وجها لوجه مع المؤرخ الموصلي الكبير المرحوم الاستاذ سعيد الديوه جي

وجها لوجه مع المؤرخ الموصلي الكبير المرحوم الاستاذ سعيد الديوه جي

من لقاء اجرته الصحفية مريم السناطي مع الراحل الديوه جي، نشرته جريدة (الجمهورية) البغدادية في 15 نيسان 1992. وقد عني بنشره الدكتور ابراهيم خليل العلاف في مدونته المرموقة.

بعد اشهر قلائل يدخل المؤرخ العراقي سعيد الديوه جي عامه الثمانين... في حي الثورة في مدينة الموصل كان اللقاء موسعا مع المؤرخ سعيد الديوه جي (توفي سنة 2000) أي بعد ثمان سنوات من اجراء اللقاء.. اللقاء كان في منزله العامر بكتب التراث والتاريخ والحضارة التقيناه.. قال انه يرحب بزواره منذ الصباح الباكر حتى انتصاف الظهيرة.. وفي ساعات المساء تكون مخصصة للالتقاء بالعائلة بالاولاد والاحفاد الذين يحضرون للزيارة.

قال ان اول كتاب اصدره كان في سنة 1945 وكان عن الفتوة في الاسلام وقال ان اول كتاب حققه هو كتاب المؤرخ الموصلي ياسين العمري وكان بعنوان (منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء) وكان ذلك سنة 1955 وقال انه ولد سنة 1912 في مدينة الموصل واكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية والتحق بدار المعلمين العالية في بغداد وتخرج فيها سنة 1931 وعمل بعدها في التعليم وادارة المدارس في مديرية معارف الموصل وفي سنة 1944 عين معاونا لمدير معارف الموصل نقل بعدها الى تفتيش المدارس الابتدائية (الاشراف التربوي اليوم). وكان خلال هذه المدة يحاضر في دورات المعلمين في مادة (تاريخ الحضارة الاسلامية) و(اصول تدريس اللغة العربية والتربية الدينية).

يقول: " في سنة 1951 بدأ عملي الفعلي في مديرية الاثار العامة بعد ان نقلت اليها بعنوان (مدير الابحاث الاسلامية الفنية) على ان اقوم في الوقت نفسه بتهيئة متحف في الموصل ". وتمت التهيئة وافتتح متحف الموصل في 27 نيسان 1952 وقد ترافق ذلك مع المهرجان الالفي الذي اقيم لابن سينا في بغداد وبقي يدير المتحف على ان يشغل وظيفة (اخصائي اثري) في مديرية الاثار العامة.

وبعدها احيل على التقاعد وكان ذلك سنة 1968 لان " خدماتي في المعارف والاثار بلغت ستا وثلاثين سنة ".

وتحدث عن جهوده في تأسيس كلية الادارة والاقتصاد في الموصل وقال كان ذلك في سنة 1968 حين عمل مع عدد من اساتذة جامعة الموصل على تأسيس الكلية وفي سنة 1969 الحقت بالجامعة المستنصرية في بغداد ومن ثم الحقت بجامعة الموصل.

وتحدث عن مشاركته في تأسيس (جمعية التراث العربي) في الموصل سنة 1973. وقال انه منح وسام المؤرخ العربي من اتحاد المؤرخين العرب سنة 1987. كما منح عضوية الشرف في الجمعية العراقية للمكتبات والتوثيق والمعلومات.

وعن انتشار كتبه وتحقيقاته ودراساته قال انها وصلت الى بلدان عربية واسلامية كثيرة وان المركز الاسلامي في اليابان طلب منه ان يسمح بترجمة فصول من كتبه (بيت الحكمة) و(دور العلاج والرعاية في الاسلام) و(التربية والتعليم في الاسلام) الى اللغة اليابانية وكذلك فعلت كلية الدعوة في اندنوسيا عندما طلبت ترجمة كتبه المذكورة ايضا وكلفته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مع المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية بالمساهمة في كتاب عن التربية والتعليم في الاسلام وساهم في الكتابة عن الموصل في (قاموس الفنون)

The Dictionary of Art.

ومن الطريف انه تحدث في اللقاء عن طفولته وكيف ان الموصل كانت في زمن ولادته تخلو من النوادي والسينمات وكان الكتاب هي الجليس الاوحد وانه وجد مكتبة عمه الشيخ عثمان الديوه جي ومكتبة والده الشيخ احمد الديوه جي وانه كان يواظب على حضور المجالس العلمية والندوات الادبية وانه وضع رسالة صغيرة في الرد على المبشرين وان والده شجعه وانه بعدها وعندما قوي عوده واتسعت معرفته الف كتاب (بيت الحكمة) وكتاب (الامير خالد بن يزيد) وكتاب (اليزيدية) وكتاب (اشعار الترقيص عند العرب) وغير ذلك.

وتحدث عن انه احب تاريخ الموصل لابل عشقه وقدم كتابه (تاريخ الموصل) بجزئين وحقق كتبا من قبيل كتاب محمد امين العمري (منهل الاولياء ومشرب الاصفياء في سادات الموصل الحدباء).

ان اكثر من ثلاث ساعات مضت والحديث مع مؤرخ الموصل يتواصل من موضوع شائق في التراث الى آخر في الحضارة والتاريخ. وقد اطلعت على مكتبته العامرة التي احتوت كتبا قيمة ومخطوطات نادرة وقد احتوتها اكثر من خزانة ورف.. " اكثر من منضدة افترشت عليها اوراق بعضها بخط اليد والاخرى مطبوعة بالالة الكاتبة ". ويجيب عن السؤال: " نعم هذا عمل يومي اقوم به في ساعات اكون فيها لوحدي واقضي مع هذه الاوراق امتع الاوقات ".

وتسأله عن مكتبته وما شاهدته من كتب ومجلدات قال: " عندي اضعافها موزعة بعضها في صناديق واخرى في غرف خاصة ".وانتقلت معه الى الطابق العلوي من داره.. غرفتان متصلتان مليئتان بالكتب والمخطوطات منها ما رتب بشكل متناسق ومنها ما وضع بطريقة عشوائية لعدم اتساع المكان لها ".

هل قرأت كل هذه الكتب وماذا أفادتك؟

ــ " نعم قرأت كل الكتب وافادتني في زيادة معلوماتي ووسعت مداركي واعطتني فرصة في التعرف على اوسع المعلومات التراثية والحضارية. كما انها ساعدتني في معرفة مالم يتم التطرق اليه من حضارة وتراث سواء ما يخص مدينتي أو بلدي أو أمتي ".