وديان حيدر الدلفي
ولد عبد الإله في 24 تشرين الثاني 1913 في مدينة الطائف إحدى مدن الحجاز في بيت جده لوالدته الشريفة نفيسة بنت عبدالإله أمير مكة, وكان عبد الإله الابن الوحيد للأمير علي من الذكور بين أخواته الأربع, إذ توفي له شقيقان قبل ولادته, وهم الأمير شرف وعمره تسعة أشهر, والأمير محمد وعمره ثمانية أشهر.
بعد مرور ستة أشهر على ولادته أرسل الأمير إلى مكة المكرمة على عادات أهلها عندما يرزقون بمولود جديد, فعاش طفولته المبكرة في مكة المكرمة تحت رعاية جده الملك حسين ووالدته, لأن والده كان مشغولاً في مسؤولياته العديدة في قيادة بعض الغزوات ضد القبائل المتمردة في الحجاز, فلم تتح له الفرصة للتعايش مع والده, فقد عوضه عن ذلك حنان وعطف والدته الشريفة نفيسة وجده الملك حسين.
وخلال اندلاع الثورة العربية عام 1916 في مكة المكرمة, بقي عبد الإله تحت رعاية جده الملك حسين الذي حرص على تعليمه الذي لم يختلف بدايته عن أقرانه, فقد كان من عادة كبار أشراف الحجاز أن يأتوا بمعلمين لتعليم أبنائهم القرآن الكريم والحساب والتاريخ داخل قصورهم, كما كانوا يتعلمون اللغة التركية, وكذلك تعلم الفروسية واستعمال السلاح كي يشبون فرساناً يحسنون الرماية.
فعهد الشريف حسين إلى الشيخ ياسين البسيوني أحد علماء الحجاز الكبار, مهمة تعليم عبد الإله مبادئ الدين واللغة العربية, فبقي تحت إشرافه حتى عام إلا أنه في عام 1920 غادر عبد الإله المدينة المنورة مع أسرته إلى سوريا عندما قرر المؤتمر السوري المناداة بالأمير فيصل ملكاً على سوريا لحضور حفلة تتويج عمه الملك فيصل بعد أن وجه الدعوة إلى أحد أمراء البيت الهاشمي لحضور الحفل, ونظراً لانشغال والده الملك علي في المدينة المنورة لبى عبد الإله الدعوة لحضور حفل التتويج.
وخلال وجوده في سوريا ألتحق عبد الإله بإحدى المدارس السورية بناءً على رغبة عمه الملك فيصل, واستمر وجوده فيها طيلة مدة الحكومة العربية بالحكم في دمشق والتي كانت تواجه ضغطاً فرنسياً, ونتيجة لذلك اضطر الملك فيصل بترحيل عائلته وذويه من دمشق, وقرر عبد الإله العودة إلى المدينة المنورة, ومنها انتقل إلى مكة المكرمة واستقر فيها, فأمر الملك حسين بمتابعة تعليمه هناك, فعهد إلى محمد بك خلوصي أحد قادة الجيش العثماني ومن ضباط الأركان الكبار بتعليمه المبادئ العسكرية والعلوم الأخرى, فيما تولى الطبيب خليل الحسني أحد أطباء الثورة العربية عام 1923 تعليمه مبادئ التاريخ والجغرافية.
انتقل عبد الإله مع عائلته إلى شرق الأردن في عام 1924 ليكون قرب عمه الأمير عبد الله بن الحسين, وذلك بسبب نشوب الحرب الحجازية النجدية, وفي عمان عهد بمهمة تعليمهإلى الدكتور جميل باشا لتعليمه العلوم الدينية والفلسفة واللغة الفرنسية.
بعد تنازل والده الملك علي عن الحجاز غادر جده في الثاني والعشرين من كانون الأول عام 1925 متوجهاً إلى بغداد ليستقر إلى جانب أخيه الملك فيصل, فوصل في الثامن من كانون الثاني عام 1926, وكان في استقباله الملك فيصل والأمير غازي, وبعد مدة قصيرة انتقل عبد الإله إلى بغداد في العام نفسه, وهناك أكمل دراسته فتولى يوسف العطا تدريسه الفقه الإسلامي, ونعمان الأعظمي آداب اللغة العربية.
