مصادر نفطية لـ (المدى الاقتصادي): دعم عقد شركة (شل) على حساب عروض أخرى لاستثمار غاز الجنوب

مصادر نفطية لـ (المدى الاقتصادي): دعم عقد شركة (شل) على حساب عروض أخرى لاستثمار غاز الجنوب

خاص / المدى الاقتصادي
ذكرت مصادر نفطية تمثل مجموعة شركات عالمية ان وزارة النفط تسلمت عروضا عدة من شركات اخرى (غير شركة شل) لاستثمار الغاز في جنوب العراق.

وقالت المصادر لـ (المدى الاقتصادي) ان هذه العروض تعد افضل بكثير في شروطها التعاقدية لمصالح العراق الاقتصادية من العقد الذي تنوي وزارة النفط توقيعه مع شركة شل الانكلو-هولندية لإستثمار الغاز المصاحب المنتج من ثلاثة حقول رئيسية في جنوب العراق هي الرميلة وغرب القرنة والزبير.
واضافت المصادر ان شركات عالمية عملاقة مثل بي بي البريطانية واكسون الامريكية وتوتال الفرنسية اضافة الى العديد من الشركات الاسيوية التي شاركت في جولتي التراخيص النفطية الاولى والثانية فضلاً عن شركة نفط الهلال الاماراتية المملوكة عراقيا مئة في المئة أبدت رغبتها في الدخول في المنافسة على استثمار الغاز المصاحب في الجنوب ولكن باءت جميع محاولات هذه الشركات بالفشل بسبب القيود التي فرضتها اتفاقية المبادئ مع شيل التي تنص على احتكار شيل لجميع مصادر الغاز في الجنوب.
وكانت شركة نفط الهلال العراقية لاستثمار الغاز قدمت عرضاً على وفق رؤية اقتصادية وطنية تعتمد بالكامل على استثمار الغاز لاغراض دعم الاقتصاد العراقي المحلي من خلال التركيز على استخدام الغاز على نطاق واسع لتوليد الكهرباء وخلق عشرات الالاف من فرص العمل للشباب العراقيين عن طريق اعادة تأهيل المشاريع الصناعية، خاصة في قطاع البتروكيمياويات الذي يعاني من الاهمال الشديد بسبب نقص الوقود اضافة الى اقامة المدن الصناعية الحديثة التي تستند الى الغاز كوقود لتشغيل مصانعها.
وبينت المصادر انه من خلال اجراء مقارنة موضوعية بسيطة لعناصر العرض الذي تقدمت به شركة نفط الهلال والذي حصلت (المدى الاقتصادي) على نسخة منه مع عقد شركة شيل يتضح ما يأتي:
عرضت شركة نفط الهلال تنفيذ المشروع بشكل متكامل خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثمانية عشر شهرا" من توقيع العقد أسوة بالمشروع المشابه الذي قامت الشركة بتنفيذه في شمال العراق رغم صعوبة ظروف التنفيذ في تلك المنطقة من النواحي الفنية واللوجستية، والذي تمكنت الشركة من إنجازه بالكامل خلال فترة لم تتجاوز 15 شهرا، وكان من نتائجه الايجابية المباشرة توفير الكهرباء لمواطني الإقليم بشكل شبه مستدام (22-23 ساعة يوميا) وخلق آلاف فرص العمل للمواطنين العراقيين من جميع انحاء العراق اضافة الى توفير اكثر من الفي مليون دولار كانت تصرف سنويا من الميزانية الاتحادية لاستيراد الوقود لتشغيل محطات الكهرباء في الاقليم. بينما امضت شركة شيل اكثر من ثلاث سنوات لحد الان في التفاوض فقط مع الجانب العراقي.
يعتمد عرض شركة نفط الهلال على استخدام كافة كميات الغاز المتاحة للاستهلاك المحلي سواء لتوليد الطاقة الكهربائية التي تعتبر أولوية وطنية ملحة بما في ذلك قدرتها على توفير 3000 ميجاوات خلال سنة ونصف فقط، أو للقطاع الصناعي المحلي من دون اشتراط تحديد اية كميات بغرض التصدير سواء كغاز جاف أو مسال (كما تشترط شيل) مما سيعود على الجانب الحكومي بالفائدة القصوى حيث أن القيمة المضافة لاستهلاك الغاز محليا" ستبلغ أضعاف ما سيجنيه الجانب الحكومي مقارنة بخيار التصدير الذي تتبناه شركة شيل كهدف رئيسي طويل الامد.
