مظاهرات الطلبة سنة 1928 في نص جديد

مظاهرات الطلبة سنة 1928 في نص جديد

إعداد : ذاكرة عراقية

((كان عصر يوم الأربعاء ٨ ك ٢ 1928 موعد قدوم السر الفريد مند الإنكليزي مع عقيلته وآنسته وحاشيته إلى حاضرتنا وحل ضيفا في دار المعتمد السامي وكان أعلن خبر وروده في الجرائد المحلية وقبل أن تحين الساعة التي يجئ فيها، تجمهز طلبة المدارس في الأزقة والشوارع محتجين على الصهيونية ووعد بلفر في شخص المثري البريطاني المذكور وكان بأيدي التلاميذ أعلام وألواح مكتوب عليها:

ليسقط وعد بلفور لتسقط الصهيونية. لتحي الأمة العربية لتحي الوحدة العربية) ويقال أن عددهم كان يناهز الألفين. وكان كلما أوغلوا في الشوارع انضم إليهم جموع أخرى إلى أن بلغوا محطة القطار فجاء إليهم مدير الشرطة ومعه شرط خيالة ليشتت شملهم فكان ذلك داعيا إلى اشتداد تحمسهم. بل يروى أن بعض الطلبة حصبوا الشرطة ثم مشوا في وجههم إلى جسر الخر ليقابلوا السر الفريد (مند) إلا انهم لم يوفقوا لرؤية الوزير الإنكليز السابق بل كانوا كلما رأوا سيارة قادمة من أنحاء سورية يتصورون أنها هي. وفي الآخر لم يأت المثري في الساعة المعينة، بل جاء متأخرا بساعة ونصف بعد أن تفرقت الجموع.

وفي آخر هذه المظاهرة قبضت الشرطة على واحد وعشرين شخصا من المتظاهرين واعتقلت عميده وهو الشاب يوسف زينل ثم نفته بعد ذلك إلى البصرة فالفاو.

٢ - اجتماع في جامع الحيدرخانة

نهار الجمعة ١٠ شباط اجتمع عدد من الأهلين في جامع الحيدرخانة (وهي الجمعة الأولى بعد حادثة مظاهرة طلبة المدارس) فانشد أحدهم قصيدة وطنية حماسية وبعد أن انتهى منها واخذ المجتمعون بالتفريق أوقفت الشرطة كمال نصرت منشد القصيدة وعثمان

لشيخ سعيد وإبراهيم أدهم الزهاوي وعاصم فليح الخياط ثم أطلق سراحهم بكفالة قدرها ألف ربية عن كل منهم.

٣ - الطلبة المعتقلون

قدمت مديرية الشرطة في ١١ شباط أوراق المعتقلين لمظاهرات اليوم ٨ من شباط إلى محكمة الجزاء. وطلبت المديرية المذكورة من المحكمة تمديد أجل توقيف الطلبة ومن شايعهم فكان قرار المحكمة في ١٢ شباط أن يطلق سبيل سبعة منهم بكفالة قدرها ألف ربية عن كل واحد، وإن يمدد أجل توقيف عشرين منهم إلى ١٥ الجاري.

وقد ساقت مديرية الشرطة جميع المعتقلين من أجل المظاهرات إلى بناية السجن المركزي في محل اسمه (السينما أو السنيم) وهو محل خاص بالموقفين حتى ينتهي أمر التحقيق.

٤ - بيان من متصرف لواء بغداد بحرفه

أن التجمع في الطرق والشوارع والميادين العامة وتسير المواكب فيها والاجتماعات في المحال العامة ممنوع بدون أذن من هذا المقام. ومن يخالف ذلك يعرض نفسه إلى أحكام الباب الثالث عشر من قانون العقوبات البغدادي وبيان البوليس لسنة ١٩٢٠ وقانون التجمعات العثماني.

قرار وزارة المعارف في قضية الطلبة المتظاهرين

قررت وزارة المعارف طرد أحد عشر طالبا من دار المعلمين وخمسة من المدرسة الثانوية وطالبين من متقن الحقوق طردا باتا للمظاهرات التي أقاموا بها.

٦ - إرادة ملوكية

اصدر جلالة ملكنا المعظم إرادة أثر مظاهرات الطلبة وهذا نصها بحرفة:

مرسوم رقم ١٣ لسنة ١٩٢٨

بالنظر للضرورة الماسة وحفظا للنظام والأمن العام.

نحن فيصل ملك العراق

بموافقة مجلس الوزراء نأمر بوضع المرسوم الآتي وفقا للفقرة الثالثة من المادة ٢٦ من القانون الأساسي.

المادة الأولى - إذا تحقق أن أحد طلاب المدارس ممن لم يكمل الثامنة عشرة من عمره قد اشترك في أي اجتماع غير قانوني أو اقلق أو حاول أن يقلق السلم العام بصورة أخرى يسوغ عقابه بالجلد بعد المعاينة الطبية على أن لا يزيد ذلك على ٢٥ جلدة.