وفي أوائل عام 1928 قام والده بإرساله إلى القدس لإكمال تعليمه في الكلية العربية وهي عبارة عن كلية دينية لكن لم يستمر فيها عبد الإله طويلاً بسبب طبيعة تلك الدراسة التي اقتصرت على العلوم الدينية والتي لم تتفق مع اتجاهاته وميوله, لذا قرر الالتحاق في نهاية العام نفسه بكلية فكتوريا بالإسكندرية وأمضى فيها ثلاث سنوات من دون أن يستفيد شيئاً بالرغم من أنه كان واسع الذكاء, إلا أنه لم يفكر في الحصول على شهادة من الجامعة, بعد ذلك أعلن عن رغبته في دراسة الاقتصاد السياسي في بريطانيا, لذا غادر مصر إلى لندن في 26 آب 1932 للالتحاق بكلية هارو, لكنه لم يبق فيها طويلاً لشعوره بصعوبة الدراسة فيها فعاد إلى العراق.
وبعد عودته إلى العراق كان والده يأمل بأن يعود إلى إنكلترا بعد مدة قصيرة لاستئناف دراسته, إلا أن عبد الإله كان يفضل البقاء في العراق, وكان خلال هذه المدة يقضي أوقات فراغه في ممارسة الألعاب الرياضية وركوب الخيل دون أن يمارس أي نشاط سياسي أو وظيفي لذا اضطر والده إلى زجه في وظيفة رسمية حكومية, فطلب من ياسين الهاشمي عام 1935 إيجاد وظيفة له, وفعلاً تم تعيينه موظفاً في وزارة الخارجية العراقية براتب قدره (12) ديناراً, وكان عمله في الغرفة نفسها التي يشغلها يوسف الكيلاني الملاحظ في وزارة الخارجية, فأستهل عبد الإله عمله بوظيفة التشريفات في الوزارة.
تمكن عبد الإله من خلال وجوده في وزارة الخارجية من اكتساب الخبرة وتوسيع معلوماته الدبلوماسية, واستمر في عمله بالوزارة حتى انقلاب بكر صدقي في 29 تشرين الأول 1936, وفي صيف العام نفسه سافر مع والدته وشقيقاته إلى الإسكندرية لغرض الاصطياف وخلال وجوده في الإسكندرية تعرف عبد الإله على ملكة فيضي وهي من كبار العائلات المصرية ابنة صلاح الدين الفيضي فأبدى رغبته بالزواج منها فخطبها وعاد بها إلى بغداد وأجريت له حفلة زفاف في تلك السنة وبمباركة الملك غازي لكن لم يستمر هذا الزواج طويلاً, فكان من الصعب على سيدة مصرية أن تعيش في بلد تختلف فيه العادات والتقاليد عن البلد الذي كانت تعيش فيه, فلم يكن باستطاعتها أن تخرج مع زوجها إلى صالة سينما وعندما تخرج من البيت كانت ترتدي العباءة العراقية كبقية نساء العائلة المالكة والتي لم تكن معتادة على تغطية وجهها عند الخروج من البيت ولم تمتلك الحرية الكافية في الحركة فقد واجهت صعوبة في العيش والتكيف مع العائلة المالكة, لذا لم تدم العلاقة الزوجية بينهما طويلاً بسبب الخلافات العائلية, فتم طلاق ملكة فيضي من الأمير عبد الإله وبقي حتى عام 1948 من دون زواج, إلا أنه قام بزيارة القاهرة في العام نفسه وقد أعلنت التشريفات الملكية في 3 تشرين الأول 1948 عن خطبته من الآنسة فائزة الطرابلسي كريمة كمال الطرابلسي في القاهرة وقد عرفت فائزة الطرابلسي بأنها جميلة الوجه وحلوة المعاني, وتم زواج الأمير عبدالإله في الثامن والعشرين من الشهر نفسه, وقدأنعم عليها الوصي بلقب (صاحبة السمو الملكي), وبعد مرور مدةعلى زواجها بدأت علاقاتها تتأزم بالأمير عبد الإله بسبب كثرة التزامه وانشغاله بمهام الدولة فكانت كثيرة التشكي وأغلب ما كانت تردد “أتمنى أن أجلس وأتعشى معه لليلة واحدة على انفراد” وبقيت تعاني من المشاكل نفسها,إلى ان انتهى زواجها بالانفصال في 27 تشرين الثاني 1950 فضلاً عن ذلك يعود سبب الانفصال المتكرر للأمير عبد الإله بخصوص موضوع انجاب الأطفال ورفض الأمير لهذا الموضوع, أما زواجه الأخير فكان من الآنسة هيام ابنة أمير ربيعة محمد الحبيب والتي اتصفت بسمارها وذات وجهاً جميل وشعرها طويل, فتم عقد قرانه عليها في 15 حزيران عام 1955 استطاعت الأميرة هيام من الانسجام مع بقية نساء العائلة المالكة وبقيت معه حتى مصرعه في ثورة عام 1958.
عن رسالة ((الحياة الاجتماعية للعائلة المالكة في العراق 1921-1958))