أهمية القوانين والتشريعات في جذب الاستثمارات

أهمية القوانين والتشريعات في جذب الاستثمارات

إيمان محسن جاسم
في أعداد سابقة من الملحق الاقتصادي لجريدة المدى تطرقنا لتجارب اقتصادية عالمية ناجحة لكننا اليوم سنتناول تجربة جنوب أفريقيا الاقتصادية خاصة ما يتعلق منها بالجانب الاستثماري، آخذين بنظر الاعتبار بأن تجربة جنوب أفريقيا ممكن أن تكون نموذجاً للعمل في العراق من خلال تشابه الموارد والاحتياجات معاً.

وتمثل جنوب أفريقيا اليوم واحدة من أكثر الأسواق الناشئة تطوراً على مستوى العالم حيث أنها تجمع بصورة فريدة بين توافر بنية تحتية عالية التطور تضاهي مثيلاتها في دول العالم المتقدم مع اقتصاد ضخم لسوق ناشئة واعدة مما أوجد بيئة مواتية للمشروعات والاستثمارات.
إن تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأنكتاد) UNCTAD حول الاستثمار في العالم لعام قد صنف جنوب أفريقيا كأفضل دولة جاذبة للاستثمار للشركات المتعددة الجنسيات في العقد الماضي. وقد حلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات محل الاستثمارات في قطاعي التعدين واستخراج المعادن. وتقدم جنوب أفريقيا العديد من الحوافز الاستثمارية للمستثمر المرتقب. وإن كافة قطاعات الأعمال مفتوحة للمستثمرين وليست هناك حاجة للحصول على موافقة الحكومة للبدء في أي استثمار ولا توجد أية قيود على شكل أو حجم الاستثمار الأجنبي طالما إنه يصب في صالح الاقتصاد الوطني، وهذا يشبه إلى حد كبير التجربة الصينية في جذب الاستثمارات.
وبالتأكيد فإن إجراءات كهذه تحقق الاستقرار الاقتصادي ويخلق فرصاً لزيادة حقيقية في النفقات على الخدمات الاجتماعية ويخفض التكاليف والمخاطر لجميع المستثمرين مما يضع أساساً قوياً لزيادة الاستثمار والنمو الاقتصادي. وينعكس أيضاً على تنشيط قطاعات أخرى في مقدمتها المصارف والبورصة وغيرها.
وعلينا هنا أن نعرف بأن أهم الأسباب التي جعلت من جنوب أفريقيا واحدة من أكبر المقاصد جذباً للتجارة والاستثمارات في العالم هو تلبية الحاجات الخاصة لكل مستثمر. وهناك العديد من الفرص المربحة نتيجة لوفرة الموارد الطبيعية في جنوب أفريقيا والإمكانات التي لا حدود لها للتصدير والاستيراد.
والحافز الأول للمستثمرين يتمثل إن تكلفة الاستثمار في جنوب أفريقيا تقل عن مثيلاتها في دول الأسواق الناشئة الأخرى في العالم. وقد صنفت مجلة الأيكونومست الاقتصادية البريطانية المرموقة جنوب أفريقيا كدولة يحصل فيها المستثمر على أفضل عائد وجدوى لاستثماراته. وعلاوة على ذلك فهناك ميزة إضافية وهي أن أسعار الطاقة الكهربائية في جنوب أفريقيا هي الأقل على مستوى العالم. كما تتميز جنوب أفريقيا بتوافر العمالة المدربة التي تقل في تكلفتها عن دول الأسواق الناشئة الأخرى في العالم ومن العوامل الأخرى الجاذبة للاستثمار والتجارة في جنوب أفريقيا هو انخفاض معدل ضرائب الأرباح التجارية.
يضاف إلى ذلك تتوافر في جنوب أفريقيا كوادر ضخمة من الموارد البشرية بدءاً من العمالة المدربة ونصف المدربة وغير المدربة. وقد سنت الحكومة تشريعاً للنهوض بقدرات ومهارات العمالة والموارد البشرية وللإسراع من وتيرة بناء كوادر مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى عالمي.
وأيضا ربطت جنوب أفريقيا الجامعات بسوق العمل حيث توجد شبكة متكاملة من الجامعات ومعاهد التعليم العالي والجامعي التي يعمل بها لفيف من الباحثين والأكاديميين الدوليين البارزين. والعامل الآخر هو توفر البنية التحتية خاصة المصارف وأسواق الخدمات المالية او ما يعرف بسوق الأوراق المالية.
ويضاف لهذا كله عاملاً غاية في الأهمية يتمثل بوجود بنية تحتية للمواصلات تُعتبر من بين الأكثر تطوراً في أفريقيا. وتلعب البنية الأساسية دوراً حاسماً في اقتصاد البلاد حتى أن الدول المجاورة تعتمد عليها.
كل هذه الحوافر استثمارية متوفرة إلى جانب توفر احتياطات هائلة من الموارد المعدنية الطبيعية حيث يوجد في جنوب أفريقيا 80% من احتياطيات العالم من المنغنيز الخام , 88% من احتياطيات العالم من معادن مجموعة البلاتين، 45% من احتياطيات العالم من الذهب، 73% من احتياطيات العالم من الكروميوم.
وهنالك ميزات أخرى للمستثمر تتمثل بان برنامج إصلاح التعريفة الكمركية يهدف أول ما يهدف إلى خفض تكاليف الإنتاج بالنسبة للمنتجين وقد تم تخفيض القيود على الاستيراد تمشياً مع التزامات جنوب أفريقيا تجاه الاتفاقية العامة للتعريفة الكمركية (الجات) ومنظمة التجارة العالمية.
ويمنح المصدرون في جنوب أفريقيا حوافز مغرية منها على سبيل المثال مساعدة لتسويق التصدير وإعفاء كامل من ضريبة القيمة المضافة على تصدير البضائع والخدمات مع الإعفاء من الكمارك والرسوم المختلفة الأخرى.
وبالتالي يمكننا القول بأن القوانين في هذا البلد جاذبة لرؤوس الأموال ومحفزة للكثير من المستثمرين الذين يسعون لجني أرباحهم من جهة ومن جهة أكثر أهمية هو أن تجني دولة جنوب أفريقيا عوائد اقتصادية كبيرة أهما توفير فرص عمل، دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلد، تنشيط دورة الاقتصاد وإدامته.