إريك هوبزباوم إكتشاف ماركس العصر الحديث

إريك هوبزباوم إكتشاف ماركس العصر الحديث

علي حسين

ما من كاتب حظي بقراء اكثر من ماركس، وما من فيلسوف بعث من الآمال في نفوس الناس اكثر منه، ولم يثر صاحب نظرية من الحوار والتعليقات والشروحات اكثر منه.. وما من مفكر احدث تاثيرا مماثلا لما احدثه ماركس في القرن العشرين، وما ان يطرح اسمه حتى يثار سؤال مهم:

هل انتهى عصر ماركس بغياب الاتحاد السوفيتي ونهاية عصر الانظمة الشيوعية؟ وهل ان كارل ماركس لم يعد موجودا في بلاد زعمت انها وريثته الحقيقية الوحيدة، وهل صار ماركس الذي تصادف هذه الايام ذكرى " 203 " على ميلاده، رجل من الماضي، ولم يعد يشغل بال احد؟، هذه الاسئلة طرحها ابرز مؤرخي القرن العشرين إريك هوبزباوم عندما اصدر عام 2010، كتابا بعنوان " كيفية تغيير العالم.. حكايات عن ماركس " "، وقد وصفت احدى الصحف كتاب هوبزبام بانه محاولة لانقاذ ماركس من " مزابل التاريخ "، فكان رده ان ماركس هو من جديد المفكر الحقيقي للقرن الحادي والعشرين. يسخر هوبزبام من الاستفتاء الذي اجرته محطة الـ "بي بي سي " البريطانية عام 2007 عندما اعلنت ان ماركس هو العدو الاعظم لمستمعي الاذاعة، ويقول هوبزبام اننا لو طبعنا اسم ماركس في " غوغول " سنجد ان هناك اكثر من " 32 " مليون مرجع، وهو الرقم الاكبر بين المفكرين الكبار، لم يتقدم عليه إلا داروين واينشتاين، لكنه كان متقدما كثيرا على فرويد وتجاوز آدم سميث باكثر من " 25 " مليون.

في شبابه حاول هوبزبام كتابة سيرة أدبية عن كارل ماركس، وتفرغ لقراءة ارشيف الماركسية، لكنه شعر أن الكتابات الشيوعية لا تريد ان تحرر ماركس من التطابق المشاع والشهير مع حياته، وان الحياة دائما ما تتغلب على الافكار في الكثير من السير الذاتية التي كتبت عن ماركس. يكتب هوبزباوم مقالا عن البيان الشيوعي اراد ان يؤكد من خلاله ان ماركس اكتشف شيئا عن الراسمالية قبل اكثر من 150 عاما وعلى العالم الرأسمالي ان يلاحظ ذلك، وخرج بنتيجة أن عند كارل ماركس الكثير ليقوله للقراء. ولأن سعي الانسان ان يكون العالم مجتمعا مختلفا عن المجتمع الذي لديه، وافضل منه، لذا من المفيد ان نحسب حساب ماركس اليوم. قال هوبزوباوم ان بعض كُتاب سيرة ماركس مصاصو دماء، واعترف أن ماركس يتغير كل قرن، فلم يكن ماركس خارج ما يجري من احداث في العالم، فماركس القرن الحادي والعشرين يختلف عن ماركس القرن العشرين. ويطرح هوبزباوم سؤلاً: كيف يجب ان ننظر الى ماركس اليوم؟ هل نعتبره مفكرا للانسانية كلها؟ هل هو فيلسوف ام ومحلل اقتصادي او أب لعلم الاجتماع الحديث، أو مرشد لفهم التاريخ الانساني؟.

