معارك خان الفنية

معارك خان الفنية

حاتم جمال

38 عاماً من أول أفلامه الروائية الطويلة حتي وفاته قضاها المخرج الراحل محمد خان في صراعات ومعارك اشتبك فيها مع الجميع من أجل الفن ظل خان ممتطيا جواده «الكاميرا» يصول ويجول يخرج من معركة لأخري منتصرا مقدما أعمالا سطرتها ذاكرة السينما المصرية بحروف من نور..

ربما تكون المعركة الأساسية والأطول التي عاشها خان هي النظرة الرجعية في المجتمع الشرقي لذا كان من أوائل من كون جماعة الواقعية الجديدة لينزل بالكاميرا إلى الشارع ويصور ويرصد حال المجتمع وتأثير المتغيرات المختلفة عليه يرفض القهر والخضوع هذه المعركة التي أرهقته وظلت الوجع الذي لازمه طوال حياته وجسدتها معظم أعماله.

المقص

في منتصف عام 2011 عقب ثورة 25 يناير وقع خان علي بيان أصدره مجموعة من السينمائيين يطالبون بإلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية وطالب بفتح حوار مع وزير الثقافة وقتها د. عماد أبو غازي لإلغاء الرقابة كخطوة نحو تطور الحالة السينمائية في مصر.

والمتتبع لأعمال خان يكتشف حجم المعارك التي خاضها مع الرقابة في كل عمل لعل ذروة الاصطدام بها كان في فيلم «زوجة رجل مهم» للسيناريست رءوف توفيق والذي أثار ضجة كبيرة بين المشاهدين والرقابة بسبب القضية حيث قال خان في أحد الحوارات معه: أن سيناريو الفيلم تم عرضه علي جهات أمنية وبعد أن تم تصويره عرض علي نفس الجهات لأن بطله ضابط شرطة ولكن ما أزعجني هنا أن الرقابة هي التي قامت بعرضه علي أمن الدولة وللعلم هذا الفيلم عرض عرضا خاصا لرئيس مباحث أمن الدولة وبعد العديد من المداولات حول انتفاضة يناير 1977 وطلب الأمن بعض التعديلات فقمت بحرق سيارة في العمل ليكون مواكباً لوجهة نظرهم في الأعمال التخريبية وأضاف أن أحد الحاضرين للعرض سأله هل الثلاجة الفارغة ترمز لمصر؟ فأصيب بانهيار عصبي - علي حد قوله.

ومن المعارك التي خاضها أيضا هو والسيناريست مصطفي محرم واستمرت اكثر من عشر سنوات لظهور فيلم «المسطول والقنبلة» الذي لم يخرج للنور فهذا الفيلم رفضته الرقابة أربع مرات مع أنه مأخوذ عن رواية للأديب نجيب محفوظ حيث رفض أول مرة من قبل وزارة الداخلية لأنه يتناول فساد النظام السابق وتزوير الانتخابات وظلم أمن الدولة فكتبه مصطفي محرم ليقوم بإخراجه سعيد مرزوق في أول نسخة وتم ترشيح عادل إمام لبطولته وقوبل بالرفض واعاد محرم كتابته للمرة الثانية ورشح للإخراج محمد فاضل وطلبت الرقابة حذف المشاهد الجنسية بين الرجال في السجون وإعادته للمرة الثالثة واعترضت الرقابة لوجود اسقاطات أمنية وسياسية علي الحاضر واعاده للمرة الرابعة بترشيح خان وحظي بالموافقة عقب ثورة 25 يناير وتم الاستقرار علي الأبطال آسر ياسين وروبي وسوسن بدر وكان جهاز السينما سيشرع في إنتاجه لكن تعثر المشروع ولم يخرج للنور الفيلم يدور حول التغريب في المعتقلات من خلال شاب مدمن خمر ليس له أي علاقة بالسياسة يتم القبض عليه كمنفذ لتفجير الأزهر عام 2005 ويخرج من المعقتل بطلاً.

الغريب أن الرقابة لم تكن حجر عثرة لعدم إكمال مشروعاته بل كانت سبباً في عدم عرض أفلامه في المهرجانات كما حدث في مهرجان مسقط عندما رفضت الرقابة الحكومية هناك اشتراك فيلمه الأخير «قبل زحمة الصيف» بالمهرجان وقد علق خان علي هذا قائلاً: وصلنى خبر رفض مهرجان مسقط السينمائي الدولي فيلمي قبل عدة أيام بناء علي رفض الرقابة الحكومية هناك لاحتوائه من وجهة نظرهم علي بعض المشاهد غير اللائقة مع أن العرف في المهرجانات الدولية عرض الأفلام دون الخضوع لأي رقابة وفيلمي أنا فخور به وكان يجب علي هيئة مهرجان مسقط مراعاة تاريخي الفني.

ويبدو أنه كان علي موعد مع نجومية وحدث أن طلب منه المنتج حسين القلا إخراج فيلم «رغبة متوحشة» لنادية الجندي اعترضت وقالت لا يمكن اشتغل مع مخرج الصراصير والشوارع لكنه علق علي هذا قائلاً: كنت سعيداً جدا عندما ذهب الفيلم للمخرج خيري بشارة.

فوائد البنوك

في فيلم «فارس المدينة» لمحمود حميدة أوجعه قلبه علي حد وصفه حيث قال «الفيلم ده وجع قلبي لأنني استدنت بسببه من البنك وانتهي الفيلم ليعرض بعد عام ونصف وهذا التأخير زاد من الفوائد وأصبحت مديوناً للبنك بمبلغ 115 ألف جنيه.

التطرف الفكري

ويبدو أن الحرية التي دائما ما كان ينادي بها كانت سبباً في صدام مع التطرف الفكري وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين فعندما أجازت الرقابة فيلم «المسطول والقنبلة» قال لو كان الإخوان في الحكم لما أجازته.

وفي فيلم «فتاة المصنع» قال خان عن هذا التطرف «المصنع الذي كنا نصور فيه لم يكن المصنع الذي ظهر في الفيلم فقد اخترنا مصنعا في دار السلام ولكن صاحب المصنع خاف من المنطقة لأنها منطقة سكنية وقرر نقلنا لمصنع يمتلكه أحد أقاربه بالخانكة وأثناء التصوير جاء شخص إخواني غالبا رئيس العمال وهدد صاحب المصنع بشكل مباشر بأنه في حالة تصوير الفيلم سيمنع البنات من العمل في المكان وبالفعل تركنا المصنع واستقر بنا المطاف في مصنع بالمنطقة الصناعية.

الديجيتال

دائما الفارس يتحلي بروح الإقدام وهي الروح الغالبة علي خان لذا فهو أول مخرج مصري يخرج عملاً كديجيتال في مصر من خلال فيلم «كليفتي» لباسم سمرة وقد أخذ قراراً بعدم عرضه في دور العرض مع أنه عرض في سينما الأوبرا التي كان يشرف عليها الناقد الراحل د. رفيق الصبان وقد برر خان وقتها رفضه للعرض في دور العرض بأنه فضل بيعه لقنوات ART وقد نجح الفيلم في تحقيق مكاسب مادية له.

·عن موقع سينماتيك الالكتروني