مختارات من «طفولة في برلين عند مطلع القرن العشرين» لفالتر بنيامين

مختارات من «طفولة في برلين عند مطلع القرن العشرين» لفالتر بنيامين

ترجمة: احمد فاروق

وصول متأخر

بسببي بدت ساعة فناء المدرسة معطوبة. كانت عقاربها تشير إلى “متأخر جداً”. وفي الممر تناهت من الفصول همهمة مشاورات سرية. لقد جمعت الصداقة بين التلاميذ والمدرسين وراء هذه الجدران. أو أن الصمت خيم على الجميع وكأنهم ينتظرون أحداً.

لمست مقبض باب الفصل بصوت غير مسموع. غمرت الشمس البقعة التي وقفت فيها. لقد أفسدت يومي الصحو بدخولي. لم يبد أن أحداً قد عرفني، أو حتى رآني. ومثلما احتفظ الشيطان بظل بيتر شليمهيل، امتنع المعلم عن ذكر اسمي ضمن قائمة الحضور عند بداية الحصة. ولم يأت علي الدور في الإجابة. عملت بهدوء حتى دق الجرس، لكن كدحي لم يكن مغبوطاً.

صباح شتوي

الجنية التي تضمن تحقيق أمنية ما، موجودة لدى الجميع. لكن قليلين هم من يستطيعون تذكر أمنيتهم، وقليلين أيضاً من يستطيعون لاحقاً وخلال حياتهم إدراك أن أمنيتهم قد تحققت. أعرف أمنيتي التي تحققت ولا أريد القول إنها كانت أكثر حذقاً من تلك التي يتمناها أطفال الحكايات الخيالية. لقد تشكلت داخلي مع المصباح، الذي كان مع اقترابه من سريري في الصباح الشتوي الباكر، في الساعة السادسة والنصف، يلقي بظل مربيتي على غطاء السرير. تُوقد شعلة في الفرن. وسرعان ما تتوجه هذه الشعلة التي بدت محشورة في درج صغير جداً لا تكاد تستطيع التحرك داخله من كثرة الفحم، بالنظر إلي. ومع ذلك يبدأ شيء هائل في التشكل هناك بالقرب مني، شيء أصغر مني ويتطلب من الخادمة أن تنحني له أكثر مما تنحني لي. وعندما يكتمل اشتعال الفرن، تضع الخادمة تفاحة لتحميرها داخله. وسرعان ما يعكس وميض أحمر شبكة باب الموقد على الأرض. ومن فرط تعبي كان يتراءى لي أن هذا المنظر كاف لليوم كله. هكذا كانت الحال دائماً في هذه الساعة، وحده صوت المربية كان هو الشيء الذي يشوش على إتمام الأشياء التي اعتاد الصباح الشتوي أن يعهد إليّ بها في غرفتي. لم يكن مصراع النافذة قد فُتح بعد، عندئذ كنت أزيح للمرة الأولى باب الفرن جانباً لاتفحص وضع التفاحة داخله. أحياناً لا يكون تغيير يذكر قد طرأ بعد على نكهتها. أصبر حتى اشتم الرائحة الزكية الفائرة الآتية من خلية من خلايا اليوم الشتوي أكثر عمقاً وسرية حتى من تلك التي ينبعث منها عبق الشجرة في ليلة عيد الميلاد. رقدت الثمرة الداكنة الدافئة داخل الفرن، هذه التفاحة التي بدت مألوفة رغم تغيرها، مثل شخص أعرفه جيدا، كان مسافراً في رحلة ثم جاء لزيارتي. كانت رحلة عبر أرض حرارة الفرن المظلمة التي اكتسبت منها التفاحة نكهة كل الأشياء التي يهيئها اليوم لي. ولهذا كان من الغريب أيضاً أنه كلما أدفأتُ يدي في خدي التفاحة اللامعين، كان ثمة تردد يعتريني عندما أنوي قضمها. لقد شعرت بأن المعرفة العابرة التي كانت تحملها في رائحتها يمكن أن تتلاشى في طريقها عبر لساني. هذه المعرفة كانت أحيانا مشجعة جدا لدرجة أنها كانت تهوّن علي الطريق إلى المدرسة. عندما أصل إلى هناك، يعود التعب الذي تراءى في البداية أنه زال، مضاعفاً عشر مرات. ومعه هذه الأمنية بأن أحصل على كفايتي من النوم. ربما أكون قد تمنيت ذلك ألف مرة وتحقق فعلا لاحقاً. لكنني احتجت لوقت طويل حتى أدرك أنه في تحقق هذه الأمنية يتبدد في كل مرة هذا الأمل الذي يحدوني في الحصول على وظيفة ولقمة عيش آمنة.