تضمن شركة نفط الهلال تحقيق شروط تعاقدية واقتصادية أفضل من الشروط المتفق عليها في عقد شيل في ما يتعلق بالمعادلة السعرية لشراء وتوفير الغاز مما يضمن للجانب الحكومي العراقي عائدات أعلى بكثير والتزامات تعاقدية أقل بما في ذلك عدم اشتراط تحقيق نسبة أرباح محددة مسبقا" وعدم اعتماد التسعير العالمي للغاز الذي يتطلب دعما عاليا من الميزانية الحكومية لدعم أسعار الغاز الذي سيباع للمواطنين العراقيين،يستهدف عرض الهلال خلق البنية التحتية الملائمة لنمو قطاع صناعي محلي متكامل في محافظات الجنوب وخصوصا" محافظة البصرة يعتمد على الغاز (مشروع المعبر الصناعي في البصرة) كوقود للتشغيل ومادة أولية بما في ذلك صناعة الأسمدة والبتروكيمياويات وغيرها, وهو ما سيؤدي الى جلب استثمارات خارجية تتجاوز الـ 15 مليار دولار في المراحل الأولى والى ايجاد أكثر من 15 ألف وظيفة دائمة لأبناء العراق في القطاع الوطني بشقيه العام والخاص وكذلك الى نقل أحدث التقنيات الصناعية الى أرض العراق. بينما لن يحقق عقد شيل ايا من هذه الفوائد في العراق لانه يتبنى اصلا فكرة انتاج ومعالجة الغاز لأغراض التصدير لتلبية حاجة زبائن الشركة في العالم وهو ما تختص به شركة شيل على النطاق العالمي.
وكما هو واضح من عرض الهلال فان الشركة تتعهد بقيادة ائتلافات عالمية من خلال شركات مجموعة الهلال وكافة شركائها في منطقة الخليج والشركات العالمية المتآلفة معها والتي تشمل شركات لبناء وتشغيل محطات الكهرباء وشركات لبناء مجمعات صناعية ضخمة متعددة المنافع لانجاز هذا المشروع الحيوي، وهو ما لا ترغب شيل في تنفيذه لأنه يتعارض مع مصالحها التي تركز على تصدير الغاز الى الأسواق العالمية.
ومن الجدير بالذكر، ان وزارة النفط اختارت شركة (شيل) العالمية لهذا المشروع الضخم دون الإعلان عنه وفق سياقات المنافسة الحرة ودون النظر إلى أي عرض آخر مقدم لوزارة النفط. واختارت الوزارة أيضاً شركة (ميتسوبيشي) اليابانية للدخول بحصة في المشروع بنفس الطريقة. وجرى التفاوض مع ائتلاف الشركتين المذكورتين بصورة منفردة للتوصل إلى عقد بين الطرفين.
مما اثار العديد من الاعتراضات حول المسودة النهائية للعقد من خبراء ومختصين بالصناعة النفطية والغازية العراقية ومسؤولين لما حملته تلك المسودة من شروط تعاقدية تصب في مصلحة الشركة الأجنبية فقط مما استدعى إعادة التفاوض والتوصل إلى صيغة جديدة غير معلنة ايضا ويبدو انها لا تزال تحمل في طياتها ضمان مصلحة الشركة الأجنبية على حساب المصلحة العراقية كما هو مذكور أدناه:
1- تشير معلومات وزارة النفط إلى أن الطاقة الإنتاجية المتاحة هي 000ر2 مقمق/يوم. ولكن هذا الرقم لا يستند الى أي واقع رسمي، حيث أن الطاقة الإنتاجية للنفط الخام من الحقول المعنية بموجب العقود المبرمة لا تزال على حالها مما سينتج عنها طاقة إنتاجية للغاز الخام تقدر بـ 300ر3 مقمق/يوم على الأقل وليس 000ر2 مقمق/يوم. لقد كانت هناك تصريحات متفرقة باحتمال خفض انتاجية النفط الخام ولكن لم يثبت أي شيء لحد الآن. وعليه فإن اعتماد حجوم أقل في الحسابات عمداً يوحي بأرباح أقل وقد تكون الأرباح في الحقيقة أكبر.