المادة الثانية - على وزير المعارف

تنفيذ هذا المرسوم الذي يعتبر نافذا من يوم نشره في الجريدة الرسمية وله أن يصدر تعليمات لتسهيل تطبيقه.

كتب ببغداد في اليوم الحادي عشر من شهر شباط سنة ١٩٢٨ واليوم العشرين من شهر شعبان سنة ١٣٤٦.

فيصل

يلي اسم جلالة الملك أسماء الوزراء ووزاراتهم. (راجع لغة العرب ٦٣٥: ٥).

٧ - رفيعة تقرير الشرطة عن أعمال الرعاع في حادثة

مظاهرة الطلبة

نشرت الأوقات البغدادية في عددها ٤٨٢٢ الصادرة في ١٦ شباط تقرير الشرطة بما يتعلق بأعمال الرعاع في حادثة مظاهرة الطلبة ونحن ننقله بحرفة عن الجريدة المذكورة. قالت:

(يقدر أن الجموع التي احتشدت على السدة بلغ عددها عدة آلاف من الناس وكان هناك، علاوة على الطلبة. عدد كبير من الغوغاء وعناصر المدينة التي لا تراعي للقانون حرمة. وكانت الجموع بحالة من الهياج بشعة للغاية. واكثر المتظاهرين من رمي الحجارة والقناني واستعمال العصي. وكان البعض حاملا المسدسات يطلق عياراتها النارية في الفضاء. ولقد أوقفت السيارات الخارجة من المدينة والداخلة إليها وفي أحوال كثيرة تعمد المتظاهرين إلحاق الأذى بها. إذ شتم سائقو السيارات والركاب وأهينوا واعتدي عليهم وفيما يلي الحوادث التي وردت ألينا:

(كان المستر ج. نيرن وصحبه ذاهبين لملاقاة القافلة الآتية إلى العاصمة فأوقفت سيارتهم على السدة حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء. وقذفت الحجارة على السيارة فتركت فيها أثرا ظاهرة وضرب اثنان من سائقي تلك السيارات بالحجارة والطين.

وكانت سيارة نائب مفتش الشرطة العام (في قسم المباحث الجنائية) متوجهة إلى جسر الخر مقلة للنائب المذكور ومفتش الشرطة العام. فأوقفت الغوغاء السيارة المشار إليها في جسر الخر بسلك من الحديد مد على عرض الطريق. وقذفت عليها الحجارة والطين ومزق المتظاهرون ثلاثة إطارات (تايرات) وخربوها، كما مزقوا كبوت السيارة.

وأحاط المتظاهرون بسيارة المفتش الإداري فاعتدوا عليها. ورشقت بالحجارة وهي سائرة على السدة. وقد تركت فيها الضربات أثرا ظاهرا.

واعتدت الغوغاء على سيارة الكبتين ايفيتس. أحد ضباط الفوج السابع من الجيش العراقي. فمزقت تايرات السيارة. وأطلق المذكور عيارين ناريين من بندقية صيد في الفضاء فوق رؤوس المتظاهرين لإرعابهم فتفرقوا للحال.

وأوقف المتظاهرين سيارة أديب شعبان الآتية من سورية مقلة المثل الأمريكي هوتيش هوفمان وقرينته والمدعو محمد نعماني. وكانوا ركابا. وقد أهين الركاب. وتسلق بعض الغوغاء على السيارة فحطموا نافذة السيارة الخلفية ولما تبين للمتظاهرين أن هؤلاء الركاب لم يكونوا قسما من جماعة السر الفرد موند سمحوا للسيارة بمتابعة سيرها إلى العاصمة.

واعتدى المتظاهرون على سائقين من سيارات (التراكتور) التابعة للسادة كوتريل وكريك فضربوهما ورشقوهما بالحجارة. والسائقان اسمهما اغا جان وآدم، وهما أرمنيان.

وكان المدعو كيروب مدير المزرعة الملكية في الوشاش راجعا بسيارته إلى بغداد فأوقفها المتظاهرون وضربوه هو سائق سيارته.

وكان المستر كروزني، أحد الضباط البريطانيين، مرتديا ملابسه غير الرسمية وراكبا للنزهة مع السيدة فرنون (قريبة جناب مستشار المالية) وبينما كانا واقفين بجواديهما عند معبر الخط الحديدي. وقت أن كانت البوابة مقفلة أخذت الغوغاء تصيح وتصخب في وجهيهما. فنشأ عن ذلك أن خاف جواد الضابط وجفل فرماه وأصيب مجروح من جراء الأسلاك الشائكة التي وقع عليها.

وروى حضرة كميل أفندي غزالة الموظف بمديرية الزراعة أن سيارته أوقفت وإن المتظاهرين سرقوا مسدسه وبعض دراهمه ومزقوا تايرات سيارته.

ووقعت حوادث أخرى لم تبلغ واحدة منها الشرطة. على انه يمكن القول أن الغوغاء اعتدت على جميع السيارات التي سارت على السدة)).

مجلة (لغة العرب) في 1 شباط 1928