القمر

الضوء الذي ينسال من القمر، لا مكان له في مسرح وجودنا النهاري. المحيط الذي يضيئه بصورة مضللة، يبدو أنه ينتمي لكوكب أرض مضاد أو مجاور. إنها ليست الأرض التي يلف القمر حولها كتابع، بل هي نفسها التي تحولت إلى تابع للقمر. صدرها الواسع، الذي كان نَفَسُه الزمن، لم يعد يتحرك. أخيراً عاد الخلق إلى موطنه ويمكنه ارتداء وشاح الأرامل الذي مزقه النهار. فهمت ذلك من شعاع الضوء الشاحب الذي كان يمرق إلي عبر ألواح الشيش. صار نومي قلِقاً: مزقه القمر بمجيئه وذهابه. عندما كان يحضر في الغرفة وأصحو، أصبح طريداً، إذ بدا وكأنه لا يريد أن يؤُوي أحدا معه. حوضا الغسيل بلونهما السكري كانا أول شيء يقع عليه نظري. خلال النهار لم يخطر لي أبداً أن أتوقف عندهما. لكن في ضوء القمر كان الشريط الأزرق الذي كان يلف الجزء الأعلى من الحوض مصدرا للإزعاج. كان يعطي انطباعاً خادعاً بأنه من النسيج ويتخلل ذيل تنورة، وفي الواقع كانت حافة الحوضين مثنية مثل كشكشة. في وسطهما وقف إبريقان منتفخان من نوع البورسيلين ذاته، وبزخرفة الزهور نفسها. عندما كنت أقوم من سريري كانا يصلصلان وهذه الصلصلة وجدت لنفسها أرضاً خصبة في اللوح الرخامي لمائدة الغسيل وآنياتها. وبقدر فرحي لسماع إشارة حياة في محيطي الليلي حتى ولو كانت صدى لي أنا نفسي، بقدر ما كانت رغم ذلك إشارة لا يعتمد عليها وكانت تنتظر لتخدعني مثل صديق مزيف. حدث هذا عندما رفعت يدي بالإبريق من أجل أن أصب كوباً من الماء. قرقرة المياه، وهذا الصوت الذي وضعت به الإبريق أولاً ثم الكوب جانباً- كل هذا ارتطم بأذني كتكرار. لأن كل مواضع هذه الأرض المجاورة التي انتقلتُ إليها، بدت في حوزة الماضي. وكان علي أن أعلن رضوخي داخلها، فإن ذهبت للسرير كنت أخاف دائماً أن أجد نفسي مستلقيا فيه بالفعل.

