عبد الوهاب البياتي

عبد الوهاب البياتي

عائد خصباك

اتفقنا على مشاهدة فيلم "إيزادورا دنكان" في سينما قصر النيل الواقعة في شارع سليمان باشا، اتفقنا، الشاعر عبد الوهاب البياتي وغالي شكري وأنا، أن نلتقي قبل التاسعة مساءا أمام مبنى تلك السينما. كنت متشوقًا لمشاهدة ذلك الفيلم لسببين، الأول: أني قرأت مذكرات ايزودورا دنكان، الصادرة مترجمة إلى العربية عن "دار اليقظة" في دمشق، والثاني: مشاهدة اداء الممثلة البريطانية "فانيسا رودكريف" وكنت معجبًا بها أيما إعجاب.

"إيزادورا دنكان" 1877 - 1927 راقصة بإليه، بسبب تعاطفها المعلن مع الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 صدر قرار بنفيها خارج الولايات المتحدة فذهبت إلى روسيا وأثبتت أن هناك شيئًا ما روسيًّا داخلها، ليس فقط بسبب علاقة الحب التي جمعتها مع الشاعر المعروف "سيرجي يسينين"، وقد تصدرت هذه العلاقة أخبار الصحف والمجلات العالمية آنذاك، قضت فترة لا يستهان بها في روسيا، ورقصت على مسرح البولشوي، عاشت حياتها راقصة بإليه جريئة، متهورة، مستعجلة دائما، وسمة حياتها الأولى: الفوضى.

في الموعد التقينا، وأثناء عرض الفيلم ازداد إيماني بقدرة فانيسا رودكريف على أداء ما لا يمكن أن تؤدي الدور أية ممثلة أخرى، أدت الرقصات بشكل مذهل وجسدت بما لا يقبل الشك طبيعة علاقة الحب بين إيزادورا والشاعر الروسي يسينين، لكني حزنت للنهاية المأساوية، فلقد أدى ولع إيزادورا بالأوشحة الحريرية إلى موتها، وذلك عندما تحركت السيارة التي استقلتها يوما، فعلق طرف وشاحها الحريري الطويل الملتف حول عنقها بمحور العجلة الخلفية للسيارة فشدّ عنقهاوانكسر وكان ذلك خاتمة حياتها.

انتهى الفيلم عند منتصف الليل وأردنا مكانًا نجلس فيه بعد مغادرتنا السينما لنكمل مشوارنا، قال غالي: تعالوا نتمشى إلى باب اللوق فمشينا، في مقهى هناك جلسنا إلى طاولة على الرصيف ضمتنا معًا، وعندما كنا نشرب الشاي وندخن،نظرت إلى عبد الوهاب فما وجدته مرتاحًا، قلت: ما بك يا أبا علي؟ قال: والله شي غريب! أنا الذي حيرني في إيزادورا دنكان انها تترك كل الناس وما تجئ الا إلى يسينين، علمًا أن هناك الكثير من الشعراء العالميين، ومنهم في مصر تستطيع أن تقيم معهم علاقة حب، وللعلم هم أفضل منه بكثير سواء في شعرهم أو وسامتهم.

وجّه غالي لي نظرة ذات معنى ومغزى، وأنا التقطتها سريعا، وعبد الوهاب التقط نظرتينا، فقال: أنكما "وغدان" لأنكما تفسران كلامي تفسيرًا ليس في صالحي.

قال غالي: لكننا ما قلنا شيئا!

قال عبد الوهاب: لكني سمعتكما بعينيّ.