سامرة عبد الرزاق توجه نداء عنه عام 1974

سامرة عبد الرزاق توجه نداء عنه عام 1974

في عدد جريدة (طريق الشعب) المرقم 261 والصادر في 20تموز 1974 وجهت المغفور لها السيدة سامرة عبد الرزاق الشيخ علي نداء الى كل من يعرف القاص الذي اختفى فجأة واتهمت السيدة سامرة الامن العام بتصفية والدها الشهيد ثم تحدثت عن قصصه وكتابه (اجراس السلام) ودعت من يعرف شيئاً عنه وعن مسودتي كتابين له اختفتا معه ان يساعدها في العثور على اثاره، وجاء في نداء ابنته:

"ابي.. كيف انت يا ابي؟" جملة اكثرت انت في ترديدها في قصتك (من الانصار) وكأنك قد استعجلتني في سؤال اردده الان كل مرة..واسترجع صوتك في قصتك وانت تقول لها (لا تبكي فهناك غيرك، مثلك، صغار يموتون وغيرهم يتامى.. وانت ايضاً ستموتين.. وانا اموت) وتختم قصتك بمخاطبتك لي (آه يا بنيتي.. يا صغيرتي.. من اجلك انت، ومن اجل غيرك.. نناضل من اجل السلام).

لقد ظللت اردد هذه الكلمات خلفك وكنت اتوقع رجوعك كل ساعة بعد ان اختطفك زبانية بهجت العطية في احد ايام تموز عام 1957 لانك عودتني على هذه الحياة فياماً غبت عنا اياماً واشهراً وسنوات ثم عدت..

ذكرياتك كثيرة وعميقة الجروح ايها الوالد الشهيد في سبيل حرية الشعب. اني لاذكر فرحك الكبير باصدار كتابك (اجراس السلام) عام 1951 وحين سجنتك السلطة الملكية بسبب كتابك.

اذكر اننا كنا نلتقي في ايام المواجهة في سجن بغداد وبعقوبة حيث أمضيت عاماً ونصف العام واذكر كل سفراتك واعتقالاتك العديدة.. ولكنك خلال ذلك عودتني في كل مرة مهما طال غيابك وطال انتظاري –انا وجدتي العجوز- ان نظل ننتظر اللقاء بالرغم من التشرد والضياع والظروف الصعبة.. نعم كنت ترجع وتقص علينا اجمل الحكايا موضحاً الصلابة النضالية التي يتملكها رفاقك وتتملكها انت.. فما زالت ذكرى رفضك مصافحة مدير سجن بعقوبة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك –ضارباً يده قائلاً له- انني ارفض بقوة مصافحة يد ملوثة وملطخة بعار تعذيب وقتل المناضلين الشرفاء من ابناء شعبي العظيم وكيف صعق جلادوك من تصرفك هذا وكيف نقلوك اثر ذلك الى سجن انفرادي مكبل اليدين والرجلين بسلاسل ثقيلة.. لقد كنت بحق تحمل روحية كل المناضلين الشيوعيين، ولقد احس الجلادون هذا الاحساس فيك فراحوا يعذبون رفاقك امامك.

عام ونصف قضيت قسماً كبيراً منه في سجن انفراداي والجلاد مدير السجن يصب نار حقده الاسود عليك.

واذكرك يا ابي في المنفى وقصة ذلك القلم الذي اعجبت به واحببته سمير الذكريات وكان هدية من احد الرفاق وكم كنت معتزاً به لانه من رفيق مناضل.

واني لاذكر وانا فتاة صغيرة سنة 1949 عند رجوعك من باريس بعد ان قضيت هناك ثلاث سنوات في الدراسة وعند رجوعنا من المطار واذا بك وجهاً لوجه مع اعواد المشانق التي كانت تحمل اجساد الرفاق الخالدين، لقد كان منظراً مريعاً بالنسبة لك وضربت على جبينك بقوة وفوجئنا بك وانت تضرب عن الطعام لعدة ايام حزناً على رفاقك الذين جمعتك معهم ايام النضال.

ايام كان الرفاق يختفون عندك في البيت كانت اياماً نعتز بذكراها.. ابي العزيز.. ان ابني عمار بدا يعرف عنك كل شيء.. وقد كان يوم ولادته هو اول يوم من رجوعك من المنفى (بدرة) يوم 14 تموز عام 1957 وقد غضبت عندما رايته ملتفاً بقماطه وقلت لي حرريه.. من هذه القيود ففي هذا اليوم حلت كل قيود العبودية، ذكرى تحطيم سجن الباستيل.

اني ارفع ذكرياتي هذه لتكون كسؤال لكل الشرفاء

-اين ابي.. اين نصير السلم عبد الرزاق الشيخ علي من يعرف عن مخطوطاته الادبية شيئاً.. فكل اختفى عنه.. حتى تراثه الادبي.. لقد اختفى وهو يحمل حقيبة كبيرة تضم كتابين معدين للطبع وللنشر ولكن الظروف كانت لا تسمح بذلك كتاب (آلهة الارض) و(الدنيا بخير) واقاصيص اخرى.

اني اليوم ارفع صوتي بنداء لكل الناس الشرفاء الطيبين.. لكل من يهمه الامر ان يعثر على اثار مؤلف (حصاد الشوك) و(اجراس السلام) و(عباس افندي) ذلك الانسان الذي ذهب ولم يعد.