بيت المدى و معهد غوته يقيمان..حواراً ثقافياً حول برتولت بريشت والمسرح العراقي

بيت المدى و معهد غوته يقيمان..حواراً ثقافياً حول برتولت بريشت والمسرح العراقي

بسام عبد الرزاق

ضمن فعاليات “جاي تاك” التي يقيمها معهد غوته بالتعاون مع مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، احتضن بيت المدى في شارع المتنبي، امس الاول الجمعة، حوارا ثقافيا تحت عنوان “برتولت بريشت والمسرح العراقي” عن الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الالماني الكبير برتولد بريشت حضرها نخبة من المسرحيين والمتخصصين.

في بداية الجلسة تحدث د. سعد عزيز عبد الصاحب، والذي ادار الجلسة، قائلا إنه “اليوم سنكون مع مسألة مهمة جدا وضرورية في المشهد المسرحي العراقي والحراك الثقافي، مع “برتولد بريشت” المولود عام 1898 والمتوفى عام 1956 هذا الكاتب الالماني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بفواعله الدرامية والشعرية وانفتح عليه المسرحيون العراقيون مبكرا من خلال ترجمات المصريين عبد الغفار مكاوي وعبد الرحمن بدوي، ويمكن ان نقول تساوقا مع التيارات السياسية في تلك الفترة تلقف المسرحيون العراقيون المسألة البرشتية والنظرية البرشتية وحاولو ان ينفتحوا على المسرح البرشتي من خلال هذا التساوق السياسي الاجتماعي الادبي، فكان ضرورة ملحة لدى المثقفين العراقيين والمسرحيين ان يكون برشت جزءا من “ربيرتوارهم” الاساسي في العملية المسرحية، وكان ايضا قريبا من الحكمة الشعبية ومن البروليتاريا ومن صراع الطبقات الذي كان يمر في ستينيات القرن المنصرم في العراق، فكان هذا التساوق ما بين الادب البرشتي وبين ما يمر في الشارع العراقي في تلك الفترة من تجاذبات سياسية اثر واضح في تقديم بريشت على المسرح العراقي».

رئيس قسم اللغة الالمانية الاسبق في كلية اللغات جامعة بغداد، بهاء محمود علوان، عرض كتاب “المسرح الملحمي الالماني برؤية عراقية”، مبينا ان “الحديث عن بريشت والمسرح الالماني مسؤولية كبيرة من خلال نقل المعلومة، وحتى نفهم بريشت نبدأ بمقولة له: “المسرح منبر للحوار وليس منصة للايهام».

واضاف ان “اردنا فهم الجزء الاول انه يعني للمسرح دور ومسؤولية وهدف ومهام يجب انجازها، لكن عملية انجاز هذا كله تنظير، وان نحققه على ارض الواقع هنا تكمن المسؤولية الصعبة، هنا امتلك بريشت القدرة في نقل هذا التنظير الى الواقع».

وتابع انه “يجب ان نعرف ايضا ان الالمان عريقين جدا في المسرح وفي كل المراحل الادبية الالمانية من عصر الباروك عصر البهرجة والزخارف كان للمسرح الالماني دور كبير في تنشئة مجتمع وتقديم انموذج رائع جدا، واذا لاحظنا انه في عصر الباروك عندما قدم اندرياس جوفنسون مسرحية “الديمقراطية اللا معقولة” مستمدة من مسرحية لشكسبير اثارت ضجة جدا ولو انتقلنا للعصور الكلاسيكية والرومانسية وما بينهما وحتى الواقعية سنجد مسرحيات كثيرة».

وأكمل انه “عندما سُئلت هيلينا فايغل زوجة بريشت، لماذا بريشت؟ قالت لانه يوقض فينا جذوة النقاش ويخلق عندنا الديالكتيك ويطرح المسائل ويعطي الحلول ومتفائل في المستقبل، واسس مسرح استطاع ان يضرب ما بني عليه المسرح من آلاف السنين».

