ماهر هاشم اسماعيل
حياتها
هي (آمال عبد القادر صالح محمد فيضي الزهاوي)، حفيدة العلامة (محمد فيضي) الذي كان مفتياً في بغداد لعقود عديدة، وعم أبيها هو الشاعر جميل صدقي الزهاوي، ومن أعمامها الشعراء (إبراهيم أدهم الزهاوي)، وهو من أعلام الشعر في (العراق، ولدت عام 1946 في بغداد،
ولقب الزهاوي هو نسبة الى إمارة (زهاو) القديمة في شمال العراق، وتنحدر آمال الزهاوي من أصول كردية، وقد أكملت دراستها الأولية في بغداد، وتخرجت في كلية الآداب/ قسم اللغة العربية عام 1963، ولقد بدأت آمال الزهاوي بكتابة الشعر في سن مبكرة بعمر ثلاث عشرة سنة، وأصدرت أحد عشر ديواناً شعرياً، ولديها تجارب في كتابة القصص والروايات، وعملت الشاعرة في الصحافة في كل من العراق وسوريا.
وتُعدآمال الزهاوي من مؤسسي مجلة (ألف باء) التي تعد مصدراً من مصادر ثقافة المواطن العراقي، كما تُعدمن الرواد الذين كتبوا في جريدة (الشعب) العراقية، ومن الرواد الذين كتبوا في جريدة (الطليعة) السورية في سبيعنيات القرن الماضي، وهي من الشاعرات العراقيات المتميزات اللواتي برزن في الستينيات،وقد أغنت المكتبة الشعرية العراقية، وهي من الأسماء القلائل التي تصدرت المشهد الشعبي في العراق بعد نازك الملائكة. إذ كانت تكنى في الوسط الأدبي بـ (نخلة العراق) و (إمبراطورة الشعر العراقي)؛ لنضجها المبكر، وامتلاكها صوتاً خاصاً في التعبير عن الأسطورة التي استخدامها الكثير من الشعراء العراقيين بعد أن فتح مغاليقها السياب. وكانت مختلفة بشكل لافت للانتباه؛ فقد دخلت بمنافسة مبدعة مع (ذكورية) جيلها من الشعراء على الرغم من أن الشعر لا يعترف بهذا التقسيم.
وقد قامت الشاعرة وزوجها بإنشاء شركة تضم داراً للنشر باسم شركة عشتار للطباعة والنشر والتوزيع، إذ ساهمت بطبع العديد من الأعمال الأدبية لفرسان جيل الثمانينيات، وكان للشعراء الشباب حصة في اهتمامها؛ إذ أخذت على عاتقها نشر أعمالهم والوقوف إلى جانبهم وتشجيعهم في بداية طريقهم، وقامت بعد ذلك بتغيير اسم شركتها إلى اسم (منشورات آمال الزهاوي. عرفت الشاعرة آمال الزهاوي وزوجها (عداي نجم) بآرائهما السياسية المختلفة والجريئة، إذ عملا في السياسة وعرفا بآرائهما التي كلفتهما الكثير من المتاعب والويلات، وبسبب تلك المتاعب؛ اضطرا إلى مغادرة العراق إلى سوريا ثم إلى عمان. ولم تكن آمال الزهاوي تحيا برفاهية، بل قطنت في شقة أسكنتها فيها إحدى شاعرات الجيل المتأخر عن جيلها، بعد أن عصفت بها طوارق الحدثان، وأغرقت الديون مطبعتها، خصوصاً بعد اختفاء نجلها وهو في طريقه لتسلم دفعة مالية للمطبعة من وزارة التربية العراقية.
توفيت عام (2015 في الحادي عشر من شهر شباط في بغداد، بعد أن أقعدها المرض على كرسي متحرك، وأثقلت الجلطة الدماغية اليد التي كانت تزود الصحافة والأدب بما تجود به، وبما تستقبل وتكرم الضيف، فقد رحلت وتركت رؤيتها الخالدة التي تقول فيها (إننا نعيش في عالم محكوم بالخطأ وفي الشعر نحاول أن نصنع صورة كونية مشرقة
مصادر ثقافتها:
ولدت آمال الزهاوي في عائلة تُعد من أعلام الأدب والسياسة والعلوم؛ فهي حفيدة (محمد فيضي البابان الخالدي الزهاوي) مفتي بغداد وقته، كما كان أجدادها (البابان) أمراء السليمانية، ومن أعمام أبيها شاعر العراق الكبير المرحوم (جميل صدقي الزهاوي)، والكبير (إبراهيم أدهم الزهاوي)، فهي من أسرة أدبية كان لرجالاتها إبداعات أدبية أغنت الثقافة العراقية، كما تعد عائلتها من العوائل التي عرفت بمقارعة الظلم السياسي من خلال آرائهم ونتاجهم الشعري.
