التصريحة الكمركية والارتقاء بمستوى البضائع المستوردة

التصريحة الكمركية والارتقاء بمستوى البضائع المستوردة

محمد صادق جراد
في واحدة من الإجراءات التي كانت تطالب بها الجهات المتابعة لأوضاع الاقتصاد العراقي ومعوقاته التي لازمته لفترة طويلة يأتي العمل بالتصريحة الكمركية في خطوة ايجابية من قبل الجهات المسؤولة التي واجهت صعوبات في تطبيق هذا الإجراء , حيث ستقوم الجهات المختصة بعملية تفتيش دقيقة وعالية المستوى والدقة من اجل مراقبة البضائع الداخلة إلى العراق ويتم اخذ نسبة 5% من قيمة البضائع الداخلة للبلاد.

ومما لاشك فيه فان المباشرة بهذه الإجراءات سيكون لها انعكاسات ايجابية أهمها محاولة الارتقاء بمستوى البضائع الداخلة للعراق ووضع حد للإغراق السلعي والاستيراد العشوائي الذي ساهم في إدخال البضائع الرديئة ذات العلامة التجارية إلى أسواقنا إضافة إلى ان تطبيق هذا الإجراء سيعطي الفرصة للقطاع الخاص من اجل الدخول في أجواء منافسة البضائع بعد اختفاء البضائع الرديئة والتي تكون عادة رخيصة الثمن ومنافسة قوية للصناعات الوطنية لقلة خبرة المستهلك بالعلامة التجارية الملصقة عليها.
وهكذا سيتم تفعيل دور جهاز التقييس والسيطرة النوعية” الذي تعاقد مع شركتين أجنبيتين سويسرية وأخرى بلجيكية لفحص البضائع في دول المنشأ وستقوم لجان عراقية خاصة تتوزع على المنافذ الحدودية بأداء مهامها الجديدة من خلال مطالبة التاجر او الجهة المستوردة بتقديم كشوفات الفحص والموافقة التي منحتها إياه الشركات الأجنبية والتأكد من صلاحية المواد وقانونية دخولها الى البلاد.
ومن الجدير بالذكر ان جهاز التقييس والسيطرة النوعية في العراق تأسس عام 1979 ومارس عمله منذ ذلك الحين على المنافذ الحدودية والمطارات العراقية، فضلاً عن تفعيل أدائه في المصانع المحلية في البلاد.
ومن جانب آخر فان تفعيل نظام التصريحة الكمركية جاء لإيقاف معاناة المواطنين والمتمثلة بتعرضهم للاستغلال من قبل بعض التجار الذين يستوردون البضائع المغشوشة حيث شهدت السوق العراقية بعد 2003 دخول الكثير من البضائع الأجنبية السيئة في ظل ضعف المراقبة والسيطرة النوعية على دخولها ونظرا لضعف الوضع الأمني العام في البلاد ليدفع المستهلك ثمن هذا الضعف ويتعرض للغش من خلال اقتنائه لبضائع سيئة وأحيانا مغشوشة.
ومن الأهمية بمكان ان نشير هنا إلى ان دول العالم اليوم تشدد على مسالة المراقبة والسيطرة النوعية سيما في ظل وجود حالات خطيرة تتمثل في عدة اتجاهات أهمها خطورة دخول المواد الغذائية الملوثة كاللحوم التي تحمل أمراض وفيروسات خطيرة على صحة المواطن والتي توجب على الشركات المسؤولة فحص البضائع ومنع استيرادها من الدول المعروفة بوجود هذا المرض على أراضيها. بالإضافة إلى ان النظام الجديد (التصريحة الكمركية)اذا صح تسميته سيساعد الدولة في منع ما تريد منعه من البضائع التي ترى بانها تشكل خطورة على السلامة الوطنية او تضر المستهلك وتساعدنا أيضا في التخلص من استيراد الأدوية الفاسدة او منتهية الصلاحية وحتى الرديئة منها وكل هذا يضمن للمستهلك العراقي ارتقاء مستوى البضائع المستوردة على اختلاف أنواعها واستيراد الجيد والفعال منها.
ولكن الأمر الذي يمكن ان نسجله ضد العمل بالتصريحة الكمركية هو ضعف الإعلان عن تطبيقه وعدم اتخاذ التحضيرات اللازمة لتفعيله ونقصد هنا ضرورة إقامة الندوات لتوعية التجار وإعلامهم بتفاصيل الإجراءات , والدليل على هذا الضعف في الإجراءات هو ملايين الأطنان من البضائع التي بقيت في المنافذ الحدودية لتجار لم يحصلوا على تقارير الفحص المطلوبة لعدم معرفتهم بالقرار ما استوجب من الحكومة بتمديد القرار لعشرة أيام أخرى لمنح التجار فرصة جديدة.
هذا من جانب ومن جانب آخر فان الشركات الأجنبية لديها كفاءات وخبرات عالية في فحص البضائع في البلد المنشئ أي خارج العراق باعتبارها شركات عالمية معروفة ولكن يلزمنا تدريب الملاكات التي ستتشكل منها اللجان العراقية التي ستعمل على المنافذ العراقية الكثيرة والمتعددة برا وبحرا وجوا (داخل العراق) والتي ستتأكد بدورها حسب تصريح الهيئة من سلامة البضائع والتأكد من أوضاع الخزن والنقل ووصولها سالمة وانها ذات البضائع التي تم فحصها من خلال الفحص البصري ومطالبة التاجر بتقارير وكشوفات الفحص الصادرة من الشركات الأجنبية. وكل هذا يجعلنا أمام مسؤولية فتح ورش تدريبية للفنيين والعاملين في هذه اللجان إضافة الى التنسيق مع جهات رقابية خاصة بالنزاهة تعمل على مراقبة عمل المنافذ وحمايتها من الفساد الإداري والمالي الذي قد تتعرض له خلال أداءها لعملها الجديد الذي نتمنى ان يساهم في الارتقاء بواقع الاقتصاد العراقي باتجاه خدمة المواطن.