حسين الكرخي
نوط
ورقة نقدية (NOTE) أصدرها الأتراك عام 1912 قبل الحرب العالمية الأولى دو غطاء وكتبوا عليها (بعد مرور سنة يُعطى بدلها ليرة ذهبية) فسخر الناس من هذه العملة وشاعت الأغنية الشعبية التي أولها
أنه المسيچينـه أنَـه أنه المظيليمـه أنـه
أنه الباعونـي هَلـي بالنوط والوعدة سنة
وفي ذلك العهد أطلق الناس اسم (النوط) و(النواط) على مواليدهم ومنهم – مثلاً – الشيخ نواط رئيس عشيرة البو عنه الملحقة بعشيرة (البو سلطان) الزبيدية
وبعد إبرام اتفاقية النفط المجحفة بحقوق البلاد عام 1925م نظم الكرخي قصيدة رنانة نشرت في جريدة (الاستقلال) ضمّن مطلعها ذلك القول – بتحوير بسيط – والذي ذهب مذهب الأمثال فيما بعد
أنَه المسيچين نفْط أبيض أنَه أنه الباعوني هلي لسبعين سنة
كلّة
أعجمية معناها راس وخصوصاً رأس الغنم وقولهم (ضربه كلّه) أي أصابه برأسه كما تفعل الأكباش في المناطحة، و(كلّة القند) أي رأس القند وهو سكر متصلب بشكل مخروطي تقريباً كان شائعاً في بغداد
وحين دخلت جيوش مراد الرابع بن السلطان أحمد بغداد عام 1638م، بعد طرد الصفويين منها كان قد خزّن البارود في المنطقة التي سميت فيما بعد بمحلة البارودية، كما أنه رصف مدافعه في البقعة التي عُرِفت فيما بعد بمحلة الطوب، أما المنطقة القريبة منها والتي وقع المبغى العلني العام فيها، فكان عرْصة تُرمى بها رؤوس الأغنام المذبوحة التي لا يستمرئ أكلها أفراد الجيش العثماني فسُميت باسمها، ثم أصبحت هذه التسمية تطلق على أي مكان ملوث يُمارس فيه الفعل الحرام.
ويُقال أيضاً أن صنفاً من صنوف الجيش المغولي يُسمى بهذا الاسم لاستعماله (الكلّة الحديدية) في القتال، أقام في هذه البُقعة من بغداد فسميت باسمه، واحسب أن هذا التخريج مستبعد، فالتسمية ليست بهذا القدم، الذي يرجع إلى سنة 1265م، وما قبلها ولا بد من القول أن الاسم بحد ذاته غير مستقبح، لو لم يقترن بمواخير البغاء، وفي بغداد تسميات مشابهة لا شائبة فيها مثل (الچوخچية) و(الچرخچية) و(الشالچية) وغيرها
الهندية طويريج
سميت بـ(الهنديّة) نسبة إلى جدول ماء يمتد من المسيب إلى النجف ويرضع من نهر الفرات، وكان (يحيى أصف الدولة بهادر) الهندي وزيراً عند سلطان محمد شاه ملك الهند، وعندما جاء آصف الدولة هذا إلى النجف لزيارة العتبات المقدسة شكا الأهالي حالهم من مياه البحر – بحر النجف – والآبار المالحة فجمع القبائل العراقية والمهندسين وبذل أموالاً طائلة حتى تم له إنجاز شق الجدول وكان ذلك سنة 1208هـ/1793م وقد أرّخه أدباء ذلك العصر بحساب الجمل بقولهم (صدقة جارية 1208هـ)
ورد ذكر هذه المدينة في أقوال العامة وشعرهم الشعبي كما لقبت به عوائل كثيرة ولعل أبرزهم الأديب الشاعر المرحوم خيري الهنداوي والممثل الفنان ابراهيم الهنداوي والكيمياوي المعروف الدكتور ناصر الهنداوي وغيرهم
جاء في قصيدة (النقارة) بوزن الميمر
غارات من بغداد (للهندية)
ودائي ثكيل بوجع ذات الريّه
وفي (المجرشة)
ساعة وأكسر المجرشة وأنحر على (الهندية)
السيف أعمه بهالعصر والتجـرح البرديّة
وجاء في الغزل
مع السلامة وابرشد هالنيّة
يكلون حبي ساكن (الهنديّة)
والكلمة (طويريج) تصغير (طريج) طريق خرّجها الأخ بسمان نجل المرحوم عبد المجيد القصاب – على سبيل النكتة – أنها من الإنكليزية (TWO WAYS TO REACH) بمعنى طريقان للوصول
الكُركة
قوم من شرقي آسيا، ومن الجنس الأصفر، عرفهم العراقيون كمجندين في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، يحملون في أنطقتهم (چنتيانة) عريضة أقصر من السيف، داخل غمد جلدي، اشتق العوام منها أو من غيرها كلمة (يكرك)، ونعرف منها ثلاثة معانٍ، أولها كناية عمن نال جاهاً ومالاً ونفوذاً كقولهم (فلان يكرك)، وثانيها كناية عمن يكرر كلاماً مزعجاً مملاً كقولهم (كاعدة العجوز تكرك)، وثالثها (اليكرك) وهو أحد أوزان المقامات العراقية، ويسمى وزن اليكرك، ووزنه 6/4 (دُم تَك تَك دُم تَك)، وفي اللغة قرقت الدجاجة أي صوّتت، واليكرج طبل مغولي، ويكرك مغولية النقود.
