من تاريخ تنظيم الضباط الاحرار..من الذي افشى سر إجتماع الكاظمية ؟

من تاريخ تنظيم الضباط الاحرار..من الذي افشى سر إجتماع الكاظمية ؟

إسراء خزعل ظاهر

بعد اتصالات فردية جرت بين أعضاء التنظيم تقرر الدعوة إلى عقد اجتماع عام 1956، وبالفعل تم عقد الاجتماع في مشتمل يعود إلى المحامي صفاء إبراهيم العارف، شقيق إسماعيل إبراهيم العارف، في الكاظمية لدراسة حالة التنظيم ولوضع أسس العمل وقد حضر الاجتماع كل من المقدم رفعت الحاج سري والعقيد الركن عبد الوهاب الأمين

وكان يشغل منصب مدير شعبة الحركات العسكرية في وزارة الدفاع والعقيد الركن إسماعيل العارف سكرتير رئيـس أركان الجيش والمقدم صالح عبـد المجيـد السامرائي آمر سرية دبابات وقد اعتذر عن الحضور كل من عبد الكريم قاسم وعبد الوهاب الشواف ومحي الدين عبد الحميد لعدم تمكنهم من المجيء إلى بغداد وترك مقرات عملهم بالنظر لما أبداه البعض من الصعوبات الإدارية والمحاذير الشخصية.

كانت الجلسة غير فاعلة ولم يحاول أي من الحاضرين البدء بالحديث إذ لم يكن النصاب كاملا إذ لم يحضر الاجتماع ثلاثة من الضباط الذين يعدون أكثر أعضاء الهيئة العليا أهمية.

اختلفت المصادر في تحديد تاريخ انعقاد اجتماع الكاظمية ,فبعضهم أشار إلى انه انعقد في تشرين الأول عام 1956 ومن هؤلاء إسماعيل العارف الذي أكد انه عقد في يوم الجمعة الموافق الخامس من تشرين الأول 1956 في حين أشار آخرون إلى أن الاجتماع عقد في صيف عام 1956 وفي كل الأحوال لابد أن يكون الاجتماع قبل أيلول 1956.

وفي اليوم التالي لاجتماع الكاظمية وصل نبأ الاجتماع إلى رئيس أركان الجيش الفريق رفيق عارف إذ اخبره بذلك احد المجتمعين لكن رئيس أركان الجيش آثر أن يكتم اسم المخبر، فأستدعي رفعت الحاج سري إلى وزارة الدفاع للاستجواب واخبره الفريق الركن رفيق عارف فورا انه يعرف بوجود المؤامرة وهدفها الحقيقي.وانه يملك ما يثبت كونه مذنبا، وانتهى إلى تهديده بتقديمه أمام المحكمة العسكرية، هو ورفاقه المتآمرين إلا أن رفعت نفى كل ما نقل إلى رئيس أركان الجيش من معلومات بصدد العمل السري وانه ليس متورطا في شيء كهذا على الإطلاق وان الأدلة زورت ضده من قبل أعداء بدافع الخبث ولأسباب شخصية وأكد له أن اللقاء مع الثلاثة الآخرين كان لقاءا اعتياديا بين أصدقاء وليس له أي علاقة بالتهمة الموجه إليه.

اقتنع رئيس أركان الجيش بعدم وجود أي تنظيم وليس هناك أي خطر يهدد نظام الحكم وفضل كتمان الأمر لتفاهة القضية في رأيه وتجنبا لعتاب ولي العهد أو رئيس الوزراء أو وزير الدفاع وهكذا اكتفى بنقل الضباط وإبعادهم.

تضاربت الأقوال حول الشخص الذي أفشى سر الاجتماع واتهم الحاضرون احدهم الآخر، ومهما يكن من أمر فأن غازي الداغستاني، وكان آنذاك معاونا لرئيس أركان الجيش، قد ذكر قبل وفاته أن عبد الوهاب الأمين هو الذي اخبر رئيس الأركان. ويؤيد هذه الرواية إبقاء عبد الوهاب الأمين في منصبه في وزارة الدفاع. أما إسماعيل العارف وصالح عبد المجيد السامرائي فيشير البعض أنهما أدليا باعترافات كاملة فكوفئا بتعيينهم في مناصب مهمة.

وقد أشار رفعت الحاج سري أن لديه ما يدعوه إلى الظن بان إسماعيل العارف هو الذي خانه، ولكن آخرين ظنوا بعبد الوهاب الأمين وظن غيرهم بصالح عبد المجيد السامرائي من ناحيتهما جعلت الحكومة من أمين ضابطا عاملا في إدارة التموين في وزارة الدفاع وأرسلت السامرائي إلى عمان مساعدا للملحق العسكري هناك.

لقد قيلت أقوال كثيرة واتهامات عديدة بهذا الخصوص وذكرت القرائن مع الاتهامات التي نسبت لإسماعيل العارف والاثنين اللذين ذكرا معه فمن القرائن التي ذكرت فيما يخص إسماعيل العارف ما يلي:-

إرساله إلى الولايات المتحدة في مهمة غير محددة وجعله بعد خمسة اشهر ملحقا عسكريا في واشنطن، وكاد هذا يدينه في أعين العديد من الضباط الأحرار، ولكن ربما كان المقصود به نوعا من التعتيم لتحويل الانتباه عن المخبر الحقيقي.

