تجارة المخدرات الدموية في المكسيك

تجارة المخدرات الدموية في المكسيك

ترجمة و إعداد / عادل العامل
أخذت كارتلات أو اتحادات المخدرات الاحتكارية المكسيكية تستهدف حرّاس الحدود و وكلاء الجمارك الأميركية بالرشى و إغراءات الجنس بشكل متزايد، كما جاء في تصريح لأحد مسؤولي الأمن الأميركيين.

فقد أخبر تشارلس إدواردز من قسم أمن الوطن الأميركي لجنةً من مجلس الشيوخ أن هذه الكارتلات تستخدم ما أسماه بالفساد المنتظم من أجل تهريب المخدرات و المهاجرين إلى داخل الولايات المتحدة. و قال أن هذه الكارتلات تسعى أيضاً لمعرفة ما يتعلق بتحقيقات البوليس السرية. و قال مسؤول آخر إن 127 وكيلاً قد اعتُقل أو حوكم منذ عام 2004.
و أعلن ألان بيرسن، مأمور حماية الحدود و الرسوم الجمركية الأميركية أن الهجمات التي تشنها المكسيك ضد الكارتلات بارتباط مع الزيادة في تشغيل وكلاء حدوديين في السنوات الأخيرة قد ضاعف من مخاطر الفساد. و قد أسمى السيد إدواردز كارتل زيتاس Zetas بكونه من المتورطين على نحوٍ متزايد في الفساد المنتظم. و قد جاء ذلك في شكل رشى نقدية، و تودّدات جنسية، و طرقٍ أخرى لتشجيع وكلاء الحدود على مساعدة تجّار المخدرات، و أولئك المتورطين في تهريب المهاجرين غير الشرعيين، أو على التغاضي عن نشاطهم، كما قال.
و في تقرير لجوليان ميغليريني من مكسيكو سيتي عن الحرب على المخدرات أن خبراء قضائيين يقولون إن عدد المتوفين يمكن أن يرتفع أكثر حين يستمرون في استكشاف المنطقة الشمالية الشرقية من ولاية تاموليباس المكسيكية. و قد أصبح اكتشاف ما لا يقل عن 116 جثةً في مقابر جماعية هناك الحدث الأكثر بشاعةً في الحرب على كارتلات المخدرات في البلد التي بلغت أربع سنوات.
و سبق لمدينة سان فيرناندو، التي تبعد حوالي 150 كيلومتراً عن الحدود مع تكساس، أن ضربها العنف المرتبط بالمخدرات بشكلٍ واسع و تبدو الجهود الهادفة للسيطرة على الوضع عديمة الجدوى. و قد عُثر في آب الماضي على 72 جثة لمهاجرين من أميركا الوسطى و أميركا الجنوبية على مشارف المدينة. و هؤلاء المهاجرون، الذين كانوا يشقّون طريقهم إلى الحدود، قتلهم رجال عصابات المخدرات بعد أن رفضوا العمل معهم.
لقد نشرت الحكومة الفيدرالية مئاتٍ أخرى من القوات العسكرية في المنطقة و وعدت بتحسين الوضع الأمني. و لكن بعد أقل من ثمانية أشهر حدثت مجزرة أكثر فتكاً في البقعة نفسها، بعد أن اختُطف في الظاهر ركّاب حافلات مسافات بعيدة على أيدي الزيتاس، و هو أحد أعنف كارتلات المخدرات في المكسيك.
و كما يقول ألبيرتو إسلاس، و هو محلل أمني، في تقرير له من مكسيكو سيتي، فإن هذه المآسي، إلى جنب حالات القتل المقصودة لكبار المسؤولين و أعضاء القوى الأمنية، تغذي الأفكار المتعلقة بكون تامانوليباس " دولة فاشلة " محتملة داخل المكسيك ــ ملاذ تجار المخدرات، و مهرّبي الأشخاص، و المجرمين من كل نوع.
و ترفض الحكومة الفيدرالية هذه الرؤية بشدة. لكن حاكم الولاية أغيديو تور كونتو قال مؤخراً إن العنف ليس فقط تهديداً لسكان تاموليباس، بل هو أيضاً " وضع يؤثر على الأمن الداخلي للمكسيك ".
و لا يُخفي سكان سان فيرناندو على الدوام إحساسهم باليأس في ما يتعلق بفوضى الوضع الأمني. و قد اكتشف المقيمون هناك أمر المجازر مصادفةً، كما قالت إحدى الأهالي للبي بي سي عن طريق الهاتف. " فنحن نشم رائحةً كريهةً لأن هناك منزلا للجنازات قريب من المكان الذي نمر به يومياً، كما قالت المرأة التي طلبت إبقاء اسمها مجهولاً، و أضافت أنهم يعيشون في خوف، و لا أحد يخرج إلى الشارع بعد الساعة السابعة مساءً.
أما في دار بلدية مدينة سان فيرناندو، فإنهم لا يقبلون طلبات إجراء مقابلات " لاعتبارات أمنية ". و هذه البلدة ليست المنطقة الوحيدة من تاموليباس، و هي ولاية بحجم جمهورية التشيك، التي شلّها العنف فعلياً. فهناك أيضاً سيوداد مير، و هي بلدة أبعد إلى الشمال، التي كانت مشهد " الهجرة الجماعية " الأولى من التقاتل في تشرين الثاني الماضي. فبعد أن بدأت عصابات المخدرات المتنافسة تتقاتل بينها على البلدة الحدودية، فر 400 من سكانها إلى مدينة قريبة أكثر أماناً.
و إلى الجنوب، قرب عاصمة الولاية، سيوداد فيكتوريا، قُتل رودولفو تور كانتو، مرشح الحزب الثوري لمنصب الحاكم و أخو الحاكم الحالي، و ذلك في كمين في حزيران عام 2010. و كان يُعتبر المفضَّل للفوز في الانتخابات و قد جعل مكافحة الجريمة أحد وعود حملته الرئيسة.
و تعد ولاية تاموليباس تقاتلاً دموياً بين اثنين من أقوى الكارتلات في المكسيك، و هما الزيتاس المشكَّل من الجنود الفارين من الجيش في أواخر تسعينيات القرن الماضي و كارتل الخليج Gulf، الذي اعتاد أن يكون معقله في هذه المنطقة. و قد قفز رقم المقتولين لأسباب تتعلق بالمخدرات في الولاية من 90 في عام 2009 إلى أكثر من 1200 في عام 2010. و يذهب بعض الناس في المكسيك إلى حد القول إن الحكومة الفيدرالية قد فقدت تاموليباس!
عن / BBC News