مؤسسة المدى وبرنامج تعافي يطلقان مبادرة تأهيل معهد الدراسات الموسيقية

مؤسسة المدى وبرنامج تعافي يطلقان مبادرة تأهيل معهد الدراسات الموسيقية

بسام عبد الرزاق – نبأ مشرق

اقام بيت المدى في شارع المتنبي،، جلسة استضاف فيها مبادرة مؤسسة المدى للإعلام والفنون والثقافة وبدعم من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية وبرنامج تعافي، من اجل تأهيل معهد الدراسات الموسيقية وكذلك بدعم وزارة الثقافة والاصدقاء فيها، هذا الصرح الذي تأسس في السبعينيات كواحد من المعاهد الفريدة في المنطقة التي تدرس المقام العراقي والآلات الموسيقية العراقية.

الجلسة التي ادارها الاعلامي عماد الخفاجي قال في مقدمتها انه "للمدى كلمة ومبادرات، بدأت هذه المبادرات يوم كان نهار بغداد مليئا بالمفخخات فكانت نهارات المدى نهارات شعر وموسيقى، ويوم اريد لبغداد ان تكون كقندهار بادرت المدى حينها وقالت بغداد لن تكون قندهار، مشهد شارع المتنبي اليوم هذا الحضور والحديث عن الموسيقى يؤكد ان بغداد لن تكون قندهار حتى لو اراد البعض ان يجعلها كذلك".

وزير الثقافة احمد البدراني فضل تأجيل سفره لحضور الاصبوحة، وقال انه "سعيد في هذا الحضور البهي وهذا الجهد الجميل لمؤسسة المدى التي تدعم المعهد والذي قضى اكثر من نصف قرن وهو يجود بالعطاء".

وقال البدراني، إن "مساهمة مؤسسة المدى تعتبر مساهمة خيرية في مد يد العون الى معهد الدراسات الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة والسياحة والآثار"، مبينا ان "المعهد بحاجة لجهود مبذولة لما يملك من طاقات ايجابية فعالة وشباب يافعين".

وتابع، أن "العراق مر بظروف ربما تناست المؤسسة الرسمية اجزاء مهمة منها لكن بعد اليوم سنهتم بكل المفاصل في الوزارة وعلى رأسها المعهد القيم الذي يقدم العطاء لإنعاش الجميع وبث الحياة والامل مرة اخرى".

واضاف ان "الموسيقي يذوب مع اللحن كي يتحف الاخرين وكم من عمل بقي خالدا امدا طويلا، لان الموسيقى لغة العالم المشتركة التي يفهمها جميع البشر من دون الحاجة الى مترجم، وهذا المعهد الكبير بعطائه والصغير بعدد المنتمين اليه يقدم اعمالا كبيرة وجليلة وسنقف معه بكل ما يحتاج".

واختتم الوزير بالقول: "تحياتنا للمدى ولمد يد العون للمعهد ولجميع المؤسسات التي تعمل لأجل هذا الامر".

مدير عام مؤسسة المدى لللاعلام والثقافة والفنون د.غادة العاملي قرأت كلمة المؤسسة بالمناسبة وقالت انه "حين انتقلت المدى الى بغداد بعد انهيار نظام البعث الاستبدادي وجدت ان مهمتها التي تعبر عن جوهر مشروعها هو ان يتعافى العراق وقد لا تكون مجرد مصادفة عابرة ان تتبنى المدى هذا المشروع الثقافي الذي يشكل رافدا من روافد النشاط الابداعي مع برنامج تعافي".

وتابعت انه "لقد انبعث العراق الجديد من تحت انقاض خرائب نظام تصدعت وتفككت ثم تداعت اركان كل ما يتشكل منها بنيان الدولة وقاعدة مجتمع مزدهر متعافى، ولا يمكن لدولة ان تتكرس او مجتمع ان ينهض ويتطور من دون ان تزدهر فيهما حركة ثقافية بكل مكوناتها الابداعية وادوات تعميق الوعي والمعرفة بالتلازم مع حركة التجديد والتحديث وما يرتبط بها من حقوق وحريات".

واكملت العاملي انه "من هنا يأتي اهتمام المدى وتبنيها للمشاركة في اعادة تأهيل مبنى معهد الدراسات الموسيقية العراقي بدعم من الوكالة الامريكية برنامج تعافي".

وانهت بان "الجانب الرمزي لهذا المشروع يتجسد في تأكيد دور الموسيقى في استنهاض المجتمع والارتقاء بذائقته ويؤشر للمكانة التاريخية للعراق في ابتكار الادوات الموسيقية وصناعتها وتطوير الحركة الفنية النغمية، ونحن اذ نحتفي مع برنامج تعافي بهذا المشروع نتطلع الى ان تكون هذه باكورة نشاط مشترك ممتد يسهم في تأهيل وتطوير واغناء كل ما من شأنه الارتقاء بالنشاط الثقافي الحر، وكل ما يثري الحركة الابداعية ويوسع ميادينها".

