الوزير الدكتورحنا خياط أول وزير للصحة في العراق و دوره الصحي في العراق (1884 - 1959)

الوزير الدكتورحنا خياط أول وزير للصحة في العراق و دوره الصحي في العراق (1884 - 1959)

سمير عبد الاحد

حنا بهنام خياط وهو أول وزير للصحة في العراق ولهُ برنامجه الصحي المهم الذي ساعد في تطوير الكادر الصحي وألف الكثير من الكتب والنشرات التي ساهمت في نشر الوعي الصحي في معاهد الصحة العراقية.

ولد حنا بن بهنام بن عبدالاحد خياط في مدينة الموصل في 10-1-1884م، و هو من اسرة سريانية آرامية ذات اصول أرمنية سكنت الموصل منذُ عدة قرون. ونشأ وتربى بها وبعد تلقيهِ العلوم المدرسية، تطلع نحو تحصيل العلوم في الخارج، حيث حصل على شهادة بكالوريوس في العلوم والآداب من الجامعة الفرنسية في بيروت سنة 1903م، كما حصل على درجة الدبلوم في الطب من جامعتي باريس و إسطنبول سنة 1908م وانتخب عضواً في الجمعية الطبية والجراحية في بروكسل. وحينما عاد إلى الموصل انتخب أثناء الحرب العالمية الأولى نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر في المدينة، وشغل منصب رئيس المستشفيات فيها خلال الفترة 1914-1919. وبين سنتي (1918-1920م) عين طبيباً في مدينة الموصل. وانتمى إلى النادي العلمي فيها،وشارك بنشاطات فعالة،وبخاصة في محاضراته التي ألقاها على الأعضاء.

وبعد تأسيس الحكم الوطني شغل منصب وزير الصحة سنة 1922م، ويعد أول وزير للصحة في العراق في وزارة عبدالرحمن الكيلاني النقيب الثانية، كما تولى رئاسة مديرية الصحة العامة بعد الغاء وزارة الصحة و ربطها مع وزارة الداخلية كمديرية عامة للفترة (1922-1931)، فضلاً عن ممارسته منذ سنة 1927م تدريس الطب العربي في كليتي الحقوق والطب في بغداد وفي سنة 1931 م عين مديراً عاماً في وزارة الخارجية ثم مفتشاً عاماً للصحة سنة 1933م. ومديراً للمستشفى الملكي وعميداً للكلية الطبية الملكية سنة 1934م. وهو طبيب ماهر ومؤلف وكاتب متميز لهُ آثار طبية وكتابات في علم الاجتماع، وهو مؤرخ وباحث علمي وله معرفة واسعة في اللغات الأجنبية.

ويعد حنا خياط واحداً من المثقفين المستنيرين الذين امتلكوا فكراً إصلاحياً للحياة والمجتمع، وقد كان لتخصصه في الطب وثقافته الواسعة في أحوال المجتمع الدور البالغ في تطور الأمور الطبية بمدينة الموصل، ويتضح ذلك فيما أعده من خطط إصلاحية لرفع كفاءة الجهاز الطبي فيها.

فضلاً عن مساهماته في حملات التوعية الصحية بما نشره في الصحف من مقالات صحفية رصينة تهدف إلى النهوض بالواقع الصحي للبلد. ففي تقرير إجمالي عن الأحوال الصحية في الموصل، قبل الاحتلال البريطاني، تحدث حنا خياط عن الإهمال في مرافق مدينة الموصل أثناء فترة احتلال الدولة العثمانية وعزا أسباب التخلف الصحي إلى إهمال السلطة في الوقت الذي كانت السلطة تعزو القصور في هذا الشأن إلى الأهالي ناكرين عليهم استعدادهم للترقي الصحي،

وأردف خياط قائلاً: إن الأسباب كلها تعود للرجال الذين كانت بيدهم سلطة الإدارة وقد رجحوا منفعتهم على مصلحة الرعية، فان التخصيص المالي الذي كان يقع من دائرة الصحة إلى البلدية بشان التنظيفات كان يتخذ وسيلة لقضاء منافع شخصية (فساد). وكان يصرف المبلغ المخصص للتنظيف وقدره (600) روبية لكل شهر في وجوه مجهولة و بغير مكانه، (المقصود تنظيف الاحياء السكنية من الازبال و نقلها خارج المدينة مما تسبب بأنتشار الامراض و منها الطاعون)

وبغية الاطلاع ميدانياً على الاوضاع الصحية في البلد واصلاحها قام الرجل بالذهاب مع المامورين الى دائرة البلدية وساهم في عملية التعجيل بتنظيف البلدة خلال مدة قصيرة،وقد نجح في دفع البلدية لاجراء التنظيفات بواسطة المختارين وشكلت مزابل صغيرة في كل زقاق. ومن الاجراءات المتخذة هي قيام الادارة الصحية مباشرة بشؤون التنظيفات وانشاء المزابل وسد الخرابات وتعيين نقاط في احياء البلد مع ماموريها ومراقبة الاعمال والاشراف على بعض الحرف ثم اصلاح « المسلخ» ونقل اللحوم الى البلد وانتظام الكنس يومياً ورفع الاوساخ الى خارج البلد

كذلك من خلال أوامره حينما نصب وزيراً للصحة في العراق.