نشأ إريك جون بليرهوبزباوم في مدينة فينا التي يسميها العاصمة المفقرة لامبراطورية عظمى، تخبرنا السجلات الرسمية انه ولد في مدينة الاسكندرية في التاسع من حزيران عام 1917، لعائلة يهودية، الأب بريطاني والأم نمساوية، يصر ان موظف القنصلية البريطانية اخطأ في تاريخ ميلاده فاضاف عليه بضعة اشهر، لا يتذكر شيئا من مدينة الاسكندرية التي عاش فيها اقل من عامين، فما ان انتهت الحرب العالمية الاولى حتى انتقل الاب والام الى فيينا مع طفلهما، كان والده يعمل في التجارة، لكنه يصاب بالإفلاس في سنواته الاخيرة. الام تعمل في مكتبة تراجع الكتب التي تنشر حديثا، تهوى قراءة الروايات الرومانسية، وقد نقلت هذا الشغف لابنها البكر، جربت كتابة الرواية، فصدرت لها رواية وحيدة لم تلق الاهتمام، في الثانية عشر من عمره يتوفى والده، يتذكر المشهد في سيرته الذاتية – عصر مثير ترجمها الى العربية معين الامام -: " في وقت من امسية يوم الجمعة الثامن من شباط 1929، عاد والدي من جولة اخرى من جولاته البائسة في المدينة بحثا عن مال يكسبه او يستدينه، الجو قارس وانهار امام الباب، سمعت والدتي الأنين عبر النوافذ العلوية، وحين فتحتها على الجو القارس في ذلك الشتاء، سمعته ينادي عليها. توفى خلال بضعة دقائق، جراء نوبة قلبية ". كان الاب في الثامنة والاربعين من عمره، وبموته حكمت الام على نفسها بالموت، ظلت تقول لابنها " هناك شيء انكسر في قلبي "، وبعد مرور اقل من ثلاث سنوات تموت الام وهي في السادسة والثلاثين من عمرها، لم يترك الاب شيئا لعائلته باستثناء كتب كثيرة باللغة الانكليزية تتحدث عن الرحلات والمغامرات، يبدأ الشاب ايريك العمل معلما للغة الانجليزية لاعالة عائلته، يذهب للعيش هو وشقيقته في بيت خالتهما. عام 1933 تنتقل عائلة خالته إلى لندن، بعد أن تولى الحزب النازي السلطة: " إن أي شخص رأى صعود هتلر أمام عينيه يجب أن يكون قد تأثر سياسياً بذلك، ولا يزال ذلك الصبي بداخلي وسيظل ".

عام 1936 يحصل على منحة للدراسة في جامعة كامبريدج، كان عمرة 19 عاما عندما انضم الى الحزب الشيوعي عن طريق النادي الاشتراكي بالجامعة، لكنه يخبرنا في سيرته الذاتية انه اصبح شيوعيا عام 1932 عندما بدأ بقراءة كتب ماركس وانجلز، وسيبقى عضوا في الحزب الشيوعي لاكثر من خمسين عاما، ويقول ان السبب الذي جعله يبقى كل هذه المدة في الحزب، يناسب سيرته الذاتية الشغوفة بشخصية ماركس: " كانت الشيوعية بمثابة التعبير المثالي عني "، لكن على الرغم من انتماء هوبزباوم الى الحزب الشيوعي، إلا ان رفض ان يكتب كالشيوعيين، حيث اصر على انه ماركسي المنهج، يرفض ان تحمل كتاباته نصوصا ايديولوجية للتدليل على ظاهرة او واقعة تاريخية، بل انه اراد استعمال المفاهيم الماركسية في اطار نظري يمتاز بالسهولة والمرونة، لكي يجعل تاثير هذه الكتابات على القارئ عميقا. في شباط من عام 1940 يتم استدعاه للخدمة في الجيش وصف سنوات خدمته العسكرية بانها كانت سنوات فارغة، تُمارس فيها حربا فارغة، اثناء سنوات الحرب سيوضع تحت المراقبة باعتباره شيوعيا، وقد كانت الاجهزة الامنية تنظر اليه باعتباره شخصا مثيرا للشبهة، يجب ابعاده عن الاماكن الحساسة في الجيش، يخدم في وحدة الالغام، ويسخر من الذين يحذرونه من القنابل: " لن تصيبك القنبلة إلا اذا كان اسمك مكتوب عليها "، بعد الحرب يحصل على الدكتوراه في التاريخ وكان موضوع رسالته عن جمعية فابيان، وهي منظمة اشتراكية بريطانية هدفها النهوض بمبادئ الاشتراكية الديمقراطية من خلال الجهود التدريجية والإصلاحية في الديمقراطيات، وليس من خلال العمل الثوري.

