخليدا لذكراه . كانت الناس لاترى فيه سوى استاذ للفلسفة، وعندما كان يمر بهم يحيونه تحية الصديق ، ويضبطون ساعاتهم عليه ، ولكنهم لم يدركوا ان هذا الرجل يمارس بصمت عملية “تهديم” لأفكار قرون مضت “ كانت أحواله المادية تتقدم ببطأ ، فقد بدأ حياته المهنية محاضرا في الجامعة عام 1755 براتب ضئيل ، كما كانت اثنتان من شقيقاته تعملان خادمتين ، وظل يعمل اربعة عشر سنة قبل أن يحصل على وظيفة استاذ .. عاش إيمانويل كانط حياته يمارس عاداته اليومية بانتظام ، حتى ان جيرانه كانوا يقولون انهم يستطيعون ضبط ساعاتهم على مواعيد خروجه من بيته وعودته ، وبرغم نمط حياته الذي يعتبره البعض ميكانيكيا إلا ان كانط كان متشددا لا يهادن في المسائل التي تتعلق بالعالم من حوله . كان يرى ان الحق واضح والباطل واضح ، ولا يجوز الخلط بينهما ، ولهذا يسجل له تاريخ الفكر انه من ابرز الذين واجهوا بشجاعة الاكاذيب وظل يؤمن ان الوعي هو الشيء الثمبن في حياة الانسان ، وان قدرتنا على المناقشة المنطقية هي الشيء الوحيد الذي يميزنا عن باقي المخلوقات في الكون . نحن قادرون على تطوير العالم الذي حولنا باستخدام التفكير والارادة . نحن الوحيدون القادرون على توجيه قدرنا . نحن الوحيدون الذين لدينا إدراك لذاتنا . ان تغيير العالم حسب مفهوم كانط لا يتم من خلال ايديولوجية ، ولا من خلال تحول جماهيري إلى دين او عقيدة ما ، ولا من خلال احلام واهمة عن المستقبل . بل من خلال إحراز النضج والكرامة لكل فرد . ستكون هناك دائما ديانات مختلفة وانظمة وقيم مختلفة قائمة على الثقافة والتجارب ، وستكون هناك دائما افكار مختلفة ، لكن اصر كانط على ان قضية الكرامة الانسانية واحترام حقوق الانسان ، يجب ان تتحول الى قضية عامة وشاملة .

يُصدِر كتابه :” الدين في حدود مجرّد العقل “ – ترجمه فتحي المسكيني – بالعبارة التالية :” إنّ دينا يعلن الحرب على العقل سوف يصبح مع مرور الزمن غير قادر على الصمود أمامه “ . ونجده يحاول ان يُشدد على الناحية الاخلاقية في كل دين ، وبالتالي فأن أي تقرب من الله خارج العمل الانساني الصالح ، هو مجرد جري وراء سراب :” كل ما يظن الانسان انه يستطيع ان يفعله من اجل نيل رضا الله خارج التصرف الحسن والعمل الجيد ليس سوى وهم وعبادة خاطئة “ - الدين في حدود مجرّد العقل - .

كان والد كانط “ يوهان جورج “ يعمل سراجا ، مات عندما كان كانط في الثانية والعشرين من عمره ، اما امه “ حنا ريجينا “ فقد توفيت وهو في الثالثة عشر من عمره ، كان الابن الرابع لعائلة تتكون من تسعة اطفال ، مات ثلاثة منهم وهم اطفال ، عاشت العائلة في جو ديني متشدد .

بين كانط ومدينته التي كانت جزءًا من المانيا ، علاقة خاصة جدا ، اطلق عليها اسم “ مدينة السلام “ ، وقد تأسست المدينة في نفس السنة التي ولد فيها كانط من تجمع ثلاث مناطق سكنية ، عاش في مدينته كونيغسبرغ حياة هادئة ، ولم يكن يتوقع يوما ان هذه المدينة الصغيرة ستهب عليها ويلات الحروب التي كان يحذر منها ، ، وانها اليوم تتصدر مشهد الصراع العسكري بين روسيا والتحالف الغربي، وتتحول الى قاعدة عسكرية روسية عائمة وسط القارة الأوروبية. وانها ستكون عنوان من عناوين الحروب الاوربية خلا القرون الاخيرة . فهذه البقعة التي لا تزيد مساحتها عن 215 كلم مربع، ويسكنها أقل من نصف مليون انسان ، كانت تخضع للسيادة الألمانية، لتنتهي سنة 1945 تحت السيطرة الروسية، ويتغير اسمها من كونيغسبرغ الى كالينينغراد حيث قامت روسيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية باخلاء المدينة من السكان الالمان ، ورغم تفكك الاتحاد السوفييتي، وظهور دويلات في البلطيق، بقيت كالينينغراد روسية واكتسبت أهمية كونها تخترق اوربا . حاول الغرب إقناع روسيا بالتخلي عنها، ومنحها الاستقلال مثل باقي دول المنطقة الصغيرة مثل لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، وقدمت المانيا عرضا مغريا عام 2001 بشراء مسقط راس اعظم فلاسفتها ، مقابل ، إعفاء روسيا من الديون المستحقة وقتها، التي تجاوزت 25 مليار يورو، لكن روسيا رفضت فالروس يؤمنون ان كونيغسبرغ التي تقع في قلب البلطيق، قادرة على خلق “ مفاجأة استراتيجية” ، وان بامكانها ان تزرع الرعب في المنطقة وهذا ما قام به الكرملين عشية الحرب في اوكرونيا ، حيث صدرت الاوامر بتعزيز القوة العسكرية الروسية وتوجيه الرؤوس النووية باتجاه اوربا .