وفي خطاب القاه حنا خياط بمناسبة افتتاح اعمال المستشفى الملكي في الموصل،تناول موضوعات اجتماعية وصحية عديدة، اذ اشار الى اهمية الانسان في الوجود واكد ان البقاء من لوازم الوجود فالانسان من حيث انه موجود ترشده البداهة الى معرفة نواميس الطبيعة الضامنة لحفظه فتحفظ كيانه ومن حيث انه كائن مدني مكلف بحفظ نوعه تهديه القوة العاقلة الى الاحكام الادبية الكاملة فتحفظ نوعه، واشار ايضاً الى ان هذين الواجبين والمبداين معاً أي الذاتي والنوعي اللذين هما اساس كل العائلات فالملل والشعوب. كما تعرض حنا خياط الى اسباب كثرة الوفيات بين الاطفال وانتشار امراض التدرن وانتشار الحشرات المتنوعة في الدور والازقة وقلة النمو في سكان البلد نتيجة سوء الادارة. وعدم الاهتمام في الاصلاحات الطبية،وبين الرجل بان الامراض الزهرية قبل الحرب العالمية الاولى كانت في البلاد قليلة جداً ولكن اتسع نطاقها اثناء الحرب

شارك في تأسيس الكلية الطبية في بغداد في 29/10/1927:; شارك في تأسيس مدرسة التمريض سنة 1933. ; عضو مؤسس في جمعية مكافحة السل في 1944. ; عضو فخري في المعهد الملكي البريطاني سنة 1942. ; منح وسام الرافدين من الدرجة الرابعة والثانية. ; وسام الامتياز من ألمانيا، ايطاليا ولبنان. ; كان من رواد مجالس الأب أنستانس الكرملي للأدب واللغة العربية في كنيسة اللاتين في بغداد.

لقد اجتمع حنا خياط مع الملك فيصل الاول في 22 تشرين الاول سنة 1922وتباحثا في الامور الصحية والاجتماعية،وكان خياط قد اعد مشروعاً اصلاحياً لمدة 10 سنوات، قدمه الى الملك فيصل وشرع بتنفيذه منذ اول تشرين الثاني من العام نفسه حتى عام 1932. و يعتبر الحاحه هئ لتأسيس كلية الطب الملكية بشكل رسمي وقد ارتكز هذا المشروع على الاسس التالية:.

1 – ربط مختلف المصالح والدوائر الصحية والطبية بتشريع طبي خاص وموحد.

2 – تأسيس تشكيلات صحية عصرية ثابتة تتماشى مع الادارة العامة ومقتضيات العصر.

3 – تزويد دوائر الصحة بملاك ثابت من الاطباء الاختصاصيين والعاملين الماهرين في الصحة قدر الامكان.

4 – تخصيص منشات صحية بابنية ملائمة كالمستشفيات والمستوصفات والمعاهد لتحل محل الابنية القديمة التي لم تكن تتلاءم ومقتضيات العصر الراهن.

5 – تاسيس كلية طبية ملكية عراقية مع ملحقاتها كالمدارس الصحية والمعاهد والصيدلية والقبالة ودور التمريض، لتخرج الكوادر الصحية المتخصصة، لتحل محل الكوادر الاجنبية.

6 – العمل على ايفاد الكوادر الوطنية الى الخارج وفق تدابير خاصة للتخصص في مختلف حقول الطب بارسالهم الى المعاهد الاجنبية مع استقدام الكوادر الاجنبية المتخصصة للاستفادة من كفاءتهم.

7 – اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الامراض المعدية والمزمنة عن طريق انشاء « مستشفيات « في بغداد والموصل والبصرة.

8 – تامين الاشراف الصحي والاسعاف الفوري في المراكز الحيوية كدوائر السكك ودوائر المعارف وغيرها.

9 – اتخاذ التدابير اللازمة لرفع الوعي الصحي في الريف والعمل على نشر المستوصفات والمراكز الصحية في القرى والارياف.

10 – العمل على زيادة الوعي الاجتماعي والصحي فيما يخص قضايا السكن الصحي وتصفية مياه الشرب وتعميم طرق النظافة، وكيفية نقل الجنائز والاهتمام برعاية الامومة والطفولة،

11 – العمل على مكافحة البغاء والتنبيه من مساوىء الامراض المعدية.

لقد توفي المرحوم الاستاذ الدكتور حنا خياط في يوم 30 نيسان 1959م في بغداد وكتب مذكرات عن حياته بكتاب إسمه الأيام تتكلم.

و يذكر:

كان عدد الاطباء العراقيين قبل 1919 يبلغ عددهم تسعه فقط، و باقي الاطباء هم من البريطانيين و الهنود و الايرانيين و الاتراك و السوريين زهاء مائة و سبعين طبيبا (من ذكريات الراحل الدكتور كمال السامرائي) و في 6 تشرين الثاني 1926 أمر الملك فيصل رئاسة مجلس الوزراء لعمل ما يلزم لتأسيس كلية طبية عراقية. و صدرت الارادة الملكية بتأسيسها بأسم (الكلية الطبية الملكية العراقية) سنة 1927 و عين الدكتور سندرسن عميدا لها و هو في لندن ـ و شرع في تأسيسها على غرار الكلية الطبية في أدنبره. (سوف ننشر موضوع منفصل عن تأسيس الكلية الطبية الملكية العراقية).

من مؤلفاته العديد من الكتب الطبـــية منها:

– لمحى في التيفوئيد عام 1911 مطبعة الاباء الدومينيكان ,

– كتاب تناقص النفوس في العراق سياسة وطرق علاجه عام 1923 ,

– كتاب الطب العدلي طبع في المطبعة الحديثة في بغداد عام 1925,

– رسالة في الهواء الاصفر ,

– الدليل في مسالك الطب القانوني , كتاب الطب العدلي ,

– كذلك قام بتأليف كتاب الايام تتكلم في حياته وسيرته ولكنه لم يطبع للنشر.