مشــهد المولــدات الأهليــــة.. والحلول الترقيعية!

مشــهد المولــدات الأهليــــة.. والحلول الترقيعية!

تحقيق/ المدى الاقتصادي
لعل المفارقة الأبرز هي أن الحكومات المتعاقبة جميعها فشلت فشلاً ذريعاً في الإتيان بحل لازمة الكهرباء التي استعصت على الجميع على الرغم من هدر المليارات من الدولارات كتخصيصات استثمارية

في مشهد فوضوي اكتنفه الكثير من حالات الفساد المالي والإداري ومشاريع ترقيعية لا تسمن ولا تغني عن جوع.
(المدى الاقتصادي) مرة أخرى أطلت على مشهد المولدات الاهلية وعلى الإجراءات الحكومية التي تتعلق بتجهيز أصحابها بمادة الديزل بشكل مجان دعما وتعزيزا وتعضيدا لساعات التشغيل اليومية.
لا علاقة للكهرباء!
احد مؤشرات الخلل في ملف الكهرباء هو تعدد الجهات المتبرعة في الحل دون تحديد جهة تتحمل مسؤولية الكارثة التي يعانيها المواطن والاقتصاد الوطني في قطاع الطاقة.
وأكد وكيل وزارة الكهرباء رعد الحارس أن إلزام اصحاب المولدات الاهلية بتشغيل 12 ساعة بكلفة 7 الاف دينار للامبير الواحد مقابل توفير الكاز مجاناً لم يكن لوزارة الكهرباء أي دور فيه بل كان الموضوع بين وزارة النفط ومجالس المحافظات، كما تم اشتراط ان يكون تشغيل اثنتي عشرة ساعة خارج نطاق المنظومة الوطنية لتمثل إضافة لها.
وبين الحارس ان مشروع تشغيل الـ 12 ساعة من شأنه ان يساعد المواطن ويحل جزءا من ازمة الكهرباء عند التجهيز تضاف الى ثماني ساعات تجهزها الوزارة على حد قوله.
وعلل الحارس الانقطاعات المفاجئة بتجاوز بعض المحافظات والمناطق على الطاقة المخصصة لها.
مشاريع ارتجالية:
وشكك عدد من الخبراء الاقتصاديين بانتهاء ملف الكهرباء الى هكذا حلول ترقيعية معتبرين المشروع مؤشراً على غياب الرؤية الإستراتيجية.
وقال الخبير الاقتصادي باسم جميل انطون: ان مشكلة الكهرباء اصبحت مزمنة اذا لم تستطع الوزارة وضع خطة طويلة الامد، واخرى قصيرة، اما الان فأغلب الاستهلاك للمواطنين ولكن بعد التشغيل المرتقب للمصانع سيرتفع الاستهلاك من5 الى 14 الف ميكا واط.
واضاف انطون: نحتاج الى محطات توليد عملاقة والية توزيع ونقل هذه المراحل الثلاثة للطاقة مع اجهزة فنية.
مبيناً انه يجب ان لا ننسى السرقة والفساد المالي والاداري وعمليات الترقيع المتواصلة،ويجب ان ندخل الاستثمار في قطاع الطاقة، وهذه المولدات الصغيرة مكلفة جداً.
وبين انطون ان اغلب اصحاب المولدات لم يجهزوا لغاية الان فالقرارات لا تكفي ولابد من متابعة وتنفيذ.
وفيما ذكر الخبير الاقتصادي عبد الحميد الحلي ان هذا المشروع حل غير استراتيجي وهو لامتصاص الزخم الشعبي المطالب بتوفير الكهرباء وكان يفترض ان يتم اعلان هذا القرار والاعداد له بشكل مبكر كأن يكون منذ بداية العام لكي يكون الامر منظم في الصيف.
وقدر الحلي معدل نسب تنفيذ المشروع بـ 40%، لغاية الان.
وقال الحلي: من المشاكل التي حصلت في هذا الموضوع هو تلكؤ تزويد اصحاب المولدات الخاصة اي غير المسجلة عند مجالس المحافظات والتي تمثل السواد الاعظم،والفساد المالي والاداري الذي يرافق عملية تسليم الحصص.
وأضاف الحلي: كان يفترض ان تقوم وزارة النفط بتوفير الديزل له، بشكل جيد وبالسعر الرسمي حيث لم تشهد الاسواق بيع الكاز بالسعر الرسمي ابداً.
