من طرائف الأسلحة الشعبية القديمة

من طرائف الأسلحة الشعبية القديمة

حسين الكرخي

تُفْكَه:

بسكون الفاء أو ضمه، من أصل روسي (فن توفكا) أي بندقية، ويلفظها البعض (تفنكه) والجمع (تفنك)، ومن أسماء البنادق التركية القديمة (قره بينه) وتعني الموت الأسود، وكانت تحشى بالقذيفة، وتوضع الكبسولة (الوارية) المشتملة على البارود تحت مطرقتها فإذا ضغط على زنادها ثارت الكبسولة ودفعت القذيفة بقوة إلى الأمام.

ومن أسمائها الأخرى (قبغلي، ماطلي، كسرية، مكنـزيه، موزر، شيشخان... الخ):

قلمي مشحون بالبنبردمان

وتُفك موزر والقبغلي وماطلي

***

عبود اجه من النجف

شايـل مكنــزيه

***

فراكهم بچّانــي

چالماطلية بالضلع

و(البنبردمان) كلمة إنكليزية (BOMBARDEMENT) أي رمي القنابل بالمدافع، و(التفاك) حامل التفكة (البندقي) والجمع (تفّاكة)، والهداف الماهر يسمى (سكماني)، والبندقية سريعة الطلقات شاع استعمالها مؤخراً بدلاً من البندقية، أما الرشاش المنصوب على حامل فكان يسمى (مطر اللوز) من الفرنسية (موتورليوس).

والكسرية اسم لبنادق الصيد وتسمى في الديار السورية اللبنانية (بارودة) أو (بارودية) وتحشى بخراطيش من الكارتون الأحمر بداخلها عدد كبير من الخردق (الصچم)، منها بفوهة واحدة أو بفوهتين (مطبجة):

كلمن مسك بارودية

صار صياد يا شاطر

وبنادق الصيد ذات الخردقة الواحدة (صچمة) تسمى بنادق الصچم، ويستعملها الصبيان وغيرهم في صيد العصافير والطيور، وفي حدائق الحيوان تستعمل بنادق خاصة ينطلق منها رأس مدبب يشبه الحقنة الطبية (أبرة) تخدر الحيوان وتشل حركته، فيسهل فحصه ومعالجته.

و(القوانة) أو (البوش): الظرف النحاسي الفارغ المتخلف عن الإطلاق، ومن أسماء العتاد (خرطوشة، چيلة، رصاصة، فشكة، طلقة... الخ).

وقولهم (عمر تفكة) كناية عن طول العمر، فالبندقية لشدة العناية بها كما هو معلوم تعمر طويلاً بحيث يتوارثها الأبناء عن الآباء:

صـح المثل عمر اتفكه

خيري مضه وشرّي بكه

وقالوا يشدون من أزر (الشيخ فخري) وهو من زعماء كربلاء الذين ثاروا على الحكم العثماني:

كربلا پورس تفنكه

خيمكا پورس فشنكه

شيخ فخري لا تخف

تلملموا تلملمـوا

مثل الخلالة بالعثـج

ومعناها: كربلاء كلها بنادق، وخيمكاه – وهي محلة معروفة في كربلاء – كلها عتاد، فاحتشدوا وتجمعوا مثل خلال التمر في العذق.

طُبَر:

بوزن (مُضَر) من أصل فارسي (تبر) وهو عصا خشبية أو معدنية، في طرفها كتلة حديدية لها حد هلالي الشكل، متجه إلى الأمام، بعكس اتجاه حد الفأس، فإن كانت العصا من النحاس المنقوش فإنه خاص بالدراويش، وإلا فإنه أداة من أدوات الحطابين وله استعمالات عديدة غير ما ذكرنا، منها استعماله كسلاح في الجيوش القديمة، وأداة تنفيذ أحكام الإعدام في القرون الوسطى بأوربا، وأداة لقطع الأشجار وتكسير سيقانها بشكل قطع صغيرة، تستعمل كوقود للطبخ أو التدفئة واستعمله القصابون في عملهم...الخ.