واضاف ان “بريشت من خلال نظرية الديالكتيك والجدل والنقاش افترض ان الجمهور يجب ان يلعب دورا في المسرح، من خلال ادوات اهمها هي عملية التأثير “التغريب”، وكثير من المسرحيين احيانا يخلطون بين مسرح المعقول واللا معقول مع التغريب، وبريشت اول من عرف التغريب، هو تنصل الشيء عن سماته العامة، اما تغريب الممثل معناه ان ينسلخ من الدور ويحكيه ويسرده لا ان يلعبه».

من جانبه قال د. عقيل مهدي انه “عندما عرف المسرح الملحمي في العراق لم يكن الجميع يعرفون ويدركون ما هذا المسرح، بسبب عدم وجود دراسات وادبيات ونقاشات في هذا الجانب”، مشيرا الى ان “الناقد المسرحي اريك بينتلي افاد ابراهيم جلال عندما كان يدرس في امريكا لانه اول من عرف عالميا بالمسرح الثوري، والمسألة الثانية يتبين فيها دور الناقد الكبير، حين ابتكر لوناشارسكي الواقعية الاشتراكية في موسكو والتي اعطت القيمة الجدلية والديالكتيكية وكيف تحول الى كوادر مجتمعية وليس الى افراد».

د. زهير البياتي قال انه “عندما كنت طالبا في معهد الفنون الجميلة سألت استاذ بهنام ميخائيل وكنت اقرأ عن بريشت، كيف يصبح المألوف غير مألوف وغير المألوف مألوفا؟ ولم افهم في وقتها تفاصيل العبارة، فأجابني هذه حجر الزاوية التي يعتمد عليها بريشت ولم يتوسع في التفاصيل، وبقينا في مراجعة الى ان عرفنا مسألة التأثير».

واضاف ان “بريشت اعتمد على مقولة لماركس، ان الفلاسفة بدلا من تفسير العالم يجب ان يغيروه، وهذا ما اعتمده في جميع اعماله من خلال خلخلة وعي وتفكير المتلقي والخروج بعد العرض المسرحي بقناعات مختلفة عما كان قبل العرض».

بدوره قال د. جبار خماط عن “المسرح الملحمي ولماذا كان ضرورة وخفت في وقت من الاوقات وهل بالامكان ان يرجع بتأثير عالي؟، اولا اقول لماذا هو ضرورة، فمن ناحية الفكر هو انطلق من مصطلح لهيغل “نفي النفي” بمعنى النفي الاول وهو المحاكاة ثم يأتي نفي اخر بطاقة التعبير الجديدة، وهو الاداء المناقش حيث يقوم الممثل بفتح الاطار الحواري مع الجمهور ويتحول العرض المسرحي الى تنبيه ويقظة وفاعلية نقاشية من اجل التخلص من سكون الواقع».

من جانبه استعرض الاستاذ بشار طعمة بعض الاعمال التي قدمها المسرح العراقي والتي تم تعريقها من قبل مخرجين عراقيين وتواريخ عرضها والاماكن التي عرضت فيها.

في ختام الجلسة تحدث الاستاذ امين الموسوي، عن اشاعة مفاهيم في الفترات الاخيرة بان الادب والرواية والمسرح يجب ان تبتعد عن الايديولوجيا، وان هذه مسألة خادعة بشكل مطلق، لانه لا يمكن للانسان ان يكون بلا ايديولوجيا، ولذلك يقول الفيلسوف الفرنسي التوسير “حتى شهيقك وزفيرك انما هو ايديولوجا، وبما اننا نتحدث عن بريشت فهو مثال للأديب الايديولوجي يصبغ كل نتاجاته بصبغة ايديولوجية تعرفونها، وحينما التقى بصموئيل بيكت قال له حبذا لو اظهرت خلفية لعمال يبنون لان هذه الطبقة هي التي يقوم عليها المجتمع