دراستها:
تخرجت الشاعرة في جامعة بغداد / كلية الآداب / قسم اللغة العربية عام 1963، و يعدهذا الصرح العلمي أحد جبال العلم والمعرفة في الوطن العربي بل والشرق الأوسط؛ إذ تلقت فيه الشاعرة العلوم والآداب على يد كبار الأساتذة في ذلك الوقت أمثال: الأستاذ الدكتور خالد الهاشمي، والأستاذ الدكتور عبد الجبار عبد االله، والأستاذة الدكتورة عاتكة الخزرجي، والأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي، وغيرهم، وأخذت على أيديهم أصول علوم اللغة العربية وآدابها، فكانوا بمنزلة منبع ثري يستقي منه الأدباء، فضلاً عن رصانة المنهج التدريسي الذي كانت تطبقه جامعة بغداد في ذلك الحين.
التجوال الدائم
: إن الأديب بشكل عام ابن بيئته؛ فهو يتأثر بها ويؤثر فيها، ومن الخطأ أن نتناول نتاجاً أدبياً ما بمعزل عن عصره الذي عاش فيه الأديب، والأماكن التي سكن فيها وتنقل خلالها وزاول فيها إبداعه، الذي يعكس بصورة أو بأخرى كثيراً من ملامحها وسماتها، وقد فرض على آمال الزهاوي الترحال من بداية مسيرتها، فقد بدأت حياتها بالهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ سعياً منها إلى إكمال دراستها، وقد تأثرت إلى حد كبير بالشعر الإنجليزي؛ إذ يكاد أسلوبها في بناء القصيدة الشعرية متفرداً في صوره ودلالاته التي استمدت تراكيبه من الرموز المغرقة في الغموض، حتى يكاد القارئ أن يقف حائراً في فهم المناحي التي تذهب إليها الشاعرة في عدد من قصائدها، ويمكن أن نقول إن هذا يرجع إلى تلك الرمزية التي وجدتها الشاعرة في قراءتها للشعر الإنجليزي الذي ينأى عن التصريح والوضوح، وكذلك هجرتها إلى سوريا وعمان، إذ استسقت من منابع الشعر العربي المعاصر في البلدين العربيين الشقيقين، وكان لذلك أثر كبير في تطوير أسلوبها الشعري، كما ينبغي لنا أن نسلط الضوء على المشاعر التي كانت تغلب على وجدان الشاعرة المتكونة من الاغتراب والعزلة؛ إذ كان لهما الأثر الكبير والواضح في شخصيتها؛ مما أثر على نتاجها الأدبي تأثيراً واضحاً.
الشاعرة آمال الزهاوي كانت على مستوى مرموق من الثقافة، ويتضح ذلك جلياً في شعرها فقد خلقت نصوصها لعصرها ولعصور تليها. وأصدرت العديد من الدواوين الشعرية من (1969 – 2000 (وفيما يلي عناوينها:
1.ديوان (الفدائي والوحش)، الصادر عن دار العودة في بيروت (1389هـ - 1969م). 2. ديوان (الطارقون بحار الموت)، عن دار العودة، بيروت (1390هـ - 1970 م). 3. ديوان (دائرة في الضوء.. دائرة في الظلمة)، الصادر عن دار الحرية للطباعة في بغداد (1395هـ - 1975 م). 4. ديوان (إخوة يوسف - مطولة شعرية)، دار الحرية للطباعة، بغداد (1399هـ - 1979م). 5. ديوان (تداعيات)، منشورات آمال الزهاوي، بغداد (1402هـ - 1982م) 6. ديوان (يقول قُس بن ساعدة -مطولة شعرية)، منشورات آمال الزهاوي، بغداد (1407هـ - 1987م). 7. ديوان (جدارا - مطولة شعرية)، وزارة الثقافة الأردنية، مطابع الدستور التجارية (1417هـ - 1997. ديوان (شتات)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت (1420هـ - 2000 م). وهناك مجموعات شعرية تحت الطبع منها: (دالية البنفسج)، و (نسيج العنقاء)، فضلاً عن مجموعة شعرية بعنوان (لب الألباب)، وقصيدة شعرية ملحمية عن محنة العراق ابتدأتها برموز شعرية سومرية، ولم تدخل هذه الدواوين ضمن الدراسة كونها لم تطبع بعد ولم يتسن لي الاطلاع عليها.
عن بحث: التناص في شعر آمال الزهاوي ـ جامعة مؤتة كلية الدراسات العليا.