شاعرة البنفسج

شاعرة البنفسج

عالية كريم

أميل عليكم خذوني

أشير إليكم خرجتأنا بنت هذي العواصف

تستقطب الصورة الخالده

ففيها وُلِدت وفيها نَمَوْتُ وفيها كبرتُ

تكونت شخصيتها ضمن معطيات بيئتها التي نشأت فيها، والتي كان يسودها جوٌ تميز بالأدب والسياسة، بدأت تجربتها في الستينيات وتخرجت من قسم اللغة العربية في كلية الآداب، أبدعت في مجال الكتابة الأدبية والشعرية فأصبحت إسما أدبيا وثقافيا طيلة السبعينيات والثمانيينات، كما كانت لها مساهمات في كتابة المقالات السياسية في الصحافة العربية وكذلك الريبورتاجات.. كان للشعراء الشباب حصة في اهتماماتها، فكانت (مطبعتُها) في حقبة الثمانينات؛ في خدمة المبدعين من جيل الشباب.. فساهمت بطبع العديد من الأعمال الأدبية للشعراء والأدباء الشباب والوقوف إلى جانبِهم في بداياتِهم.

هي "من الأسماء القليلة التي تصدرت المشهد الشعري في العراق بعد نازك الملائكة، يرجع نسبها إلى عائلة الزهاوي المعروفة على الصعيدين السياسي والأدبي في العراق، فهي حفيدة المفتي الشيخ محمد فيضي رئيس عائلة الزهاوي، والذي كان شاعراً، ومحمد فيضي هو ابن الملاّ أحمد بابان مفتي بغداد، وكان أجداده البابان من أُمراء السليمانية، توفّي بعد عام 1279هـ، وعم والدها الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي، وعمها الشاعر إبراهيم أدهم الزهاوي.

إنها الشاعرة العراقية آمال عبد القادر الزهاوي ولدت في بغداد سنة 1944، عملت بالصحافة والتدريس. وتعتبر من الشاعرات العراقيات المتميزات والتي برزت في جيل الستينيات وأغنت المكتبة الشعرية العراقية.

بداياتها كانت بنظم الشعر العمودي، إلاّ أنّها تحوّلت إلى الشعر الحرّ، وقد تأثّرت بجبران خليل جبران، وجبرا إبراهيم جبرا، بدأت تجربتها في الستينيات، وكان لديها نشاط في مجال الكتابة الادبية والشعرية وأصبحت إسما أدبيا وثقافيا طيلة السبعينيات والثمانينيات، وكتب عن شعرها العديد من النقاد العراقيين..

كتبت الزهاوي قصائدَها في أغراض الغزل والسياسة والثورة والميثولوجيا والتصوف. كان شعرها، بدءاً من عناوين مجموعاتها، بوصلة لوجدانها الباحث عن الحرية والحقيقة والمتخم بألأسئلة الكبرى: "الفدائي والوحش"، ديوانها الأول، صدر عام 1969 مليئاً بهموم الثورة الفلسطينية وتطلعات الشعوب العربية حينها. العناوين الأخرى لنتاجها الإبداعي حملت الكثير من النبوءآت المليئة بالقلق: "الطارقون بحار الموت" (1970)، "دائرة في الضوء ودائرة في الظلمة" (1975)، "إخوة يوسف" (1979)، "التداعيات" (1982)، "يقول قيس بن ساعدة" (1986). أما في "الشتات" (2000)، فقد دوّنت مأساة الحصار على العراق وما تبعها من مسخ للشخصية العراقية تحت وطأة الجوع والعزلة.

بعد الإحتلال الأميركي، صدر لها ديوان "آبار النقمة"، وجاء مترعاً بمفردات الدم والموت والحرب. ربما أرادت أن تقول فيه كشاعرة مخضرمة عاصرت الانقلابات والأحداث السياسية الدامية في العراق لخمسة عقود حينها إن (لعنة النفط) كانت أقوى من أصوات العقل والحكمة، وإن موجة الخراب كانت أعتى من أحلامها هي وأبناء جيلها.

أما في ديوانها فيوضات آمال الزهاوي، فقد طرقت باب التصوف لائذةً بروحانيتِه الممتزجة بالتجربة والكشف، والمنفتحة على عالم الإنسانية اللاماديّ.

تنغمر آمال الزهاوي في قضايا الوطن والأمة، وتدمج جراحها بجراحهما حتى ليغيب جرحها الخاص في الملفوظ ليرشح في الدلالة، إنها كغيرها من الشاعرات العراقيات تمنعها الكبرياء من الصراحة العارمة بأن قيد المرأة وسجن المرأة في مجتمعها، والحصار الأليم المفروض عليها هو الذي يؤرقها، ولذلك تتوحد بالقضية العامة لتطلق عنان المكبوت:‏

شكلت مع (نازك الملائكة) وأيقونة الشعر وعذوبته (لميعة عباس عمارة).. الهرم الشعري النسوي ألمتميز في ألحركة الشعرية العراقية والعربية.. انها ألإمبراطوة " حسب الشاعر المبدع جواد الحطاب " أمال الزهاوي، التي يصنفها بعض النقاد ومؤرشيفي ألفترات ألأدبية ل"جيل ما بعد الرواد "... الجيل الستيني، على أنها اختطت لنفسها مبكرا هوية وبصمة خاصة بها.. وأعتمدت على الأُسطورة في بناء قصائدها الإُولى.. ولأنها مفرطة الحس.. تاثرت كثيرا بصدمة الحرب الأمريكية على بلدها وماتبع هذه الحرب من دمار وفاجعة بحجم الوطن لذا جاءت " آبار النقمة " تجسيدا حي لما تشعر به من وجع إنساني بات يتجول من الحاد إلى المزمن...

