مذكرات الدكتور عماد عبد السلام رؤوف مع كتب المذكرات الشخصية

مذكرات الدكتور عماد عبد السلام رؤوف مع كتب المذكرات الشخصية

د عماد عبد السلام رؤوف

وفي إحدى الندوات العلمية الي كانت تعقد في المجمع العلمي العراقي تعرفت على الدكتور جعفر ضياء جعفرء وكان عضوا في المجمع" ويتولى مناصب مهمة. منها وزير الكهرباء" ومستشار الرئيس لشؤون الطاقة؛ وربما مناصب اخرى لا أعرفهاء وتحدثنا عن المناصب التى شغلها ابوه ضياء جعفرء ودوره في السياسة النفطية والمالية والتقنية في العراق قبل ثورة 1958 بوصفه قد شغل أربع وزارات هي:

المالية والاقتصاد. والاعمار والصناعة؛ وفي الواقع فاني كنت معجبا بسيرة ضياء جعفر من خلال ما اطلعت عليه من وثائقه الحفوظة في المركز الوطني للوثائق وحدثته عن هذه الوثائق فاقترح علي أن أؤلف كتابا في سيرته، ووعدني بأنه سيدعمني بوثائق ومذكرات تحتفظ بها اسرته في لندن.

ورأيت العرض سخيا فعلا من الناحية العلمية، وشرعت في العملء مبتدثا بما وجدته سابقا من وثائق وملفات تخص الوزارات التي شغلهاء ثم من ملفته الشخصية. ثم أنه أتحفني بوثائق أخرى لا تقل أهمية عن اسرته وحصلت من خلال أخيه الصديق الاستاذ يحيى ضياء وكان مديرا لشركة صناعية تقع على شارع ابي نواسء على عدد من المذكرات التي كتبها ابوه بما اودعته الاسرة في

لندن وهي مذكرات في غاية الاهمية. من شأنها أن تغير كثيراً من الحقائق المعروفة عن اتفاقية النفط سنة 1952 ومشاريع مجلس الاعمارء وتوفير أول غطاء ذهبي للدينار العراقي وهو الغطاء الذي لولاه لما امكن لثورة 1958 ان تخرج العراق من منطقة الاسترليني وغير ذلك من الاسرار.

ومن الطريف اني اكتشفت ان اتفاقية مناصفة الارباح التى وقعتها الحكومة العراقية مع شركة نفط العراق. والتىي صارت السبب في نهضته العمرانية المتمثلة بمشاريع مجلس الاعمار فقدت ولم يعد لها وجود حتى في وزارة النفط. ولذلك قمت بنشرها في ملاحق الكتاب معتمداً على نسخة الدكتور ضياء جعفر. زادتني هذه الوثائق رغبة في انجاز الكتاب. وبعد عدة أشهر فرغت منه

تماماء وزاده قيمة ان سمح لي الدكتور جعفر بانتقاء مجموعة كبيرة من الصور الفتوغرافية التى تعد وثائق بذاتها فأودعتها صفحات الكتاب. وكان قد اقترح أن يطبع الكتاب لدى إحدى دور النشر في لندن فلم أحبذ هذه الفكرة ذلك ان الكتاب كان يصب في صالح النظام الملكي في العراق وضياء جعفر نفسه كان وزيرا في ذلك النظام؛ء وصديقا مقرباً الى رئيس الوزراء نوري السعيد. وعضوا

في حزبه وكان نشر مثل هكذا كتاب في التسعينات, وفي لندن بالذات. ربما يفسر بأنه نوع من الدعاية للأسرة الملكية التي كانت تعيش هناك, والتى كان بعض أعضائها يطمحون الى اداء دور ما في العراق بعد زوال النظام فيه. وقد أيدني الدكتور جعفر في هذه الفكرة" وطبعه في مطبعة جيدة في بغداد. وبعد سقوط النظام والاحتلال الامريكي للعراق، افتقدت الدكتور جعفر وأخاه يحيى؛ وضاعت عني أخبارهما وبعد سنوات اتصل بي يحيى بالهاتف،وكنت يومذاك قد نقلت خدماتي الى جامعة صلاح الدين في اربيل، وعلمت

منه أنه واخاه يعملان في الشارقة حيث كانت لهما ولاخيهما الثالث حميد شركة نفط هناك. وكم سررت حينما وصلتني سنة 2013 دعوة كريمة من الأسرة لقضاء اسبوع في الشارقة، فكانت فرصة لي للقاء صديقي القديم الدكتور عدنان احمد ولي العزاوي الذي سبق ان ذكرته من قبل حينما استعنت به في دراسة وثائق (المغارسة) وللاطلاع على النهضة المدهشة التي شهدتها تلك البلاد خلال

وقت قصير نسبيا، وحينما رأيت (دبي) وهي تزهو بعماراتها الشوامخ وتطورها فتذكرت يوم أوفد والدي اليها سنة 1956 لتأسيس اول بلدية فيها..

