دق جرس التليفون في منزل محمد سلمان:
- محمد.. هل تستطيع ان تخطفني اليوم؟..
سلمان – ليه اليوم احنا متفقين على الخميس
نجاح سلام – اسمعني كويس.. خطة يوم الخميس انكشفت!
سلمان – انا مستعد الان. في هذه الدقيقة
نجاح – سانزل مع امي الى بيروت لزيارة الخياطة في شارع كذا.. انتظرني الساعة الواحدة تماما..
كانت هذه هي الخطوة الاولى في المغامرة الكبرى الي اختطف بها محمد سلمان المطرب اللبناني المعروف حبيبة قلبه نجاح سلام بعد ان فُرض عليها ستار حديدي من عائلتها في لبنان يحرم عليها الاتصال به..
ماذا فعل؟
واضاف سلمان يروي القصة لأول مرة للجيل:
وجلست افكر.. ماذا افعل؟. ان كل الناس في بيروت يعرفونني، وانا لا استطيع ان اخطف نجاح الا اذا تنكرت.. وفي سرع البرق وجدتني اقف امام المرآة واضع"ماكياج"سائق تاكسي.. لبست قميصا ملونا بالشحم والزيت، ووضعت تحت انفي شاربا ضخما، وبكشت شعري، واسرعت الى صديق واستعرت منه سيارة تاكسي.. وجريت بالسيارة الى بيروت.. واخذت ابحث عن الشارع الذي توجد به"الخياطة" التي اعطتني نجاح اسمها ولكن دون جدوى.. وزاد الموقف حرجا انني لا اجيد قيادة السيارات، وقد دخلت شارعا ضيقا يجب للخروج منه ان اعود الى الوراء، وانا لا اعرف ابدا كيف اعود الى الوراء بالسيارة.. فما كان معي الا ان وقفت وطلبت من سائق سيارة اخرى ان يقود سيارتي الى الوراء!
ابن عمي!
ثم مشكلة اخرى.. لو استوقفني ضابط مرور في الطريق، فانه سيقودني فورا الى قسم البوليس، لانني لا احمل رخصة، ولان السيارة ليست سيارتي، ومعنى هذا سحب الرخصة وثمنها 2000 ليرة. ورجال المرور منتشرون اكثر من سكان لبنان!
وقد حدث ما خشيت ان يحدث!! استوقفني ضابط مرور.. قررت ان اكشف له عن شخصيتي، وادعي انني اعمل في فيلم سينمائي في دور سائق سيارة.. ولكن لحسن الحظ رأيت ان الضابط الذي اوقفني هو ابن عمي!.. فتركني لوجه الله! واخيرا استطعت ان اصل محل"الخياطة".. وصلت في الساعة الواحدة تماما كما حددت لي نجاح.. وانتظرت ربع ساعة ونصف ساعة وساعة ولم تظهر نجاح.. لابد وان الخطة قد عرفت، وحجرتها والدتها في البيت.. اذن فقد ضاعت فرصة العمر..
خفت من أبي
وتكمل نجاح سلام القصة وتقول:
كنت قد اتفقت مع سلمان ان يخطفني يوم الخميس.. ولكنني احسست ان والدي قد كشف الخطة، وانه شاء ان يسكت، ويتجاهل بمعرفته بالامر، حتى يجيء اليوم الموعود فيمنعني من الخروج الى اي مكان في هذا اليوم.. وفي صباح يوم الاثنين قالت لي والدتي انها تريد ان تصحبني معها الى خياطة الملابس في بيروت.. رحبت بالفكرة، واتصلت بسلمان على الفور ليخطفني هذا اليوم، وجاءت الساعة الواحدة، ووالدتي لا تريد ان تتحرك من المنزل.. وانا الح عليها ان ننزل سريعا الى الخياطة، وهي تقول في هدوء: وليه الاستعجال.. الوقت لسه بدري.. هيه طارت، بلاش نروح اليوم.. نروح في الغد!
واخيرا قبلت والدتي ان ننزل في الساعة الرابعة.. وكنت في قلق كبير، كنت اعلم ان سلمان ينتظرني.. كيف سيصبر طوال هذا الوقت؟!
أنا سلمان
ويضيف محمد سلمان رواية الحادث:
.. واخيرا وبعد انتظار اكثر من ثلاث ساعات.. ظهرت نجاح.. اشرت اليها من بعيد الى نفسي والى السيارة، اذا هي تنظر الي في ذهول، وكأنني شاب وقح يعاكسها!.. لم تعرفني وانا متنكر في زي سائق تاكسي.. صرت اصيح فيها باعلى صوتي انا سلمان انا سلمان، لولا ان عرفتني في آخر لحظة فاغرقت في الضحك لمنظري.. كانت قد سبقت والدتها في النزول من عند الخياطة، فاسرعت الى سيارتي.. كنت مضطرب الاعصاب، وكانت هي هادئة!
السيارة لا تتحرك
ثم وقعت المفاجأة المذهلة!
حاولت ان ادير موتور السيارة، ولكن السيارة وقفت جامدة لا تتحرك!. خيل لي في هذه اللحظات ان القدر الظالم يتآمر ضد قلبي.. ضد سعادتي.. ضد احلامي!.. قالت لي نجاح اترك القيادة. ودعني اقود السيارة، جلست محلي، اتضح انني لم افتح"كونتاكت"السيارة! قادت نجاح السيارة. تم كل هذا في لحظات، مرت كانها اجيال! كنت غارقا في العرق المنصب مني، وكانت نجاح غارقة في الضحك على شكلي!