في صباح يوم الحادي والعشرين من كانون الاول عام 1794 كتب ايمانويل كانط الجملة الاولى من كتابه الذي سيختار له اسم “ مشروع للسلام الدائم “ ، وقد اراد كانط لكتابه الصغير الحجم أن يكون بمثابة التطبيق العملي لنظريته السياسية والتي سيضع اسسها فيما بعد في كتابه “ الاصول الميتافيزيقية لفلسفة الحق “ والذي صدر عام 1797 اي بعد عامين من صدور “ مشروع للسلام الدائم “ وسيكتب في مقدمته :” المسألة لم تعد مسألة معرفة ما إذا كان السلام الدائم واقعا حقيقيا او تصورا فارغا ، وما إذا كنا لسنا على خطأ في حكمنا النظري .. إنما ينبغي أن نعمل كما لو كان السلام ، الذي ربما لن يتحقق ، قابلا للتنفيذ ، وأن نعمد ، سعيا وراء هذه الغاية « .

ربما يقول البعض لماذا نعود بانظارنا الى هذا الفيلسوف الذي عاش قبل ما يقارب الثلثمائة عام ، ولماذا لا نلجأ الى احد معاصرينا من الفلاسفة ، يقول برتراند رسل وهو يتحدث عن دور كانط في ترسيخ مفهوم السلام ان هناك إجابة واحدة تتلخص في الدور المحوري الذي يلعبه مفهوم كانط في كل نقاش عن السلام . ان كتابات كانط كما يقول شوبنهاور :” لا تزال فتية جدا” ، ولهذا اذا كنا نعيش في مجتمع ديمقراطي فعلينا ان نتذكر كانط ، حيث كان من أوائل الذين اكدوا على ان لكل انسان كرامة أصلية ملازمة له ينبغي احترامها ورعايتها – كانط تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق ترجمة عبد الغفار مكاوي – . وقد كان اول فيلسوف يطالب بانشاء هيئة عالمية قادرة على ضمان السلام في العالم ، كما كان متصلبا وغير مهادنا في موضوعة الاستبداد . وربما كان الفيلسوف الاكثر اهمية الذي تمعن في مفهوم الاخلاق والخير ، واصر على ان إرادة الخير “ لا تكون خيرة بما تُحدِثه من أَثر أو تُحرزه من نجاح، لا ولا بصلاحيتها للوصول إلى هذا الهدف أو ذاك، بل إنها تكون كذلك عن طريق فعل الإرادة وحده أعني أنها خيِّرة في ذاتها” - تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق - .

بعد الحرب العالمية الثانية قررت المانيا ان تلتفت الى فيلسوفها الكبير ، ورغم ان قبره تحول الى ارض روسية ، فقد بدأت المطابع باخراج طبعات جديدة من كتاب “ مشروع للسلام الدائم “ بلغت في عام واحد “ 14 “ طبعة كتبت لها مقدمات مختلفة ، فيما اصدرت مطابع نيويورك ولندن وباريس طبعات لكتاب كانط الذي تم اعتباره اشبه بدستور ينظم حياة البشرية ، وهو ما تحقق بمشروع الامم المتحدة الذي يقترب من مقترح كانط في تكوين رابطة تجتمع بها الأمم للتحاكم في النزاعات بغية تعزيز المجتمع السلمي في أنحاء العالم.

في مقدمة كتابه “ مشروع للسلام الدائم “ يضع كانت هذه العبارة :” لقد وضع احد اصحاب الفنادق من الهولنديين ذات يوم لافتة وكتب فوقها عبارة ( الى السلام الابدي ) . ترى أكان مقصودا من ذلك النقش الساخر أن يوجه اللوم الى الناس عامة ام الى رؤساء الدول الذين لا يشبعون من الحرب ابداً ، ام الى الفلاسفة الذين الذين يستمرئون حلم السلام اللذيذ « .