وكان خوفي لا يهدأ تماماً إلا عندما أشعر مجدداً بملامسة ظهري للمرتبة، عندها كنت أنعس، وينسحب ضوء القمر ببطء من غرفتي. وكثيراً ما كانت تغرق في الظلام عندما أصحو للمرة الثانية أو الثالثة. كانت اليد هي أول من يتشجع للغوص في خندق النوم لتحتمي به من الحلم. ولكن عندما يهدئ ضوء الليل من روعها وروعي، يتبين أنه لا يتبقى من العالم شيء سوى سؤال مستعص، وهو: لماذا يوجد شيء في العالم، لماذا العالم؟ باندهاش أدركت أن لا شيء يمكنه أن يرغمني على التفكير في العالم. إن عدم وجوده لم يكن ليتراءى لي أكثر ريبة من وجوده الذي بدا أنه يغض الطرف عن عدمه. عند بزوغ القمر، ليس للبحر وقاراته إلا ميزات قليلة أمام حوض غسيلي. لم يتبق شيئ من وجودي أنا سوى رواسب الهجران.

الدُوارة

اللوح ذو الحيوانات السهلة الاستخدام يدور بالقرب من الأرض. يجعلك علوه تحلم بالطيران على أفضل وجه. تبدأ الموسيقى ويدور الطفل مبتعداً عن أمه. يخشى في البداية مفارقتها ثم يلاحظ بعد ذلك كيف أنه وفي لنفسه. يتربع كحاكم مخلص على عرش عالم يملكه. عند أطرافه تصنع الأشجار وأهل المدينة تشريفة. عندئذ تظهر الأم ثانية في شرق ما. وبعدها يخرج من الأدغال برعم، كالذي رآه الطفل قبل آلاف السنين، كالذي رآه الطفل لتوه ولأول مرة هنا فوق الدوارة. حيوانه شغوف به: وهو مثل آريون أصم يركب فوق دلفينه الصامت، ثور-زيوس خشبي يخطفه باعتباره أوروبا العفيفة. وهكذا يصبح العود الأبدي لكل الأشياء حكمة طفولية قديمة والحياة انتشاء عتيق بالسلطة مع الأرغن الآلي المدوي كدرة التاج في المنتصف. وإذا ما تباطأت الموسيقى يبدأ المكان في التلعثم وتشرع الأشجار في العودة لوعيها، وتصبح الدوارة أرضاً غير مستقرة. ثم تظهر الأم- تلك الدعامة المثبتة بقوة التي يلتف حولها حبل نظرات الطفل الهابط.