وراء قسم البوليس
واسرعت نجاح بالسيارة وهي تغني!... اما انا فقد بدأت افكر في الامر الخطير.. ان حبيبة قلبي، وشريكة عمري اصبحت الان الى جواري متحررة من كل قيد!.. ولكن كيف اتصرف؟.. كيف اهرب في هذه اللحظات من مطاردة والدها وعائلتها؟. واين اعقد الزواج؟... ومن اين آتي بالشهود؟.. وكيف احصل على المأذون؟. هل اذهب الى فندق طابيوس بعاليه، واستدعي اهلي واقاربي واصدقائي واعقد القران؟... ولكن الخبر سينتشر، ويستطيع والدها ان يعرف، فنفقد كل الخطة واخيرا وصلت الى الحل..
لي قريب يسكن في منزل وراء منزل اسرة نجاح مباشرة.. قررت ان اهرب بنجاح الى هذا المنزل، لن يفكر احد من عائلتها انني ساعقد زواجي بها وراء منزلهم مباشرة! تصرفت تماما كما يتصرف المتهم الذي يختفي وراء قسم البوليس..
وحضر المأذون
وهنا اكملت نجاح رواية المغامرة.. قالت:
واراد سلمان ان يبلبل افكار عائلتي حتى لا يعرفوا مكان احتفالنا.. كان يطلب مني ان اقف بالسيارة كلما لمح صديقا له.. وكان يقول لكل صديق انه خطفني وسيعقد قراني في الجبل.. وحدد بلدا مختلفا لكل شخص، حتى تصل الاخبار متناقضة الى والدي ووالدتي فيبحثا عنا في كل مكان، حتى يعقد القران ونحن وراء منزلنا مباشرة!
وتطلق نجاح ضحكة صافية وهي تقول:
- وكنت ارى من مخبئنا منزلنا.. رأيت والدي واخواني ووالدتي وكلهم في حيرة.. اين نجاح؟ رأيت الرسل يتوافدون على المنزل، وكل واحد يحمل لهم خبرا جديداً.. حتى حضر الينا المأذون، لقد شاء الله ان يجد سلمان مأذونا في دقيقة واحدة، وكانه كان في انتظارنا! وفي اليوم التالي كان الجميع امام الامر الواقع!
مخطوبة لكمال الطويل
وسألت سلمان: ولماذا لجأت إلى خطف نجاح؟!
وعرفت القصة التالية:
كان والد نجاح معارضا في زواجها من محمد سلمان، لا لشخص محمد سلمان، ولكن لانه كان لا يريد لابنته أن تتزوج قبل 5 سنوات! وهذا ايضا ما قررته ام نجاح التي لا تزال تعاملها – حتى بعد الزواج – كطفلة عزيزة واراد والد نجاح ان يحطم كل الكباري وراء محمد سلمان، فصرخ لصحف لبنان بمجرد عودته من القاهرة عندما سألته عن حقيقة خبر خطبة نجاح الى سلمان.. صرخ والد نجاح بان ابنته مخطوبة فعلا الى الملحن المصري كمال الطويل، وان الزواج سيتم في اقرب وقت!
ممنوع الكلام
ثم قرر والد نجاح ووالدتها تحريم اي اتصال بين نجاح وسلمان، كانت لا تستطيع ان تحدثه بالتليفون لا في الخفاء، كانت لا تستطيع ان تتحدث معه على المسرح اذا ظهرا معا، كان والدها يقف وراءها على خشبة المسرح، ولا يتركها لحظة واحدة بعد انتهاء البرنامج وكان جمهور لبنان يصفق طويلا اذا ظهرت نجاح ويطلب ان يظهر معها سلمان!
وابتكر سلمان طريقة جديدة ليتحدث الى نجاح على خشبة المسرح، كان يرتجل شعرا غنائيا يعبر فيه عن اشواقه ولوعته، وتصميمه على الحياة معها برغم كل العراقيل!
وكان والد نجاح يفهم ولا يستطيع ان يقول شيئا، سوى ان يطلب من ابنته الا ترد عليه بحرف واحد!
في منزل سليم اللوزي
وحار العاشقان..
فكرا في ان يلتقيا ولو لبضع دقائق ولكن الستار الحديدي حول نجاح من والديها واشقائها كان اقوى من ان تحطمه.. واخيرا اتصل الاستاذ الزميل سليم اللوزي ودعا والد نجاح واسرتها لتمضية السهرة في منزله، واشترط والد نجاح الا يكون في السهرة محمد سلمان، فطمأنه سليم على ذلك طبعا، ولكن سليم كان الشفرة السرية التي تفاهم بها سلمان ونجاح، فقد كانت نجاح تعلم ان سلمان سيحضر هذه السهرة، وكان سلمان واثقا من ان نجاح ستحضر، واجتمعوا كلهم في منزل سليم، ولم تستطع نجاح ان تتحدث الى سلمان! ولم يستطع سلمان الا ان يعبّر بعينيه الولهانتين عن حقيقة شعوره! واخيرا تمكنت نجاح من ان تدس قطعة من"الكبيبة"في جيبه.. ولم يأكل سلمان هذه القطعة حتى الان ولا يزال يحتفظ بها! وعن طريق الشفرة استطاع الحبيبان ان يتفقا على ان يتم الاختطاف في يوم الخميس!!!
***
ونجاح تستعد الان لاستقبال مولودها الاول من الزوج السعيد محمد سلمان بعد ستة اشهر.. وقد اجرت اخيرا عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية، اضطرتها للراحة اكثر من اسبوعين في فندق اوتيل بلاس في مصيف محمدون باعلى جبال لبنان.. وبعد انتهاء عقدها للغناء في ملهى سان ريمو ستحضر الى القاهرة مع سلمان لقضاء شهر كامل.. انهما سميانه شهر العسل الحقيقي!!
· الجـــــيل/ آب- 1955