2- تم تقليل حجم التمويل المطلوب من شركة غاز الجنوب وتضخيم التمويل المطلوب من الشريك الأجنبي حيث لم يتضمن الأول قيمة الموجودات الحالية وهي جزء رئيسي من التمويل بينما يكون الثاني أقرب إلى 000ر5 مليون دولار وليس 982ر6 مليون دولار كما ذكر. فإن قبلنا بأن التمويل المطلوب من غاز الجنوب هو 236ر5 مليون دولار وهو تمويل الشريك ذي الـ 51% فإن تمويل الشريك ذي الـ 49% هو بحدود 030ر5 مليون دولار فقط. إضافةً لذلك لم يكن لازماً ذكر القرض الاختياري فهو كما ذكر إختياري وليس حاصلاً وقد تم ذكره عمداً لغرض تعظيم دور الشريك الأجنبي في العملية التمويلية.
3- تم اعتماد سعر برميل النفط على أساس 75 دولارا لغرض الحسابات وهذا في تقديرنا قليل حيث نقدر أن سعر 90 دولاراً هو الأكثر واقعيةً لغرض حسابات المشروع. وهنا تم أيضاً عمداً تقليل الأرباح أمام القارئ. فلو تم اعتماد الـ 90 دولارا لارتفع سعر بيع الغاز الجاف 20% مباشرةً في الحسابات.
4- هناك نص حول تصفية حصة الشريك الأجنبي وإعطائه ما يعادل قيمة أصوله في نهاية عمر المشروع. وهذا مجحف جداً للعراق ولا يوجد مثل هكذا بند تعاقدي في كل العقود المشابهة اذ إن الأصول تم احتسابها وإنشاؤها عملياً من الصفر مشتركاً لغرض المشروع وتفقد قيمتها الحسابية بالتدريج لتصبح صفراً بنهاية المشروع الذي يدر مليارات الدولارات خلال عمره ولا يستحق الشريك الأجنبي أي مدفوعات مالية بنهاية المشروع.
5- مبلغ الدعم المذكور هائل تتحمله واردات الدولة العراقية عبر عمر العقد. ولم تتم الإشارة أبداً إلى إنتاج ومبيعات الغاز السائل (إل بي جي) والمكثفات النفطية ولا إلى أسلوب تسويقهما داخل العراق وخارجه. فإذا بيع الغاز السائل بالدعم فسيضيف ذلك إلى مبالغ الدعم المذكورة وإذا بيعت هذه المنتجات بالأسعار العالمية فذلك حتماً سيضيف أرباحاً إضافية لما مذكور في الفقرة اللاحقة.
6- تم ذكر صافي موقف شركة غاز الجنوب ولم يتم ذكر صافي موقف الشريك الأجنبي. فإذا كان صافي التدفق النقدي لغاز الجنوب ذات الـ 51% هو 851ر18 مليار دولار فإن صافي التدفق النقدي للشريك الأجنبي هو 111ر18 مليار دولار. وعند الإضافة والطرح في التدفق النقدي لغاز الجنوب حسب الأرقام المذكورة فتصبح النتائج النهائية هي: الصافي لغاز الجنوب 057ر9 مليار دولار والللشريك الأجنبي 111ر18 مليار دولار أي ضعف الصافي لغاز الجنوب.
7- هناك إسهاب في تفاصيل صافي القيمة الحالية (إن بي في) ومرتسماتها ولكنها لا تعني كثيراً في الحقيقة وهدفها هو إيهام القارئ بأن أرباح شركة غاز الجنوب هي أكبر من أرباح الشريك الأجنبي والحقيقة غير ذلك تماما.
8- تم ذكر صافي موقف العراق لغرض الدعاية للمشروع وهذا شيء غير وارد في حسابات المشاريع حيث أن الضرائب المذكورة تم تضمينها أصلاً في حسابات المشروع ولا علاقة للشركاء على الإطلاق بصافي موقف العراق المالي.