وتابع: يفتر ض العمل على حل مشكلة الصناعيين والزراعيين وخفض تكاليف النقل على المركبات الكبيرة مما ينعكس على اسعار السلع، وكذلك خفض اسعار نقل المسافرين ايضاً والمبلغ المخصص للمشروع هو 450 مليون دولار لايسد الحاجة مئة بالمئة.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري قال: كان ينتظر من الحكومة الجديدة ان تضع خطة متكاملة لحل مشكلة الطاقة والموجودة لغاية الان هو غياب هذه الاستراتيجية ولم يوضع حل لكل مشاكل البنى التحتية ومشكلة الكهرباء بحسب التصريحات الحكومية المتناقضة بخصوصها.
وأضاف الصوري: أن الحلول لا تزال ترقيعية وهذا الحل الاخير لم يؤخذ بنظر الاعتبار المؤثرات الاخرى ولم تحل مشكلة الكهرباء الا وقتياً وانها ستتسبب تلوثاً بيناً.
وتابع الصوري: ان الدراسات تؤكد ان انتشار مولدات الديزل في الاحياء السكنية له نتائج سلبية على الجانب الصحي وتؤدي الى زيادة معدلات الاصابة بأمراض السرطان،ولذلك لايمكن حل المشاكل الاقتصادية اذا لم تكن خطة واضحة ومرتبطة بجدول زمني ومراقبة، بدون هذه النظرة الاستراتيجية الواقعية.
المستهلك والمعاناة:
اعترضت المستهلكة هناء مدحت (27 عاماً) على المشروع واصفة إياه بتنصل حكومي من المسؤولية في توفير الطاقة الكهربائية، مضيفة أن الدستور كان واضحاً في تحديد مسؤولية الحكومة في توفير الكهرباء وينبغي أن تلتزم الحكومة بذلك وتوفر الكهرباء دون انقطاع لان العراق ليس بأقل من باقي الدول فنحن بشر كما هم بشر ناهيك عن أن بلدنا غني وليس بفقير.
فيما قال المستهلك علاء عباس (43 عاماً): أن صاحب المولدة التي نشترك فيها لم يلتزم بما اعلنته الحكومة لا من حيث التسعيرة ولا من حيث ساعات التشغيل.
وأضاف عباس: أن صاحب المولدة يتحجج بأنه لم يستلم حصته من الكاز، والحكومة هي من يتحمل المسؤولية في كل الاحوال.
وقد اتفق عدد من المواطنين الذين تحدثت معهم (المدى الاقتصادي) في مختلف مناطق بغداد.
فيما أكدت المستهلكة سعاد محمد ان المشروع الذي تم تطبيقه في الحي الذي تسكن به، مبينة ان تشغيل 12 ساعة مثل حلاً مهما للمواطنين وخطوة مهمة من جانب المسؤولين على حد قولها.
وتابعت: لكن على الحكومة في المستقبل ان تكمل ما وعدت به وتوفر الكهرباء 24 ساعة.
من جانبه يرى المستهلك سعد إبراهيم: إنها خطوة للالتفاف على مطالب الجماهير التي طالبت بحل جذري لازمة الكهرباء من خلال مشاريع عملاقة تغطي الحاجة الاستهلاكية لـ 24 ساعة إضافة إلى تشغيلها للمعامل لان اتجاه الحكومة الى توفير عدد محدود من الامبيرات يعبر عن غياب الرؤية او النية لبناء مصانع او معامل أو أيجاد صناعة وطنية من أجل دعم الاقتصاد.
أصحاب المولدات:
فيما اتفق عدد من أصحاب المولدات الأهلية الصغيرة الذين رفضوا كشف أسمائهم انهم تعرضوا للاجحاف لان الحكومة جعلتهم كبش فداء لتجاوز الصيف الذي كان يتوقع أن يكون حافلاً بالاحتجاج على سوء الخدمات،مؤكدين أن تزويدهم بالكاز ليس مجاناً كما يتداول في وسائل الاعلام بل مقابل مبالغ كبيرة تحت مسميات النقل وصلت الى مليون دينار في بعض الأحيان إضافة إلى اضطرارهم في بعض الحالات الى دفع رشاوى على حد قولهم، الامر الذي انعكس على تسعيراتهم وبالتالي على المواطن البسيط.
