نص نادرفي عام 1922.. فتاة تقدم مشهداً ثمثيلياً ومسابقة شعرية بين كبار شعراء العراق

نص نادرفي عام 1922.. فتاة تقدم مشهداً ثمثيلياً ومسابقة شعرية بين كبار شعراء العراق

أميل ضومط

تأسس في بغداد ناد علمي أدبي اسمه المعهد العلمي مركز ادارته ومجتمع أعضائه في بناية في وسط المدينة على الشارع الرئيس. في البناية ست غرف وسرداب حول قاعة في الوسط مكشوفة، واحدة من الغرف مكتبة وأخرى فيها الجرائد والمجلات والبقية مفروشة يجلس فيها من يأتي المعهد، وتجتمع فيها مساء الصفوف الليلية حيث تدرس بعض العلوم واللغتان العربية والانكليزية.

مرتين في الأسبوع، الخميس مساء والأحد مساء، تلقى محاضرات في مواضيع متنوعة يحضرها من يشاء من أبناء المدينة ويكون الاجتماع وقتئذ في القاعة المكشوفة فتسقف أيام الشتاء بخيمة وقاية من البرد.

ومن جملة مساعي هذا المعهد أيضاً أن إدارته أقامت حفلة أدبية أحيت فيها ذكرى الماضي واتبعت بعض تقاليد العرب في سوق عكاظ وسمت الحفلة (سوق عكاظ) وكان منهجها على ما يأتي:

1. تفتح السوق بعد ظهر الجمعة 24 شباط، 27 جمادي الآخر عند الساعة الواحدة في جنينة البلدية في الصالحية فيدخل الأهالي ووفود الجهات ورؤساء بلديات القطر.

2. يحضر ملك العراق عند الساعة 1.30 ويأمر بإقامة السوق بعد خمس دقائق من حضوره.

3. يعيد احد الشبان خطبة قس بن ساعدة الأيادي وهو راكب على جمل احمر.

4. تنشد فتاة صغيرة قصيدة الخنساء التي اطراد النابغة ان يفضلها بها على سائر الشواعر والشعراء.

5. يتقدم الشعراء المتبارون حسب ترتيب حروف الهجاء، فينشدون قصائدهم من على منبر الشعر.

6. يرتجل الخطباء ويتلو الأدباء ما نثروا – على ترتيب حروف الهجاء أيضاً، من على منبر الخطابة.

7. ينشد شاب مهذب قصائد الشعراء المتغيبين وكذا يتلو آخر مقالات الأدباء الذين لم يحضروا لعذر مشروع.

8. تستعرض صور المصورين.

9. تستعرض الصنائع الأهلية النفيسة.

10. تفتح الظروف المختومة وتبلغ الأحكام المعطاة حسب الأسماء المستعارة وتعلن الأسماء الحقيقية.

11. يفض سوق الأدب وتبقى الصور والمصنوعات الأهلية معروضة يوم السبت والأحد أيضاً.

12. تقدم الجوائز من قبل المعهد العلمي ولجنة الحكم بعد انتهاء السوق.

وكان الاجتماع في ساحة فسيحة قريباً من الكرخ على حدود البساتين والنخيل.. ضربت في وسط الساحة خيمة حمراء مبطنة بطانة خضراء مخروطية الشكل مرتفعة الكفاف امامها العلم العراقي وقبالتها منبر يرتقيه الشعراء والخطباء ومنبر آخر للقضاة المحكمين، وحولها حلقات من المقاعد.. وكان على جانبي الطريق من المدخل الى الدائرة الوسطى صفان من كشافة المدارس، وبعيداً عن هذا المجلس خيم فيها عرضت بعض المصنوعات الفنية الوطنية.

الساعة الأولى بعد الظهر كانت المقاعد حافلة بالحاضرين ثم عند الساعة الواحدة والنصف وصل الملك الى الخيمة المعدة له.

وبعد دقائق تقدم الشاعر المعروف جميل صدقي افندي الزهاوي وانشد قصيدة يخاطب بها العلم العراقي ثم عاد الى منبر القضاء المحكمين حيث كان ايضا الشاعر المشهور معروف افندي الرصافي والسيد محيي الدين افندي الكيلاني والسيد منير افندي الشيخ داود. وكان ساطع بك الحصري وعبد القادر افندي الرسام وصبيح افندي العزي المحكمين في ما عرض من المصنوعات الفنية.

افتتحت السوق باعادة خطاب قس بن ساعدة القاه من على جمل احمر في وسط الحلقة فتى في السن هو نجل داود افندي الكيلاني ثم تلت قصيدة الخنساء فتاة في الثامنة من عمرها، هي كريمة الشيخ احمد افندي الشيخ داود. وكان كلا القس ابن ساعدة والخنساء البغداديات في زي العرب.

ثم ارتقى منبر الخطابة الشعراء المتبارون فالخطباء.. وكان موضوع الخطابة حب الوطن وبعد ان استنفذ الشعراء والخطباء ما أعدوه، قرئ على الجمهور حكم القضاة فحاز الازري خمسا وستين درجة من المئة، والشيخ البصير الحلي اثنتين وستين، والبناء ثلاثة وخمسين، ومعنى هذه الدرجات ان المئة للقصيدة من الطبقة الاولى من الشعر العربي، ولما كان شرط الجائزة الاولى ان تحوز القصيدة ثمانين درجة فما فوق، لم ينل احد جائزة اولى بل اعطيت الجائزة الثانية للازري والبصير معا والثالثة للبناء.

ومن الخطباء نال ثابت عبد النور ثلاثا وستين درجة والعزاوي ستين ومنح كلاهما جائزة ثانية، ثم أن الملك نهض بعد تلاوة الحكم فتبعه الجمهور إلى الخيم حيث المصنوعات الوطنية وعند الانتهاء من مشاهدتها تفرق الجمع يثنون على هبة المعهد العلمي في إحياء العلم والأدب ويتمنون إعادة الموسم.

مجلة الكلية التي تصدرها الجامعة الاميركية في بيروت