لقد أدركنا كساري الخشب في الثلاثينات وهم يجوبون أزقة و(درابين) بغداد منادين (كسار خشب، كسار خشب) والطبر على أكتافهم، فقد كانت البيوت البغدادية وقبل شيوع النفط والغاز، أو لأن الطبخ بالحطب أفضل وألذ، يستعملون حطب الطرفاء (الطرفة) وأبدان شجر التوت أو التوث كما يحلو لهم أن يلفظوها، وهذا يحتاج إلى تكسير، فنشأت هذه المهنة:

وأذكر أن (ريجينة) شقيقة المغنية سليمة مراد قتلت في الثلاثينات، قتلها خليلها بالرصاص، ولكن الأهزوجة التي شاعت يومها تقول أنها قتلت بـ (الطبر):

آه يا الدينار من جيبي طفر

صبحت (رجينه) مضروبة بطبر

وبعضهم حمله لقباً وأشهرهم (حمزة الطبر) ولكن الناس كنوا به عن الشخص الساذج، غير الناضج (الفطير).

ومن طريف ما يروى أن موظفاً يدعى (حمزة الطبر) رفع معاملة إلى مدير المال، وهذا رفعها إلى المتصرف (المحافظ)، وكانت غير مستوفية وفيها نواقص عديدة، فعلق عليها بهذه العبارة: يا مدير المال ما هذا الخبر؟ فأعادها الأخير إليه وقد كتب في ذيلها: لست أدري، أسألوا حمزة الطبر!

وفي السبعينيات كني السفاح (حاتم كاظم هضم) بـ (أبو طبر) لأنه لم يكن يكتفي بقتل الأبرياء بل كان يمثل بجثثهم أبشع تمثيل بقطع الرؤوس والأوصال، ولم تهدأ الخواطر ويطمئن الناس إلا بعد إلقاء القبض عليه وتنفيذ حكم الإعدام العادل بحقه.

و(الطبرة) ضربة الطبر، والجمع طبرات، وآل طبرة أسرة بغدادية كريمة، عرفنا من فضلائها المرحوم مصطفى طبرة، أحد رسامي الكاريكاتير في جريدة (حبزبوز) لصهره المرحوم نوري ثابت.

وقولهم (مطبر) أي مصاب بعدة طبرات، واشتهرت في الثلاثينات أغنية أولها: (مطبّر يا كلبي مطبّر).

ومن قصيدة للشاعر الكرخي ضد المحتلين الإنكليز:

ماكو منـزع للصبر

ساعة ونطبرهم طبر

المكوار، المكيار:

والجمع مكاوير، وهو عصا قصيرة، في طرفها كرة صلبة من القير، أثبت كفاءته القتالية في ثورة العشرين، وبخاصة في الهجمات الفجائية والسريعة على مواضع المدفعية وغيرها:

(الطوب أحسن لو مكواري؟)

ومن طريف ما رواه الأستاذ عبود الشالچي في (موسوعة الكنايات العامية البغدادية) 3/113 ما يلي:

(غضب السلطان العثماني عبد الحميد، على أحد كبار زراعي الشلب في العمارة (ميسان)، فأمر بنفيه إلى مدينة من مدن البوسنة والهرسك، ملاصقة لبلاد النمسا، ومكث هناك اثنتي عشرة سنة، ثم رضي عنه السلطان وعفا عنه، وأذن له بالعودة إلى بلده، ومرّ ببغداد فأراد أن يظهر قومه وأتباعه على مقدار ما أفاد من مدنية وتقدم من جراء إقامته في أوربا، فذهب الى سوق الصاغة وأوصى أن يصوغ له مكواراً من الفضة!). والچنتيانة: اسم أعجمي لحربة البندقية والجمع (چنتيانات)، أما الحربة فتجمع على حراب:

لاحت رؤوس الحراب

تلمع بين الروابي

ومن أسماء الحربة بلغة العامة (سُنكي) والجمع (سناكي)، و(قامة) وتجمع على (قامات) و(قسطورة) وجمعها (قسطورات).

من مخطوطة كتاب: بحث في الألفاظ البغدادية الأسلحة القديمة