وقدر لي في الوقت نفسه تقريبا أن وصلتني مسودة كبيرة من مذكرات لوزير آخر من وزراء العهد الملكي. كان صنو ضياء جعفر في مفاوضات النفط. وشغل وزارات عدة هو عبد المجيد محمود. وكانت تربط أسرتي بأسرته علاقة عائلية متينة منذ أواخر الأربعينات حتى أن زوجته السيدة ام الحارث حضرت ولادتى، وكنت أكن لما احتراماً خاصاً لهذا السبب، كما كنت أكن تقديرا عاليا للاستاذ الحارث نفسه. وكان هو يظهر اعجابه بدراستي للتاريخ، وقد أهداني مرة كتاب (مجموعة نادي القلم) وهى مجموعة من المحاضرات القيمة ألقاها أعضاء هذا النادي الذي هو من مؤسسيه. وكانت مسودة المذكرات محفوظة لدى ولده (على) الذي يعيش منذ مدة في الولايات المتحدة" وقد عانيت ما عانيت في فك طلاسم خط صاحبها، إذ كان خطه رديئا واستعنت بزوجته أم الحارث التى كانت تتميز بقدرتها على قراءة هذاالخط. وعرضت على (علي) أن اقوم بتحقيق هذه المذكرات والتقديم لها ونشرها فرحب بالفكرة جدا. وكان شرطى

الوحيد أن يقوم بطبع الكتاب في حال إنجازه حتى لا يذهب تعبى سدى. وصورلى نسخة منها وقمت بعدها بتحرير نسخة منقحة. وصححت أخطاءها وهى كثيرة. وعالجت ما اعتور فقراتها من ضعف في الصياغة. ثم شرعت باضافة هوامش توضيحية تعرف بالأعلام الكثيرين الذين تحفل المذكرات بأسمائهم.حتى إذا ما انجزت تحقيق الكتاب. نكل عن اتفاقنا على نشره. وضرب

برغبة أمه عرض الحائط لسبب لم أفهمه حتى هذه اللحظة. وكذلك فعل أخ له اسمه فيصل وليس هذا فحسب. وإنما طلبا مني إلغاء فكرة تقديمه الى إحدى دور النشر، على أني لم أعر طلبهما بالا لأني كنت مخولاً من أمهما بالعمل على نشره ولم أكن لأضيع جهد سنتين من العمل المضنى نزولا لطلب غريب لم توضح لي اسبابه. وقدمت الكتاب الى إحدى دور النشر اللندنية فنشر بعنوان

(مذكرات عبد المجيد محمود. الوزير في العهد الملكي في العراق" واحتل موقعه في مكتبة المذكرات العراقية.

ومن المذكرات الاخرى التى عنيت بتحقيقهاء مذكرات المهندس فخري الفخري. وهو آخر امين عاصمة لبغداد في العهد الملكي. وقد حصلت على مسودتها من ابنه حسان الذي تربطنا به صلة مصاهرة. وعلى الرغم من أن الفخري كان من فئة التكنوقراط تماما ولم تكن له أية اهتمامات سياسية الا أن مذكراته كانت مهمة وحافلة بالمعلومات عن تطور الخدمات العامة في بغداد في اواخر العهد الملكيء ولما كانت المذكرات غير متصلة من حيث السياق الزمني وفيها ثغرات. فقد عمدت الى إعادة ترتيبها على وفق هذا السياق. وقمت كالعادة بالتعليق عليها بما يوضح خفاياهاء وكتبت سيرة صاحبها بالرجوع الى الوثائق والملفات الخاصة به.

وكنت قد عرضت على أنس قاسم الرجب وكان زميلا لي في المدرسة لمأمونية أن أتولى تحقيق مذكرات ابيه الكتبي الشهير وصاحب مكتبة المثنى ببغداد، ما كان ينشره منها في جريدة البلد البغدادية ثم في مجلة (المكتبة) التي اصدرها في اواسط الستينات من القرن الماضيء. ومقابلة المنشور منها على أصولها التي توجد بخطه. وكان شرطي الوحيدء كما فعلت بالنسبة لمذكرات عبد المجيد محمود. أن يتولى هو نشر هذه المذكرات، إذ لم يكن معقولا أن أتولى أنا ذلك بعد كل الجهد الذي ابذله في تحقيقها وكتابة سيرة صاحبها فوافق أنس شاكرا، وبدأت العمل بكل همة ونشاط حتى إذا أنجزت الكتاب وكتبت سيرة صاحبه. وقدمت لهذه السيرة بمقدمة عن تاريخ سوق السراي وشارع المتنبي حيث الكتب والمكتبات في بغداد. نكل عن نشره بل أغفل الاشارة اليه في الدليل الذي نشره عن اصدارات مكتبته في المستقبل؛ ما أثار ريبي من نواياه.

ولبث الكتاب لدي عدة سنين، ثم صادف أن أقيم معرض للكتاب في اربيل فاتفقت مع احد الناشرين العراقيين في بيروت على نشره. فنشره بعنوان (مذكرات قاسم محمد الرجب صاحب مكتبة المثنى ببغداد).