شحاذون ومومسات

كنت في طفولتي أسيراً للغرب البرليني القديم والجديد، فأهلي سكنوا هذين الحيين في الماضي في موقف يخلط بين التعنت والاعتزاز، وصنعوا منهما غيتو، اعتبروه إقطاعيتهم. ظللت حبيس هذه المنطقة الموسرة دون أن أعرف غيرها. وبالنسبة للأطفال الأغنياء في مثل عمري، لم يكن ثمة فقراء إلا في هيئة شحاذين. وكان تقدما معرفياً كبيراً، عندما تجلى الفقر لي لأول مرة متجسداً في هوان العمل بأجر متدن. كان ذلك من خلال نص صغير، ربما يكون أول نص أكتبه بنفسي، وكان عن رجل يوزع منشورات دعائية، وعن الإهانات التي يتلقاها من الجمهور الذي لم يهتم بمنشوراته. وهكذا يتوصل هذا المسكين-كما خلصتُ في النهاية- إلى التخلص سراً من كل منشوراته. بالطبع لم تكن هذه أفضل تسوية مثمرة للوضع. إلا أنني لم يخطر ببالي آنذاك أي شكل آخر من أشكال التمرد سوى التخريب، وقد نبع هذا من تجربتي الذاتية جداً. وإليها كنت ألجأ عندما كنت أسعى للتملص من قبضة أمي، وخصوصا عند «شراء المؤن» وكنت أفعل ذلك بعناد جامح يدفع بأمي في كثير من الأحيان إلى حافة اليأس. وتحديداً كنت قد تعودت أن أبقى على مسافة نصف خطوة وراءها، وكأنني لا أريد بأي حال من الأحوال تشكيل جبهة، حتى ولو كان ذلك مع أمي. وقد اكتشفت لاحقاً كم أنا مدين بالعرفان لهذه المقاومة الحالمة في خروجاتنا المشتركة عبر المدينة، عندما فتحت الأخيرة متاهتها للغريزة الجنسية. لكن الغريزة لم تبحث في تلمساتها الأولى، عن الجسد بل عن النفس المنبوذة تماماً، التي كانت أجنحتها تلمع في خمول في ضوء المصباح الغازي، أو تنعس مطوية تحت الفراء الذي تتشرنق فيه. وكنت أشعر بالرضا عن هذه النظرة التي لا يبدو أنها ترى ولا حتى ثلث ما تلتقطه في الحقيقة. في السابق عندما كانت أمي توبخ عنادي وتلكؤي، كنت أشعر على نحو مكتوم بإمكانية تحالفي مع هذه الشوارع التي لم أكن على الأغلب أعرف طريقي فيها، بحيث أتحرر من سلطة أمي لاحقاً. لا شك بأي حال من الأحوال في أن شعوراً- خادعاً للأسف- برفضها ورفض طبقتها وطبقتي هو الذي أدى لوجود هذا النزوع الذي لا مثيل له لمحادثة مومس في الطريق العام. استغرق الأمر سنوات حتى تحقق ذلك. والفزع الذي شعرت به أثناء ذلك كان هو الفزع ذاته الذي سيتملكني لو كنت بصدد تشغيل آلة يكفي طرح سؤال وحيد عليها لكي تعمل. وهكذا كنت ألقي بصوتي عبر الفتحة، ويفور الدم في أذني فلا أعود قادراً على التقاط ما يخرج من الفم المصبوغ بكثافة بأحمر الشفاه. هربت لكي أكرر المحاولة الجسورة في الليلة نفسها- كما كان يحدث كثيراً. وعندما كنت أحياناً أتوقف قرب الصبح عند مدخل أحد البيوت، أكون قد وقعت بلا أمل في حبائل أربطة الشارع الإسفلتية، ولم تكن أنظف الأيادي هي التي حررتني منها.

اليقظة الجنسية

في تلك الشوارع التي جبتها لاحقاً في جولات لا نهاية لها، وعندما آن أوانها، فاجأتني يقظة الغريزة الجنسية في ظروف غريبة. كان ذلك في عيد رأس السنة اليهودية. رتب والديّ من أجل إرسالي إلى احتفال ديني. ربما كان الاحتفال لدى تلك الطائفة الإصلاحية التي كانت أمي تميل لها بحكم تقاليد عائلتها. وقد عهدوا بي في هذا العيد إلى أحد أقربائنا البعيدين، وكان علي أن أذهب إليه لإحضاره. ولكن لكوني نسيت عنوانه أو أنني تهت في المنطقة- تأخر الوقت كثيراً وازداد ضياعي مع كثرة اللف والدوران. لم يكن مطروحاً أن أتجرأ على الذهاب إلى الكنيس لوحدي، لأن بطاقات الدخول كانت مع الشخص المكلف برعايتي. كان السبب الرئيسي في سوء حظي هو نفوري من هذا الشخص الذي لا أكاد أعرفه والذي كنت مرتبطاً به، وريبتي من هذه الاحتفالات الدينية التي لا تسبب لي سوى الارتباك. وسط هذه الحيرة غمرتني فجأة موجة خوف ساخنة- «تأخر الوقت- فاتك الكنيس» ولكن بالضبط في هذه اللحظة وقبل أن تنحسر غمرتني موجة ثانية من الانعدام التام للضمير- «فلتسر الأمور كما تسير- لا شأن لي بذلك». وكلا الموجتين ارتطمتا ببعضهما بلا هوادة في أول شعور باللذة اختلط فيه تدنيس العيد بأجواء القوادة في الشارع والتي جعلتني أدرك هنا للمرة الأولى هذه الخدمات التي من المفترض أن تقدمها للغريزة التي صحت.

