الإعلام الاقتصادي ودوره كشريك في التنمية

الإعلام الاقتصادي ودوره كشريك في التنمية

محمد صادق جراد
لاشك في أن حداثة التجربة الاقتصادية العراقية ووجود مشاكل تعترض طريقها بالرغم من أن العراق بلد يمتلك كل مقومات النمو الاقتصادي من ثروات وموقع جغرافي وكوادر علمية إلا ان ما يحتاجه هذا البلد هو التخطيط الستراتيجي الصحيح إضافة الى تطوير الجوانب المتعلقة

بالاقتصاد والمصاحبة له لتساعد في عملية النهوض ونقصد هنا على سبيل المثال ضرورة وجود التشريعات والقوانين التي تساعد على توفير أرضية مناسبة بعيدا عن الفساد بأنواعه ولابد من توفير جميع أنواع الدعم فضلا عن دور مهم وفعال للإعلام وخاصة الاقتصادي وقطاعات أخرى لها علاقة مباشرة ومؤثرة في التنمية الاقتصادية.
وما نريد أن نشير إليه هو أهمية دور الإعلام الاقتصادي في نهوض اية تجربة اقتصادية في اية دولة حيث ان جميع المجتمعات التي تشهد نهوضا اقتصاديا باتت تنظر باهتمام بالغ للشراكة بين الاقتصاد والإعلام والمساهمة الفاعلة لتطوير العمل الإعلامي الاقتصادي وتوسيع دائرة المشاركة في عملية صنع القرار الاقتصادي.
إن الدور الذي تنهض به وسائل الإعلام التقليدية والجديدة فاعل وقوي لدعم حركة المجتمع وخطط التنمية، كما أن المجتمع ينظر إلى الإعلام بوصفه شريكا أساسيا في النهوض بالمجتمع وهو الجندي المجهول الذي يرشد ويوعي وينتقد ويراقب.
ويلعب الإعلام الاقتصادي دورا مهما في تشجيع ودعم الشفافية كما ويعمل على النقد الموضوعي والبناء والمبني على أساس حماية المصلحة العامة والذي يجب ان يكون مرتكزا على أسس معلوماتية دقيقة تساعد على توضيح الصورة للمعنيين وتثري تبادل الأفكار والآراء وتمنح فرص لوضع المعالجات الواقعية للقضايا التنموية المحلية وكذلك الخارجية والمتعلقة بالشراكة الدولية مع الدول الأخرى.
وتشهد الفترة الحالية حركة إعلامية واقتصادية متطورة ومتسارعة، الأمر الذي يتطلب العمل من أجل تطوير وصقل مهارات الإعلاميين المعنيين بالتعاطي مع الشأن الإعلامي وما يتطلبه من مهارات وخبرات تساهم في تميز الطرح وجودته.وتزداد أهمية دور الإعلام الاقتصادي خاصة في ظل المشهد الإعلامي ووسائله الجديدة المتمثلة في الفضائيات والانترنت والمواقع الالكترونية والصحف الالكترونية والمدونات الشخصية وشبكات التواصل الاجتماعي إضافة إلى الأجيال الأحدث لهواتف الجوال الذكية وهي الوسائل التي نضح عنها وعي اجتماعي جديد ووعي اقتصادي مختلف عن الوسائل التي يأخذ بها الاقتصاد التقليدي.
من اجل ذلك يرى بعض الخبراء ضرورة الاهتمام بتأهيل وتدريب إعلاميين في المجالات الاقتصادية المختلفة وضرورة إنشاء مركز معلومات متخصص بجميع القطاعات الاقتصادية ليساعد أطراف المعادلة الاقتصادية في الاطلاع على المعلومات التي سيوفرها هذا المركز علما بان هذا المركز موجود في الكثير من البلدان التي تهتم بالإعلام الاقتصادي والتي تنفق الأموال الطائلة في الشراكة بين الاقتصاد والإعلام حيث نجد أن حجم الإنفاق الإعلاني لإحدى دول الخليج العربي في وسائل الإعلام المحلية بمختلف أنواعها وصل إلى نحو 451 مليون دولار خلال العام 2008، وهذا يعكس حجم المشاركة الفعلية بين الطرفين.
ومثال آخر على تطور الإعلام الاقتصادي وفاعليته نجده في أوروبا حيث ان كل مواطن في السويد يعتمد بالشراء على الصحيفة ويشتري أسهما او يبيع أسهما استنادا لتحليل الأسهم وإخبار الشركات وإجبارية الإفصاح وصحة الإفصاح عن الأرباح والخسائر بالإضافة الى الإعلانات الموجودة داخل الصحيفة للمنتجات حيث تدفع الشركات أموالا طائلة من اجل الحصول على دعاية داخل الصحيفة الاقتصادية واهم ما يميز الدعاية في هذه الصحيفة إنها لا تقبل عرض إعلان الا بعد التأكد من جودة المنتج اي ان كل منتج يتم الإعلان عنه بهذه الصحيفة مطابق للمواصفات والمقاييس العالمية وذو جودة عالية فثقة المستهلك بالصحيفة تجعله يثق بالمنتج المعلن عنه داخلها. وهكذا تجني الصحيفة أرباحا هائلة من خلال المبيعات الكثيرة إضافة الى الفائدة التي تجنيها الشركات المعلنة من خلال الإقبال على الشراء من قبل المستهلك للبضاعة المعروضة في الصحيفة والتي تعد مصدر موثوق به من قبل المواطن.
لذلك نجد ان الإعلام الاقتصادي يلعب أكثر من دور،فمرة يلعب دور المعلن والوسيط ومرة يلعب دور المتابع والمراقب للوضع الاقتصادي العام ليساهم في إعطاء الرأي والتحليل الذي يساهم في إعطاء صفة الشفافية لمراحل التنمية الاقتصادية وكذلك إعطاء الأفكار والآراء التي تنتج عن حلقات وندوات اقتصادية يتم عقدها من اجل رفد القطاعات الاقتصادية كافة بالنصائح والمقترحات وتشخيص نقاط الضعف التي قد لا يلتفت لها المختصون.
إذن يمكننا القول بان الإعلام الاقتصادي يعد سلطة رابعة يراقب التنمية الاقتصادية في البلدان ويضطلع بدور حيوي في بناء المجتمعات ذات الاقتصاديات الصاعدة والطامحة إلى أداء دور عالمي من خلال دعمه للبرامج التنموية وجذب الاستثمارات الأجنبية باتجاه خدمة المصلحة الوطنية العليا.