إسالة الماء في بغداد.. البدايات والتطور

إسالة الماء في بغداد.. البدايات والتطور

وهيب حسن العبودي

كانت المهمة الأساسية لأمانة العاصمة تقديم الخدمات للمواطنين الساكنين في العاصمة بصورة مرضية،لاسيما الاعتناء بالنظافة مثل رفع النفايات والتخلص من المخلفات لمنع حدوث أضرار جسيمة، وكذلك تنظيم الشوارع والأزقة بشكل منسق ليضفي صورة جميلة للعاصمة، واهتمت الأمانة براحة المواطنين من خلال تحسين المياه الصحية للمناطق السكنية والعناية بشوارع العاصمة والميادين وإيصال جزء من الكهرباء إلى المنازل بأسعار مناسبة بالإضافة إلى الخدمات الأخرى ومن هذه الخدمات إسالة الماء.

يرجع تأسيس أول هيئة عامة لمياه الشرب في بغداد باسم (لجنة إسالة الماء لمدينة بغداد) إلى عام 1924، وكانت حالة الإسالة والتوزيع في هذه الحقبة بدائية للغاية في باب الشيخ والشورجة، وقد بلغ طول الأنابيب الموصلة لمياه الشرب في عام 1924 (30) ألف متر وعدد المشتركين سبعة آلاف مشترك. ووصلت خدماتها للكاظمية، وبذلك تم تأمين أغلب مناطق الكرخ بالماء الصحي النقي مع ازدياد حاجة المواطنين له للاستعمالات المختلفة وللتخلص من المياه الملوثة المسببة للأمراض. ولابد من الإشارة إلى أول مشروع انشأته مصلحة إسالة الماء هو في منطقة الصرافية في جانب الرصافة من بغداد، وكان الماء في هذا المشروع يصب من ماكنة صغيرة في شريعة الصنايع. ومن أجل استقلالية هذه المصلحة وكي تعمل على تطوير شبكة الماء صدر في العام 1931 قانون لجنة إسالة الماء لمنطقة بغداد رقم (104) وجعل للمصلحة شخصية خاصة. كما تم افتتاح مركز تصفية المياه في الصرافية.

كان عام 1935بمثابة بداية حقيقة لضخ الماء النقي في الرصافة،وكذلك خلال عام 1939 تم نصب مضخة على ساحل نهر دجلة في أراضي منطقة أم العظام، وتم نصب هذه المضخة لسقي مشتل أمانة العاصمة وأشجار شارع دمشق. ومن الجدير بالذكر أن لجنة إسالة الماء قد طلبت من مراكز التموين في الشرق الأوسط تموينها ما يلزم من مكائن للأدوات والأنابيب على اختلافها لمشروع ماء الصرافية، كما أن عجز اللجنة عن مد الأنابيب قد زاد عن خمسة ألاف طلب، وقد تمت الموافقة على طلب اللجنة من قبل مركز الشرق الأوسط، وقد أوفد المركز المستر وترن (J. wtarn) المدير الفني إلى لندن ليسرع بإنهاء المعاملات المتعلقة بالموضوع وجلب المواد التي يحتاجها المشروع وكان من المؤمل أن ينتهي المستر وترن من مهمته في خلال ثلاثة أشهر ويسلمها إلى اللجنة لملاحظة اختبار مشروعها بأسرع وقت ممكن لإنهاء الأزمة في العاصمة بسبب عدم اكتمال مشروع الصرافية في ذلك الوقت.

وبعد الحرب العالمية الثانية قامت أمانة العاصمة بالعمل على إنشاء أحواض للماء من (الكونكريت) المسلح وذلك للارتقاء بخدمات الإسالة بما يتلاءم والكثافة السكانية، كما أكدت المصلحة على تجهيز الماء الخام (الخابط) لسقي الحدائق إلى جانب تجهيز الماء الصافي، حيث كانت تمتلك (15) مضخة كهربائية بقوة حوالي 8000 حصان منصوبة على جانبي النهر (نهر دجلة) لضخ الماء الخام إلى المستهلكين، وكذلك من أعمالها إيصال الماء إلى دور المستهلكين وبواسطة شبكة من الأنابيب. وعملت أمانة العاصمة على الإكثار من أحواض الترسيب والتصفية والخزن، ذلك من خلال استعمال الكونكريت المسلح لمنطقة الشالجية بجانب الكرخ لكي تكون قادرة على توفير الكميات المطلوبة، كما عملت على إقامة محطات في جانب الرصافة. ومن الجدير بالذكر أنه تم تشريع قانون مصلحة إسالة الماء لمنطقة بغداد رقم 54 لسنة 1955،وتقوم هذه المصلحة بإدارة مشروع الماء وتوسيع نظامه في المنطقة الممتدة من برج الساعة في سراي بغداد والمناطق الأخرى التي تحيط بها، تقوم المصلحة بإدارة مشروع الماء وتعتبر أعمال المصلحة من المشاريع ذات النفع العام لغرض استملاك الأموال غير المنقولة. وتكون هيئة المصلحة هيئة مؤلفة من رئيس وأربعة أعضاء يعينون باقتراح الوزير وموافقة مجلس الوزراء وإرادة ملكية، وتكون مدة العضوية في المصلحة أربعة سنين قابلة للتجديد. ولا يجوز تنحية العضو خلالها إلا بقرار من مجلس الوزراء واستناداً إلى مقتضيات المصلحة العامة يتقاضى أعضاء هيئة الإدارة مخصصات شهرية بنسبة عدد الجلسات، ويتم تعيين مقدار من هذه المخصصات من قبلها وبموافقة الوزير وتعقد المصلحة جلسة واحدة على الأقل في الشهر. ومن المهم أن نذكر هنا أهم مشاريع هذه المصلحة في بغداد، ومشاريع التصفية هي أربعة مشاريع مركز ماء الصرافية وقابلية الضخ فيه 12 مليون غالون يومياً، ومركز ماء الشالجية وقابلية الضخ فيه (16) مليون غالون يومياً،ومركز ماء المسبح وقابلية الضخ فيه 6 مليون غالون يومياً،ومركز ماء الكرادة وقابلية الضخ فيه قدرها (3) ملايين غالون يومياً، أما خزانات الماء العالية فعددها تسعة ومجموعة سعتها (4.420) مليون غالون موزعة توزيعاً منظماً على مدينة بغداد.

ويبلغ مجموع أطوال الأنابيب الرئيسة التي تنقل الماء إلى المستهلكين والتي يتراوح حجم أقطارها من ثلاث عقد (أنجات) إلى 33 عقدة (1400) كيلومتر، أما الأنابيب الخاصة لنقل الماء الخام والتي يتراوح حجم أقطارها من أربع عقد إلى (18) عقدة فيبلغ مجموع أطوالها حوالي (300) كيلومتر. إن هذه المصلحة قائمة بعملها واكتسبت خلال مدة أعمالها ثقة الأهالي. وتمت مضاعفة ماء مركز الشالجية بمضاعفة طاقته من 3 ملايين غالون في اليوم إلى 13 مليون غالون في اليوم، وأيضاً تقرر أنشاء خزان ماء عالٍ في منطقة الجعيفر وقد تم نصب محركات الديزل في مركز ماء المسبح لتوليد الطاقة الكهربائية عام 1953.

عن رسالة (أمانة العاصمة 1939 ــ 1958)