الكُشْك
تركية وتعني المنـزل الصغير عرّبته العرب قديماً بإسم (الجوسق) أما في أيامنا هذه فيطلق على المحل الصغير الذي يوضع في نواصي الشوارع لبيع الصحف أو الصمون بأشكاله وغير ذلك جاء في كتاب (الحوادث الجامعة) أنه في أيام العباسيين الأخيرة سنة 635هـ-1237م كان الخليفة يظهر للأمراء وهو في (كشك) وجمع كشك – كما هو معلوم – أكشاك
ذكر لي الزميل المحقق الأستاذ رفعة عبد الرزاق محمد الطائي عن كتاب (الحوادث الجامعة) هذه المعلومة القيمة الجديرة بالاطلاع
نشره ببغداد العلامة الدكتور مصطفى جواد سنة 1932م ونسبه إلى المؤرخ البغدادي الكبير كمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي المتوفى سنة 723هـ - 1323م، ثم تراجع الناشر فيما بعد عن نسبته ونفى أن يكون لابن الفوطي، فأثار معركة قلمية مع الشيخ محمد رضا الشبيبي والباحث يعقوب نعوم سركيس
فرهود
بضم الفاء (شبل الأسد و بلغة البغادة تعني السلب و النهب و قد حصل ذلك – كما هو معروف – بعد حركة مايس 1941 م بتدبير من جواسيس و عملاء الأنكليز كغطاء لدخول قواتهم عن طريق البصرة و أقتصر في أول الأمر على نهب أموال اليهود ثم أنسحب على غيرهم (عامي شامي) و بعد أختلاط الحابل بالنابل و أذكر تماما ان الشرارة الأولى قدحها اليهود أنفسهم فبعد فشل الثورة نزلوا الى الشوارع و هم يهزجون متشفين
قوموا فرحوا ييهود صبّح المشمش ممرود
و يقصدون المشمش الممرود العراقيين الذين تألموا كثيرا لهذه النتيجة المحزنة و في ذلك الوقت شاع المثل (فرهود مال يهود كما شاعت (بستة شعبية تقول (حلو الفرهود كون ايصير يومية وهو وأن كان من قبيل رد الفعل و لكنه – شرعا – غير مقبول – و يعتبر تجاوزا على واجبات السلطة في حفظ الأمن و معالجة الأمور بالطرق القانونية
فيس
من أسماء الطربوش و مثله (الفينة أول من أدخل أستعماله السلطان محمود الثاني سنة 1824 م و الفيس ينسب الى مدينة فاس المغربية التي كانت تصنعه كما أن الفينة تنسب الى (فينا عاصمة النمسا و حين أدخلها الأتراك الى العراق و بدأ (الأفندية بأعتمارها أطلق أسمها على بعض النساء العراقيات ممن ولدن عند شيوع أستعمالها و منهن (فينة لفتة العزاوي و هي من فضليات مدينة الكوت أستشهد ولدها في القادسية الثانية و الطربوش على ثلاثة ألوان الأحمر العنابي و الأحمر القاني (فيس رنكي و الأسود يتوسط قمته (بسكولة عثكولة من خيوط حريرية سوداء أو زرقاء أو خضراء تتدلى الى الخلف أو جانبيا حسب الرغبة و (ﭼﻠﺒﻴﺔ بغداد يلفون حول طرفها الأسفل (كشيدة من الحرير الأصفر المزهر و (السادة يلفون حولها القماش الأخضر أو الأسود و بقية رجال الدين يلفون حولها القماش الأبيض و بعض النساء البغداديات كن يعتمرن (الفينة القصيرة ذات الكركوشة الخضراء و منهن جدة الشاعر الكرخي الذي وصفها بأبيات عديدة منها-
ﻳﺤكﻠﻲعلى صدري أضرب بصخرة
على الدنيا المشومة الفانية الغبرة
وين الفينة أم كركوشة الخضرة
(و مداس ووجدك ﻭﺍﻟبﻴﭽﻪ و ألأيزار)
ج العراق لسنة 1988