يعمل محاضرا في جامعة لندن، بعدها سيصبح استاذا للتاريخ الاقتصادي الاجتماعي، قال إن هناك نسخة أضعف من المكارثية انتشرت في بريطانيا وأثرت على الأكاديميين الماركسيين: "لم احصل على ترقية لمدة 10 سنوات، لكن لم يطردني أحد". عام 1978 يتم اختياره زميلاً في الأكاديمية البريطانية، وفي العام ١٩٩٨، يمنح وسام الشرف في بريطانيا. وعلى الرغم من أنه كان شيوعياً منذ العام ١٩٣٦، إلا أنه ندد بالغزو السوفياتي لهنغاريا عام، وظل محافظاً على منظوره الماركسي العريض في توجهاته الفكرية وممارساته العملية.

تقاعد هوبزباوم من الجامعة عام 1982، وأصبح أستاذا فخريًا للتاريخ، وعُيِّن رئيسًا لبيركبيك عام 2002، ظل أستاذا زائرا في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في مانهاتن، متعدد اللغات، يتحدث الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية بطلاقة، ويقرأ البرتغالية والكتالونية.نشر العديد من الكتب اشهرها رباعيته عن التاريخ الحضاري لاوربا منذ الربع الاخير حتى نهاية القرن العشرين، واشتمل المشروع على مؤلفات مرجعية هي " عصر الثورة.. اوربا 1789- 1848" و" عصر راس المال 1848- 1875 " و " عصر الامبراطورية 1875 -1914 " والجزء الاخير بعنوان " عصر التطرفات – القرن العشرين القصير 1914- 1991 –" ترجم الرباعية الى العربية فايز الصياغ – في هذه الموسوعة الضخمة يؤكد هوبزباوم على انه لا يسرد التاريخ، ولا يعيد صياغته، ولا يؤرخ لوقائعه او يصف احداثه كما " كتاب التاريخ "، انه يريد ان يتوجه الى القارئ والباحث الذكي، فيقدم له ظواهر التاريخ الاساسية والاحداث الكبرى في حياة الناس، محاولا أن يربط بعضها ببعض، في المجالات الاسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية التي يوليها اهتمام خاص، بحيث تكون الحصيلة النهائية صورة نابضة بالحياة للواقع البشري في مراحله المتسلسلة.. وسنجد هذا لاهتمام في الثقافة في كتابه " ازمنة متصدعة.. الثقافة والمجتمع في القرن العشرين – ترجمته الى العربية سهام عبد السلام - والذي لا يشذ عن منهج كتابة التاريخ الذي اتخذه هوبزباوم لنفسه، فهو يشير الى عالم تهاجمه التناقضات، عالم مشغول بازمة الهوية. في مقدمة الكتاب يشير هوبزباوم الى ان الناس يعيشون في عصر فقد ملامحه وتطلع في السنوات الاولى من الالفية الجديدة الى " مستقبل غير معروف، بلا خريطة هادية، ولهذا انتابت الانسان الحيرة المشوبة بالاضطراب ".

خارج كتاباته عن التاريخ، استمر هوبزباوم بكتابة عمود اسبوعي عن موسيقى الجاز، وفن البوب، وعن السينما وافلام رعاة البقر، وعن اشكال الموسيقى الشعبية، مما اثار استياء الحزب الشيوعي الانكليزي، وقد كتب عام 1963 مقالا بعنوان " البيتلز وما قبله " تنبأ فيه بان هذه الفرقة على وشك أن " تبدأ هبوطها البطيء ".