الكهرباء في العالم:
تجتهد الدول المتقدمة في تطوير آليات أنتاج الطاقة الكهربائية فأما ان تسخر قوة الرياح لدفع ريش من توربينات الرياح، وهذه التوربينات تشكل مجالاً مناطيسياً مما يخلق الكهرباء، وعادة ما يتم بناء أبراج الرياح معا على مزارع الرياح، حتى وصل استخدام طاقة الرياح إلى معدل 30 ٪ سنويا على المستوى العالمي، مع جميع أنحاء العالم القدرة المركبة من 158 جيجا وات (GW) في عام 2009، ويستخدم على نطاق واسع في أوروبا، آسيا و أمريكا الشمالية.
في نهاية عام 2009، في جميع أنحاء العالم كانت القدرات المنتجة في مزارع الرياح 157900 ميجاوات، وهو ما يمثل زيادة قدرها 31 في المائة نسبة إلى 2008، وهكذا مثلت طاقة الرياح نحو 1.3 ٪ من استهلاك الكهرباء في العالم. طاقة الرياح تمثل حوالي 19 ٪ من استخدام الكهرباء في الدنمارك، و 9 ٪ في اسبانيا و البرتغال، و 6 ٪ في المانيا وجمهورية ايرلندا. و الولايات المتحدة هي منطقة نمو هامة وتثبيتها الولايات المتحدة وصلت قدرة طاقة الرياح 25170 ميجاوات في نهاية عام 2008. اعتبارا من شهر نوفمبر عام 2010، و مزرعة الرياح روسكو (781 ميغاواط) والمزرعة أكبر شركة في العالم لإنتاج الطاقة من خلال قوة الرياح.
أما عمل مولدات الطاقة الشمسية ينطوي على استخدام الخلايا الشمسية لتحويل الطاقة الضوئية في الشمس إلى طاقة كهربائية، وذلك باستخدام أشعة الشمس لضرب الألواح الشمسية الحرارية وتحويل أشعة الشمس لتسخين الماء أو الهواء، وذلك بجعل أشعة الشمس تصل إلى مرآة مكافئ لتسخين المياه (إنتاج البخار)، وفي مجال فينيكس أريزونا، على سبيل المثال، فإن متوسط الاشعاع الشمسي السنوي هو 5.7 كيلوواط * ح / (م • يوم)، [27] أو 2.1 ميغاواط * ح / (م • سنويا). الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة القارية هو 3.7 × 10 12 كيلو واط * ساعة سنويا. وهكذا، فأن كفاءة 20 ٪، وتبلغ مساحتها حوالي 3500 كيلومتر مربع (3 ٪ من مساحة اليابسة في ولاية أريزونا) تحتاج إلى مغطاة الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء استبدال كافة الحالية في الولايات المتحدة مع الطاقة الشمسية. الاشعاع الشمسي المتوسط في الولايات المتحدة هو 4.8 كيلوواط * ح / (م • يوم)، ولكن يصل 8-9 كيلو واط ساعة / متر مربع / يوم في أجزاء من الجنوب الغربي، كما توجد محطة نيليس للطاقة الشمسية، وهي ثالث أكبر الضوئية محطة توليد الكهرباء في أميركا الشمالية.
اما انتاج الكهرباء من الطاقة الضوئية ففي نهاية عام 2009، كان المجموع التراكمي العالمي للطاقة الضوئية قد أصبح (PV) منشآت و محطات توليد طاقة الكهروضوئية ذا شعبية سيما في ألمانيا و إسبانيا، ويوجد أكبر 354 ميجاوات (MW) SEGS محطة توليد الكهرباء في صحراء موهافي.
اما في الصين فقد آخذ استخدام الطاقة الشمسية في الازدياد حيث وصلت قدرة رقاقة السيليكون في الخلايا الكهروضوئية إلى 2000 طن متري بحلول يوليو 2008، وأكثر من 6000 طن متري بحلول نهاية عام 2010، والان فأن ثمة استثمارات دولية هامة تمثل رأس المال المتدفق على الصين لدعم هذه الفرصة.
وبشأن الطاقة الكهرومائية التي تعد اكثر تقليدية من الطاقتين السابقتين في إنتاج الطاقة الكهربائية فالجاذبية وضغط نزول ماء النهر على المدى الطويل إلى موقع واحد من السد، يخلقان تركيزاً للضغط و تدفق يمكن استخدامه لتشغيل التوربينات أو عجلات المياه، والتي تقود ميكانيكية المولد الكهربائي.