في2015/02/11 أعلنت أُسرة الشاعرة العراقية آمال الزهاوي، عن وفاتها إثر جلطة قلبية عن عمر يناهز الـ71 عاماً.

وقالت ابنة الشاعرة آمال الزهاوي يسر عداي، أن "والدتها توفيت في الساعة الثامنة إلاّ ربعاً من صباح اليوم، عن عمر يناهز الـ71 عاماً إثر جلطة قلبية في بغداد وبينت أن "الفقيدة نذرت حياتها للشعر، فرغم مرضها وإصابتها بالشلل، إلا أن ذلك لم يمنعها من الكتابة"، مشيرة إلى أن "للشاعرة ديواناً شعرياً لا يزال تحت الطبع في عمان يحمل إسم (نجمة سومرية)، الذي يحكي تاريخ العراق من عهد السومريين لغاية 9 نيسان 2003".

عانت الشاعرة خلال سنواتها الأخيرة من صعوبات مالية وصحية بعد أن اصابها الشلل ولم تجد من يقف إلى جانبِها وكانت تشكو الوحدة والعزلة وبعض الأحيان جحود الآخرين".

آراء تؤمن بها:

- الشعر هو مرآة الحياة للجيل الحالي والأجيال اللاحقة.

- الحركة الشعرية زاخرة بالمبدعين الكبار لكن المرحلة التي نعيشها مليئة بالضجيج.

- ان الشعر هو تعبير صادق عن العصر بل هو مرآته وانا أرى أن شعري يحمل هذه الصفة فآبار النقمة تصوير للاحتلال وما حدث فيه وما تبعه.. وكذلك ديوان الشتات هو تصوير دقيق للحصار وأحداثه مثل قصيدة (يا إلهي مسني الضر) بما في ذلك من طائرات تقصف وشعب يجوع وتفاصيل دقيقة بشعر جميل متدفق.

- إن الحالة الشعرية والشحنة المتالقة النابضة هي التي تحلق بالشعر والشعراء العظام حيث يتحد الزمان والمكان معا ولا يبقى إلاّ جسد القصيدة الحي الموحد الذي يتداخل فيه الزمان والمكان.

من شعرها:

الطـــريــــــق

أميل عليكم خذوني

أشير إليكم خرجت

أنا بنت هذي العواصف

تستقطب الصورة الخالده

ففيها وُلِدت وفيها نَمَوْتُ وفيها كبرتُ

ودرت بمُنتَصَفَيْ بذرةٍ واحده

وفيها بعدت عن الجرف حتى استدرت

أشير إليكم خرجت

أنا أخرج الآن من جسدي

فهل تدركون الذي خرج الأمس من جسد الماء

لؤلؤة من محار

نقياً كبلورة في المساء

أبياً وحيداً

فلا الأرض فيه استطالت

ولا هو فيها استطال

وذاك السعير الذي يربط القلب بالقلب

ظل دليلي

توثبت فيه.. وناضلت فيه

فهزّوه هزّوه حتى التذكرِ

كي يتقد الجمر بالحب

ويشتعل الدم في الوطن العربي

على الدرب كنا يدين

تهبان من جسد واحد

وفي الأفق كنا جناحين

في طائر واحد

بريق العيون دليلي

تذكرت أن طريقي مقارعة الصمت بالصوت

والموت بالبعث

ورسم نجوم الثريا على الدرب

أنا هاجسي النور في الظلمات

تذكرت لم تستكنّ الرياح بجسمي

ولم أستكنَّ بها

طريقي التوثب

أنا بنْتُ هذي العواصف أدمنت كل العذابات

أم أنها أدمنتني

وتشرين ينصب شوكته في العيون

وفي الليل عند السهاد أسى

وضربة عنف

فلا تسألوني

لأنا بِصفّيِن نمضي إلى مصدر النار

كلانا يسير إلى الوهج مثل الفراش

وفي الوهج كنا نموت

احترقت

احترقنا جناحين في جسد واحد

فإن الذي كان.. تاريخنا

وإن الذي كان تاريخه أمل البائسين

يشد المحيطَيْنِ للنهر

لاتسألوني

فلا الماء كان بلا ذرتين

ولا النهر يسعى بلا ضفتين

أميلُ استقامت حصاة الطريق

فهل أسكن الآن في جسدي?

الحـــربــــــاء

في هذا العصر المقلوب اشتبكت فينا الأسماء

أي الألوان ستلبسها الحرباء

تنتفخ الكذبة حتى تغدو جسداً ورقياً

ويكون لها صوت ونداء

ثوريون بسيقان خشبية

في عصر مجنون تسحقه

الأقدام الغابيه

السم تقطَّرَ

والنور سرى أشباحاً

مطر في الصوت وفي القلب وفي العينين

يلوون الحدة في نبض الماء

يمدّون حرائق كالسور

يحيطون نجوم الثوار المطبوعة في المد

ويشتبكون برفض يتكسر

كشعاع أبدي

يحضنه البرق ويبكي

ألق مخنوق في أحلام الناس المنفيه

فمتى الوعد?

يا هذي الأيام السكرى

بعناقيد الدم

تتمايل فينا الأرض دوار في الرأس

وحتى القدمين

ماذا سنسميك... أجيبي?

أوراق الشعر انكمشت

جف بها ومض النسغ

فلبنان الملك الشعري

يغمس ريشته بمداد القلب

ويكتب ملحمة الأسفار

من لغة الوجد المتيقِّظِ

في جفن النار

يا هذي الأيام المسكونة بالرعده

فضي الطلسم الممهور

بوردة أشواك ليليه

نعترف الآن نقول لك

نحن الشعراء المتنبِّينَ الممتدين

ما عادت تدهشنا شلالات الدم..