بالإضافة إلى ارتباطه بـ " الحزب الشيوعي البريطاني "، أقام هوبزباوم علاقات وثيقة مع الحزب الشيوعي الإيطالي، وتفرغ لدراسة كتابات انطونيو غرامشي والذي كان له تاثير كبير على منهجه في كتابة التاريخ، في كتابه " كيفية تغيير العالم " يخصص مساحة للحديث عن غرامشي حيث يرى يعتبره المفكر الأكثر أصالة في الغرب منذ عام ١٩١٧، لأنه- أي غرامشي -، اعتبر أن الاشتراكية لا تعني مجرد المِلكية الاجتماعية والتخطيط للتنمية الاقتصادية فحسب، بل تنطوي كذلك على مواصلة النضال لتحويل السلوك الاجتماعي وخلق شعب جديد، ويرى هوبزباوم أن كتابات غرامشي ينبغي إعادة طرحها من جديد كاستراتيجية نضالية شأنها شأن أعمال ماركس وإنجلز.

منذ الستينيات، اتخذت مواقف هوبزباوم السياسية طابعا معتدلا، ولم يعد يدعو إلى " الأنظمة الاشتراكية من النوع السوفيتي". لكن حتى اليوم الاخير من حياته ظل مكانه راسخا في حركة اليسار العالمي يكتب في سيرته الذاتية - عصر مثير –: " كنت على الأقل رجلاً تفقد حياته طبيعتها وأهميتها بدون المشروع السياسي الذي ألزم نفسه به كطالب مدرسة، على الرغم من فشل هذا المشروع بشكل واضح، وكما أعرف الآن، كان لا بد أن يفشل. لا يزال حلم ثورة أكتوبر موجودًا في مكان ما بداخلي، حيث لا تزال النصوص المحذوفة تنتظر استردادها من قبل الخبراء ". ورغم هذا الايمان بقدرة الماركسية على تجديد نفسها، إلا اننا نجد هوبزباوم يكتب في السنوات الاخيرة " أن التوقعات طويلة المدى للإنسانية كانت قاتمة، ان أحد أسوأ الأشياء في السياسة في الثلاثين عامًا الماضية هو أن الأغنياء نسوا الخوف من الفقراء ".

في الساعات الأولى من الاول من تشرين الاول عام 2012، توفي هوبزباوم في احدى مستشفيات لندن، حيث كان يعاني من مضاعفات سرطان الدم، قالت ابنته انه ظل يحارب هذا المرض لسنوات دون ضجة، يتابع ما يجري في العالم، وكانت غرفته في المستشفى مليئة بالكتب. يكتب: " ليس ثمة مكان افضل من سرير المستشفى، للتفكير بطوفان الكلمات والصور (الاوورويلية) التي تستحضر الرواية الشهيرة 1984، الذي طغى على وسائل الاعلام المطبوعة والمرئية آنتذ. كانت كلها مفبركة لتخفي الحقائق وتخدع وتضلل الناس ".

بعد وفاته تكتب الغارديان: " " رحل مؤرخ غير عادي، ورجل شغوف بسياسته، لقد جلب التاريخ من البرج العاجي إلى حياة الناس". تم حرق جثته بناء على وصيته، ودفن رماده بالقرب من قبر كارل ماركس.

في مذكراته يكتب: " بالنسبة لكل من هم في مثل عمري، يعتبر العيش طيلة القرن العشرين درسا فريدا بكل ما في الكلمة من معنى ".