***

عن طفولة فالتر بنيامين البرلينية: ليست هذه بسيرة ذاتية عادية يحكي فيها المؤلف عما عايشه في طفولته، ولا هذا بكتاب عن معالم برلين عند مطلع القرن العشرين، إنها صور نقشها فالتر بنيامين على جدران الزمن أثناء حفره في ماضي الطفولة. فهو يشبِّه عملية التذكر بالحفر ويرى أن هذا الحفر في الذاكرة ليس عملا اعتباطيا: “وبالطبع يكون مفيداً إنجاز أعمال الحفر وفقاً لخطط. لكن ما لا غنى عنه أيضا هو ضربة الجاروف المتحسسة الحذرة في التربة المظلمة، وسيخدع نفسه على أفضل نحو من يقوم فقط بجرد ما عُثر عليه ولا يستطيع أن يحدد في تربة الحاضر المكان والموضع الذي حُفظ فيه القديم”. وقد أثرت تربة الحاضر بالفعل على كتابة هذا العمل، ففي عام 1931 بدأ بنيامين بناءً على طلب مجلة Literarische Welt البرلينية تدوين ذكريات ذات طابع شخصي عن برلين تحت عنوان “وقائع برلينية”، وشكلت الأساس لهذا الكتاب، لكنها تميزت بالإسهاب وتضمنت تعليقات وهوامش، ولما أدرك بنيامين في صيف عام 1932 أنه سيغادر قريبا مسقط رأسه، وربما بلا رجعة، مع انتشار المد اليميني المتطرف في ألمانيا وتولي النازيين مقاليد الحكم في عام 1933، اتخذ العمل منحى آخر أميل إلى الاقتضاب المحسوب وكأنه رسام يعالج لوحته بحسابات لونية دقيقة لكي تظهر في الضوء الذي يرغبه.

ولا شك أن بنيامين الذي عاش طفولة رغدة في حي شارلوتنبورغ البرليني الغني، وعانى في أوج شهرته كمفكر وناقد أدبي لامع من صعوبة تأمين معاشه، قد حرص على تحصين نفسه ضد الحنين للماضي، وهذا واضح من استهلاله الكتاب بالشرفات التي لا تصلح للسكنى رغم كل ما لها من ذكريات لطيفة في نفس الكاتب، والختام بنص القزم الأحدب الذي يرافقه في كل أماكن طفولته ويحرص على نسيانه لنصف الأشياء، وبذا تصبح الذاكرة مشوهة وغير مكتملة. وإذا كانت باريس لدى بنيامين مدينة للتسكع وعاصمة للقرن التاسع عشر، فإن برلين تكاد تكون مدينة أثرية شبه مهجورة، وبرجوازيتها آخذة في الانقراض، ويتضح ذلك جلياً في الكآبة الطاغية على بيوت الغرب البرليني وغرفها الكثيرة الخالية، والتي لا تحل بها البهجة إلا في الأعياد. وعلى الأغلب فإن بنيامين كان يشعر في طفولته بالضجر أيضاً من التعليم المدرسي العقيم الذي كان على ما يبدو سمة بارزة للعصر الفيلهميني ذي الصبغة البروسية العسكرية في ألمانيا، وهذا ما كان يدفعه إلى الهروب إلى الخيال والاستماع للقصص التي تحكيها ندف الثلج وتخيل تفاصيل القصص التاريخية والخيالية التي يقرأها في أثاثات البيت الضخمة والعتيقة. ورغم استغراق الطفل في خيالاته، إلا أن عينه لم تغفل عن رصد ذكي لملامح العصر وتحولاته كالحديث عن دخول الهاتف إلى المنازل البرلينية وعن الصالات الرياضية وما تتميز به من أجواء استعراضية، وعن تسليم البانوراما القيصرية الراية لفن السينما الناشئ، وأخيراً وليس بآخر رصد الفقر المستشري في المدينة واكتشاف المراهق في شوارعها للغريزة الجنسية.

عن كتاب: طفولة برلينية