كينزابورو أوي.. غياب  قلم اليابان  المسالم بزمن الخزي والنووي

كينزابورو أوي.. غياب قلم اليابان المسالم بزمن الخزي والنووي

أحمد عقل

رحل الروائي الياباني، كينزابورو أوي، الذي شارك في صياغة هوية اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وحاز شهرة عالمية بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب، عن 88 عاما، الاثنين.

وحقق كنزابورو أوي لبلاده ثاني جوائز نوبل في الأدب من خلال كتب تتحدث عن السلمية، وعن ابنه المعاق، وقد استغل شهرته للاحتجاج على الأسلحة والطاقة النووية، بحسب رويترز.

وقالت دار النشر كودانشا، التي كانت تصدر كتب أوي، إنه توفي في الثالث عشر من مارس الحالي عن 88 عاما بسبب التقدم في السن.

وكان أوي يبلغ عشر سنوات فقط حين هزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية. وكانت ذكرياته عن الحرب مصدر شقاء وألم له، ومن بينها ذكرياته عن سؤاله يوميا بالمدرسة عما إذا كان مستعدا للتضحية بحياته من أجل الإمبراطور، وشعوره بالخزي قبل نومه ليلا عند إدراكه أنه ليس مستعدا لذلك.

وكتب أوي عن القصص المروعة التي صاحبت قصف هيروشميا بالقنبلة النووية، وروى كيف كانت الصدمة التي انتابته بعد ما سمعه عن تلك الأحداث، التي أصبحت مصدر إلهام له ليصبح كاتبا.

ولم يكن أوي يخشى أبدا محاسبة بلده، وكان لاذعا في انتقاداته لجهود رئيس الحكومة السابق، شينزو آبي، لإعادة النظر في دستور اليابان السلمي.

وقال في مقابلة أجريت عام 2014 إن اليابان تحملت "بعض" المسؤولية في اندلاع الحرب.

وعن أهمية أن يدعو الكاتب إلى السلمية ونبذ الحرب والعنف، تقول الروائية والأكاديمية، مها جرجور، إن "الدعوة إلى السلم ونبذ العنف دائما هما من أهداف الكتابة".

وتوضح في حديثها " أن "الأديب يعمل على ذلك بأشكال مختلفة، مقدما صوت من لا صوت له، ويبين الألم المشترك والمعاناة المشتركة لجميع الأطراف المشاركة في الحروب".

وذكرت صحيفة "إيكونومست" في تقرير مطول أن الروائي الراحل "كان هادئا ومحبا للكتب وأكثر مسالمة من الحكومات المسالمة التي حكمت اليابان منذ انتهاء الاحتلال الأميركي في عام 1952. لقد كره الحرب، وحث على توثيق العلاقات بين اليابان والجيران الذين غزتهم ذات مرة".

ولفتت إلى أن "الرواية الأولى لأوي واسمها The Catch، نُشرت عندما كان عمره 22 عاما فقط. وهي تحكي عن العلاقة الغريبة بين صبيين صغيرين وطيار أميركي أسير في جزيرة شيكوكو، حيث نشأ أوي. وقد فازت بأكبر جائزة يابانية لروائي صاعد وأطلقت مسيرته المهنية".

وأضافت أنه "كتب بشكل مؤثر عن القصف النووي على هيروشيما، الذي ظهر وميضه من منزل طفولته (..) وأجرى مقابلات مع العديد من الناجين في عام 1963 من أجل كتابة ملاحظات هيروشيما (Hiroshima Notes)، وهو كتاب لاذع ينتقد الأسلحة النووية".

وعن التأثير الذي يمكن أن يتركه الكاتب بعد رحيله، تقول جرجور "ترتبط نسبة التأثير بنسبة القراءة، وبالطبع في مجتمع مثل المجتمع الياباني، سيكون التأثير واسعا لدى الأجيال الشابة، لأنهم يقرأون وسيتأثرون حتما بمواقفه وكلامه".

إبنه المريض

وكان ابنه هيكاري المصاب بتلف في الدماغ مصدر إلهام قوي لكتاباته الأدبية، إذ كان لا يستطيع هيكاري التواصل مع أفراد أسرته لعدة سنوات ولكنه أصبح معروفا كمؤلف موسيقي عندما بلغ. وقال أوي إن معظم كتاباته كانت محاولة لمنح هيكاري صوتا.

ووُلد أوي في شيكوكو، وهي أصغر الجزر الرئيسية باليابان، وكان ترتيبه الثالث بين سبعة أشقاء. وربته أمه بعد أن توفي والده فجأة عام 1944، والذي كان يشتري له الكتب والروايات.

شرع أوي، الذي تخرج من جامعة طوكيو ودرس الأدب الفرنسي، في نشر قصصه بينما كان طالبا وفاز عام 1958 بجائزة أكوتاجاوا التي تمنح للكتاب المبتدئين.‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وتبع ذلك سيل هائل من المؤلفات، من بينها كتب عن قصف هيروشيما وناكازاكي.

وفاز الروائي الياباني الراحل بجائزة نوبل للآداب عام 1994، وفي هذا الشأن توضح جرجور أن "فوز الكاتب بجائزة نوبل للآداب يعبر عن رمزية في غاية الأهمية، وفي الغالب من يستحق هذه الجائزة يكون من أصحاب المشروعات الثقافية والأدبية، وممن وصلت كتاباتهم إلى مستوى العالمية، وترجمت إلى لغات مختلفة".

· عن موقع الحرة