شكّلت الماركسية هاجسا لهوبزباوم، وكان يرى ان افكار ماركس تتمتع بالقدرة على الابتكار والاختبار. في مقدمة كتابه " كيفية تغيير العالم.. حكايات عن ماركس والماركسية " – ترجمه الى العربية حيدر حاج حسين - ويخبرنا ان الكتاب ولدت فكرته: " في أوائل تشرين الأول ٢٠٠٨، عندما أعلنت صحيفة فاينانشال تايمز بالبنط العريض في الصفحة الأولى: تشنُّج الرأسمالية "، وكان هذا اعلانا حسب قول هوبزباوم من ان ماركس " لن يغادر المسرح طالما ظلت الرأسمالية العالمية تعاني أقسى موجة من التخبط والتأزم ". ويجد ان الماركسية كانت في المائة والثلاثين سنة الماضية الموضوع الرئيسي في الموسيقى الفكرية للعالم الجديد، من خلال قدرتها على تحريك القوى الاجتماعية. لكنه يرى أن انحدار الماركسية في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن العشرين كان بسبب أفول عصر الأيديولوجيات الكبرى والأفكار الإصلاحية بشكل عام وبزوغ عصر ما بعد الحداثة الذي جرف بقايا البنى والمؤسسات والهياكل التي قامت على هذه الأيديولوجيات الكبرى..لكن رغم ذلك يطالبنا هوبزباوم بضرورة إعادة قراءة ماركس في عصرنا الحاضر فـ " نحن عاجزون عن التنبؤ بحلول المسائل التي تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين، لكن إذا قدر لنا النجاح، فلا بد لها من طرح الأسئلة التي طرحها ماركس حتى لو لم نكن راغبين بقبول أجوبة تلاميذه المختلفة ". يؤمن هوبزباوم بان الفلاسفة قبل ماركس فكروا في الإنسان ككل، لكن ماركس كان الأول الذي فهم العالم ككل من الناحية السياسة والاقتصادية والعلمية والفلسفية في وقت واحد.

في محاولة لاستعادة لحظة ماركس الاولى ياخذ هوبزباوم على نفسه مهمة تقشير ماركس مما احاط به من اغلفة تحاول ان تضع سورا بينه وبين قراء القرن الواحد والعشرين، ويحدد هوبزباوم هذه الاغلفة بان الاول منها هو محاولة الدمج بين مفهومي الاشتراكية والماركسية، والغلاف الثاني هو القراءة اللينينة المتزمتة لماركس، والغلاف الأخيرهو الخلط بين تاريخ الماركسية والحركات العمالية.

يعترف هوبزباوم انه مدين بالكثير الى كتابات ماركس التي علمته معنى الالتزام في هذا العالم، وساعدته ان يفسر المادة التاريخية تفسيرا عقلانيا واضفت، على مؤلفاته نكهة خاصة تدعونا للتمعن في حكايات ماركس الحقيقية.

عاش هوبزباوم حياته التي اقتربت من القرن مخلصا لمبادئه وافكاره الماركسية، منددا بالظلم في كل اشكاله، وفي حوار أجرته معه صحيفة الأوبزرفر عام ٢٠٠٢، يقول بوضوح: " إنني يهودي. ولكن ذلك لا يعني أن عليّ أن أكون صهيونياً ولا مؤيداً بأي شكل من الأشكال للسياسات التي تنتهجها الآن حكومة إسرائيل،إنها سياسات ستؤدي بطبيعتها إلى التطهير العرقي في أراضٍ محتلة، لم أكن صهيونياً قط. ولكن بعد أن قامت إسرائيل واستقر فيها اليهود، لم تعد فكرة إزالتها وإزالتهم واردة. ولم أكن بتاتاً من الداعين إلى تدمير إسرائيل أو إذلالها. نعم، إنني يهودي. ولكن ذلك لا يعني أن عليّ أن أكون صهيونياً ولا مؤيداً بأي شكل من الأشكال للسياسات التي تنتهجها الآن حكومة إسرائيل، وهي سياسات كارثية شريرة؛ إنها سياسات ستؤدي بطبيعتها إلى التطهير العرقي في أراضٍ محتلة".

مضى إريك هوبزباوم قدماً في تقديم نموذج للمفكر الذي يجمع بين انجازاته الفكرية والثقافية ومواقفه السياسية الثابتة، وظل طوال حياته، يردد: " لقد أنجزت ما أنجزت دون أن أقدم أية تنازلات أو أساوم على الإطلاق".