أن المقدم رفعت الحاج سري ذكر انه يشك في إسماعيل العارف وانه أرسل إليه تهديدا بالموت إذا ما ذكر شيئا آخر أو كشف ما يعرفه عن تشكيلات الضباط الأحرار.

قول رفيق عارف في انه أنقذ الحركة من جاسوس للسلطة مدسوس فيها وإبعاده خارج العراق لا ينطبق إلا على إسماعيل العارف وصالح عبد المجيد السامرائي.

قول العقيد محي الدين عبد الحميد» أن الذي أوشى باجتماع الكاظمية هو إسماعيل العارف وعبد الوهاب الأمين» فقيل له كيف ذلك قال» الذي أفشى أول الأمر هو إسماعيل العارف ثم أرسل رئيس أركان الجيش في طلب عبد الوهاب الأمين بناءا على اعتراف إسماعيل العارف وهدده وارهبه فأعترف هو الآخر وأيد أقوال إسماعيل العارف.

قول المقدم الركن عبد الكريم فرحان نقلا عن الفريق صالح مهدي عماش إذ ذكر: «بأن العقيد الركن إسماعيل العارف رفض العودة إلى العراق بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 وحاول أن يطلب اللجوء السياسي في أمريكا والسبب هو وشايته بتنظيم الضباط الأحرار عام 1956 إلى رئيس أركان الجيش إلا أن الفريق عماش طلب من العقيد إسماعيل العارف بان يرسل رسالة إلى رئيس الوزراء يشرح له ظروفه ويطلب عفوه وبالفعل أرسل إسماعيل العارف الرسالة وبعد ذلك عاد إلى بغداد».

قول جاسم كاظم العزاوي انه بعد ثورة 14 تموز 1958 بمدة قصيرة أرسل إسماعيل العارف رسالة إلى المقدم وصفي طاهر، اطلع عليها جاسم كاظم العزاوي في حينها، يطالب فيها بإلحاح بالتحقيق وكشف اسم الشخص الذي وشى بالضباط الأحرار بسرعة، كما أرسل برقية إلى الاستخبارات العسكرية يلح فيها على سرعة التحقيق في الوشاية المذكورة.كان يريد بذلك الاطمئنان على نفسه، لأنه إذا ذكر اسمه في التحقيق فسيبقى في الولايات المتحدة الأمريكية حتى لا يحاكم ويعدم لكن عبد الكريم قاسم أرسل إليه رسالة مرحة يطمئنه فيها ويلمح له أن تلك القضية لن تفتح أبدا وبعد تسلمه تلك الرسالة جاء إسماعيل العارف إلى العراق.

أما عبد السلام عارف فيذكر:» بعد تشريد الضباط الأحرار كنا نتساءل من الذي وشى بالتنظيم... أما الذي ظهر بعد ذلك وبعد قيام الثورة فهو أن إسماعيل العارف قد ابلغ عن التنظيم بتعليمات من عبد الكريم قاسم الذي ابلغه أن لديه تنظيما آخر يمكنه الاستيلاء على الحكم، ويمكنه أن يعمل دون أن يحس به احد إذ انه سيصبح محل ثقة الحاكمين».

وهناك من يقول أن.....»إسماعيل العارف هو الذي وشى بهم بتحريض من الشيوعيين الذين كان يتعاطف معهم للتخلص من منظمة رفعت الحاج سري وعناصرها الوطنية...أو لإغراضه ومصالحه الشخصية».

9- قول جاسم كاظم العزاوي، أن صالح مهدي عماش، الذي كان معاونا للملحق العسكري في واشنطن حينذاك، اخبره أن قائمة تنقلات صدرت في وزارة الدفاع وصلت نسخة منها إلى الملحقية العسكرية، وحين اطلع عليها إسماعيل العارف التفت نحوه وقال بانفعال: «لابد أن رفيق عارف قد أصابه مس من الجنون ! « ولم يزد على ذلك، كانت القائمة تقضي بنقل عبد الوهاب الأمين من رئيس شعبة الحركات في مديرية الحركات العسكرية إلى آمر اللواء الرابع عشر في الناصرية ونقل ناجي طالب إلى آمر اللواء الخامس عشر وأضاف صالح مهدي عماش قائلا:» بعد أن قرأت القائمة أدركت ما يعنيه إسماعيل العارف فقد كان يقصد كيف يسلم رئيس أركان الجيش هؤلاء الضباط قيادات وحدات فعالة وهو يعلم أنهم يقودون تشكيلات الضباط الأحرار كما اخبره».

10- أما خليل كنه فقد ذكر...

« أن إسماعيل العارف هو الذي وشى بالكتلة وكشف أمرها إلى السلطات فقامت بإحالة بعض أعضائها إلى التقاعد.كما تم نقل القسم الآخر إلى التجنيد أما الواشي فقد كوفيء بتعيينه ملحقا عسكريا في واشنطن ويرى زعماء هذه الكتلة إن السبب الذي حمل إسماعيل العارف على كشف أمرهم إلى السلطات كان التمهيد لحركة عبد الكريم قاسم وضمان النجاح لها دون غيرها وهذا ما حمل عبد الكريم قاسم على مكافئة إسماعيل العارف بتعيينه وزيرا للمعارف».

عن رسالة « إسماعيل العارف ودوره العسكري والسياسي في العراق 1919-1989»