وعن الطاقة النووية ودورها في انتاج الطاقة الكهربائية باستخدام قوة الانشطار، فمحطات الطاقة نووية استخدام الانشطار النووي لتوليد الطاقة من خلال تفاعل اليورانيوم -235 داخل مفاعل نووي. مفاعل يستخدم اليورانيوم قضبان، والتي هي ذرات من الانقسام في عملية الانشطار، والإفراج عن كمية كبيرة من الطاقة. استمرت العملية باعتبارها سلسلة من ردود الفعل مع غيرها من النوى. تسخن المياه والطاقة لخلق البخار، الذي يدور التوربين مولد، وتنتج الكهرباء.
وعود حكومية:
وقد سبق ان اعلنت الحكومة عن خطة لإنشاء محطات كهربائية بطاقة 11 ألف ميغاواط خلال العامين المقبلين، وعزت الحكومة السعي لزيادة استيراد الطاقة الكهربائية من دول الجوار إلى 1700 ميغاواط إلى ضرورة سد النقص الحاصل في الطاقة حالياً.
وكانت الحكومة قد وعدت على لسان نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني: ان قطاع الكهرباء في ما يتعلق بمنظومة التوليد سيشهد تطورا ملموسا من خلال اتباع اجراءات عدة لزيادة الطاقة التوليدية ابرزها تنفيذ صيانة شاملة لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية ستضيف 700 ميكاواط للمنظومة الكهربائية و إنشاء محطات جديدة اضافة الى ابرام عقود لانشاء محطة توليد غازية بطاقة 2500 وعقود لمحطات بخارية اخرى ستوفر 3600 ميكا واط، مؤكدا وجود خطة لتلافي النقص الحاد في الكهرباء المقدمة للمواطنين.
وكانت وزارة الكهرباء قد وعدت هي الاخرى بما عرف بخطة صيف عام 2011 حيث قالت ان الخطة تلك بثلاث مستويات من الخطط (قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى)، مبينا ان 7000 ميكا مقدار ما ينتجه العراق من طاقة كهربائية ستمكن الوزارة من توفير 8 ساعات تجهيز كهرباء، موضحا ان هناك خطط طوارئ لنصب محطات توليد خلال سنة تعمل على النفط الاسود تكون منتشرة في مختلف مدن البلد، موضحا ان صيف 2012 لن يقل تجهيز الكهرباء فيه عن 16 ساعة اما صيف 2015 فسنكون قريبين من الوصول للمنظومة الطبيعية.
مبادرة خاصة:
وتبنى ناشطون حقوقيون تجاوز عددهم المئة من مختلف المحافظات اجتمعوا في كربلاء لبحث أزمة الطاقة الكهربائية في البلاد، رغم أن البلاد تطفو على بحيرة من النفط، إلا أنها تعاني نقصا شديدا في الطاقة الكهربائية ويتظاهر المواطنون احتجاجاً على ذلك النقص.
وانتقد الناشطون عدم امكانية وزارة الكهرباء في الحكومات المتعاقبة من إيجاد حل لزيادة إمدادات الطاقة.
وقال الناشط العراقي علاء الاسدي: يحتاج العراق لأكثر من 15 ألف ميغاواط لتلبية ذروة الطلب في فصل الصيف لكن وزارة الكهرباء تتوقع ألا يزيد المعروض هذا الصيف على سبعة آلاف ميغاواط.
وأضاف الاسدي: أن الناشطين عقدوا مؤتمرهم الأول في بغداد في الخامس عشر من شهر أيار (مايو) الماضي مع المسؤولين واستمرت هذه الاجتماعات في 14 محافظة عراقية أخرى.
وبين الاسدي: سيكون هناك لقاء شامل مع وزيري الكهرباء والتخطيط الاتحاديين ولجنة الطاقة والوقود في البرلمان لبحث كافة المعوقات التي تقف أمام مشروع تحسين إنتاج الطاقة في العراق.
المقصرين
ويقول مسؤولون إن البلاد تخسر نحو 500 ميغاواط بسبب الفساد الإداري والمالي.
ويشكل الفساد معضلة كبيرة للحكومة العراقية التي تحاول بناء اقتصاد دمرته سنوات من الحروب والعقوبات، بعدما كانت منشغلة طيلة السنوات الماضية بتحسين الأمن.