لعله منظر بالغ الاهمية والجمال عندما نتخيل ان إيمانويل كانط ، الاستاذ الجامعي ، الوديع ، الذي يعيش حياة منتظمة انتظاما آليا مثل ساعة دقيقة ومحكمة ، يجلس ذات يوم بعد ان ينتهي من شرب قدح الشاي الصباحي ليفكر في احوال العالم ويكتب :” لا يجوز الاستيلاء على دولة مستقلة ، كبيرة كانت ام صغيرة “ . ويكملها بعبارة ستعتبر دستورا يحكم العلاقات بين الدول قائلا :” لا يجوز لدولة ان تتدخل بالقوة في نظام الحكم القائم في دولة اخرى “ وفي خضم شرحه لفكرة الوصول إلى الذروة المفترضة من الحرية، يطرح فكرة العلاقات الدولية بين الدول القومية في العالم. حيث اعتبر كانط الدولة القومية ضرورية، للوصول إلى الحرية وبلوغ السلام العالمي. واعتبر التوازن بين هذه الدول، شرطاً أساسياً في الحفاظ على السلم والحرية. وفي المقابل، اعتبر كانط الدولة أو الحكومة العالمية (أي دولة القطب الواحد التي تحكم جميع البشرية) دولة استبدادية تناقض النضال العالمي من أجل بلوغ الحرية. الدولة ليس متاعا يباع ويشترى ، بل هي جماعة انسانية لا يجوز لاحد ان يحكمها او يتصرف فيها إلا هي نفسها ، وادماج دولة في دولة اخرى يعني القضاء على شخصيتها المعنوية واعتبارها مجرد سلعة ، وفي هذا اهدار لها بوصفها كائنا معنويا . ان الحاكم ، مهما يكن شأنه لا يحق له ابدا ان ينظر الى أية دولة اخرى مستقلة على انها مجرد عقار يخضع للملكية . ان الحرب وسيلة للدفاع عن الحق ، وليست وسيلة للتدمير الشامل ، مهما كانت الحجج العسكرية التي يمكن التذرع بها . فهناك فوق اعتبارات الحرب ، اعتبارات انسانية تعلوا على كل اعتبار . يرفض كانط في تصويره للدولة وجود عقد سياسي بين الحاكم والمحكومين ، لانه بموجب هذا العقد يتنازل الشعب عن كامل حقوقه للحاكم . بحيث يصبح لهذا الاخير السيادة المطلقة على شعبه ، لأن الاساس القانوني للدولة عند كانط هو سيادة الإرادة العامة او ارادة الشعب التي لا يوجد سيد غيرها بموجب قوانين الحربة . وكانط هو صاحب الرأي الذي يقول ان الشعب هو صاحب الحق في التشريع وليس الحاكم ، وليس للحاكم اي سلطة سوى السلطة التنفيذية التي تخضع لتشريع الشعب . وحتى السلطة القضائية ايضا تخضع لإرادة الشعب من خلال اختيار السلطة القضائية اختيارا حرا . ويؤمن كانط بسن قانون أسماه قانون الشعوب :” ينبغي ان يقوم قانون الشعوب على اساس نظام اتحادي بين دول حرة . ان الشعوب – مثلها مثل الافراد – لكي تخرج من حالة الحرب التي غالبا ما تنشب بسبب انعدام القوانين إلا ان تتخلى كالافراد عن حريتها الجامحة الهوجاء وان تذعن لإلزام القوانين العامة “ – مشروع للسلام الدائم ـ.

هل تحن بحاجة الى كانط هذه الايام ؟ سيكون الجواب من خلال ثلاثيته النقدية الشهيرة “ نقد العقل الخالص “ و” نقد العقل العملي” و” نقد ملكة الحكم “ .حيث يؤكد لنا نحن ابناء القرن الحادي والعشرين ان العقل مفتاح لما نجربه ونختبره وما نعرفه ، وان اي شيء نختبره او نعرفه يرجع الى العقل نفسه ، وان الانسان قادر بقوة عقله على فهم الحقيقة .وان علينا ان ندرك ان كل شيء يتحقق في هذا العالم - السعادة والطمانينة والرفاهية - حين يحترم كل منا حقوق الآخر ، ونسمع صوت الحياة الذي يقول لنا على لسان كانط اننا قادرون على وقف المجازر بيننا ، لو اصغينا الى صوت العقل ، واننا جميعا نملك في اعماقنا بحراً يفيض بالخير .

في وصيته التي سلمها لاحد تلامذته طلب كانط ان يكتب على شاهدة قبره : “ شيئان يملآن قلبي دوماً بالإعجاب المتزايد والخشوع، وهو شعور لا يفارقني كلما أطلت التفكير: السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي والقانون الأخلاقي في داخلي. إنني أراهما أمامي مباشرة، وهما يثيران فيّ المرة بعد المرة الوعي بوجودي» .

ونحن نعيد قراءة كانط والتمعن في كتاباته سنكتشف ان الرجل الانيق كان ينظر إلى الفلسفة بوصفها شيئاً لا ينفصل عن التجربة الفكرية للحياة ، بل وانها جزءاً حيويا من هذه التجربة الحياتية .

يكتب كارل ياسبرز: ان إيمانويل كانط يريد منا جميعا ان نحمل لقب “ مخلوق اخلاقي «.