د. عماد جاسم وكيل وزارة الثقافة تحدث عن اهمية انبثاق هذا المشروع ودعا الحاضرين الى زيارة مبنى معهد الدراسات الموسيقية والاطلاع على الممارسات الجمالية في اصبوحاته واماسيه، والذي نحرص على جعله صرحا جماليا.

واضاف أن "ِالايادي الخيرة تضامنت لاعادة تأهيل معهد الدراسات الموسيقية عبر زيارة المعرض والاطلاع على متطلباته واحتياجاته".

واشار، إلى أنه "اليوم نحتفل بمبادرة مؤسسة المدى على امل ان تتسابق المؤسسات الاخرى بان تحذو حذوها في تشجيع ودعم الموسيقى والفن والتراث".

ولفت إلى أن "المعهد بحاجة لتشريعات وتخصيصات مالية واهتمام اكثر بالخريجين لغرض ان ينالوا شهادة البكلوريوس في الكليات الاخرى ومنح الشباب فرصا للتعيين في مؤسسات الدولة".

مدير معهد الدراسات الموسيقية احمد سليم تحدث عن دور معهد الدراسات الموسيقية ومدرسة الموسيقى والباليه، وهي البنية التحتية لصناعة الفنانين والنجوم، ودعا الى ضرورة دعم هذين الصرحين الاساسيين، فـ"اعداد الموسيقيين امر ليس بالسهل لا سيما ان هذا الاعداد يكون بشكل صحيح وغير سطحي".

محمد عبد الرحمن من اوائل التدريسيين في المعهد، استعرض محطات مهمة من تاريخ المعهد والذي كان يسمى معهد الدراسات النغمية العراقي، ذاكرا أن "هذه المؤسسة دولية وهذا الامر لا يعرفه الكثيرون، وانتظم فيها طلبة عرب واجانب ومنذ عام 1971 كان المعهد يعاني من المبنى، انتقلنا الى اربع بنايات وكان هناك مشروع قدم من قبل الفنان الراحل منير بشير عام 1978 وكان مشروع المدينة الثقافية، لكن تم تأجيل المشروع، ونحتاج اليوم الى الدعم الحقيقي".

من جانبه قال التدريسي موفق البياتي ان "معهد الدراسات الموسيقية من المعاهد العريقة وهو الوحيد الذي يقدم طاقات كبيرة من عازفين ومغنين ويرفد العراق والخليج والعالم بالفنانين العراقيين، وهو يحتاج الى بناية تليق به وتستطيع ان تستوعب جميع آلاته الموسيقية. ونحن ايضا بحاجة الى مناهج ثابتة وموحدة".

استاذ الموسيقى حيدر شاكر قال ان "فكرة تأسيس المعهد تعود الى عام 1964 لتأسيس معهد عراقي يعنى بالموسيقى العراقية التراثية، وهناك اسماء مهمة ساهمت بتأسيس هذا الصرح الكبير، وهو اضافة مهمة في تاريخ الحركة الموسيقية والغنائية العراقية كونه مهتم بإحياء التراث الموسيقي من المقام والاطوار الريفية اضافة الى دراسة الآلات التراثية".

د. دريد فاضل قال ان "بناية المعهد تعرضت الى ترميمات خاطئة وفيه شروخ تمت معالجتها بالإخفاء ويجب اعادة فتحها ومعالجتها عن طريق خبراء بالعمارة البغدادية، وارجو من مؤسسة المدى ان تتوخى الحذر باختيار الاسطوات الذين ينفذون التأهيل".

الباحث رفعت عبد الرزاق قال ان "هذه البناية هي من ابنية الربع الاخير من القرن التاسع عشر وكانت في البدء دارا لاحد الشخصيات الهندية التي نزحت الى بغداد وهو اقبال الدولة النواب رأس الاسرة النوابية في بغداد ومنها الاستاذ المرحوم مظفر النواب، وكانت هذه العائلة تدير امارة في الهند لكنها ازيلت من الهند بسبب الصراعات".

واضاف انه "كانت الارض في السابق مملوكة لاسرة ارمنية معروفة التي ينحدر منها المؤرخ العراقي الكبير يعقوب سركيس وهي بناية كبيرة مؤلفة من ثلاثة اقسام والمعهد اليوم يشغل البناية الوسطية من هذه الاقسام".

وبين عبد الرزاق ان "البناية سنة 1903 انتقلت ملكيتها الى القنصلية البريطانية، واصبحت مقرا للمقيمية ودار المقيم البريطاني في بغداد، اي اشبه بالقنصلية، واصبحت مقر القيادة البريطانية الكبرى في الحرب العالمية، وعام 1920 تم تأجيرها الى دائرة الكمارك العراقية لغاية منتصف ستينيات القرن الماضي".

وذكر انه "عام 1972 تركت هذه البناية وفي منتصف السبعينيات اصبحت متحفا باسم متحف الازياء والمأثورات الشعبية، وحتى منتصف الثمانينيات اصبحت مبنى معهد الدراسات الموسيقية، وهي تستحق الادامة والتجديد والتعمير".